هكذا يصنع الفخاري اوانيه
في كل يوم يكتشف العلماء في جميع انحاء العالم اعجاز خليقة الله . وبعيدا ً عن مجهر العالم ومشرط الباحث وتحاليل المحلل الفاحص ، اذا نظرنا حولنا بتدقيق وتركيز نمتلئ بالعجب والاعجاب بخليقة الله . هل ارسلت نظرك مرة ً بعيدا ً الى اعلى ، الى الافلاك والاجرام السماوية . بدون مركبة فضاء ، بدون تلسكوب يكشف الاسرار ترى عقود ثريا تزين قبة السماء . نجوم ٌ تتلألأ وكأنها تتسامر معا ً ، اقمار ٌ تلمع كأنها ترسل اشارات . حركة ٌ دائبة ٌ دائما ً لا تتوقف فإذا بصفحة السماء تتغير وتتبدل باستمرار . هل مددت يدك الى زهرة ً في بستانك ؟ هل لمستها واحسست بمخمل ورقها ؟ هل تأملت الوانها وذوبان الالوان بعضها في بعض باعجاز ٍ لا يصل اليه اي فنان ؟ تأمل حركتها على فرعها كأنها تتنفس وهي تتحرك ، وكأنها ترقص بحركة الهواء . لا خطأ لا نقص ، لا عجز لاتقصير ، دقة ً متناهية ً في نمنمتها . هل تلقيت على كفك قطرة ماء ٍ من جدول يجري بين ضفتيه رقراق الماء ؟ هل شاهدت انعكاس الضوء وتكسره داخلها ، الا تشبه قطعة ماس صافية ؟ بكل الاهتمام ، بكل العناية بكل الحب صنع الله كل الاشياء . ناهيك عن الانسان ، كيف شكّل اعضائه ، كيف علّمها أداء الحياة . كل حركة تنفس ، كل نبضة قلب ، كل انسياب دم ٍ في شريان ٍ معجزة ، معجزة حياة . وفوق حركة الجسد حركة العقل وجولة الفكر وخلود الروح . هكذا صنع الله الخلق ، هكذا جبلنا وهكذا بمعجزة ٍ يدير حياتنا ويحرّكها . هل رأيت الفخّاري وهو يصنع اوانيه الفخّارية المتعددة الاشكال ، هل رأيته وهو ينحني على دولابه ويحركه بقدميه بسرعة معينة محددة ؟ هل رأيته وهو يلمس الطين الذي وضعه على الدولاب بانامله ِ بدقة ٍ وعناية ؟ هل رأيت عينيه مثبتتين على الاناء تفحص كل ذرة ٍ فيه بكل ما فيه من انتباه ؟ هل استمعت الى همس شفتيه او نبض قلبه وهو يرفع الاناء التام الصنع بيديه ؟ هكذا يصنع الفخاري اوانيه ، فكم وكم يصنع الله وهو يخلق خلائقه ؟
" لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا. " (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 2: 10 ) .