" أنتم ملح الأرض، فاذا فسد الملح، فأي شيء يملّحه؟
أنه لا يصلح الآ لأن يطرح في الخارج فيدوسه الناس" (مت 5)
إن ملح الأرض يبدو أولاً شيئاً غير خاص. فماذا عنى يسوع لما سمَّى تلاميذه "ملح الأرض"؟ يجب أن نبحث عن المعنى المُلائم للكلام. فمُهمَّة التلاميذ وطبيعة الملح عينه تكشفان عن هذا. فعنصر الماء وعنصر النار يجتمعان ويتحدان في الملح. هكذا يُقاوم الملح المُستعمل عند البشر فساد اللحم إذا ما رُشَّ عليه. وبالطبع، إنه مُناسب جداً لأن يُضيف الإحساس بالنكهة الخفية.
كذلك كان الرسل مُبشرين بالأمور السماوية المُدهشة والأبدية. إنهم كالزارع يُبذرون الخُلود على كُل الأجساد التي نُثرت عليها مواعظهم. فيبلغون الكمال بمعمودية الماء والنار. هكذا سُمي الذين يُمَلَّحون بقوة تعليم الإنجيل: "مِلح الأرض"، وهم الآن مُصانون حتى النهاية.
يُسمي الرب يسوع المؤمنين "مِلح الأرض"، ويُناشدهم الحفاظ على عظمة القُدرة المُعطاة لهم. أمّا إذا خسروا حاسَّة الذوق، فإنهم يعجزون عن أن يجعلوا أي طعام لذيذا مستساغاً. وإذا فقدوا طعم الملح، فإنهم يعجزون عن أن يجعلوا ما هو مُعرَّض للفساد صالحاً للأكل. ويُحذرهم من أن يدوسهم عابرو السبيل - إذا طُردوا من مُستودع الكنيسة ـ بأقدام من كان مِنَ المتوقع أن يؤدي الملح خدمة لهم.
المرجع: التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس، إنجيل متى، منشورات جامعة البلمند.