رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب محبة المديح والكرامة البابا شنوده الثالث مقدمة تحوى هذه النبذة احدى محاضرات قداسة البابا المعظم الانبا شنودة الثالث التي القاها – وأربعا اخرى غيرها – بالمؤتمر الاول لخدام التربية الكنسية بالاسكندرية عام 1968 بكنيسة القديس مار مينا بالمندرة وكان قداستة عندئذ اسقفا للتعليم – وقد سبق لمكتبة كنيسة السيدة العذراء محرم بك أن طبعت المحاضرات الخمس المذكورة طبعة اولى عام 1971 – وهو أول عام لتبوأ قداستة السدة الرسولية. ولقد نفذت الطبعة الاولى لتلك المحاضرات وازاء الالحاح في طلبها رأينا أن نقوم باعادة طبعها واحدة بعد الاخرى وها نحن نقدم الطبعة الثانية لهذه المحاضرة عن: محبة المديح والكرامة. راجين الرب أن يجعلها لخير القراء ولبركة حياتهم وشركتهم في الرب. ببركة صلوات قداسة البابا المعظم الانبا شنودة الثالث اطال الله حياته ورئاسته الكنسية سنين عديدة وأزمنة سالمة مديدة – آمين. الكنيسة |
13 - 01 - 2014, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
المديح شيء، ومحبته شيء آخر المديح شىء ومحبة المديح شىء آخر وقد يمدح الإنسان ولا يخطىء، لكنه لو أحب المديح يكون قد أخطأ. آباؤنا الرسل مدحوا، القديسون العظام والشهداء مدحوا أيضا، ولكنهم لم يخطئوا. فليس الخطأ في أن تسمع مديحا، وانما الخطأ في أن تحب هذا المديح الذي تسمعه. هناك نوعان من الناس لا يهوون المديح: آولهما نوع يهرب من المديح الذي يأتى الية سواء كان مديحا من الناس أو من الشياطين أو من نفسه. والنوع الثانى يتمادى في الهروب من المديح والكرامة حتى ينشد لنفسة عيوبًا كثيرة، وحتى يظهر عن نفسه جهالات ونقائص تحط من قدره، ولو أدى الامر أن يقال فيه ما ليس فيه. |
||||
13 - 01 - 2014, 04:14 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
الذين يحبون المديح درجات في الخطأ 3 النوع الاول: إنسان يأتيه المديح دون أن يسعى اليه، وعندما يأتيه المديح يسر به ويبتهج – هو لم يسع اليه، لكن بمجرد وصول المديح اليه يسر به. وهذا الصنف على أنواع: ا- إنسان يسر بالمديح ويسمعه في صمت وهو جالس صامتا ومسرورا في داخله دون أن يحس به أحد. ب- هناك إنسان يسمع المديح ويتسبب في الاستزادة منه. آي يظل يقول بعض العبارات تجعل الذي يمدح يزيد في مديحه، كأنه يجره من موضوع المديح آلي موضوع آخر يمدح فيه، أو يتخذ آي وسيلة تجعل الذي أمامه يزيد المديح. ج- وهناك إنسان يحب المديح ويسمعه وهو مسرور، ويتظاهر أنه غير مسرور مع أنه مسرور من الداخل. ويظل يتمنع فيزيد الآخر في مديحه، وذلك دون قصد منه أن يعيب في نفسه بل هو في قراره نفسه يريد سماع كلام حلو. 4 النوع الثاني: أصعب من ذلك قليلًا إنسان لم يأت إليه المديح. لكنه يشتهى أن يسمعه وفي اشتهائه يسلك في أحد طريقين: ا- يشتهى المديح ويظل صامتًا حتى يصله، متخيلا أسبابًا يسمع بها المديح كأن يبدأ موضوعا معينا لكي يمدح لعمل عمله في هذا الموضوع، أو يجر الكلام خطوة خطوة حتى يصل آلي النقطة التي يسر بها ويمدحه الناس بسببها. ب- إنسان يشتهى المديح ويعمل أعمالا صالحة أمام الناس لكي يمدحوه. 12 النوع الثالث: هناك نوع أصعب من ذلك فهو يحب المديح ويشتهيه، لكن المديح لم يأته بعد رغم انتظاره وتحايله على الأسباب. فيصل آلي درجة أخر أنه يكره من لا يمدحه، ويعتبره عدوه، ويكون بينهما سوء تفاهم. نعم ان هذا الإنسان لم يضره غير انه لم يمدحه ببعض الكلام الطيب، لم يقابله مقابلة لطيفة، لم يقدم له احترامًا زائد، لم يكرمه إكرامًا من نوع خاص. مثل هذا الإنسان الذي يكره من لا يمدحه ماذا يفعل لمن ينتقده؟ - اذا كان الساكت فقط دون ان يمدحه يكره، فكم يكون شعوره من ناحية ناقديه. 13 النوع الرابع: هناك نوع آخر يشتهى المديح ويسر عندما يسمعه، ويكره من لا يمدحه. ولا يكتفي بذلك فهو يمدح نفسه اذا لم يجد أحد يمدحه. فيتكلم عن أعماله الفاضلة التي عملها وتستحق المديح، كما يخفى خطاياه الشخصية. هذا الإنسان هو الذي يتحدث كثيرا عن نفسه. 5- النوع الخامس: هناك أنواع أصعب من ذلك الإنسان الذي يمدح نفسه – فمديح النفس على درجتين. درجة فيها يمدح الإنسان نفسه بما فيه فيظل يتكلم عن أفعاله المجيدة التي عملها وعن صفاته الفاضلة. والدرجة الثانية فيها يمدح الإنسان نفسه بما ليس فيه فينسب آلي نفسه فضائل غير موجودة عنده، أو يذكر صفات جيده عنده يظل يبالغ ويكبر فيها، أو أن ينسب عمل غيره آلي نفسه،مثال ذلك: اذا كنت مشتركا في عمل حسن فعندما تحكى الموضوع قد لا تقول أنك اشتركت في عمل جيد، ويكون ذلك مديحا لنفسك فقط. بل قد تزيد قليلا وتركز كل العمل على نفسك، كأن كل الباقين الذين اشتركوا معك لم يكن لهم وجود ولا مجهود. بل في بعض الأوقات يحدث أكثر من ذاك فأنت تنسب كمية كبيرة من العيوب آلي غيرك وتتهمهم بالتقصير أو الضعف وتخفى حقهم. كأن تقول عن إنسان عن غير حق أنه لم يستطع أن يتكلم، وكان