لقد كلمني الرب من خلال إنجيل متى الإصحاح 26، عندما تعشَّى الرب يسوع مع تلاميذه العشاء الأخير، وبعد العشاء ذهب معهم، إلى بستان جثسيماني وطلب منهم المكوث هناك، وأخذ معهُ بطرس ويعقوب ويوحنا ليصلوا معه.
كان الرب يعلم أنه قد حان وقت القبض عليه والصلب والموت، ولكن رغم معرفته بذلك مسبقًا، ورغم مجيئه إلى أرضنا لكي يموت على الصليب، كانت نفسه حزينة حتى الموت.
إنجيل متى 26: 38 - 44 " فقالَ لهم: نفسي حزينة جدًّا حتى الموت. ﭐمكثوا ههنا وﭐسهروا معي، ثم تقدَّم قليلاً وخرَّ على وجهه وكان يُصلّي قائلاً: يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أُريد أنا بل كما تريد انت، ثم جاء الى التلاميذ فوجدهم نيامًا، فقال لبطرس: أهكذا ما قدرتم ان تسهروا معي ساعة واحدة، اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة، اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف، فمضى ايضًا ثانيةً وصلّى قائلاً: يا ابتاه ان لم يمكن ان تعبر عني هذه الكأس الا ان اشربها فلتكن مشيئتك، ثم جاء فوجدهم ايضًا نياما، اذ كانت اعينهم ثقيلة، فتركهم ومضى ايضًا وصلّى ثالثةً قائلاً: ذلك الكلام بعينه ".
كيف تعامل الرب يسوع مع التلاميذ الذين كانوا معه، الذين خدمهم وأحبهم؟ كيف تعامل معهم عندما كان بحاجة لهم وخذلوه؟ كان الرب يسوع حزين النفس والجسد لأنه ذاهب للموت، لكن في الوقت نفسه كان يعلم انه أتى من أجل مهمة محددة. وأنه لا بد أن يُصلب ويموت، وحتى في وقت حزنه قال للآب: إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس. كان يعلم أنهم سيقبضون عليه كلص، لكنه طلب من الآب إذا أمكن أن تعبر عنه الكأس، لأن الجسد ضعيف. ولكن لأن الروح قوي قال للآب لكن ليس كما أنا أريد بل كما أنت تريد, كان هناك صراع بين الجسد والروح، والروح انتصر. إن كنت مثقل بالخطايا والأحمال، فوحده الروح القدس يستطيع تحريرك من هذه الأثقال. كنت أسأل الآب، ماذا كنت لتجيب ابنك يسوع عندما طلب منك أن تعبر عنه تلكَ الكأس؟ وأعطاني الرب هذه الفكرة: أنه من الممكن أن الآب السماوي أجاب يسوع قائلاً: لا يمكنني أن أعبر عنك الكأس، أو أنه لم يجبهُ أبدًا. طبعًا هذا تأمل شخصي وقد يكون خطأ، فهذا ليس مُدوَّن في كلمة الله.
نحن أيضاً أحيانًا نصلي ونصلي ونصرخ للرب ولا نسمع إجابة، لكن المهم أن نقول للرب ليس كما أنا أريد بل كما أنت تريد.
الرب أعطانا الروح القدس المعزي، هو أعطى تلاميذه هذا الروح بعد ان انتظروا مصلين حلول الروح القدس عليهم. من المهم جدًا أن يدير الروح القدس دفة حياتنا ومشاريعنا ومخططاتنا. كثير من الأحيان نحن كمؤمنين، تُفتح أبواب أمامنا في مجال العلاقات او العمل، ومن واجبنا أن نصلي لمعرفة مشيئة الرب لنا. الصلاة هي حديثك مع الله الآب الذي يقودك في كل شيء في حياتك. كل ما تفعله في حياتك يجب أن يكون بالصلاة. يسوع كان يعلم ما سيحل به، ورغم ذلك صلى للأمر وطلب من تلاميذه الصلاة معه. ونحن كذلك، فقد تشعر أن الرب فتح أمامك أبواباً معينة، لكن عليك أن تصلي وتطلب مشيئته بتواضع، ربما قد تطلب من بعض الإخوة الصلاة معك أيضاً كما فعل يسوع. كن متواضع بطلب الصلاة. أنا كنت أمرض أحيانًا وأصلي وحدي دون أن أخبر أحد، وكان الإخوة يقولون لي: لما لم تطلب منا الصلاة معك؟ وكنت أجيبهم: لا، يكفي، أنا صليت.
