ميلاد المسيح و ميلادى

[tito227]

ميلاد المسيح و ميلادى




الجمعة 10 يناير 2014
القس بطرس سامي كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادي


قال الملاك للرعاة "لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه وُلِدَ لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو2 : 10و11)




و هى بشارة الملاك و من جميع النبوات الموجودة فى العهد القديم التى كانت تنبىء أنه يكون هناك فرح بميلاد هذا المخلص الذى لطالما إنتظرته البشرية قديماً فاليهود كانوا ينتظرون ميلاد المخلص من سبط يهوذا كما كانت الوعود بداية من الوعد الذى وُعِد به إبراهيم أنه من نسله تتبرر الأرض و لميقل من الأنسال كما ذكر القديس بولس فى رسالته لأهل غلاطية بل من نسل إبراهيم أى من شخص محدد و هو المسيحمروراً بكل النبوات المذكورة فى نبوات أنبياء كثيرين.
حتى الأمم كانوا ينتظرون هذا الحدث الهام و كانت زيارة المجوس خير دليل على ذلك فبحسب علمهم كانوا يعلمون أنظهور ذاك النجم فى السماء كان إشارة على ميلاد سماوى و لذلك أتوا بالهدايا حسب عاداتهم التى توضح أيضاً أنه حتى الأمم كانوا ينتظرون بناموس الطبيعة ميلاد المسيح، و كما تعلمون أنهم قدموا هداياهم للمولود و كانت ذهباً و لباناً و مراً، و الذهب فى الكتاب المقدس دائماً يشير للاهوت و بالتالى كانرمز لإنتظارهم هذا المولود الإلهى و اللبان رمز و إشارة للصلاة و العبادة و المر كان إشارة لآلام المسيح التى كان مزمعاً أن يتألم بها فالمر نبات عطرى له طعم شديد المرارة و له رائحة زكية جداً و هكذا كانت آلام المخلص بالمرارة التى حملها لكى ما يخلص الإنسان و الرائحة الزكية العطرة المتمثلة فى الخلاص و الحياة الأبدية التى نالتها البشرية بميلاده العجيب.
و لكن يا أحبائى أين نحن من ميلاد المسيح؟ يجب أن يفكر كل منا شخصياً فيما يعنيه ميلاد المسيح بالنسبة لنا، فميلاد المسيح يخص كل منا شخصياً فلم يكن ميلاد المسيح هو ميلاد خارج عن كل منا بل كان ميلاداً شخصياً لكل منا فى الخليقة الجديدة فكل منا مولود فى المسيح ميلاد جديد يتحقق فى المعمودية.
فالمسيح يا أحبائى يولد و يحل فى قلب كل إنسان يعتمد بالروحالقدس فمن خلال روح الله الذى يحل علينا بواسطة الكنيسة و أسرارها يحل المسيح بالإيمان فى القلب (أفسس3) و يكون هذا الحلول استكمال لما حدث و بدأ فى بطن العذراء مريم و ذلك بحسب تعاليم الكنيسة و الإنجيل و كذلك أقوال آباء الكنيسة الأولين أنه كالزرع الذى يُزرع فى قلب كل إنسان على مثال ما حل الروح على العذراء فوُجدت حُبلى بالروح القدس بالمسيح.
أما الغرض من هذا الذى حدث فى بطن العذراء فكان هو المقصود فى فكر الله منذ البدء عندما خلق الله الإنسان ليتحد به إتحاداً أبدياً "كفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك " (إش 62)و الفرح كلمة دارجة لا تعنى السعادة فقط بل نستخدمها دائماً عندما نتكلم عن الزواج فالفرح فى حياة الإنسان هو يوم زواجه و هكذا الفرح فى حياة المخلص كما ذكر النبى أشعياء أن الرب كان يسُر بأن يسحقه بالحزن كما يقول سفر نشيد الأنشاد فى آخر الإصحاح الثالث أن يوم الصليب هو يوم عُرس الرب و يوم فرح قلبه ففى هذا اليوم تحقق الهدف الإلهى أن عاد الإنسان مرة أخرى إلى قابلية الإتحاد بالله و بداية هذا كله كان فى بطن العذراء التى حدث فيها أول إتحاد للناسوت باللاهوت الذى كان الهدف الأساسى للخلقة.
فالإنسان يا أحبائى هو من يريد الله الإتحاد به فى علاقة حب أبدى و كما قال النبى هوشع متنبئاً عن يوم الصليب أنه يكون فى ذلك اليوم (يوم الصليب) " و أخطبك لنفسى بالعدل و الحق و المراحم و الإحسان" كما يقول أخطبك لنفسى إلى الأبد و كذلك أخطبك لنفسى بالأمانة فتعرفين الرب و ما هى معرفة الرب إلا معرفة محبة الرب للإنسان و فى نظر الله فالخطبة أبدية أى أن الله بالصليب يخطبنا بدمه لنفسه للحياة الأبدية فى نعيم محبته و لماذا هى خطبة لأنه فى يد كل منا كأى عروس أن تقبل هذه الخطبة أو ترفضها فأمر الإرتباط و تتميم العُرس و الفرح هو فى يد كل إنسان و حسب إرادته.
و لكن يا ترى ما هو المطلوب من كل منا كعروس للمسيح؟ هو بالضبط ما يجب أن نتعلمه من العذراء التى قبلت الوعد و آمنت بالذى قيل لها و كانت ترى الطفل يسوع ينمو أمامها و هى فى إنتظار خلاصها الأبدى بواسطته. هكذا يا أحبائى فى كل عيد ميلاد تؤمن الكنيسة أننا نستحضر الحدث تماماً تماماً على مستوى حدوثه آنذاك فمسيحنا فوق الزمان يولد فى قلب كل إنسان و لكنه يحتاج إلى الغذاء لكى ينمو كما تقول عروس النشيد مناجية الروح القدس فى الإصحاح الرابع "إستيقظى يا ريح الشمال و تعالى يا ريح الجنوب (الروح القدس) هبى على جنتى (قلبى) لتقطر أطيابها (الثمار أى المحبة و الإيمان) ليأتى حبيبى إلى جنته (قلبى) و يأكل ثمره النفيس". و هكذا ينمو المسيح داخل هذا القلب المثمر بالروح القدس لكى كما قال الرسول بولس فى غلاطية 2: 20 أن أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىَّ، و لذلك يا أحبائى فحذارى أن نظن أن ممارسة طقوس معينة أو عطاء أى وقت أو مال هو ما يخلص الإنسان إنما خلاصه و حياته الأبدية هى فى معرفة الرب المولود داخل القلوب و ذلك بأن نسمح له و نطلب روحه القدوس أن يثمر فى حياتنا لصالح الأبدية التى هى معرفة محبة الرب لنا.

[ناردين]

تامل جميل ربنا يباركك تيتو

[Mary Naeem]

مشاركة جميلة جدا

ربنا يباركك