متلعثما حتى تضايق الناس منه، ثم تدخلت أنا وقلت الرد الصحيح. معنى ذلك أنك كنت سيد الموقف وغيرك أخطأ. مثل ذاك الإنسان لم يمدح ذاته فقط بل مدح ذاته وشنع بالآخرين. راهب قديس كان ينكر ذاته جدا، فلما كان يعمل عملا حسنا، ويعرف أن الناس سيمدحونه عليه، كان يشرك آخر معه في العمل ولو بقدر ضئيل جدا، أو في نهاية العمل يطلب من أحد أن يساعده، ثم اذا سئل عن العمل بعد نهايته، يقول "الله يبارك (فلان) الذي عمل هذا العمل" وينسب اليه الفضل حتى يبعد عنه مديح الناس. وهناك مثل آخر واضح لمحبة المديح وهو لعبة كرة القدم. فأن كان فريق يلعب وهو محب للمديح، فانه سيفشل جميعه لان كل واحد سيجرى بالكرة بمفردة كى يصيب الهدف بنفسه فتضيع منه. ولاعب آخر قد يسير بالكرة وحدة، وبجوار المرمى يمرر الكرة لاحد زملائه فيكسب الهدف. فيمدح هذا الأخير على الرغم من أنه لم يعمل شيئا بينما الاول هو الذي عمل كل شىء فاذا كان هذا في الروح الرياضية فكم تكون في الناحية الروحية. وهذا النوع من الإنسان الذي يمدح ذاته متجاهلا كل الظروف المحيطة والأشخاص المساعدين وينسب كل شىء آلي نفسه، يهدم حق الله في هذا العمل فهو ينسى جانب الله، كما ينسى الظروف المساعدة لنجاح العمل، ويركز كل شىء على نفسه، ويمدح نفسه بما ليس فيه. 6-النوع السادس: وهذا يعتبر أردأ درجة في محبة المديح. اذ قد تصل محبة المديح بالإنسان آلي درجة يحب فيها أن يمدح هو وحده، ويغتاظ أذا مدح أحد غيره. فهو يريد أن يمدح وحده فقط لا أحد غيره. واذا مدح غيره يحسده ويغير منه ويتكلم عليه ويحقد عليه. |
||||
13 - 01 - 2014, 04:18 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
الشرور التي تنتج عن محبة المديح والكرامة 1- الرياء: محب المديح يصير إنسانا مرائيا لا يعطى صورة حقيقية عن نفسه. فهو يخفى النقط السوداء التي فيه، ويظهر فقط النقط البيضاء واخفاء النقط السوداء يتدرج فيه آلي نواح كثيرة وكذلك أظهار النقط البيضاء يتدرج فيه آلي نقط خطيرة وبهذا يقع في عيوب لا تحصى. 2- عدم الاحتمال والغضب: ما دام محب المديح يخفى عيوبه، فبالتالي لايقبل أن يوجه اليه عيب، فيكون إنسانا يكره الانتقاد، واذا أنتقد لا يحتمل. وربما لا يقف فقط عند حد عدم الاحتمال، بل يتطور آلي الغضب والهياج والنرفزة والثورة آلي آخر هذا الطريق، فكيف ينقذه شخص، وكيف يقول عنه كلمة سيئة، وكيف يذكر له عيبا معينا؟ ويثور ويضج ويتعب من الداخل ومن الخارج، كما يتعب معه الاخرين ايضا. وكل هذا بسبب محبة المديح والكرامه. وهنا يجب أن نعلم أن علاج انواع كثيرة من الغضب، هو الا يكون الإنسان محبا للمديح ولا للكرامة لان كثيرا من غضبنا يكون بسبب محبة المديح، اذ لا يحتمل الإنسان كلمة اهانة أو كلمة نقد أو كلمة اساءة. 3- الكراهية: محب المديح يكره من لا يمدحه، وأيضا يكره من ينتقده، كما يكره من يمدح أمامه غيره. 4- الحسد: محبة المديح والكرامة من الاسباب الاولى الاساسية للحسد. فالحاسد يريد أن يأخذ مركز غيره وهو لا يحب أن يكون غيره أحسن منه. 5-النقد والادانة والتشنيع والسب للغير: فهو يحب أن يشوه عمل الغير، فيكون جميع الناس أردأ منه وهو فقط الاحسن. أنه يقع في ادانة الاخرين في التشهير بهم كما يقع في السب وما آلي ذلك في انتقاص حقوق الاخرين. 6- وبذلك يخسر محبة الناس: انه لا يحب أحد ولا أحد أيضا يحبه. 7- ومحب المديح يحب المتكآت الاولى: يحب العظمة وهذه المتكآت الاولى يتنازع فيها الناس ويدخل في خصومات وفي مشاكل مع الاخرين. من هو الاول ومن هو الرئيس ومن يكون المتسلط ومن يكون الظاهر، آي إنسان يريد أن يكون هو الظاهر، لابد أن يضعه في الحضيض ويقول عنه ردىء. 8- وبذلك يقع في الكذب: لا مانع من كذبه اذا كان الكذب سيوصله آلي الارتفاع والظهور. 9- ويعمل مؤامرات ودسائس: لنزع الظاهرين من طريقة ويبقى هو وحده. 10- ومحبة المديح تؤدى آلي أكثر من هذا:.. تؤدى آلي أن الإنسان يشتهى موت الاخرين لكي يأخذ مكانهم. فيشتهى خراب الاخرين وضياعهم كى يأخذ مركزهم. كأن يكون وكيلا في عمل وهناك رئيس فيشتهى وظيفة بأية وسيله من الوسائل،فهو يريده أن يخرج من عمله، ويطلب من الرب موته كى يرتقى مكانه، كما يطلب أن يغضب عليه رؤساؤة، أو أن تقال عنه كلمة بطاله، كى يزاح من أمامه فيخلو له المكان. وربما لا يسمح له ضميره أن يضع كلمة في حق هذا الرئيس، ولكنه ينتظر بفارغ الصبر أية كلمة سوء تقال عليه فيسر جدا ويفرح، حتى أو لم يكون منافسه هذا مخطئا، ولا يبرره ولا يدافع عنه مع معرفته عنه أنه غير مخطىء ولا يمكن أن يشهد بالحق الذي في صالحه. 11- ومحبة المديح والكرامة تجعل الإنسان ليس فقط لا يحتمل التأديب والتوبيخ والاهانه، وانما لا يحتمل كلمة نصح، فكيف ينصحه آخر؟ هل هذا الاخر أفضل منه، أو يفهم أكثر منه، وهو العارف والعالم والناصح والموجه والمرشد؟. بل قد يزداد الامر فلا يحتمل إنسانا ينصح آخر أمامه، لان النصح والارشاد له فقط، فهذه اهانة لكرامته. ويتضايق ويغضب ولا يعرف أحد سببا لذلك، فهو يغلى من الداخل. واذا سئل عن سبب غضبه، لا يستطيع أن يقول السبب. وبذلك يكون مشكلة لنفسه للاخرين. وربما اذا سئل غيره في وجوده، أو احترام الناس غيره في وجوده، لدرجة شعر بها أن الاحترام الذي وجه لغيره كان أكثر مما وجه اليه، يتضايق ويتعب في الداخل ولو لسبب بسيط كأن يدخل إنسان ويسلم على غيره باشتياق أكثر أو باحترام أكثر. فهذا الإنسان محب المديح يصبح متعبا. فهو لا يحتمل الناس، كما أن الناس أيضا في هذه الحالة لا يحتملونه. 12- ومحبة المديح والكرامة تجعل الإنسان ايضا غير ثابت: تجعله في وضع متردد لا ثبات له، مبدأ له ولا رأى ولا خطة. لماذا؟ لانه لا يسير على مبدأ وانما يسير على هدف المديح فان كان هذا الامر يأتى بمديح يفعله، وان كان عكسه ياتى بمديح يفعل عكسه. فهو يتلون مع الناس كيفما كانت صورهم. انه مع الشخص الوقور وقور ومتزن، ومع الشخص المهزار يكون مهزارا. واين الاتزان الماضى والوقار؟ لقد انتهى، فلكل شىء تحت السماء وقت؟ ومع محب الكلام الكثير يكلمه طول اليوم لكي يمدح، ومع محب الصمت يصمت ايضا لكي يمدح. واذا وجد الحق ودفاعه عنه يعطيه المديح فهو سيدافع عنه. واذا كان هذا الدفاع سيغضب الناس فهو لا يقول الحق لئلا يغضبهم فيهرب المديح. أنه يريد المديح وكفى، بأية طريقة وبأية وسيلة، ولا مانع من التلون مع الناس كى يصل آلي المديح. واحد يحب النسك لا يأكل أمامه، وآخر يحب المتعه يقدم له أصنافا كثيرة على المائدة. يلبس لكل حال لبوسها، ويتخذ لكل إنسان صورة وشكلا وتصرفا. أمام إنسان يحب الاتضاع يجلس بوقار في اتضاع ويعمل الاعمال التي يمدح عليها كمتضع، ومع المتكبر يكون في صورته أيضا لكي يمدح. هو إنسان ملون لا يثبت على وضع لكي يأخذ المديح. يعيش في شقاء، في تعاسة، يفقد سلامة الداخلى. يشتاق آلي الكرامة. فان لم تأته يتعب ويشقى، واذا أتته يفرح ويسر. يفرح وقتيا، ويلازمه الشقاء، لانه مشتاق آلي كرامة أفضل، ويعيش متعبا لان الكرامة الافضل لم تصله. والموضوع لا ينتهى وشقاؤه يظل معه دائما. 13- محب المديح يقع في الغطرسة والعظمة والكبرياء: وهذه تقوده آلي باقى الشرور. 14- وأخيرًا محب المديح يخسر حياته الروحية خسرانا تاما: فكل الفضائل التي يعملها تتشوه تشويها كاملا اذ يدخلها حب المديح فيفسدها. ولا تصبح له فضيلة على الاطلاق، لان كل فضيلة عنده تشوهت بسبب فساد الهدف والدافع اليها هو محبة المديح. هذا الإنسان مهما تعب ومهما عمل، يقف أمام الله صفر اليدين. ولا جزاء له عند الله، لانه أخذ أجرته على الأرض اذ يقول له الرب في اليوم الاخير انك استوفيت خيراتك في حياتك على الأرض من مديح وكرامة وعظمة، ولا تستحق شيئا عندى في السماء. ما الذي تستحقه؟ هل تعبت وعملت فضيلة؟ ليس من أجل الرب فعلت الفضيلة بل من أجل المديح، من اجل ذاتك، ومن اجل ارتفاعك، فلا جزاء لك عند الله. وهكذا يخسر هذا الإنسان السماء أيضا والملكوت الابدى والله. وفي نزاعه مع الناس ومحبته للكرامة. يخسر الناس أيضا لانهم لا يحبون المتغطرس ولا المتعظم ولا المتلون ولا محب المديح بل يتعرض لاحتقارهم وازدرائهم اذا مدح نفسه أمامهم. قال القديس مار اسحق: من سعى وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها بمعرفة سعت وراءه. |
||||
13 - 01 - 2014, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
كيف ينجو الإنسان من محبة المديح والكرامة
|
||||
13 - 01 - 2014, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
إخفاء الفضائل الشخصية والأعمال الحسنة أولا: إخفاء الفضائل الشخصية والأعمال الحسنة: لكى أهرب من مديح الناس يجب أن أخفى فضائلى وأعمالى الحسنة. وليس معنى ذلك أن لا أعمل أمام الناس بقصد المديح. واذا كان العمل ضروريا أمام الناس ولكن العمل في ذاته. تعرض القديس اغسطينوس لهذه المسأله في تفسيره الكتاب المقدس، يقول الكتاب "احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات" (مت 1:6). ويقول في موضع آخر: "فليضىء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنه ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت16:5). فهل يوجد تناقض بين القولين؟. يقول القديس أغسطينوس في هذا الموضوع: "ليس هناك تناقض لان العيب ليس هو أن ينظر الناس أعمالكم الصالحة، لكن العيب هو أن تعملوا الاعمال الصالحة بقصد أن ينظركم الناس "فينبغى أن تعمل الخير سواء نظرك الناس أو لم ينظروك لا يكن هدفك أن ينظر الناس إليك، ولا أن يمدحونك، أعمل العمل الصالح لا لكي تتمجد أنت بل ليتمجد الله، لكي يمجدوا أباكم الذي في السموات. يقول البعض أنهم يعملون الصلاح لكي يكونوا قدوة أمام الآخرين. ولكن لنفهم جيدا أن للقدوة مواضع. فيوجد أشخاص بحكم وضعهم مفروض عليهم أن يكونوا قدوة، مثل رجال الاكليروس والقادة والمسئولين والرسل والأنبياء، فهؤلاء أن لم يكونوا قدوة سيعثرون الآخرين. أما الإنسان المتضع فأنه