الخطية انفصال عن الله
الخطية انفصال عن الله، لأنه "أيه شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال" (2 كو 6: 14و 15). وهكذا نري أن الابن الضال -في خطيته- قد خرج من بيت أبيه وانفصل عنه. والخطية ليست مجرد انفصال عن الله، وإنما هي خصومة معه..
إن العالم عندما اخطأ، وقع في خصومة مع الله عبر عنها طقسيًا بالحجاب المتوسط الذي كان يفصل المؤمنين عن قدس الأقداس. لذلك عندما جاء السيد المسيح، أقام صلحًا بيننا وبين الله، ونقض الحاجز المتوسط، وقيل عنه في القداس "صالحت الأرضيين مع السمائيين". صالحهم لأن الخطية كانت قد سببت خصومه بينهم وبين الله. من أجل هذا نصلي صلاة الصلح قبل أن نبدأ القداس.. قبل أن نتناول نصطلح أولًا مع الله.
الإنسان الخاطئ بينه وبين الله خصومة. قد أغضب الله وأحزنه وانفصل عنه: ترك بيته وكهنته، وترك كتابه ووصاياه، وترك جسده ودمه، وترك الكلام معه أيضًا - هناك خصومة إذن..
وكلما ازدادت الخطية، ازدادت الخصومة، وأزداد الانفصال عن الله. لقد وصلت هذه الخصومة بين الله والناس إلي حد مريع في أيام أرمياء النبي، لدرجة أن اله قال لنبيه "لا تصل لأجل هذا الشعب. ولا ترفع لأجلهم دعاء ولا صلاة لأني لا أسمع لك" (أر 12: 14). ووصلت الخصومة إلي درجة أن قال الله "وإن وقف موسى وصموئيل أمامي، لا تكون نفسي نحو هذا الشعب" (أر 15: 1).
ووصلت الخصومة إلي حد أن قال الله للعذارى الجاهلات "الحق أقول لكن أني لا أعرفكن" (مت 25: 12).وقال لآخرين "أني لم أعرفكم قط اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (مت 7: 23). "لا أعرفكم من أين أنتم. تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم" (لو 13: 27).. "لا أعرفكم"!! يا للهو، ويا للخجل.. الله ينكر معرفته بالإنسان، وينكر صلته به، ويتبرأ منه ومن خلطته، ويبعده عنه..أي ألم هذا، وأية فضيحة.. وفي الخصومة، قد تصل الخطية في بشاعتها إلي درجة العداوة مع الله.
وهكذا يقول القديس يعقوب الرسول "أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله. فمن أراد أن يكون محبًا للعالم فقد صار عدوًا لله" (يع 4: 4). وهذا المعني يؤيده أيضًا القديس يوحنا الرسول بقوله "إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب" (1 يو 2: 15). بعكس ذلك محبو الله، في صداقتهم له، ودالتهم عليه..