تأملات وقراءات فى الميلاد العجيب
متى 1: 18- 25 , 2: 1- 15
لوقا 1: 26- 56 , 2: 1- 39
الجزء الثانى
مقدمة
الحقيقة ترتيب الأحداث بيبدأ بأنجيل لوقا الأصحاح الأول من عدد 26 حتى عدد 56 وبعد ذلك أنجيل متى الأصحاح الأول من عدد 18 حتى عدد 25 ,وبعد ذلك أنجيل لوقا الأصحاح الثانى من عدد 1 حتى 39 ,بعد ذلك أنجيل متى الأصحاح الثانى من عدد 1 حتى عدد 15 . فلو عدنا لأول الأصحاح فى أنجيل لوقا لرأينا معنى بشارة الملاك لزكريا بميلاد يوحنا وأهمية ولادة الأبن الذى فسرته لينا حالة زكريا وأليصابات بالرغم من أنهم كانوا بارين ومشهود ليهم من الله والناس وسالكين حسب وصايا الرب وبلا لوم إلا إن بالرغم من كده كان عندهم أحساس بالعار الشديد جدا و كان العار نتيجة عدم وجود أبن ليهم وأن برهم لم يسعفهم بأن ينزع العار منهم ,ولكن اللى نزع العار هو ولادة الأبن ,وكما نعرف أن السيد المسيح كان يلذ له أن يسمى نفسه أبن الأنسان ,لأنه جاء ليتولد من أجل كل واحد فينا ومن كل واحد فينا علشان يبقى ثمرة لكل واحد فينزع عار الأنسان الخاطى ولذلك فى العهد الجديد موضوع المرأة العاقر أنتهى لأته مبقاش فى عاقر لأن أى أنسان هو أبنه السيد المسيح وهوثمرته ولذلك سمى نفسه أبن الأنسان والحقيقة أنه أتولد أبن لكل واحد منا علشان ما يكونش حد منا عاقر ولا يكون أحد منا تحت العار لأنه جاء مخصوص لكى ينزع عارنا والحقيقة كان فى نبوءة لطيفة جدا قالها أشعياء النبى عن هذا الموضوع فى أشعياء 54: 1- 3 1 تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَمْخَضْ لأَنَّ بَنِي الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي ذَاتِ الْبَعْلِ قَالَ الرَّبُّ. 2أَوْسِعِي مَكَانَ خَيْمَتِكِ وَلْتُبْسَطْ شُقَقُ مَسَاكِنِكِ. لاَ تُمْسِكِي. أَطِيلِي أَطْنَابَكِ وَشَدِّدِي أَوْتَادَكِ 3لأَنَّكِ تَمْتَدِّينَ إِلَى الْيَمِينِ وَإِلَى الْيَسَارِ وَيَرِثُ نَسْلُكِ أُمَماً وَيُعَمِّرُ مُدُناً خَرِبَةً. ففى أشعياء 53 وكما نعرف هذا الأصحاح الشهير اللى كله نبوات عن شخص السيد المسيح وبيعلن عن الفداء والخلاص اللى صنعه المسيح وفى أصحاح 54 على طول بعد هذا الأصحاح الخلاصى بيقول ترنمى أيتها العاقر التى لم تلد ,طيب كيف تترنم وهى لم تلد دى هى فى عار حسب سلطان العهد القديم لكن بيقول لها ترنمى لأن فى زمن جديد هو زمن الخلاص أن العاقر ستترنم حتى وأن لم تلد , وكلمة تمخض يعنى لم يجىء لها أبدا آلام الولادة ولم تختبر هذا الأختبار , وبنى المستوحشة التى تعنى الوحشة وهى العاقر لأنها مرفوضة ,وأن أبناء العاقر حايكونوا أكثر من الأمرأة التى أحبها زوجها لأنها تنجب له كثيرا ,ويقول لها ربنا وسعى من مسكنك يعنى سيكون لك أولاد كثيرين وعلشان كده أعدى لهم المكان ,وهه هى المرأة العاقر التى لم تلد ولذلك كانت نبوة مبدعة جدا أنه فى زمن الخلاص أو فى وقت الخلاص الله سيصنع هذا العمل العظيم أن العاقر تستطيع أن تترنم لأن المسيح صار هو ثمرتها وتقول فى أشعياء 9: 6 6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ. وكان هذا الولد اللى أصبح ثمرة لزكريا وأليصابات هو يوحنا المعمدان اللى سماه الملاك أنه يكون عظيما أمام الرب وأن شغلته أنه يرد قلوب الآباء على الأبناء ,والعبارة دى صعبة جدا وهذا يرينا مدى حالة الشر اللى وصل لها العالم لأن المفروض أن الأباء والأبناء هم أقرب الناس لبعضهم وأشد الناس محبة ومودة ولكن بسبب الخطية والشر الآباء رفضوا الأبناء والأبناء رفضوا الأباء و صاروا فى كراهية ولكن حاييجى يوحنا يعيد ذلك الحب المفقود أو يعيد علاقة القربى ,حتى أن على مستوى الأنسان والله أصبح فى كراهية بين الأنسان وبين الله لكن حاييجى يرد قلب الأب السماوى الرحيم على أبنائه الناس البشريين وهذا كان سر عظمة يوحنا المعمدان ,يمكن لكل واحد فى العالم بتكون له متعة معينة بينبسط بيها ,ففى من يجد متعته فى الجنس أو فى الأكل أو فى الشهرة ,كل واحد بيبحث عن متع معينة ويتلذذ بيها ,لكن كانت متعة يوحنا هى فى أنه يتوب الناس وكانت فرحته أنه يرد قلوب الناس إلى الله أنه يعمل تلك المصالحة العجيبة و لذلك صار يوحنا أعظم الناس الموجودين على الأرض وفى أول الأصحاح نجد عدم أيمان زكريا أو أحساس زكريا أن الأمكانيات اللى عنده مش ممكن تحقق له هذا الوعد أدى إلى صمته وكان هذا الصمت رمز إلى سقوط البركة الهارونية أو سقوط بركة العهد القديم لأن زكريا من نسل هارون رئيس الكهنة ,فصمت زكريا معناه أنتهاء العهد القديم أنه لا يوجد عهد قديم ينطق بالبركة للأنسان مرة تانية فكان لابد أن يصمت زكريا لكى ما ينطق كلمة الله الوحيد وهو شخص السيد المسيح ,ولكن ظل زكريا فى صمته رمز للأنسان الذى لا يصدق البشارة المفرحة ,ففى أوقات كتيرة بتبقى لينا بشارة مفرحة من الله بيوصل لينا خبر طيب وسار لكن الواحد يبص لنفسه ويقول لا أنا ما أستحقش لأ الكلام ده ماأقدرش أحققه وعشان كده بيصمت ,فيوم ما الأنسان بيبص لنفسه ولأمكانياته ولقدراته وأستحقاقاته سوف يصمت مثل صمت زكريا ولكن فى نفس الوقت كان فى بشرى أخرى على مستوى آخر أروع من البشرى لزكريا وأليصابات وهى بشارة العذراء مريم .