لا يضع نفسه قدوة، لانه لا يرى في نفسه شيئا يقتدى به الناس. أنه يحاول أن يهرب من مواقف القدوة بحجة أنه خاطىء وبائس، وعلى عكس هذا يظهر نقائصه وضعفاته، ومع ذلك قد يصبح قدوة في اتضاعة،لكنه لا يريد ذلك فيبكى أمام الله ويقول "يا رب أنا مرائى أنت تعرف ما بداخل القبور المبيضة من عظام نتنة. أن كل أعمالى شريرة أنت سترتنى وأخفيت عيوبى عن آخرين - هل استغل هذا الستر لأصبح قدوة. أنا خاطىء وليس لي عمل صالح" هذا هو الإنسان المتضع هذا قد يظهر عيوبه ليهرب من مديح الناس. أما الذي يريد أن يصير قدوة: فلكي يظهر أمام الناس حسنا، يجوز أن يقع في الكبرياء والرياء. فيجب أن نرضى الله لا الناس، فلا يكون هدفنا أن نكون قدوة حتى ولو صرنا بترتيب من الله. هكذا كان الآباء القديسون يتركون تدبير أمر معين في الفضيلة اذا عرف ويعملون غيره. اذ كانوا يهربون جدا من المديح. ولكن ليس معنى هذا أن تترك كل تدبير حسن تسير فيه لئلا تضر. فأثبت في كل تدريب صالح من أجل حياتك الروحية وليس لكي ينظرك الناس. |
||||
13 - 01 - 2014, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
البعد عن الرئاسات والمناصب ثانيا: البعد عن الرئاسات والمناصب: 1 لانها خطرة على الإنسان وخير للحكيم أن يهرب.ولنورد كمثال خبر القديس بينوفيوس الذي عرفنا قصته من القديس يوحنا كاسيان مؤسس الرهبنه في فرنسا. كان القديس بينوفيوس رئيسًا على دير يضم 200- 300 راهبًا في منطقة البرلس. وكان متضعا جدا ومهابا وله مكانة عند الكثرين اذ كانوا يحبونه بسبب قداسته وحياته الفاضلة، ولموهبه العظيمة التي منحه أياها، ولكهنوته ولانه شيخ وقور جلس هذا القديس ذات يوم آلي نفسه وقال: "ماذا تكون نتيجة هذا الموضوع؟ كل يوم مديح وكرامة واحترام وتوقير. أنني أخاف أن يأتيني الله في اليوم الأخير ويخبرني بأننى استوفيت خيراتى على الأرض. وأين الطريق الضيق والكرب عملا بالآية التي تقول: "بضيقات كثيرة ينبغى أن ندخل ملكوت الله" (أع22:14). وأنا رجل متمتع باحترام وتوقير وكرامة ورئاسة!" لذلك هرب القديس بينوفيوس ذات يوم من الدير دون أن يشعر به أحد، متنكرا في زى علمانى وسار جنوبا حتى وصل آلي أحد أديرة القديس باخوميوس الكبير في اسنا وطرق الباب طالبا ان يقبلوه في الدير فنظروا اليه في احتقار. من هذا الرجل الشيخ الذي أتى ليترهب؟ وقالوا له: "انك أتيت بعد أن تمتعت بملاذ العالم وشبعت من الدنيا، وكذا شبعت الدنيا منك. هل تأتى في آخر الايام وتترهب وتعمل قديسا؟ انك لا تصلح، فارحل عنا "والح القديس بينوفيوس عليهم فرفضوا وقالوا له "أنت رجل شيخ، ولا تحتمل الرهبنة وجهاداتها "فظل يلح ووقف على الباب مدة رغم رفضهم دون أكل أو شراب. فعندما رأوا احتماله وصبره، أدخلوه الدير على شرط ألا يرسم راهبا، ويكون في زى العلمانيين، يخدم في الدير وأسندوا اليه مساعدة الراهب الشاب المسئول عن حديقة الدير، ليكون كصبى عنده، فلم يمانع وأخذ الشاب يوجه اليه أوامر يعمل بها فكان مطيعا خاضعا. وتحول القديس الذي كان يحترمه الناس ويطيعونه آلي تلميذ.. لكنها كانت أمنيته اذ اراد ان يغير حياته الداخلية ويكون خاضعا لغيره وليس غيره ان يربى الشيخ تربية صحيحة، لان الرهبنة ليست كسلا. وصار القديس يطيعه طاعة كاملة وينفذ أوامره بكل دقة، لا يجادل ولا يناقش. وسار على هذا المبدأ مدة، وسر به الشاب. وايضا كان يقوم في ساعة متأخرة من الليل – حيث الرهبان جميعهم نيام – ويعمل الاعمال التي كان يشمئز منها الاخرون لقذارتها. فاذا استيقظوا في الصباح، يجدون كل شىء قد تم دون أن يعرفوا من الفاعل فيبتهجون ويباركوا الرب من أجل ذلك. أما هو فكان مسرورا بهذا العمل.. وظل على هذا الطقس مدة ثلاث سنوات. يقول: "اشكرك يا رب من أجل عطاياك ونعمك العظيمة، فلا احترام ولا تقدير ولا توقير، بل طاعة وأوامر". ثم بعد ذلك أتى لزيارة هذا الدير راهب من أديرة البرلس ورأى القديس بينوفيوس يحمل السباخ ويضعه حول الشجر. فشك في نفسه ولم يصدق أنه هو. واخيرا سمعه يتلو المزامير بصوته المعهود، فعرفه وسجد له وكشف الموضوع فأخذوه بمجد عظيم وارجعوه آلي ديره. ثم بعد ذلك هرب ايضا آلي بيت لحم وعمل خادما في قلاية يوحنا كاسيان، وتصادف أن ذهب راهب آخر لزيارة القديس وعندما قابله عرفه فأعادوه مرة ثانية بأحترام أيضا آلي الدير وزاره يوحنا كاسيان عند مجيئه لمصر وكتب عنه في مؤلفاته. انه مثال حى للهروب من الرئاسات. فالذى يريد أن يخلص من مديح الناس والكرامة يجب ان يهرب من الرئاسات والمناصب لانها لا تخلص النفس في اليوم الاخير. فلا تبحث عن الرئاسات والمناصب لانها تشعرك أنك شىء في ذاتك. اذا نجحت فيها دخلك حب المديح والكرامة واذا فشلت ربما تقع في دينونة كثيرة. 