وعـد الـروح الـقـدس (ج 1)

[tito227]

وعـد الـروح الـقـدس (ج 1)



الخميس 18 يوليو 2013
نيافة الأنبا باخوميوس
مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية و توابعها

تكلم معلمنا يوحنا الحبيب في إصحاحات متعددة من إنجيله (14-17) عن وعد ربنا يسوع لتلاميذه بإرساله الروح القدوس لهم قائلا "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد"(يو14: 15، 16).

والإصحاحات الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر من إنجيل يوحنا تتحدث عن الروح القدس وإرساليته وعمله في حياة أولاد الله، وهذه الإصحاحات تسمى (فصول الباراقليط) وتحدث بها ربنا يسوع قبل أحداث الصليب، لذلك ترتب الكنيسة قراءتها الساعة الأولي من ليلة الجمعة الكبيرة من البصخة المقدسة.

وقد كرر ربنا يسوع المسيح وعده لتلاميذه بأن يعطيهم معزياً آخر يمكث معهم إلى الأبد عندما قال لهم قبل صعوده "ها أنا أرسل إليكم موعد أبى فأقيموا فى مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي"(لو24: 49) ولأن الروح القدس هو سند الكنيسة وقوتها، ولأن الكنيسة تهتم جداً بعمل الروح القدس في حياة أولادها لذلك فقد جعلت عيد حلول الروح القدس الذي يعتبر ميلاد الكنيسة المسيحية، هو أحد الأعياد السيدية الكبرى السبعة في الكنيسة وجعلت صلاة الساعة الثالثة كصلاة خاصة بطلب تجديد الروح القدوس في حياتنا وذلك كتذكار لحلول الروح القدس علي التلاميذ في يوم الخمسين.

V قاعدة لاهوتية هامة

فإننا ننال الروح القدس في مواهبه –ونعيش في معيته- ونترجى استمراره في حياتنا ففي إيماننا الأرثوذكسي نحن ننال الروح القدس في الأسرار ونحيا في معيته في صلواتنا اليومية ونترجى استمراره معنا خلال جهادنا اليومي المستمر، لذلك فى كل يوم نطلب قائلين "قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي"(مز51: 10).

[ روحـاً نلناه (في الماضي).. والروح القدس هو في سر المعمودية والميرون ، روحاً نحياه (في الحاضـر) .. ، وهو روحاً نترجاه (في المستقبل) ]. هذا هو الفكر الأرثوذكسي.

بعض الناس يرددون عبارة هل أنت خلصت .. تجددت ؟ ونحن نجيب عليهم من واقع إيماننا الأرثوذكسي أنا لي خلاص وقد نلته بعمل روح ربنا يسوع في المعمودية، وأنا أتمتع بهذا الخلاص كل يوم في استحقاقات الصليب، من خلال جهادي اليومي وهذا الخلاص أحيا به وأجاهد لكي أكمل فيه إلي النفس الأخير من خلال سر التوبة المتجدد والمتكرر.

V الروح القدس في العهد القديم

كان الروح القدس يعمل منذ بداية الخليقة فهو روح الله الذي كتب عنه الوحي الإلهي ".. وروح الله يرف على وجه المياه"(تك1: 2).

في ذلك الوقت كان الله الآب يعمل بالابن في الروح القدس (شركة الثالوث القدوس).

وفي العهد القديم أيضاً كان الروح القدس يعمل لكي يهيئ كنيسة العهد القديم لاستقبال السيد المسيح وذلك من خلال عمله المتمثل في المسحة المقدسة وبها كان يمسح الكهنة بدهن المسـحة مثلما مسح موسى هارون بالدهن، ويمسـح الملوك بدهن المسحة مثل شاول الملك، ولذلك يقول الكتاب عن مفارقة روح الرب لشاول ، وبعدما أخطأ "ذهب روح الرب من عند شاول وبغتة روح ردئ من قِبل الرب"(1صم16: 14). وأيضاً يقدس الهيكل بكل آنيته بدهن المسحة ..

