رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انتقلت مبادىء الرهبنة من مصر إلى سوريا بواسطة (هيلاريون) أحد أهالي فلسطين، الذي تخرّج في مدارس الإسكندرية، وكان تلميذاً للقديس أنطونيوس. ولما عاد إلى بلاده سنة 310م اتخّذ له منسكاً بقرب غزة تقاطر إليه الناس من فلسطين وسوريا، وبلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف راهب. وكانت نياحته سنة 356م. وكذلك انتقلت الرهبنة إلى العراق بواسطة (أوجين)، الذي كان تلميذاً للقديس باخوميوس. وقد اشتهر في هذه الجهات بالراهب (إبرآم السرياني) الذي وُلد بنصيبين في أوائل القرن الرابع. وكان في صغره طائشاً يظن أن الأمور تجري في العالم بطريق الصدفة. وقد خرج يوماً إلى حقل، ورأى هناك بقرة لفقير فطاردها إلى أن اختفت وأكلتها الذئاب. ولما قابله صاحبها وسأله عنها رد عليه رداً جافاً. وبعد نحو شهر من هذه الحادثة، تأخّر عن منزله واضطرته الحال إلى أن يبيت عند أحد الرعاة، الذي كان سكراناً من الخمر، فنام نوماً عميقاً، وهجمت الذئاب، فأكلت الأغنام، ولما جاء صاحب الغنم صباحاً ليتفقدها وجدها بهذه الحال. فقُدم الراعي وإبرآم إلى القاضي، الذي أودعهما السجن تحت المحاكمة. وتصادف أن كان معهما في السجن إنسان متهم بالقتل وآخر بالزنى وهما بريئان أيضاً مما نُسب إليهما. وبعد أسبوع ظهر ملاك الرب لإبرآم في السجن وسأله عن سبب وجوده فيه، فأظهر براءته، ولكن الملاك أوضح له أن ما عمله مع بقرة الفقير هو السبب في وجوده داخل السجن. وأن زميليه في السجن قد ارتكبا خطايا في ظروفٍ أخرى؛ فكل الأمور مدبّرة بحكمةٍ من الله. ثم حان اليوم المحدّد، لنظر هذه القضايا. فحكم القاضي على بعضهم بالجلد الشديد ثم أودعهم السجن، فتأثّر إبرآم من ذلك، وصلّى لكي يُنجيه الله من هذه الضربات الشديدة، ووطّد عزمه على أن يعيش لله. وبعد نحو شهرين من سجنه ظهر له الملاك ثانيةً في حلمٍ وأنبأه، أنه سينجو من الجلد بشرط أن ينفذ ما تعهّد به. وفعلاً صدر حكم القاضي ببراءته. فذهب إلى القديس يعقوب أسقف نصيبين، الذي أرشده إلى حياة التنسّك. ثم ذهب إلى الجبال القريبة من نصيبين للتعبّد، وانطلق منها إلى برية مقاريوس بمصر؛ حيث بقى هناك ثماني سنوات. ومنها انتقل إلى كبادوكية حيث رسمه باسيليوس الكبير شماساً. وبعد سيامته ذهب إلى بلدة الرُها، وصلى لله لكي يرزقه بمن يقدم إليه نصيحة روحية. فقابل في أثناء دخوله إمرأة – تلبس لباساً فاضحاً – تنظر إليه فسألها عن سبب ذلك. فقالت له: "إن المرأة قد أُخذت من الرجل، فيحق لها أن تنظر إلى أصلها، ولكن الرجل قد أُخذ من التراب، فينبغي أن ينظر إلى أصله الذي أُخذ منه". فتعزى بهذا الكلام وأخذ ينظر دائماً إلى الأرض أثناء سيره. ثم سكن منزلاً يقابله آخر تسكنه إحدى النساء. فانتظرته مرةً وهو يطل من نافذته وطلبت منه البركة، فقال لها: "إنني محتاج" فأجابته "إنني مستعدة لطلبك" فأجابها: "أحتاج إلى بعض الطوب والطين، لأسد هذه النافذة" ولكن هذا الرد الجاف لم يصدها، فكاشفته بما تريد وإلا فضحته. فقال لها: "ليس هنا بل في مكان آخر" ثم أخذها إلى سوق البلدة حيث طلب تنفيذ ما أرادت. فأجابته: "إنها لا تستطيع هذا في السوق أمام نظر الناس" فقال لها: "أتخافين من هؤلاء ولا تخافين من الله الذي يخترق نظره القلوب ويكشف السرائر؟" فتأثّرت بكلامه وطلبت منه أن يرشدها إلى طريق الخلاص. فعلمها كيف تعيش طاهرة. ثم أتى بها إلى منزل المتبتلات.. ولما اشتد الغلاء في المدينة كان يجول ملتمساً عطايا الأغنياء ليوزعها على الفقراء. ثم تنيَّح بسلام نحو سنة 372م وترك عظات عديدة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|