2- أحلام الرئاسة تعب داخلى: كثيرا ما يخلوا الإنسان آلي نفسه وفي أحلام اليقظة يتصور أنه في مركز عظيم وانه يعمل.. ويعمل.. ويعمل. تدور على ذهنه مشروعات كبيرة وأمور خطيرة ويظن أنه لو أعطى السلطان سوف يعمل ما لا يستطيع غيره أن يعمله. وهذه تخيلات المجد الباطل وكبرياء موجودة في الداخل تشعر الإنسان أنه يستطع الشىء الكثير. وقد يسمح الله أن تسند آلي هذا الإنسان مسئولية فيفشل فيها لكي يعرف مدى ضعفه ذهب احد الشيوخ ليزور راهبا شابا في قلايته الخاصة وعندما هم بقرع الباب سمع صوتا من الداخل فانتظر قليلا حتى لا يعطل الراهب الشاب فسمعه يعظ من الداخل فانتظره حتى انتهى من العظة وصرف الموعوظين وقال لهم امضوا بسلام، ثم قرع الباب وفتح الراهب الشاب ففوجىء بالشيخ امامه فخجل وفكر ما عسى أن يقول عنه الشيخ اذا كان سمعه يعظ بمفرده دون موعوظين في قلايته فقال له انى أسف يا أبانا لئلا تكون قد جئت من زمن وتعطلت على الباب فابتسم الشيخ وقال له "جئت يابنى وانت تصرف الموعوظين "وعرف الشيخ أن الراهب محارب بالمجد الباطل اذ يتصور أنه شماس كبير ممن يعملون ويعظون الموعوظين. احذر أن تتخيل أنك رئيس أو قائد أو مشير أو انك تعمل، ربما يسمح الله بفشلك لكي تشعر بأنك ضعيف، وأنك لا تعرف شيئا. وربما تصبح رئيسا، وتقع في الاخطاء التي يقع فيها غيرك. 3- الرئاسات ضارة لغير الناضجين: قال القديس الانبا أوراسيوس أحد خلفاء باخوميوس: "أن الرياسة مضرة للاشخاص الذين لم ينضجوا "وضرب مثلا لذلك فقال "أذا احضرت لبنة لم تحترق بعد بالنار والقيتها في الماء تذوب. أما اذا حرقت بالنار فلو القيت في الماء تبقى وتشتد "كذلك الشخص الذي يصل آلي محبة الرئاسة قبل أن ينضج- قبلما يزول منه المجد الباطل، هو معرض للهلاك. كذلك مساكين هم الناس الذين يخضعون لرئيس محب للمجد الباطل فهو يضيع نفسه ويضيع معه الناس من أجل المجد الذي يطلبه منهم. 4- اشتهاء الرئاسة لعمل الخير ضربة يمينية: سئل القديس يوحنا الاسيوطى في هذا الموضوع وقالوا له "هل يليق بالإنسان أن يطلب رتبة وسلطانا لتقويم المعوجين وأبطال الشرور؟ "فأجاب: "كلا، لانه أن كان الإنسان وهو بعيد عن الرتبة والسلطان، ينتفخ ويحب العظمة، فكم بالحرى يتشامخ ضميره اذا تسلط.. وأن كان وهو بعيد عن الدرجة يريد أن يكون عظيما. فماذا يعمل عندما يصل آلي الرئاسة والعظمة نفسها؟ لان الذي لم يعرف الاتضاع وهو في حقارته، فماذا يعمل عندما يأخذ المناصب؟.. وبينما لم يكن لديه سبب للعظمة كان يطيش في ضميره فكم بالحرى يكون عندما ينال سببا للافتخار؟.. فأن كنت لا تشتهى درجة الاتضاع فلا تطلب درجة الرعاية. واذا لم يكن فيك افتخار فلا تشته درجة الكهنوت لان الله يعتنى بشعبه أكثر منك اشته أن تكون خروفا في رعية المسيح لا راعيا يطلب دم رعيته من يديك. اشته أن تكون حملا من القطيع يرعاك، لا أن تكون مسؤلا عن رعيه. ان كنت لا تقدر أن تربح نفسك ألان فكيف تقدر أن تقتنى نفوسا كثيرة..؟ أذكر الموت وعاقبة كل أحد، ولا تشته التسلط. واذكر أنك مهما كنت اليوم مكرما بالعظمة، فغدا ستكون مثل سائر الناس محبوسا في القبر.. ان كنت في الوقت الذي لم يكن عليك فيه أثقال لم تستطع أن تحيى ذاتك فكيف تقدر أن تخلص شعبا كبيرا من شر هذا العالم،ان كنت ألان بلا مسئوليات كبيرة، ولم تقدر أن تخلص هذه النفس الواحدة التي هى نفسك، فكيف تقدر على نفوس الناس؟.. منذ سنوات جاءنى شاب رشح للكهنوت وسألنى عن رأيى فقلت له: "يا أخى عندما تصير قسيسا ماذ ستعمل "فأجابنى أسعى لاخلص النفوس. فقلت له "هل قدرت أن تخلص نفسك حتى تستطيع أن تخلص الاخرين؟.. نفسك التي تعرف عنها كل شىء، تعرف جميع أسرارها وتاريخها كله وضعفاتها واسباب الضعفات والعيوب التي فيها وأمراضها.. اذا لم تستطع أن تخلص هذه النفس المعروفة جدا لديك فكيف تقدر على خلاص نفوس الناس الذين تجلس معهم فترات قليلة فلا تعرف الا القليل جدا عنهم.. نفسك التي اذا وبختها تقبل منك التوبيخ لم تقو على تخليصها، فكيف تقدر على تخليص الاخرين الذين كانت كلماتك شديدة سيغضبون منك.. نفسك التي تثق بك ومستعدة أن تسمع منك، لست قادرا عليها، فكيف تعمل مع الناس الذين قد لا يسمعون منك ويشكون في كلامك. "فأهتم أولا بخلاص نفسك، لان تخليص الغير ليس سهلًا". الإنسان الذي يريد أن يخلص نفسه لا يفكر أن يصير راعيا، بل هو يهرب من الرعاية على قدر ما يستطيع. وأن أمسكه الله بالقوة وصار راعيا، عند ذلك يطلب منه قوة يعمل بها، لانه بنفسه لا يستطيع شيئا.. والذي يثق بقوته ومواهبه وقدرته على أن يخلص الاخرين. لابد أن يكون شخصا مغرورا.. فليبعد الإنسان عن حب الرئاسة حتى ولو كان سببها رغبة خلاص الناس. ففى الحقيقة ان هذه سببها محبة المجد الباطل لا خلاص الناس. 