رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خادم الملك وأحزانه إن خادم الملك يعطينا الصورة الدقيقة الصحيحة للحياة البشرية، فهي الحياة التي يدخل فيها الحزن إلى قصور الملوك وأكواخ الفقراء، لقد كان هذا الرجل غنيًا، له العديد من الخدم والعبيد، وكلهم رهن إشارته، وهو لم يكن صاحب مال فحسب، بل هو فوق ذلك صاحب نفوذ أيضًا!! ولكن الحزن والألم والضيق يأتي إلى الوسادة الناعمة مثلما للوسادة الخشنة سواء بسواء، وقد أعطتنا قانا الجليل هذه الصورة الحقيقة الصحيحة دائماً في الحياة البشرية، لقد ذهب المسيح، إلى عرس قانا الجليل، وأغلب الظن أن صاحبه كان من الفقراء البسطاء لا يستطيع أن يفي بحاجة العرس من الخمر، أو أنه أراد أن يؤكد أن أفراح البشر دائمًا ناقصة، أو متقلبة، لا يمكن أن تكون كأسها من الأفراح كاملة، فالفقير الذي يحف بفرحه الاحتياج سيجد دائمًا مأزقًا في وسط الفرح من هذا الوجه أو ذاك من ألوان الحياة، وسيبقى الفرح على أي حال ناقصًا من زاوية ما، أو مفقودًا في واحد من أركانه المتعددة! فإذا نظر الناس نظرة الحسد إلى بيوت الأغنياء أو قصور المترفين، وإذا أطلوا من الخارج على هذه القصور، وامتلأ خيالهم بألوان السعادة الرابضة فيها، فإنهم لا يتصورون أنه قد تكون هناك ضربة قاسية تحول كل المباهج إلى آلام وتعاسات وأحزان!! فقد يكون هناك ابن عزيز فيها مشرفًا على الموت، أو قد تكون هناك مأساة تغطيها الجدران، أو قد يكون هذا أو ذاك من ألوان الحياة الباكية الشاكية فيها!! وقد جاء المسيح مخلصنا إلى البيوت الباحثة عن الفرح سواء في عرس أو في مرض على حد سواء!! ومن اللازم أن نقترب إلى الأحزان ونحن ندرك أنها ليست صماء أو بكماء في الفسلفة الإلهية في حياة الناس، ومع أن الأحزان من أعقد ألغاز الحياة وأقساها على الدوام، لكنها مرات كثيرة ما تكون وسيلة الله لقيادة البشر إلى يسوع المسيح المبارك، كان خادم الملك في كفر ناحوم، ولا شبهة في أنه جاء بالأطباء إلى ابنه، الطبيب تلو الآخر، وبذل ما بذل، وهو يرى صحة الولد تتدهور باستمرار، وإذا بقائل يقول له وهو في كفر ناحوم إن يسوعالمسيح صنع معجزة في قانا الجليل، وهو هناك الآن، وشد الرجل رحاله إلى قانا باحثًا عن المسيح، والظاهر من القصة أنه لم تكن له أدنى صلة سابقة بالمسيح، ولكن الألم هو الذي أوصله إلى السيد، وهنا تبدو المفارقة إذ أن بعض الناس يدعون المسيح إلى العرس، كما قيل : «ودعي يسوع وتلاميذه إلى العرس» لكن الكثيرين مع ذلك لا يتنبهون إليه في أفراحهم، فمتى جاء الحزن، فإليه يركضون، ومع أنها المأساة في حد ذاتها أن الناس لا تعرفه إلا في المأساة، لكنها على أي حال هي طريق الله التي يسلكها الناس في قلب الدموع والأحزان، ألم يقل الكتاب عن منسى الملك الشرير: «ولما تضايق طلب وجه الرب إلهه وتواضع جدًا أمام إله آبائه» (2 أي 33 : 12).. وقال الله على لسان إرميا: «وأضيق عليهم لكي يشعروا» (إر 10 : 18).. وألم يعد الابن الضال من الكورة البعيدة عندما أشرف على الهلاك جوعًا!! هذه الطريق هي أشبه الكل بثمرة جوزة الهند التي تبدو من الخارج خشنة جافة قاسية، لكنها لا تلبث عندما تكسر أن تخرج من لبها الشراب الحلو والطعام الجميل!! على أن الحزن يكشف شيئًا آخر، وهو أنه لا علاج له في قصور الملوك فخادم الملك لم يذهب إلى هيرودس انتيباس ليجد هناك العلاج، ونحن لا ندريهل كان هيرودس على علم بمرض الولد أم لا، فإذا كان قد علم، فربما سمع منه الأب بعض التمنيات أو ربما أرسل الملك أطباؤه، أو ربما زوده بهذا أو ذاك من الوسائل أو الأدوية، لكن الملك كخادمه يقف على خط الأفلاس عندما تشتد العلة أو يقترب الموت، وهو لا يملك أكثر مما فعله ملك أرام عندما أرسل نعمان السرياني إلى أليشع ليجد هناك العلاج، إن خادم الملك كان في حاجة إلى ملك آخر يتجه إليه، وهو الملك الذي يمدنا بالعون عندما يفلس جميع ملوك العالم، إذ هو رئيس ملوك الأرض، والمتسلط في مملكة الناس، وبيده مفتاح الحياة والموت والمصير الذي يواجه كل إنسان على هذه الأرض!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كل مجد ابنة الملك من داخل مزينة بأشكال كثيرة |
بك تتحدَّى نفوسنا العالم بكل مغرياته وأحزانه |
خادم الملك والإيمان |
يشهد العشق وميزانه |
خادم الملك |