كنت متكبرًا، لكنني تعلمت أنني أنتمي إلى كنيسة إلى جماعة أخوة مؤمنين، ونحن نُشكِّل جسدًا واحدًا معًا، وعليَّ أن أطلب منهم الصلاة معي عند الحاجة. وصدقوني عندما فعلت هذا، أصبحت الأمور تُحلُّ بسرعة.
طبعًا من المهم أن تصلي أنت دائمًا وحدك دون توقف، لكن عند الضعف وفي بعض الحاجات من المفيد جدًا أن تطلب من الإخوة الصلاة معك.
الأسبوع الماضي شاركت اختبارًا مع أخ مؤمن لي، وبدأ ذلكَ الأخ يبكي، وقال لي: أنه كان بحاجة لهذا الكلام، وأنا أؤمن ان كلمة اليوم هي لكثيرين منكم. الرب يعرف خيرنا أكثر مما نعرفهث نحن، هو يعرف ما هو الأفضل لنا. حتى وإن كانت كل الأمور أمامك جيدة ومنبئة بالخير، فهذا لا يعني أن هذه هي مشيئة الله لكَ. صلي له ليقودك.
أود التركيز على آية " أتى ووجدهم نياما "، قال لهم يسوع: أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة، تأمل لو أنك مدير شركة وتأتي لترى موظفيك نائمين ومتأخرين ومهملين لعملهم، فماذا ستكون ردة فعلك؟
يسوع وبَّخَ تلاميذه لأنهم لم يسهروا معه، لكنهم كانوا مُتعبين ولم يستطيعوا السهر. وعاد وقال لهم: اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. كان يسوع يعلم ان حربًا من إبليس ستأتي عليهم، وأنهم سيخافون وسيهربون وسينكرونه.. هو يعلم أنه متى ضُرب الراعي ستتشتت الخراف. لكن رغم أنهم لم يصلوا معه، ورغم انهم لم يقفوا إلى جانبه، لم ينبذهم ويتركهم ويبتعد عنهم، بل صلى لأجلهم، وأرسل لهم الروح القدس، الذي قواهم وجعلهم يقلبون المسكونة كلها. كلمة الرب لم تُكتب لتبقى علـى الورق، بـل لتُكتب داخلنـا، لنعيشهـا ونعلنهـا، كلمـة الـرب فيهـا قـوة، هـي الأسـاس، هـي كـل شيء، هي المقود الذي يقودنا ويعلمنا، هي كل شيء.. آمين؟
أما الروح فنشيط أما الجسد فضعيف. إن كنا جسديين فسنبقى مثقلين بالأتعاب، لكن إن سلكنا بالروح فسنبقى أقوياء. سنتكلم عن بعض المفاتيح اليوم:
المفتاح الأول: هو الصلاة.. كما صلى الرب يسوع.