حتى يومنا هذا يُعطى سر الميرون بواسطة الدهن المقدس (زيت الميرون)، وهو عبارة عن مزيج من الأطياب مضافاً إليها الأطياب التي وُضعت على جسد السيد المسيح عند دفنه، وتتم الصلوات عليها بواسطة الأب البطريرك، ومعه الأساقفة لكي تحل فيها مواهب الروح القدس. كما كانت مواهب الروح القدس فى العهد القديم تعمل لكي تهيئ البشرية وتعدها لاستقبال السيد المسيح الذي كان يرمز له بالأشخاص ، و بالذبائح ، والأحداث الرمزية والنبوات.

V الروح القدس في العهد الجديد

وقد كان حلول الروح القدس على الكنيسة في العهد الجديد يوم الخمسين على شكل ألسنة نارية، وصاحبه صوت هبوب ريح عاصف، وكان ثمرة ذلك أن تكلم التلاميذ بألسنة مختلفة ، وانتشرت الكنيسة في العالم كله ..

ويحدثنا سفر الأعمال عن حلول متكرر للروح القدس أثناء خدمة الآباء الرسل :

<!--[if !supportLists]-->· <!--[endif]-->ففي خدمة معلمنا بولس الرسول حل الروح القدس علي المؤمنين في كنيسة أفسس لما وضع بولس يديه تكلم التلاميذ بألسنة مختلفة "حل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بلغات ويتنبأون " (أع19: 6).

<!--[if !supportLists]-->· <!--[endif]-->وعن خدمة معلمنا بطرس الرسول اذ حل الروح القدس على كرنيليوس قبل المعمودية لكى يؤمن ويولد ميلاداً جديداً "فبينما بطرس يتكلم بهذه الأمور حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة"(أع10: 44). ثم حل عليه بعد المعمودية لكى يثبت فى جسد الكنيسة "فلما ابتدأت أتكلم حل الروح القدس عليهم كما علينا أيضاً فى البداءة "(أع11: 15). "ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس"(1كو12: 3)..

لذلك ففي إيماننا الأرثوذكسي نحن نؤمن أن عمل الروح القدس في حياتنا هو عمل يومي متجدد لا ينقطع فهذا الحلول المتكرر للروح هو حلول يهيئ الإنسان للرسالة مثل الخادم الذي يطلب عمل الروح القدس قبل الحديث في الخدمة أو عندما يذهب لكي يحل مشكلة من مواقف الحياة اليومية ...إلخ.

V ما هو الفرق بين حلول الروح القدس كأقنوم وحلوله كحلول كمواهب ؟

أولاً : الحلول الأقنومي:

هو حلول حدث مرة واحدة فقط وذلك أثناء بشارة الملاك للعذراء مريم إذ قال لها "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله"(لو1: 35). كان هـذا الحلول هو حلول أقنومى لأقنوم الروح القدس في أحشاء أمنا العذراء وهو خاص بالعذراء مريم فقط وذلك من أجل التجسد الإلهي .. وهذا الحلول لم يحدث قبل أو بعد العذراء مريم لأن الرب لم يتجسد إلا من بطن العذراء .. ولهذا السبب لم تذكر هذه العبارة إلا مرة واحدة فقط.

ثانياً : حلول الروح القدس للمواهب:

هذا الحلول يخص جميع المؤمنين ونحصل عليه أثناء ممارسة الأسرار ..

ففي سر المعمودية يحل الروح القدس لكي ننال الميلاد الجديد ..

و في سر الاعتراف لكي ننال غفران الخطية ..

و في سر مسحة المرضى لكي ننال نعمة الشفاء .. الخ

وعن حلول المواهب يذكر سفر أشعياء عن عمل الروح القدس فى حياة الإنسان "ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب"(أش11:2) ..

كما يقول معلمنا بولس الرسول "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد"(1كو12: 4) ..

لذلك فعلي الإنسان الروحي أن يصلى لكي يستمتع بمواهب الروح القدس في حياته باستمرار.

وسوف نلتقي في العدد القادم بعمل الروح القدس في الكنيسة

[Mary Naeem]

شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك