يُسمَّى مزمور 23 بمزمور الرعاية، كاتبه هو داود الملك، وقد كان قبلاً راعيًا للغنم، لذلك فهو يعلم معنى الرعاية واحتياجات الغنم. وكتب مزموره هذا وهو مقدِّر رعاية الرب له، وقد افتتحه بهذه الكلمة «الرب راعيَّ»، وليس ”الرب راعٍ“، أو”الرب راعينا“، فهو يخصص الرب كالراعي له شخصيًا.
ويعبِّر داود عن تمتعه بهذه الرعاية، في ثلاثة اتجاهات كما يلي:
1ـ معي: «لأنك أنت معي»
اختبر داود معية الرب معه كالراعي، إذ يقول: «أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا، لأنك أنت معي»، وهذا وعد الرب لنا: «وها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر» ( مت 28: 20 )، ففي وسط المخاطر في وادي ظل الموت لا يخاف، والسبب أن الرب معه رفيق رحلته، فلا يخاف من وقوع أي شر له، وما يعزيه هما عصا الرب وهى للرعاية، وعكازه وهو للعدو، لذا لا يخاف أن يجتاز هذا الوادي العظيم المَخوف.
2ـ أمامي: «ترتب قدامي مائدة»
في وادي ظل الموت يوجد المضايقون، لكن الرب يرتب أمامه مائدة ليأكل منها، وهذه المائدة مُعدَّة أيضًا تجاه مُضايقيه، أي أن الرب نصَبها بينه وبينهم، وبينما هو يتناول منها طعامه ليأكل فَرِحًا ومتعزيًا، نجد أن هذا يضايق مضايقيه ويردُّهم مندحرين، بسبب السلام الذي يعيش فيه.
3ـ خلفي: «خير ورحمة يتبعانني»
هذا ما يطمئن قلبه أثناء مسيرته في البرية، لأن الخير يتبعه أينما ذهب، فلا يحتاج إلى شيء، عكس ما نراه مع الآخرين غير المؤمنين «كثيرون يقولون: مَنْ يُرينا خيرًا؟» ( مز 4: 6 )، فهو يتمتع بهذا الخير، وليس ذلك فقط بل إن الرحمة أيضًا تتبعه، حيث إنها من ضرورات الغربة في أرض الأعداء، فلا يقلق من العَوَز، ولا يضطرب من الأعداء.
هباتُ الخيرِ والرحمهْ تُواليني مَدَى عُمري
وفي الأمجادِ بالنعمهْ يُسْكِنُني مَدَى الدهرِ
أُسبِّحُ اسمَهُ دَوْمًا وحُبُهْ يملأُ صَدري
ربي ما أحلاكْ ربي ما أحلاكْ