المفتاح الثاني: هوَ الخضوع والتواضع ومعرفة مشيئة الرب. كان بولس يعلم ان أهل كولوسي متزعزعين بإيمانهم، لذا صلى وطلب لهم أن يعرفوا عمق مشيئة الرب. ولأهل فيلبي أيضاً صلى أن تزداد محبتهم بالمعرفة وفي كل فهم. كان بولس يعرف ضعفات اخوته، لكنه كان أيضاً يعلم أنه إن صلينا طلباً لمعرفة مشيئة الله، فالله سيعلن مشيئته لنا وعندها سنعرفه أكثر وأكثر. متى أحببت أن تعرف مشيئة الرب وسرت بها، باركك الرب أكثر وأكثر، أضعاف من البركات والسلام والفرح ستأتي عليك، متى سرت في مشيئة الرب لك ومتى كانت لديك معرفة وحكمة إلهية. أحيانًا نظن أنه عندما تواجهنا المشاكل علينا أن نغير الظروف من حولنا، لكن عند وقوع بعض المشاكل، فعليك أن تتغير أنت، وليسَ الظروف من حولك، وعندما تتغير أنت، سترى الأمور من حولك تتغير. لكنك لن تتغير إن لم تشأ ذلك، إن لم تحب أن تتغير. اطلب من الرب من كل قلبك المعرفة والقوة والتغيير، وهو سيُغيِّرك وسيُعلن عن نفسه لك أكثر، وكلما عرفت الرب أكثر وكلما عرفت مشيئته لحياتك، كلما تغيرت في محضره أكثر وأكثر. امتحن نفسك وقلبك..
هل عندما تسقط تفكر للخلف أم للأمام؟
هناك نوعان من الناس:
أُناس عندما يفشلون ويخطئون، يلومون الآخرين، وهؤلاء هُم الذين يفكرون للوراء بتخلف.
وأناس عندما يسقطون ويفشلون، يأتون إلى الآب مصلين وتائبين عن خطيئتهم، معترفين بضعفهم، وهؤلاء هم الذين يفكرون للأمام، متحملين مسؤولية أعمالهم واقوالهم.
أي نوع من الناس أنت؟
الرب يريدك أن تأتي إليه عند سقوطك، وإن سقطت لا تفشل بل تعلم من سقطتك، إن سقطت في خطيئة ما، تعلم منها وتقدم للأمام، لا تفشل وترجع للوراء. ينبغي أن تنمو من خلال أخطائك، لا أن تتراجع أو لا تبرح مكانك. لا تقل أنا فاشل وحظي سيء، أنا لا شيء، أنا لن أنجح... لا تنظر لنفسك بطريقة سلبية، بل آمن أن الروح القدس الذي فيك قوي وهو ينجحك، آمن أنك مهم، اعلن هذه الكلمات على نفسك، قل أنا ناجح، أنا قوي، أنا مهم.. أنا خليقة جديدة، أنسى ما وراء وأتقدم إلى الأمام، أنا انسان جديد، إنسان إيجابي يفكر بحسب كلمة الرب. وكلمة الرب تقول أنك انسان جديد.
هل أنت انسان مستسلم؟ هل تهرب عند الضغط دون مواجهة؟ هذه ليست مشيئة الرب لك. مشيئة الرب لك أن تثابر، أن تبقى مع الرب، أن تتمسك به أكثر، الاستسلام هو ضعف، لكن المثابرة هي قوة. لوم الآخرين والاستسلام، لا يفيدوا ولن يجعلونك تتقدم في حياتك. إن كنت تفتقد للإرادة، اعلم أن الرب هو العامل فيك كي تثمر. الرب هو يعمل فيك. لا يمكنك أن تنتصر بإرادتك أنت، بل هو سيجعلك تنتصر، هو يقويك بروحه القدوس وبكلمته. اليوم سنصلي، وكل واحد منا سيأخذ القرار، أنت حر في قرارك، أنت تقرر أن تطلب قوة الرب وحكمته ومعرفته العميقة، ومعونته لك لكي تنتصر، وأنت تقرر أن تبقى في الخطيئة والضعف. القرار يعود لك.
الرب يسوع ذهب إلى الصليب كشاة تُساق للذبح من أجلك أنت، ليخلصك ويعطيك حياة أبدية، ليعطيك نصرة في حياتك، ليعطيك قوة. فماذا ستفعل في المقابل؟
هل ستعرفه أكثر وتطلب هذه المعرفة، أم انك ستبقى كما أنت وحيث أنت؟