بنوتنا لله
بنوتك لله ليست مجرد إسم، إنما هي حياة..
بهذه الحياة " أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس ظاهرون" (1يو 13: 9). أتقول في الصلاة يا أبانا؟ حسنًا نقول. ولكن الإبن ينبغي أن تكون له صورة أبيه، صورته في البر والكمال.. لأنه هوذا الرسول يقول عن شرط البنوة ومؤهلها:
" إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه" (1يو 2: 29).
فهل أنت إبن بهذا المعني؟ لا تفتخر باطلًا. فإن اليهود المفتخرين بأن إبراهيم أبوهم، قال لهم القديس يوحنا المعمدان "لا تفتكروا قائلين في أنفسكم لنا إبراهيم أبا" (مت 3: 9). ووبخهم السيد المسيح قائلًا "لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم" (يو 8: 39). ليتك تفكر في هذا حينما تقول "يا أبانا الذي في السموات" وتضع أمامك قول الرسول:
"كل من ولد من الله لا يخطئ.. والشرير لا يمسه" (1يو 5: 18). "ولا يستطيع أن يخطئ، لأنه مولود من الله (1يو 3: 9).
20)
فإن كنت تخطئ، فكيف تجرؤ أن تنسب إلي نفسك البنوة لله، وتقول له يا أبانا ؟! أليس من أجل هذا قال الإبن الضال لأبيه "ليست مستحقًا أن أدعي لك إبنًا" (لو 15: 21). لماذا؟ لأن المولد منك لا يخطئ. وأنا أخطات إلي السماء وقدامك " لك وحدك أخطات، والشر قدامك صنعت" (مز 50).
إنه تواضع منك يا الله أن تدعوني إبنًا..
تواضع منك ومحبة، أن تسميني إبنًا، لأن أعمالي لا تدل علي هذا وأنت قد قلت " من ثمارهم تعرفونهم" (مت 7: 16). فماذا تصنع الشجرة التي ليس لها ثمر قدامك؟! وماذا يصنعون بها؟! إن أخشى ما أخشاه هو قول عبدك يوحنا "والآن قد وضعت الفأس علي أصل الشجرة. كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا.. " لا يا رب لا أرفع فأسك قليلًا عن أصل الشجرة.. أتركها هذه السنة أيضًا.. (لو 13: 8). أعطها فرصة أخري لتصنع توبة..
صدقني يا أبي السماوي، إن أبوتك وإن كانت تشرفني كثيرًا إلا أنها تخجلني بالأكثر أمام ضميري..
كلما أقول لك يا أبانا، أتذكر من أنا، ومن أنت الذي في السموات، فتذوب نفسي في داخلي، وتنسحق في التراب والرماد. إنني أدعوك أبًا، ولكني لا أسلك كابن لك. وأقارن نفسي بما تتطلبه هذه البنوة، من حيث مشابهة صورة الإبن لأبيه. وأقول إنه ليست لي صورتك. ). لست شبهك ومثالك كما خلقتني منذ البدء. ولست أسلك كما يليق بأولاد الله.. وأخشي أنه بسببي قد يجدف الناس علي إسمك القدوس (رو 2: 24). أتراني أتجرأ واطلب منك طلبًا جديدًا أضيفه بالضرورة إلي هذه الصلاة الربية، فأقول:
إن كنت قد سمحت أن تدعوني إبنا، فامنحني صورتك، واعطني القوة الي بها أسلك كإبن..
ألست أنت القائل " بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5). إذن اعطني يا رب هذه القدرة التي أعمل بها عملك، بل اعطني أيضًا الإرادة التي بها اشتهي عمل الخير، وأعمله. فرسولك القديس يقول "الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (في 2: 13).. أعطني روحك القدوس الذي يعمل في ويعمل معي، وحينئذ ستراني إبنًا حقيقيًا لك..
كما أعطيتني إسمك، كإبن لك، أعطني أيضًا صورتك.
لست أستطيع أن أصل إليها بجهادي الخاص وحده، إنما اخذ صورتك كهبة مجانية من عندك، كما أعطيتني ذلك حين خلقتني، بهبة إلهية من عندك، دون أن أطلب، إذ لم أكن موجودًا لأطلب. وكما أعطيتني هذه الصورة الإلهية يوم معموديتي. ووقف رسولك المحبوب يغني لي أنشودته الجميلة " لأن جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح، قد لبستم المسيح" (غل 3: 27). وهكذا صرت إبنًا لك، وصورة لك، فاحفظني في هذه البنوة، وفي هذه الصورة.