البشارة الجليلة.
القديس لوقا أستلم هذه القصة التى لم يراها أحد ولم يسمعها أحد إلا العذراء التى هى الشاهدة الوحيدة لظهور الملاك ليها وعلشان كدة أن لوقا بيقول فى الأول قد تتبعت كل شىء بالتدقيق وكنت مع المعاينين للكلمة والخادمين للكلمة ,فكان يقصد منهم السيدة العذراء ,فهو قد أستلم قصة البشارة من العذراء مريم فسجلها لينا بذلك المنظر الجميل المبدع ,فتاه مخطوبة فى بيت يوسف النجار يظهر ليها الملاك ويكلمها ,وفى الشهر السادس هنا تعنى السادس من بشارة زكريا يعنى فرق ما بين السيد المسيح و ما بين يوحنا أن يوحنا أكبر من السيد المسيح بستة أشهر , أرسل جبرائيل الملاك الذى معناه جبروت الله أو قوة الله وقد وصف جبرائيل نفسه بأنه الواقف أمام الله وسنرى بأستمرار أن الملاك غبريال أو جبرائيل هو ملاك البشارة الذى يحمل البشارة دائما للأنسان ,فكان ظهوره سابق قبل ذلك لزكريا ومن قبل زكريا كان فى العهد القديم ظهر لدانيال النبى ليفسر رؤيا لدانيال 8: 15- 27 15وَكَانَ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَا دَانِيآلَ الرُّؤْيَا وَطَلَبْتُ الْمَعْنَى إِذَا بِشِبْهِ إِنْسَانٍ وَاقِفٍ قُبَالَتِي. 16وَسَمِعْتُ صَوْتَ إِنْسَانٍ بَيْنَ أُولاَيَ فَنَادَى وَقَالَ: «يَا جِبْرَائِيلُ فَهِّمْ هَذَا الرَّجُلَ الرُّؤْيَا». 17فَجَاءَ إِلَى حَيْثُ وَقَفْتُ. وَلَمَّا جَاءَ خِفْتُ وَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. فَقَالَ لِي: «افْهَمْ يَا ابْنَ آدَمَ. إِنَّ الرُّؤْيَا لِوَقْتِ الْمُنْتَهَى». 18وَإِذْ كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعِي كُنْتُ مُسَبَّخاً عَلَى وَجْهِي إِلَى الأَرْضِ فَلَمَسَنِي وَأَوْقَفَنِي عَلَى مَقَامِي. 19وَقَالَ: «هَئَنَذَا أُعَرِّفُكَ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ السَّخَطِ. لأَنَّ لِمِيعَادِ الاِنْتِهَاءَ. 20أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ. 21وَالتَّيْسُ الْعَافِي مَلِكُ الْيُونَانِ وَالْقَرْنُ الْعَظِيمُ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ الْمَلِكُ الأَوَّلُ. 22وَإِذِ انْكَسَرَ وَقَامَ أَرْبَعَةٌ عِوَضاً عَنْهُ فَسَتَقُومُ أَرْبَعُ مَمَالِكَ مِنَ الأُمَّةِ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قُوَّتِهِ. 23وَفِي آخِرِ مَمْلَكَتِهِمْ عِنْدَ تَمَامِ الْمَعَاصِي يَقُومُ مَلِكٌ جَافِي الْوَجْهِ وَفَاهِمُ الْحِيَلِ. 24وَتَعْظُمُ قُوَّتُهُ وَلَكِنْ لَيْسَ بِقُوَّتِهِ. يُهْلِكُ عَجَباً وَيَنْجَحُ وَيَفْعَلُ وَيُبِيدُ الْعُظَمَاءَ وَشَعْبَ الْقِدِّيسِينَ. 25وَبِحَذَاقَتِهِ يَنْجَحُ أَيْضاً الْمَكْرُ فِي يَدِهِ وَيَتَعَظَّمُ بِقَلْبِهِ. وَفِي الاِطْمِئْنَانِ يُهْلِكُ كَثِيرِينَ وَيَقُومُ عَلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ وَبِلاَ يَدٍ يَنْكَسِرُ. 26فَرُؤْيَا الْمَسَاءِ وَالصَّبَاحِ الَّتِي قِيلَتْ هِيَ حَقٌّ. أَمَّا أَنْتَ فَاكْتُمِ الرُّؤْيَا لأَنَّهَا إِلَى أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ». 27وَأَنَا دَانِيآلَ ضَعُفْتُ وَنَحَلْتُ أَيَّاماً ثُمَّ قُمْتُ وَبَاشَرْتُ أَعْمَالَ الْمَلِكِ. وَكُنْتُ مُتَحَيِّراً مِنَ الرُّؤْيَا وَلاَ فَاهِمَ. وبعث مرة أخرى فى زيارة لنفس النبى ليعطيه فهما وليعلن له نبوة السبعين أسبوعا 9: 21- 22 21وَأَنَا مُتَكَلِّمٌ بَعْدُ بِالصَّلاَةِ إِذَا بِالرَّجُلِ جِبْرَائِيلَ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الرُّؤْيَا فِي الاِبْتِدَاءِ مُطَاراً وَاغِفاً لَمَسَنِي عِنْدَ وَقْتِ تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ. 22وَفَهَّمَنِي وَتَكَلَّمَ مَعِي وَقَالَ: «يَا دَانِيآلُ إِنِّي خَرَجْتُ الآنَ لِأُعَلِّمَكَ الْفَهْمَ.