رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ليسَ من باب الصدفة، أن يُكرِّر الرب طلبهُ لبطرس الرسول ثلاث مرات، قبلَ أن يصعد إلى السماء: " فبعدما تغدُّوا قال يسوع لسمعان بطرس: ... إرعَ خرافي، قال لهُ أيضًا ثانيةً... إرعَ غنمي، قال لهُ ثالثةً... إرعَ غنمي " (يوحنا 21 : 15 – 17). ثلاث مرَّات " إرع خرافي أو غنمي ". في آيتين فقط.. ثلاث مرات يقول الرب لبطرس، إرعَ غنمي، ليؤكد لنا الحاجة الماسة إلى قائد يرعى القطيع.. قطيع الرب. وماذا دوَّنَ لنا الروح القدس في سفر حزقيال عن الموضوع نفسه: " فتشتّتت بلا راعي وصارت مأكلاً لجميع وحوش الحقل وتشتّتت، ضلّت غنمي في كل الجبال وعلى كل تل عالٍ، وعلى كل وجه الأرض تشتّتت غنمي، ولم يكن من يسأل أو يُفتش... إنَّ غنمي صارت غنيمة، وصارت غنمي مأكلاً لكل وحش الحقل، إذ لم يكن راع... " (حزقيال 34 : 5 – 8). تشتّتت.. لأنها كانت بلا راعي.. لم يكن من يسأل أو يُفتِّش عنها.. فصارت غنيمة ومأكلاً للوحوش.. إذ لم يكن راعٍ لها !!! هذه هيَ خطة الله لنا.. الخراف تحتاج إلى راعي.. إلى قائد.. أو سيكون مصيرها التشتيت.. غنيمة لإبليس وأجناده.. ومأكلاً لهُ.. وكل محاولة خارج هذا الإطار ستؤول إلى الفشل.. لذا لنتعلَّم من الروح القدس ومن رسالته لنا هذا اليوم، ونُدرك في أعماقنا الحاجة الماسة والضرورية إلى قائد يقودنا.. وأنا أُشدِّد في هذا التأمل على هذا الموضوع.. وهوَ الحاجة إلى أن يكون في قلبنا إصرار أن يكون لنا قائد.. ليسَ فقط في الهيكلية التنظيمية.. بحيث نعترف بشفاهنا بأننا ننتمي إلى كنيسة يقودها راعي أو قس أو... نناديه بهذا اللقب أمام الناس.. لكن في داخل قلوبنا لا نعتبرهُ قائدًا فعليًا، حيثُ لا يرانا أحد، ولا يسمعنا أحد سوى الله، الفاحص الكلى والقلوب.. قد تعترف بهِ مُرغمًا، لأنهُ رُسمَ راعيًا لكنيستك، لكن داخل القلب، في الأماكن غير المرئية.. لا تعترف بهِ قائدًا.. تُفضِّل غيرهُ.. تُفضِّل أن يمتلك صفات أخرى رسمتها لنفسك، وقد لا تجدها بأي قائد بشري، فالكل لديهم ضعفات وعورات، كما لنا جميعنا، وكما للقادة الآخرين حولَ العالم، ولسان حالنا: " لو يفعل ذلكَ، لو يتخلَّى عن تلك... ". ولعلَّ الصفات التي تريد أن تراها في هذا القائد، قد لا توجد في أي إنسان سواك !!! لا تتفاجأ أبدًا من هذا الكلام.. ولا تحزن.. فهذا الكلام هوَ لكَ لكي يبنيك ويُساعدك ويُصحِّح طريقك، ويجعلك تتواضع تحت يد الرب، فتقبل القائد الذي وضعهُ الرب لكَ، لأنهُ مهما كانت ضعفاته.. فهوَ مسيح الرب.. ومن دونه.. ستتشتَّت، وتكون غنيمة ومأكلاً لوحوش البرية.. لأنكَ خارج خطة الله. كلنا نعرف بطرس.. ونعرف الضعفات التي كانت تلّف حياته، والتي تملأ صفحات العهد الجديد.. ونعرف نكرانه للرب.. ولكن راعي الرعاة.. قالَ لهُ ثلاث مرات: إرعَ غنمي. بطريقة ملفتة للنظر.. وواضحة للعيان.. في بلدان الشرق الأوسط التي ننتمي إليها.. ولا سيَّما في لبنان، حب للاستقلالية.. حب لإدارة شؤون حياتنا بمفردنا.. وقيادة حياتنا الخاصة بمفردنا.. وفي جنة عدن التي تقع في هذا الشرق نفسهُ، سقط آدم وحواء.. والبشرية جمعاء من خلالهما.. لأنهما أرادا أن يقودا حياتهما بمفردهما.. واللافت للنظر أيضًا، أنَّ قائدهما لم يكن إنسانًا لديه ضعفات وعورات معيَّنة، لكي يُبررا رفضهما لهُ، كما نفعل نحن، بل كانَ الله نفسه كلِّي القداسة وكلِّي الكمال والقدرة.. لكي تُدرك في أعماقك، أن الأسباب التي قد نُطلقها لكي نرفض الخضوع لقادتنا، ليست سـوى حجج واهية، تستر بداخلها نزعتي الاستقلالية والكبرياء اللتين ورثناهما عن آدم !!! لماذا يكون الله قائدنا؟ لماذا لا نكون عارفين وعالمين مثلهُ تمامًا؟ قالاها في جنة عدن ! إنها الاستقلالية التي تمتد جذورها تحت غطاء الكبرياء.. والروح القدس يحذرنا اليوم، إن كنا نريد أن ننمو، ونُثمر، ونمتد، ونربح النفوس، نربح لبنان ونحقق النبؤات التي أُطلقت على كنيستنا، بأننا سنرسل مرسلين إلى كل بلدان الشرق الأوسط لنربح النفوس للرب.. علينا أن نتواضع تحت يد الرب، ونقبل رسالته لنا اليوم.. إننا نحتاج أن يكون لدينا قائد علانيةً، والأهم هوَ أن نراه قائدًا داخل قلوبنا، نطيعه، نخضع له، نحبه، نصلي له، نحميه، ونسير وراءَه، لكي لا نتشتَّت، ولا نكون غنيمة أو مأكلاً للوحوش !!! مزيد من الآيات التي تُظهر خطة الله لشعبه أن يكون لهم قائدًا والحاجة الضرورية لذلكَ: " وعبد الشعب الرب، كل أيام يشوع... " (قضاة 7:2). " وحينما أقام الرب لهم قضاة، كان الرب مع القاضي، وخلّصهم من يد أعدائهم كل أيام القاضي... " (قضاة 18:2). " فذُلّ الفلسطينيون ولم يعودوا بعد للدخول في تخم إسرائيل، وكانت يد الرب على الفلسطينيين كل أيام صموئيل " (1 صموئيل 13:7). " وكان سليمان متسلطًا على جميع الممالك من النهر إلى أرض فلسطين، وإلى تخوم مصر، كانوا يُقدِّمون الهدايا ويخدمون سليمان كل أيام حياته ". (1 ملوك 21:4). " ... وكانوا يُصعدون محرقات في بيت الرب دائمًا كل أيام يهوياداع " (2 اخبار 24 : 14). كل أيام حياة القائد فلان أو فلان.. عبدَ الشعب الرب أو ٱنتصروا أو... دع هذه الآيات تدخل إلى أعماقك بالروح القدس، لكي تؤكِّد لكَ خطة الله لشعبه في العهد القديم، ولكنيسته في العهد الجديد.. ولكي ينزع الرب من قلبك كل ميل للاستقلالية والاستغناء عن وجود قائد، ويضع بداخله القائد الذي ٱختاره هوَ لكَ، لكي تُرعى بطريقة صحيحة.. تتغذَّى بطريقة صحيحة، وتكون محميًا من التشتيت أو الافتراس من قبل الوحوش، وتُدرك في أعماق.. أعماق قلبك، أنَّ خطط الحرب، خطط النجاح، توجيهات الله، مسحة القوات والمعجزات والثمر... إلخ، الذين يمنحهم الرب لكنيسته، سيُعطيها إلى القائد الذي أقامهُ، ومن خلال قيادته وخضوعك لهُ وطاعتك لهُ، ستمر هذا المسحة وهذه الخطط لكَ، لكي يستخدمك الرب في المواهب التي خصَّك بها، وهوَ لن يُعطيك أنتَ خططه وتوجيهاته لقيادة الكنيسة، فلا تضل أبدًا، لأنَّ إلهنا إله ترتيب، فالآيات التي تأملنا بها، كلهـا تقول أنهُ " كل أيام القائد الفلاني " حدثَ ذاكَ أو ذلكَ، وأبدًا.. ليسَ كل أيام الشعب أو كل أيام الشخص الفلاني !!! تريد مجد الرب لخدمتك، لكنيستك، لبلدك؟ أعلن من كل قلبك حاجتك لقائد، وٱخضع لهُ، كن مُطيعًا لهُ، صلِّ من أجله، حارب عنهُ، قم بحمايته، لكي يبقى منتصرًا وأمينًا وقريبًا من الرب، ويتغلب على ضعفاته، فنجاحك من نجاحه، وفشلك من فشله، لأنَّ الـرب حـذَّرنا قائـلاً " ... لأنَّـه مكتـوب أنِّـي أضـرب الراعي فتتبدَّد الخراف " (مرقس 14 : 27)، لأنَّ إبليس.. وللآسف يعرف المبدأ الذي وضعهُ الله.. أكثر مما نعرفهُ نحن، وهوَ أن النجاح يأتي من خلال القائد، والخسارة أيضًا، ولهذا فهوَ يُركِّز حربه على القادة.. فهل سنتعلَّم هذا المبدأ؟ فنُعلن حاجتنا الدائمة لقائد، نُطيعهُ ونخضع لهُ، ونُصلِّي لهُ، ونحميه؟ وماذا لدينا أيضًا في العهد الجديد: " وهوَ أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلّمين، لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ٱبن الله، إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح، كي لا نكون فيما بعد أطفالاً مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم، بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال، بل صادقين في المحبة، ننمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح " (أفسس 4 : 11 – 15). لاحظ معي بداية هذا المقطع: هوَ.. الرب.. من أعطى فلان أو فلان أن يكون رسولاً أو نبيًّا أو راعيًا أو معلِّمًا.. هوَ من يُقيم القادة علينا.. لأنهُ يعرف الحاجة إلى قائد.. والهدف من ذلكَ، تكميل القديسين.. تكميلك أنت وتكميلي أنا.. بنيان جسد الرب.. لكي نصل إلى قامة ملء المسيح.. وكما قرأنا في حزقيال لكي لا نضلّ ولا نتشتَّت ونصبح غنيمة، نقرأ هنا أيضًا.. لكي لا نبقى أطفالاً يتم تضليلنا من قبل العدو، فكلمة الله تُكمِّل بعضها في كل الكتاب.. ويوصينا الرسول بولس أن نفعل ذلكَ بمحبة صادقة.. فلا يكون قائدنا أمام الناس وفي المجتمعات العامة كما ذكرنا.. أمَّا داخل قلوبنا فلا نرفعهُ قائدًا.. نعم.. إنَّ قصدَ الله هوَ، أن نخضع للقائد تلقائيًا، ليس عن ٱضطرار، بل بمحبة صادقة.. وها هوَ بولس، وفي مواقع أخرى، يُكمل كلامه ليُرسِّخ في داخلنا هذا الكلام: " ثم نسألكم أيها الأخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم، ويدبرونكم في الرب وينذرونكم، وأن تعتبروهم كثيرًا جدًا في المحبة، من أجل عملهم... ". (1 تسالونيكي 5 : 12 – 13). " أطيعوا مرشديكم وٱخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يُعطون حسابًا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا آنين، لأن هذا غير نافع لكم ". (عبرانيين 13 : 17). تعتبروهم كثيرًا وجدًّا .. في المحبة.. ليس عن ٱضطرار.. ليس من الشفاه والمظهر الخارجي.. بل من القلب وبفرح.. لماذا؟ لأنَّنا إن فعلنا عكس ذلكَ، فالكلمة تنذرنا وتقول " هذا غير نافع لنا ". لأننا سنتشتَّت، وسنكون غنيمة ومأكلاً للوحوش !!! سأكتفي بما تأملنا بهِ لهذا الأسبوع، وأطلب منكَ أن تسأل الروح القدس، لكي يغرس بداخلك هذا الكلام، فتُدرك الحاجة الماسة والدائمة إلى قائد من الرب، وتطرد من قلبك كل ميل إلى الاستقلالية، وكل ميل لانتقاد ضعفات القادة، وتعرف أن سبب الانتقاد ليسَ نابعًا من هذه الضعفات، بل من ميولنا البشرية للاستقلاليـة وعدم التواضع، بعد أن رأينا ما فعلهُ آدم وحواء، واللذيـن كـان قائدهما دون ضعفات، لأنه الله !!! وتجعل هذا القائد، قائدًا حقيقيًا في داخل قلبك، وليسَ فقط على لسانك وشفتيك وأمام الناس، وتُدرك خطة الله لكنيسته، وتطيع من أقامهُ الله عليكَ قائدًا وتخضع لهُ، فيقوم بعمله من أجل بنيانك ورعايتك وتكميل عمل الله في حياتك، فتنمو وتُستتخدم وتكون محميًا ومطمئنًا، وفي الأسابيع القادمة سوف نتأمل معًا في كيفية حماية قادتنا، ودعمهم والسير وارئهم في خطة الله، فنصلي لهم باستمرار ونتشفع من أجل أن يمدهم الرب بالقوة والمسحة، لكي يتمكنوا من قيادتنا بطريقة صحيحة ومثمرة، ولكي يتمكنوا من جمع ما شتَّتهُ العدو، وما غنمهُ العدو، فننمو معًا إلى قامة ملء المسيح، ونُحقق خطة الله لحياتنا كأفراد وككنيسة، ونربح لبنان والمناطق المحيطة بنا، ونُفرح قلب راعي الرعاة الرب يسوع المسيح. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خد الحاجة المناسبة ليك مش الحاجة اللي تعجبك |
وقت الحاجة |
الحاجة اللى من ايد ربنا احلى بكتير من الحاجة اللى بنطلبها لنفسنا ❤ ❤ |
أنا في أشد الحاجة إلي |
قائد مئة |