5-الهروب آلي المتكأ الاخير: الإنسان المتضع يبعد عن الرئاسات والمناصب، ويحب المتكأ الاخير لانه يشعر أن هذا هو استحقاقة اذ قال القديسون: "اعتبر نفسك أقل من الكل وآخر الكل لكي تستريح.. "قال القديس برصنوفيوس: "لا تحسب نفسك في شىء من الامور ولا يحسبك أحد سيئا.. وأنت تتنيح (تستريح)". الإنسان غير المحب للمديح والكرامة يهرب من المناصب والمتكآت الاولى ويشتهى أن يخدم غيره ولا يخدمه أحد.. يشتهى أن يتتلمذ على المرشدين ولا يكون مرشدا لاخرين: قال الشيخ الروحاني: "في آي مكان وجدت فيه كن صغير اخوتك وخديمهم". طلب من احد الاباء الكهنه بعد رسامته ان اقول له كلمة أو نصيحة فقلت له: "كن ابنا وسط أخوتك واخا وسط أولادك "فالذى ينزل درجة يرتفع درجات. وهذا هو الذي يستريح في منصب من المناصب، أما اذا كان يريد أن يتمتع بكل كرامة هذا المنصب ويملا كرسيه أو ينتفخ، فهذا إنسان مسكين. أما أنت فكن آخر الكل، صغير اخوتك وخديمهم، في كل مكان تحل فيه. وان كان السيد المسيح قد غسل أرجل التلاميذ وهو المعلم والسيد، فهل تبقى أنت رئيسا على أحد. 6- واذا كنت رئيسًا: وليس معنى هذا الكلام أن أرفض الرئاسة لوأتت آلي في وضعها الطبيعى فليس الضرر هو الرئاسة أنما الضرر هو محبة الرئاسة ليس الضرر أن تبقى رئيسا ولكن الضررهو ان تتسلط على الناس.. هناك إنسان يبقى رئيسا وصاحب المتكأ الاول وهو شخص متواضع يعامل الناس بمنتهى الرفق لانه واحد منهم. والرئيس ليس رئيسا على الافراد، ولكنه رئيس على العمل فقط. والرئيس والمرؤوس سواء عند الله، بل ربما تكون للمرؤوس منزلة أكبر. والرئيس الحقيقى هو الذي يشعر بأنه زميل يتفاهم مع مرؤسيه بالمحبة وبالبساطة، لان الرئاسة والسلطة تعطى للناس من أجل ادارة العمل، وليس من أجل كرامتهم الشخصية – كالذى يأخذ درجة عليا من الدرجات الكهنوتية – ان أعتبر ذلك تكبيرا لذاته، يكون قد انحرف بالسلطة عن معناها الاصلى كوسيلة تمكن صاحب العمل من ادارة العمل. يحكى عن القديس باخوميوس أب الرهبان أنه كان يسير مرة مع مجموعة منهم وكل يحمل حاجياته. فتقدم أحد الرهبان ليحمل حاجيات باخوميوس فرفض وقال له: "اذا كان المسيح له المجد دعا نفسه أخا للتلاميذ فهل استخدمكم أنا في حاجياتى.. لا يصير هذا الامر أبدا. من أجل الاديرة الاخرى كائنة بانحلال لان كبارهم مستعبدون لصغارهم". وبولس الرسول يقول: "حاجاتى وحاجات الذين معى خدمتها هاتان اليدان" (أع 34:20). 7- كن رئيسًا على ذاتك أولًا: وقال الشيخ الروحاني وهو ينصح الرهبان الصغار الا يشتهوا رئاسة مجمع الرهبان: "ان حوربت بهذا الفكر فقل ان مجمعى هو مجمع افكارى التي اقامنى الله رئيسا عليها لكي أدبر أهل بيتى". فكن رئيسا على أفكارك وأحكمها حسنا، لئلا تطيش شرقا أو غربا. كن رئيسا على حواسك ونظراتك وعلى سمعك، كن رئيسا على شهوات قلبك واضبطها. وان تمكنت من ان تكون رئيسا على نفسك وتضبطها، فأنت الشخص الذي تصلح أن تكون رئيسا. واذا كنت لم تعرف ان تحكم نفسك ولا لسانك ولا فكرك ولا قلبك من الداخل، فكيف تصلح ان تكون رئيسا على غيرك؟.. ان لم تكن أمينا على القليل لا يمكن ان تكون أمينا على الكثير. جاء أحد الرهبان آلي القديس تيموثاوس وقال له: "يا أبى انى أرى فكرى مع الله دائما "فأجابه: "يابنى أفضل من هذا أن ترى فكرك تحت كل خليقة". أبعد عن الرئاسات والمتكآت الاولى.. أحترم الكل، وعامل الكل بلباقة فأية محبة تكون للذين يعاملون من هم أقل منهم باحترام وتوقير.. انك تقدر أن تحترم الشخص الاكبر منك، وهذا أمر لا فضل لك فيه لانك مرغم ومضطر أن تحترمه، لكن من يحترم الاقل منه يكون متضعا.. الذي يحرم الاصغر منه في المنصب أو العلم أو السن أو المقام، ويحفظ حقوقهم ويشعرهم بشخصيتهم، يكون هو الشخص الذي يستحق المحبة من الكل، وليست كرامتك هى ان يخضع الناس لك بحكم القانون أو الاحترام ولكنها شعور توقير ينبع من القلب وليس من الظاهر فقط. |
||||
13 - 01 - 2014, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
احتقار النفس والاتضاع ثالثا: احتقار النفس والاتضاع: ان الإنسان الذي يبعد عن محبة المديح والكرامة، يحتقر ذاته فلا يسمح لاحد أن يمدحه، ولا يسمح لنفسه أيضا أن تمتدحه. والذي تمتدحه نفسه يجب أن يتذكر خطاياه ويقول كما يقول القديسون: "أنا مازلت سائرا في الطريق ولم أصل بعد للنهاية. ومن يدرى ربما أضل في الطريق "من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط" (1كو12:10). أنا لم أصل بعد". انظر آلي المستويات التي هى أعلى منك. أما اذا نظرت آلي من هم أقل منك فانك تتكبر وتتعظم- لماذا كان اولاد الله متواضعين؟ لانهم كانوا يعرفون الكمال المطلوب منهم. كانوا يصلون آلي درجات عظيمة في النسك، في الصوم، في الصلاة، في أحتقار النفس، في كل شىء، وكانوا قدام أنفسهم ضعفاء ومساكين، لانهم يعرفون أن هناك درجات أعلى بكثير من حياتهم. أن مدحتك نفسك قل لنفسك: "ماذا فعلت لكي تمدحنى نفسى؟". هل لصومك وصلواتك وعمل الوصايا تمدحك نفسك؟ اذا كانت صلاتك عادية فكثيرون يصلون بالمزامير. واذا كنت تصلى ببعض المزامير، فهناك من يصلون بالمزامير كلها. واذا كنت تصلى ساعة أو أكثر، فهناك من يسهرون الليل كله. واذا كنت تصلى الليل كله فهناك من يصلون النهار والليل في صلوات دائمة. آلي آي درجة وصلت في الصلاة؟ كان القديس ارسانيوس يقف مصليا عند غروب الشمس وهو ناظر آلي الشرق والشمس وراءه، ويظل قائما في الصلاة آلي ان تطلع الشمس أمامه. هل علمت مثله؟-درب القديس الانبا مكاريوس الاسكندرى نفسه على ان يصلب عقله عدة أيام فلا يمكن أن يمر في عقله أو في فكره شىء غير الله. آلي آي مدى وصلت انت؟ فهناك آباء كانوا يقضون أياما كثيرة في الصوم بالاسابيع وانت ماذا فعلت؟. آلي أي درجة وصلت في الاحسان؟ هل تدفع العشور؟ وماذا تكون العشور، انها مبدأ يهودى وليست مبدأ مسيحيا. طالب الرب اليهودى بدفع العشور، أما عن المسيحيين فقال لهم "بع كل مالك وأعط للفقراء".. فهل بعت كل مالك؟ يقول الكتاب: "بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة".. هل علمت هكذا؟ وأن بعت فعلا كل مالك هناك درجة أعظم من هذا: كان أحد القديسين متناهيا في الرحمة فباع كل شىء وأعطاه للفقراء. وعندما لم يجد شيئا آخر ليعطيه، باع نفسه عبدا واعطى تمن نفسه للفقراء. قارن نفسك بهذه المستويات، فتحتقر نفسك وتتضع من الداخل. أن نظرت لمن هم أقل منك تنتفخ. كالتلميذ الذي ينجح وينال مجموعا 50%، أن قارن نفسه بالراسبين ينتفخ لانه ناجح، وان قارن نفسه بالناجحين بمجموع أكبر يتضاءل في عين نفسه. كذلك أنت، قارن نفسك بالمستوى الاعلى، فتشعر بأنك مازلت ضعيفا ومسكينا ولم تعمل شيئا بعد. أعرف أيضا طبيعتك انك تراب ورماد وانك قابل للسقوط حاول أن تنكر ذاتك وأن تخفى فضائلك، فلا تقبل مديح الناس ولا مديح نفسك. قيل عن اثنين من الشبان الرهبان انهما دخلا آلي مائدة الدير وكانت في ذلك الحين مقسمة آلي موائد للشيوخ وأخرى للشبان – فدعا الشيوخ واحدا منهما فجلس معهم، أما الاخر فذهب آلي مائدة الشبان. وبعدما خرجوا قال الذي ذهب آلي مائدة الشبان لزميله "كيف تجرأت وانت شاب تجلس مع الشيوخ؟ "فأجابه قائلا: أنني فضلت هذا لاننى لو كنت قد جلست عل مائدة الشبان لكانوا يمتدحوننى لانى أكبرهم وربما قدمونى في كل شىء ودعونى لقراءة البركة والصلاة،ولكننى عندما كنت جالسا على مائدة الشيوخ، كنت أحس بضعفى، وبأنى لا أستحق الكلام وجلست خجولا مطرقا طول الوقت. هذا هو الفهم الحقيقى للنفس والمتكأ الاخير: أن يشعر الإنسان في نفسه من الداخل أنه هو فعلا في المتكأ الاخير. فهناك شخص من اجل اسم الاتضاع قد يختار المتكأ الاخير، والمجد الباطل يقتله. فاذا كنت تريد المتكأ الاخير فعلا، اجعل قلبك من الداخل في هذا المتكأ، شاعرا في عمق أعماقك أنك في المتكأ الاخير، حتى ولو أجلسوك في المتكأ الاول، قائلا لنفسك: ان كل هؤلاء الناس أفضل منى. ان وقفت تدرس الاطفال في مدارس الاحد، أنظر اليهم أنهم ملائكة أفضل منك، وأطلب من الله أن تكون في بساطتهم ونقاوتهم وفي كرامتهم عند الله. كان أحد المدرسين في مدارس الاحد عندما يقع في مشكلة يطلب آلي أطفال فصله ان يصلوا من أجله في ضيقته. وكان يقول انى جربت صلاتهم في مشاكل حياتى، وكنت أشعر انها قوية ولها مفعول كبير أكثر من صلاتى الخاصة. |
||||
14 - 01 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
احتقار مديح الناس والزهد فيه رابعا: احتقار مديح الناس والزهد فيه: الإنسان الزاهد في المديح، يزهد في كل ما يعرفه عنه الناس من خير. فهو لا يريد أن يكون ممدوحا منهم لانه يعتبر أن مديح الناس اياه والكرامة التي يقدمونها له هى خسارة. بل هو يريد أن تكون الكرامة الوحيدة التي له عند الله مرددا قول السيد المسيح "مجدا من الناس لست أقبل" (يو41:5). وقوله "مجدنى أنت أيها الاب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو5:17). مريدا أن يمجد من الله وليس من الناس. فما هو المجد الذي كان لك أيها الاخ عند الاب قبل كون العالم؟ مجدك الحقيقى هو أنك صورة الله ومثاله. مجدك الحقيقى هو في علو شخصيتك من الداخل، وفي نقاوة قلبك، وفي فكرة الله عنك. أما المجد الذي تأخذه من الناس فهو زائف وربما يكون عن جهل، لان الذين يمدحونك لا يعرفون حقيقتك وهم يحكمون حسب الظاهر، لا يقرأون أفكارك، ولا يعرفون مشاعرك واحساساتك الداخلية ولا خطاياك الخفية.. ومديح الناس لا يوصلك آلي ملكوت الله لان الله فاحص القلوب والكلى ولا يعتمد في حكمه على أفكار الناس. وبعض الناس يمدحون بسبب المجاملة، والبعض بسبب التشجيع، والبعض بسبب أدبه الخاص، والبعض يمدح لغرض معين في نفسه، والبعض يمدح بسبب التملق. والمسكين الذي يحب المديح يهمه أن يمدح كيفما كان الامر، ويلذ له أن يصدق كل ما يقال فيه من خير سواء عن حق أو عن باطل. ومديح الناس يضر الكثيرين ويضللهم. لذلك ينبغى لك أن تصادق من يوبخك ويوجهك،أما اذا مدحك الناس، فتذكر خطاياك ونقائصك، واعترافاتك المتعبة لك، والاخطاء البشعة التي وقعت فيها في حياتك. فعند ذلك يخف ألم المديح. أخطر نوع من أنواع المديح هو أن تمدحك نفسك من الداخل: عندما تظن في نفسك أنك كبير وعظيم وحكيم وصالح. تلك هى الكبرياء الموجودة في الداخل، فلابد أن تعرف أنك إنسان ضعيف، وأن كل مالك من قوة – ان كنت سائرا في طريق الله – راجع آلي أن النعمة تسندك في حياتك. ولو تخلت عنك النعمة قليلا، لسقطت في الخطايا التي كنت تنتقد الناس عليها، والتي تظن أنك أقوى منها وأنك تقع فيها في يوم من الايام. |