ودانيال ده موضوع تانى سنتطرق له لاحقا. أرسل الله جبرائيل لمدينة الناصرة وكانت العذراء فى ذلك الوقت بلغت أكثر من 12 سنة وكانت لابد أن تفارق الهيكل فكان من ضمن ترتيب الكهنة ليها أنها تنتقل إلى شيخ ويقول التقليد أن عصا يوسف النجار هى اللى أفرخت علشان أعلان أن ربنا قال أن يوسف النجار هو الذى يأخذ العذراء مريم عنده فى بيته وكان فى ذلك الوقت يوسف النجار بلغ من العمر حوالى 97 عاما كما يقول التقليد ,لمدينة الناصرة ,وبالرغم من كدة كانت الناصرة على مستوى اليهودية وعلى مستوى فلسطين معروف عنها أنها بلد الظلمة أو بلد الخطية والأسم لبعدها عن الهيكل حتى أننا بنشوف فى أنجيل يوحنا حديث فيلبس ونثنائيل يوحنا 1: 46 46فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ».وكلمة ناصرة معناها نضر بمعنى غصن وبنلاقى نبوات كتيرة بتتكلم عن المسيح أن هو الغصن , ينبت غصن من داود وعلشان كده سمى المسيح بالناصرى ,كانت الخطبة بالضبط تعادل الزواج حاليا بمعنى أن الخطوبة حاليا مجرد تلبيس دبل لكن أيام يوسف والعذراء مريم كانت تعنى عقد زواج مكتوب ولو أرادوا أن يحلوا الخطوبة لابد أن يحدث طلاق مش فسخ خطوبة لأ يحصل طلاق ولو مات الخطيب كانت تعتبر المخطوبة ليه أرمله عذراء وأسم زوجها مدعو عليها وهى تبع هذا الزوج اللى مات فتسمى أرملة عذراء وكان هذا تدبير ربنا أن العذراء مريم تكون تحت رعاية رجل علشان لما تظهر علامات الحبل عليها ما ترجمش حسب شريعة اليهود ,وقال لرجل من نسل داود أو النسل الملوكى ,وأحنا عارفين أن داود كان فقد نسله كرسى المملكة من أول سبى بابل ,لما سبى شعب الله فى بابل ورجعوا مرة تانية ,لم يجلس أحد على كرسى داود للحكم ولكن صار شوية ولاه بيتبادلوا حكم شعب أسرائيل حتى أن فى مجىء السيد المسيح كان اللى جالس على كرسى الحكم هيرودس الكبير الذى لم يكن من نسل داود ولا حتى كان من نسل اليهود لأنه كان من نسل عيسو وكان أدومى ,فكان كرسى بيت داود أو كرسى الملوكية خالى لكن كان يوسف من بيت ومن أسرة داود ,وأسم العذراء مريم وهنا معلمنا لوقا والوحى الإلهى يقدم لنا عن ميلاد المسيح من العذراء أو الميلاد العذراوى ,ففى وقت معين بدأت السماء تتدخل بطريقة معينة لكى ما تتمم الوعود التى وعد الله بها الآباء والأنبياء من قبل كده من أجل خلاص الأنسان /ن أول وعد أخذه آدم أن نسل المرأة يسحق رأس الحية وأستمروا حوالى 5500 سنة منتظرين أن يتم هذا الوعد وأن الأنسان يتحرر من سلطان الشيطان ,إلى أن جاء فى الوقت المعين كل مواعيد الخلاص وبشرى الخلاص والفرح وتدفقت فى بشارة الملاك للعذراء مريم ,لكن الحقيقة أن حتى المسيح فى بشارته كان مخلى ذاته جدا ,والآية التى قيلت عن المسيح أخلى ذاته آخذا شكل عبد وهى تعنى أنه تخلى عن كل مجد وإكرام وحتى فى بشارة العذراء كانت البشارة متواضعة جدا,ونجد يوحنا لما جاء الملاك يبشر بيه كان أبوه زكريا فى وسط الهيكل و الناس كلها حاضرة وواقفة وشايفة وفهمت أن زكريا رأى رؤية وأحست بعظمة هذه الرؤيا وبمجد هذه الرؤيا و هذه البشارة ,لكن فى بشارة المسيح لم يكن أحدا موجودا غير العذراء مريم , و حتى لم تستلم البشارة فى الهيكل وهناك بعض الصور بتترسم غلط بترسم العذراء موجودة فى الهيكل والملاك بيبشرها ,الحقيقة لأ لأن العذراء تلقت البشارة فى الناصرة فى بيت يوسف ومحدش سمع بالبشارة دى ولا أحد حس بيها ولا حتى كان يدرى بيها ,حتى يوسف النجار اللىى لم يدرى بيها إلا بعدين ,فى أخلاء ذاتى عجيب جدا وفى طريقة متواضعة جدا يظهر الملاك غبريال للعذراء مريم ويعطيها البشارة بأبن الله والحقيقة أن الله له توقيتات معينة لصنع كل أمر من الأمور لما قال بولس الرسول فى غلاطية 4: 4- 5 4وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ،5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّى. فى ملىء الزمان يعنى الله له زمن معين وتوقيتات معينة ولو شفنا مزمور 102: 12- 13 12أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَى الدَّهْرِ جَالِسٌ وَذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 13أَنْتَ تَقُومُ وَتَرْحَمُ صِهْيَوْنَ لأَنَّهُ وَقْتُ الرَّأْفَةِ لأَنَّهُ جَاءَ الْمِيعَادُ.مزمور 102 مزمور جميل للبشارة ,بيقول أنت جالس ومستقر وكل الأمور ثابته عندك لكن أنت تقوم وستتحرك لتتدخل فى التاريخ البشرى لكى ترحم صهيون لأنه جاء الميعاد ,يعنى فى ميعاد معين عند ربنا وتوقيت معين لله فى ملىء الزمان الله بيقوم ويتدخل ليرحم (صهيون)البشرية كلها أو الكنيسة كلها وهنا جاء ميعاد أنتهاء أزمنة شقاء الأنسان وتغربه عن الله , وجاء ميعاد أنتهاء العداوة التى كانت بين الأنسان وبين الله بسبب الخطية ,فجاء وقت الرأفة وأن الله يقوم ويرحم البشرية كلها ,وفى هذا الوقت جاء حبرائيل للعذراء مريم ,وكما قلت أن الله دائما يجرى أعماله بالترتيب الكامل والأتقان التام ,على خلاف الأنسان الذى يتعب فى ضبط أعماله وتراه دائما مجتهدا مضطربا كأنه يحمل ثقلا فوق طاقته ,وأما الله القدير الحكيم فيتقدم لأنشاء أعظم الأعمال بغاية الهدوء كما يليق بجلالته وكان الوقت قد حان لتجسد أبنه , فنرى أن كل شىء معدا لتلك الحادثة العظيمة ,وكان بعنايته قد هيأ العذراء المغبوطة بالنعمة ,فكانت فى الحالة المناسبة لتنفيذ مقاصد الله بواسطتها ,كانت مخطوبة لرجل من بيت داود وكان الله قد أختارها لتكون الأناء الذى يتم به وعده القديم وفى الوقت المعين أرسل الملاك جبرائيل ليبلغها مشيئة الله ,وكانت زيارات الملائكة معروفة عند اليهود لأن الله أستخدمهم كثيرا لخدمته فى أثناء النظام القديم , فدخل أليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها , والحقيقة أن الذى يميز ظهورات الملايكة و الظهورات السماوية الحقيقية هو موضوع السلام ,وفى هذه اللحظات تزاحمت كل مواعيد الله الصادقة والأمينة وكل الوعود اللى ربنا أعطاها لأبراهيم وأسحق ويعقوب وموسى وداود ولكل الأنبياء تزاحمت علشان تيجى وتحل على رأس السيدة العذراء مريم وتتم فيها كل المواعيد وكل الوعود ,لقد كانت الملائكة غالبا يظهرون مقصد إرساليتهم وكلامهم أثناء تحيتهم ,فالملاك الذى ظهر لجدعون سلم عليه كجبار بأس بحيث أن الله كان قاصدا أن يستخدمه لضرب أعدائه ,وأما الذى ظهر لدانيال فسلم عليه كالرجل المحبوب بحيث أنه كان متذللا وحزينا من جهة سوء حالة شعب الله فكان الله قاصدا أن يعلن مقاصده فيهم ,اما تحية حبرائيل لمريم فتناسب البشارة التى أستخدم لتبليغها لها بحيث أن الله أنعم عليها نعمة خصوصية إذ أختارها أن تكون أم المسيح بالجسد وكان ذلك بركة عظيمة جدا كما لا يخفى ,قال الملاك (سلام لك أيتها المنعم عليها) أو الترجمة الصحيحة او الأدق الممتلئة نعمة التى نصليها دائما فى التسبحة وحنشوف سر أمتلائها بالنعمة من حلول الروح القدس عليها ,والحقيقة أن النعم اللى أنسكبت على العذراء مريم ,لم تكن نعم خاصة بالعذراء مريم فى حد ذاتها لكن نعم كانت منسكبة على البشرية كلها وتعطفات الله ناحية البشرية كلها ,وبعدين قال الملاك (الرب معك) يعنى معية الرب وحضوره فى حياتها ,وبعدين قال (مباركة أنت فى النساء) أو الترجمة الأدق مباركة أنتى أكثر من جميع النساء ,وبعدين العذراء أضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية ,ووضع طبيعى للأنسان اللى عايش باللحم والدم أنه لما يرى رؤى سماوية أنه يضطرب وأضطرابها الأكثر أيه معنى هذا الكلام ويعنى أيه ممتلئة نعمة ويعنى أيه الرب معكى ويعنى أيه مباركة أنتى فى النساء وأيه هدف هذا الكلام وأيه معناه ,وهذا الذى سبب أضطراب فى ذهن العذراء مريم ,والملاك كان سلم عليها بكلام غير معتاد أن يسمع يدل على أنها مزمعة أن تكون مباركة وممتازة بين النساء ولكنه كان مبهما غير مفصل ,ولذلك تحيرت من جهة معناه وخافت أيضا , ولذلك قال لها الملاك (لا تخافى يا مريم ),هنا الحضرة الإلهية بأستمرار تنزع الخوف من حياة الأنسان ,وبعدين يقول (لأنك قد وجدتى نعمة عند الله) ,الله أعدها لكى يتجسد منها ولكن الله أعدها لأنها هى سبقت وأعدت نفسها ليه وهذا كان قرارها أنها تحيا عذراء وبالنسبة للناس الللى بيدققوا فى الكتاب المقدس ,كلمة عذراء تعنى معنيين فى اليونانية :- 1-كلمة ألما 2-كلمة بتولا والأثنين بينهم فرق ,وكلمة ألما وهى التى سميت بيها مريم العذراء أو مريم ألما يعنى فتاه غير متزوجة لكن فى سن الزواج وتستطيع أنها تتزوج وهذا ما أنطبق على العذراء مريم ,وكلمة بتولا تعنى هى بنت صغيرة وليست فى سن الزواج ,ولذلك العذراء تسمى ألما ,ويقول الملاك (وها أنتى ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع) وهنا تستلم العذراء أسم المسيح من قبل أن تحبل به (يسوع) وهى تعنى مخلص ويقول لها لأنه يخلص شعبه من خطاياه وكلمة يسوع كلمة معروفة عند اليهود لأنهم متعودين على كلمة يشوع أو يهوه مخلصى أو الله مخلصى ,فهو سمى من البطن والعجيب أيضا نجد أن نبوات العهد القديم بتكلمنا عن هذا الموضوع ففى أشعياء 49 : 1 1 اِسْمَعِي لِي أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ وَاصْغُوا أَيُّهَا الأُمَمُ مِنْ بَعِيدٍ: الرَّبُّ مِنَ الْبَطْنِ دَعَانِي. مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي ذَكَرَ اسْمِي ولذلك المسيح سمى وهو فى أحشاء العذراء مريم ,وكما نرى حتى الأشياء البسيطة ليها خلفية ونبوات فى العهد القديم وهنا واضحه النبوة عن المسيح انه يسمى من قبل أن يحبل به ومن قبل أن يولد وأيضا فى أشعياء 7: 14 14وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». بيتكلم عن ميلاد السيد المسيح من الألما أو العذراء حتى أن سمعان الشيخ لما أراد أن يكتب هذه الآية شك فيها وقال أزاى واحدة من غير زواج تحبل وتلد أبن فأحب أن يضعهاالسيدة لكن الروح القدس منعه وقال له أنك ستظل على قيد الحياة حتى ترى ذلك الموضوع يتحقق ,وأيضا موضوع بتولية العذراء على طول وهو من المواضيع المهمة جدا ,أن العذراء ليست فقط ولدت المسيح وهى عذراء لكن أيضا ستظل عذراء وهذا ما نراه فى حزقيال 44: 1 , 2 1 ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مُغْلَقٌ. 2فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً.بتولية العذراء الدائمة ,وأن ميلاد المسيح لم يحل بتوليتها وستظل دائما بتول وباب المقدس هو العذراء مريم وهو الذى سيمر بيه ربنا والباب مغلق ,وبالرغم من أن ربنا دخل منه لكن هذا الباب مغلق وسيكون مغلقا وهذا هو الأشارة إلى بتولية العذراء الدائمة البتولية ولذلك نحن نقول عنها هذا التعبير ,ولكن لما قال لها الملاك ها أنتى ستحبلين وتلدين ,هذا هو الذى أثار فكر العذراء مريم لأن العذراء مريم قررت أن تنذر نفسها لله وأنها تكون مكرسة لربنا ولا تتزوج ,وبعدين الملاك بيقول لها ستحبلين وتلدين معناها أنها لابد أن تتزوج ,فكيف يكون هذا وهى كرست للرب نفسها كلية وهذا ما سيجيب عليه بعد كده لما حا تسأله ,وهنا الملاك بيعطيها بعض التعريفات عن هذا الأبن يسوع ويسترسل ويقول هذا يكون عظيما وأبن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ,ولو ركزنا فى هذه الآية نلاحظ هنا سر التجسد كله أو أتحاد اللاهوت بالناسوت .,طيب ليه؟ لأنه بيقول أبن العلى ويعنى بذلك أبن الله (اللاهوت) وفى نفس الوقت يعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ( الناسوت) وهنا داود أبوه حسب الجسد ,وهنا نرى لاهوت المسيح المتحد بناسوته ,وفى هذا الوقت يتم القسم الذى أقسم به ربنا لداود كما فى مزمور 132: 11 11أَقْسَمَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ بِالْحَقِّ لاَ يَرْجِعُ عَنْهُ: «مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ عَلَى كُرْسِيِّكَ. وكما قلت أن نسل داود لم يستمر إلى الأبد على كرسى أورشليم لأن أورشليم نفسها قد خربت لكن يتم هذا الوعد من خلال المسيح ,ويسترسل الملاك ويقول ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية ,وهذا هو ملكوت المسيح الدائم إلى الأبد .
ونستنتج مما قلنا أن الله كان مزمعا أن يستخدم العذراء بطريقة عجيبة جدا لأجل أجراء مقاصده الأزلية ,ولكنه لم يخفى الملاك فى تحيته مركز العذراء وكرامتها إذ قال لها لأنك وجدتى نعمة عند الله ,وهنا نجد أن السماء تتجه نحو الأرض من أجل فرح الأنسان ,بل أن الله نفسه يتجه للإنسان فى نعمة سامية تعلو فوق كل شىء وتسمو فوق أفكار الأنسان كسمو السماء عن الأرض ,والحقيقة مريم لم تكن مثل زكريا عندما ظهر لها الملاك ,فقد ظهر الملاك لزكريا نتيجة صلوات خاصة وإختبارات خاصة ,أما العذراء فنتيجة فيضان النعمة المتبادل بينها وبين الله ,هى وجدت نعمة عنده وهو وجدها نعمة وبركة للعالم كله ,لم تفكر العذراء فى ذاتها كما فكر زكريا فى ذاته فقاده ذلك لعدم الأيمان ,وإذ لم يكن لها التفكير فى ذاتها على الأطلاق سلمت نفسها لله لكى تصبح الأناء الذى يعمل به الله بحسب أفكار نعمته الفائضة ,لقد وجدت نعمة عند الله ,ولو نظرنا فى سفر التكوين 6: 8 نجد ربنا بيقول 8وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.,وأما قلب مريم فكان مجهزا لتقدير هذه النعمة العظيمة ,ثم تعين لها أسم الأبن المزمع أن تلده وهو يسوع وهذا هو اسمه الشخصى كالمولود من مريم ., ,اما يسوع فيكون عظيما إذ ينتسب إلى العلى والرب الإله يعطيه كرسى داود أبوه من ناحية الجسد ,وأما من جهة مله المذكور هنا فهو على بيت يعقوب فقط , وأن ملك الرب يسوع على بيت يعقوب يشير إلى تدريباته الإلهية للمدعوين المختارين إلى أن يصبحوا تحت تأثير النعمة الإلهية وهكذا يملك عيهم وملكه هو إلى الأبد ,لقد أحتاج يعقوب إلى حياة تدريب طويله وكان يحتاج إلى التقويم والتأديب وعامله الله بمقتضى نعمته وأمانته ,ولم يتركه إلا بعد أن وصل يعقوب إلى ما يريده الله أن يصل أليه إذ قال له لن أتركك حتى أفعل ما كلمتك به ,وقول الملاك عنه أن ملكه يكون إلى الأبد وبلا نهاية يعنى أنه يدوم ما ما دام بيت يعقوب موجودا على الأرض فى حالة يحتاج إلى الحكم ,ولا يخفى أيضا أن بيت يعقوب كان موجودا هنا على الأرض وليس فى السماء .
أن أسم يسوع فيه التعبير الكامل عن النعمة الإلهية غير المحدودة فيسوع كما قلت تعنى الله يخلص ,أنها النعمة ,وكل النعمة تركزت فى ذلك الأسم وأصبح الله الأبن أنسانا لكى يعرف البشر نعمة الله ,لقد حمل ربنا يسوع المسيح معه إسمه الكريم الأبن إلى حالة التجسد ,ففى اللاهوت كان الأبن (الله الأبن) وفى الجسد كان (أبن الله) ,وفيه وجد الله سروره ,وبه أستطاع الله أن يستحضرالناس إلى حالة البنوة ويعطيهم الحياة الأبدية ,وكان فى هذا سرور الله ,وكما جاء فى غلاطية 4: 4- 5 4وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ،5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. نحن الآن نعيش فى الوقت الذى تكلم عنه هذا العدد ,وهو الوقت الذى أتجهت نعمة الله السامية للأنسان ,وقت ملء أفكار الله لبركة الأنسان إن هناك ولدا مولودا أو أبنا معطى وفيه أسمى ما يمكن للأنسان مع نعمة وبركة وغنى وكرامة ,وفيه أيضا أو فى الأبن وجد الله سروره وشبع قلبه ,أذ فيه أستطاع أن يحسن الله للإنسان بكل ما فى قلبه وفى مقاصده ,وقد يتسائل البعض لماذا سمح الله للخطية بالدخول مع أنها بغيضة أمامه؟ ,بالحقيقة يحب أن نعرف أن الله يستطيع أن يعطى تعبيرا عن نعمته غير المحدودة للخاطى بطريقة واضحة كاملة , فالخطية أعطت الرب فرصة أن يعرفه الكل فى نعمته الفائقة ونتيجة لذلك أصبح له مؤمنون بإسمه وبعمله الكفارى العظيم ,وكل هذا يرينا المكان الممتاز الذى للأنسان فى أفكار الله والأبن المرسل من الله مولودا من أمرأة كان هو المعبر عن أفكار الله بالنسبة للأنسان.
وقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا , ونلاحظ هنا الفرق الكبير بين السؤال الذى سألته العذراء مريم وبين السؤال الذى سأله زكريا الذى قال كيف أعلم هذا ,يعنى أعطينى علامة أن هذا سيتم 18فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هَذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟»,ولكن العذراء قالت كيف يكون هذا وأنا كرست نفسى كلية للبتولية وللعذراوية فكيف أحبل وألد ,وهذا ليس بتشكك فى قول الله أو فى قول الملاك لها مثل ما كان عدم تصديق زكريا ولكن هذا لطلب مزيد من المعرفة ,يعنى كيف يحدث هذا وماذا أفعل لكى يحدث هذا ,فهى لم تطلب علامة مثل زكريا تؤكد هذا الكلام ولكن كل اللى طلبته أنها تعرف وتفهم لكى تعرف ماذا يجب أن تفعله لئلا تقصر بجهلها عن القيام بواجباتها كما ينبغى ,وكيف يحدث هذا وكيف أحبل وألد وأنا عذراء وأنا لست أعرف رجلا ,وكان لابد أن يأتى السيد المسيح بطريق غير الزرع البشرى أى لا يكون له أب وأم مثل كل البشر لئلا يوجد فى الخطية لأن زرع البشر أرتبط بخطية آدم وحواء ولذلك جاء من أمرأة فقط ,لكنه لم يأتى من نسل رجل ,وهنا أجابها الملاك الروح القدس يحل عليكى وقوة العلى تظللك ,والدليل أن سؤال العذراء كان عدم شك أو عدم تصديق أن الملاك جاوب ليها عن الموضوع وقال لها أن ما سيحدث من نعمة الروح القدس الذى سيحل عليكى وهو الذى سيكون الجنين فى أحشائك ,وقوة العلى تظللك ,يعنى تحتضنها ويسترسل الملاك ويقول فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى أبن الله ,وكلمة القدوس دى مش مجرد لقب أو أسم ,لكن القدوس تعنى كيان إلهى من كيان إلهى لأن الطبيعة الإلهية هى القداسة والله قدوس ولذلك قال الملاك القدوس المولود منك ومش مجرد لقب بيلقوه على المسيح ,لكن هذا كيان ,هو كيان المسيح كيان القداسة فى ذاتها ,ولما قال قوة العلى تظللك أو تحتضنك لأن المسيح اللى حايخرج من الحضن الإلهى ,لأن كما يقول فى يوحنا 1: 18 18اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.سيخرج من الحضن الإلهى وقد خرج ولايزال داخل الحضن الإلهى ,يعنى خرج من حضن الآب وهو مازال فى حضن الآب ولذلك قوة العلى تظللك ,والحضن مازال يحتويه ولذلك المسيح قال فى يوحنا 3: 13 13 وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاء .يعنى الحضن مازال محتويه ,كلمة أبن الله فى الحقيقة كانت بتثير بعض التعب بالنسبة لبعض الناس والكلمة صعبة فى حد ذاتها وأن بعض الناس مابتقبلهاش وبتقول أزاى يكون أبن الله ,هو الله بيولد , وهو الله بيتجوز وبيخلف ,أذا لازم نفهم معنى كلمة أبن الله لأن البنوة قد تكون شىء من ثلاثة أشياء :- (1) بنوة طبيعية وهى بيكون فيها أب وأم بيتزوجوا وبينجبوا أبن ,وهذه البنوة بيكون فيها تعدد يعنى فى أب وأبن يعنى حاجتين وليس حاجة واحدة وفى أنفصال أى الأب كيان والأبن كيان آخر ,وفى فارق زمنى يعنى الأب أكبر من الأبن ,وهذه هى البنوة الطبيعية اللى كل الناس بتعرفها (2) بنوة أنتسابية ,بمعنى يقولوا فلان أبن مصر ,وهنا مصر ليست كيان ولد فلان ولكن معناها أن فلان ينتسب إلى مصر ومثال آخر أبن النيل وليس معناها أن النيل أنجب ,لكن معناها أن فلان ينتسب إلى النيل وهذه البنوة أيضا فيها أنفصال وفيها كيانين بمعنى أن النيل حاجة والأبن حاجة تانية (3) بنوة ذاتية ,وهى كبنوة الأبن للآب ,وهى عكس البنوتين السابقتين ,يعنى لا يوجد فيها أنفصال ولا يوجد فيها تعدد يعنى مش كيان وكيان لأ لكن هما كيان واحد ولا يوجد أيضا فيها فارق زمنى ولا يوجد فيها واحد أكبر من التانى والمثال عليها كولادة النور من النور ,يعنى وقمنا بتوليع شعلة الآن ’فهذه الشعلة ستتكون ويخرج منها شعاع من النور ولا أستطيع أن أقول دى حاجة ودى حاجة ,فالأثنين كيان واحد ولا أستطيع أن أقول دى نار ودى نار ,ولا أستطيع أن أفصلهم عن بعض ,ولوفصلت الشعلة عن الشعاع فلا يكون للكيان وجود ,أذا فلا أستطيع أن أفصل الشعلة عن الشعاع ولا يوجد فارق زمنى ففى اللحظة التى وجدت فيها الشعلة وجد فيها الشعاع ,نلاحظ أننا فى قانون الأيمان بنقول نور من نور ,وإله حق من إله حق ,أذا البنوة الذاتية هى المقصود بيها كلمة أبن الله وليس فيها تعدد يعنى مش أتنين وما فيهاش أنفصال يعنى مش ده كيان والآخر كيان منفصل عنه ,وأيصا مافيهاش فارق زمنى ,فالآب أزلى أبدى والأبن أزلى أبدى ولذلك يدعى أبن الله والبنوة جائت من خروج الأبن من الآب ,مثل ولادة الشعاع من الشعلة ,وأيضا كقرص الشمس ,ووجد قرص الشمس فى السماء ووجدت أشعة الشمس معه