||||
14 - 01 - 2014, 03:41 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب محبة المديح والكرامة - البابا شنوده الثالث
للتخلص من المديح من يريد أن يتخلص من محبة المديح لابد أن يشعر بأهمية المستقبل الابدى، ويهتم به ويجعله الهدف الاساسى لحياته. فلا يبنى مجده على الأرض، بل يرفض الكرامة العالمية، ويهتم بالكرامة التي منحها له الله عندما وضع اكليل البر، ويكنز خيراته في السماء. لذلك فان الابرار كانوا يرفضون كل أنواع الكرامة. ومن يحتقر المديح يهرب من محبة الرؤى والمناظر. فكثير من الاباء الذين سقطوا برؤى خاطئة من الشياطين، كان سبب سقوطهم هو محبة الكرامة والمديح، واشتهاء الرؤى والمعجزات والعجائب والمناظر الالهية. ان بامكان الشياطين أن يظهروا في هيئة ملائكة نور، بل وفي هيئة المسيح نفسه. فينبغى لمن يحبون الله الا يهتموا بالمناظر ولا ينخدعوا بها. ظهر الشيطان مرة لقديس وقال له: أنا جبرائيل جئت إليك. فرد القديس عليه قائلا: لعلك أتيت لاخر لانى لا أستحق أن يرسل الرب جبرائيل آلي. فان ظهرت لك أمثال هذه الرؤى والمناظر فارفضها. كلما كان القديسون يرتفعون في حياتهم الروحية كلما كانت هذه المناظر تتضاءل جدا في نظرهم. ويروى عن أحد الاباء الكبار الجبابرة في حياة الروح، أنه كان سائرا في الطريق يصلى وقلبه ممتلىء بمجد الله ونفسه ملتصقة التصاقا كاملا به. وفيما هو يصلى وجد ملاكين عن يمينه وعن يساره، فلم يسمح لنفسه أن يلتفت آلي آي منهما، واستمر في صلاته كما هو مرددا في فكره "من يفصلنى عن محبة المسيح؟.. لا ملاك ولا رئيس ملائكة "رو 38:8 لذلك يقول القديس باخوميوس ومار اسحق "ان من يرى خطاياه أفضل من الذي يرى ملائكة". فلا تطلب أنت هذه الرؤى بل أشعر بأنك لا تستحق. في احدى المرات سألوا القديس أنبا باخوميوس وقالوا له: قل لنا عن منظر حسن رأيته فأجابهم "من كان مثلى خاطئا لا يعطى مناظر. أما ان اردتم منظرا حسنا ترونه، فانظروا آلي شخص وديع متواضع فأنكم تبصرون الله فيه. وعن أفصل من هذا المنظر لا تبحثوا. الإنسان المتكبر المحب للكرامة يشتهى رؤية الملائكة، لكن المتضع يشتهى رؤية خطاياه. ان الرؤى لا تخلص نفسك في اليوم الاخير، لكن معرفتك بجهالاتك وبنقائصك تجعلك تخلص. ولكى ترفض المديح ينبغى أن تخفى الاعمال الفاضلة وحكمتك عن الناس، وأجعلها تظهر أمام الله فقط،ان كنت تعمل الخير من أجل الله لا من أجل الناس، فماذا يهمك ان كان الناس يرون هذا الخير أو لا يرونه؟ في احدى المرات أتى جماعة من الرهبان آلي الاب زينون بسوريا وكشفوا له أخطاء ونقائص لهم. فنظر اليهم وقال: "هكذا حال الرهبان المصريين: ان كانت لهم فضيلة يخفونها، وما ليس فيهم من الرذائل ينسبونه آلي أنفسهم". في مرة أخرى كان يعيش في برية شيهيت راهب سورى الاصل فهذا جاء آلي القديس مكاريوس وقال له: "لى سؤال يا أبى: عندما كنت في سوريا كنت أستطيع أن أصوم كثيرا وأطوى الايام صوما. أما ألان في مصر فلا أستطيع أن أكمل اليوم صوما. فلماذا؟ "وحيث أن الاديرة في سوريا كانت في المدن في وسط الناس، رد عليه القديس مكاريوس وقال له: "لقد كنت تطوى الايام صوما لانك كنت تتغذى على المجد الباطل، الذي هو مديح الناس لك أثناء الصيام والانقطاع عن الطعام. أما في البرية فلا يراك أحد، فلذلك تجوع بسرعة". لذلك قال القديسون "ان الفضائل اذا عرفت تبيد وتنتهى". لذلك كانوا يخفون فضائلهم وحكمتهم ومعرفتهم. في مرة زار ثلاثة أشخاص القديس الانبا أنطونيوس الكبير وهم القديس العظيم الانبا يوسف واثنان من الرهبان المبتدئين. فسألهم عن أحدى الايات: سأل الاول فقال له لا أعرف. وسأل الثانى فقال له أيضا لا أعرف. وبعد ذلك سأل القديس الانبا يوسف، ففكر قليلا وقال له لا أعرف. فنظر اليه الانبا انطونيوس وقال له: طوباك يا أبنا يوسف لانك عرفت الطريق آلي كلمة لا أعرف. الإنسان الذي يحب المديح يشتهى أن لا يعرف الجميع الاجابة لكي يجيب هو وحده. ولكن "المحبة لا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق" (1كو6:13). أن كنت تحب أن تظهر للناس معرفتك بهذه الطريقة، فأنت تبنى مجدك على ضياع الاخرين وجهل الناس. لذلك قال القديسون: "اذا وجدت وسط الحكماء فانصت ولا تتكلم، وان سألوك عن شىء فقل لا أعرف". واجتهد باستمرار أن تظهر عيوبك وتخفى فضائلك. فاذا أراد الله أن يظهرها فلتكن مشيئته، أما أنت فلا تظهرها على الاطلاق لئلا تأخذ أجرك من الناس. ولربنا كل مجد وكرامة آمين.. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كتاب ثمر الروح - البابا شنوده الثالث |
كتاب أحد الشعانين - البابا شنوده الثالث |
كتاب التلمذة - البابا شنوده الثالث |
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث |
محبة المديح والكرامة.pdf |