ولا أستطيع أن أقول دول شمسين ولا أستطيع أن أفصل القرص عن أشعته ,واللحظة التى يوجد فيها القرص هى اللحظة التى بيوجد فيها شعاعه ,ولذلك قال لها الملاك القدوس المولود منك يدعى أبن الله ,كلمة القدوس وليست القديس ,لأن القدوس هذا كيانه وطبعه أى شىء ماهواش مكتسب ,لكن ده شىء هو طبيعته وكيانه أنه قدوس ,والعجيب هنا أن العذراء مريم لم تطلب أى علامة لتأكيد هذا الوعد , لكن الملاك أعطاها علامة ,وعلى العكس تماما زكريا اللى طلب علامة فأخذ الصمت ,والعذراء لم تطلب شىء لكن الملاك أعطاها علامة تأكيد لهذا الكلام وهى ( وهوذا أليصابات نسيبتك هى أيضا حبلى بأبن فى شيخوختها) ونفهم هنا كيف العذراء مريم بتكون نسيبة أليصابات بالرغم من أن العذراء من سبط يهوذا وأليصابات من سبط لاوى ,وسبط لاوى لا يتزوج من خارج سبطه ,وهذا حدث أيام هارون أخو موسى أن هارون اللى من سبط لاوى تزوج بنت عميناداب اللى هى من سبط يهوذا وبهذا تناسب وأرتبط السبطين بعضهم مع بعض وهذا كان قبل نزول الشريعة فى سفر الخروج الأصحاح السادس ,وهو أعطاها العلامة بأن أليصابات حبلى فى شيخوختها , يعنى بالرغم من شيخوختها وعجزها إلا أن الله أعطاها ثمرة بطنها ويسترسل الملاك ويقول (وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا لأنه ليس شىء غير ممكن لدى الله ) يعنى كانت عاقرة ولكنها الآن ليست عاقرة ,وفى هذه الآية كل الرد على الإستفسارات وعلى كل الصعوبات اللى الأنسان بيلاقيها فى صعوبة الفهم لسر التجسد ,فأذا كان فى حاجة أنت مش قادر تفهمها فهذه الآية بتجاوب لك عليها (لأنه ليس شىء غير ممكن لدى الله) لأن الغير مستطاع عند الناس مستطاع عند الله ,والمستحيل عند الناس هو غير مستحيل عند الله ,يعنى لما ييجى وقت الرأفة ولما ييجى الميعاد كل شىء يتم فوق ما يتوقع الأنسان وفوق ما يريد الأنسان , فقالت مريم (هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك فمضى من عندها الملاك ) وكما نرى كان رد العذراء مريم أنا خدامة ربنا ,زى ما يكون هو عايز أنا طوع أمره وهذا أعطت مثال أنها غلبت الكاهن اللى شك بالرغم من أن أمرأته متزوجها وشعر بأستحالة أن الزوجة تلد ,بينما مريم آمنت أن العذراء تلد ,وهنا كان موقف العذراء أصعب و يمكن زكريا الكاهن كان أمامه نموذج قبل كدة مرات كثيرة ,وناس كانوا وصلوا لسن اليأس وربنا أعطاهم نسل وده مش نموذج واحد دول نماذج كثيرة مثل أبراهيم وسارة ومثل ممنوح وأمرأته أم شمشون ومثل شخصيات كثيرة ظهرت فى العهد القديم ,ولكن لم توجد شخصية كانت عذراء وولدت قبل كدة ,وهنا الكاهن شك فى أنجاب زوجة بينما البتول العذراء آمنت فى طاعتها المطلقة لعمل الله فى حياتها ,وكانت النتيجة أن زكريا صمت نتيجة شكه بينما العذراء لم تصمت بينما نطقت بالكلمة المتجسدة ,كلمة الله الناطقة حبلت بيها العذراء لما قالت أنا أمة الرب ليكن لى كقولك , و الحقيقة أن الكلمة التى نطقتها العذراء عاشت على مستواها بأستمرار وعمرها ما قالت لربنا لأ فى أى ظرف من الظروف وكانت بأستمرار بتقول لربنا نعم ,بيقولها عذراء وتحبلى وحيشكوا فيكى , تقول له نعم ويقول لها حتهربى لأرض مصر وحتتحملى مشاق السفر والتعب تقول له نعم ,ويقول لها يا أمرأة سيجوز فى نفسك سيف تقول له نعم وحايقولوا على أبنك أنه مجنون ومختل العقل وبعلزبول رئيس الشياطين وحيصلبوه قدامك تقول له نعم ,نعم ,ثم نعم ,ثم نعم وكانت حياة العذراء عبارة عن سلسة من النعم وعمرها ما قالت لربنا لأ ,وكم فى مرة من المرات أحنا بنعجز نقول لربنا نعم بينما حياتنا كلها عبارة عن سلسة من لأ ,لأ ,ثم لأ ..قدام الله ,وتقول ليه يارب أنت بتعمل كده مش أحنا ,طيب ما تشوف حد غيرنا ,وليه بتسمح بكدة ,سلسلة من التذمر وعدم الطاعة , ولكن العذراء مريم مثلت البشرية التى أرادها الله ,ويمكن أعلان مولد طفل فى ظروف بشرية مستحيلة أتذكر مرات كثيرة فى الكتاب المقدس وتقابل بردود فعل مختلفة ,فمثلا أبراهيم لما ربنا وعده بطفل ,أبراهيم لم يعمل شىء سوى أنه ينتظر ,وسارة لما ربنا قال لها حيكون لكى أبن فى السنة القادمة ضحكت ,وممنوح لما الملاك ظهر له وقال له حيكون لك أبن خاف وأتذعر وزكريا لما الملاك قال له حيكون ليك أبن شك ,لكن العذراء لما قال لها حيكون ليكى أبن ,خضعت وآمنت لكى يتم ما قيل لها من قبل الرب وعلى حسب العلامة التى أستلمتها العذراء من الملاك جبرائيل .
وإلى هنا تمت التأملات فى البشارة الجليلة المفرحة والى اللقاء مع الجزء الثالث راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.
أخوكم +++ فكرى جرجس