رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تيموثاوس والخدمة المثالية ربما لم يهتم بولس بخادم كاهتمامه بابنه تيموثاوس ، ويكفى أن نطلع على ما جاء فى رسالته إليه، وهو يرينا الخادم النموذجى الناجح فى شخصه ، وكنيسته ، وكتابه !! .. فالرسالة الأولى ، فى الأصحاح الثالث ، ترينا الشروط الواجب توافرها فى الأسقف ، ولم يكتف الرسول بذكر هذه الشروط عامة ، ولكنه أوصى بتيموثاوس فى الأصحاح الرابع بالتطبيق العملى لها ، فكشف لنا عن : (1)الخادم المتربى: «إن فكرت الإخوة بهذا تكون خادماً صالحاً ليسوع المسيح متربياً بكلام الإيمان والتعليم الحسن الذى تتبعته»... وكلام الإيمان يقصد به التعليم المسيحى العام ، والتعليم الحسن يشير على الأغلب إلى التعليم العقائدى أو فى لغة أخرى إن من واجبنا أن نتمتع ، كخادم كلمة اللّه ، بما تبعثه هذه الكلمة فى حياتنا من تعاليم ووصايا وعقائد !! ... ومن واجبنا مصاحبة هذه الكلمة باستمرار لأن التربية تستلزم المداومة ، وهنا يمكن أن نلاحظ ما قاله دين انج : « إنه من الطبيعى والمحتوم أننا إذا صرفنا ست عشرة ساعة يومياً فى أعمال العالم وخمس دقائق فى التفكير فى اللّه والنفس فإن العالم سيضحى واضحاً وحقيقياً أمامنا مائتى مرة أكثر من اللّه أو النفس . (2)الخادم الواثق : والخادم المتربى لابد أن يكون الخادم الواثق الذى يستطيع أن يوصى بالسلطان الذى له من اللّه ويعلم ، كمن يقف على أرض ثابتة صخرية ، ولا يستطيع الخادم أن يبلغ هذه الثقة إلا إذا لاحظ الذين يخدمهم أنه يتكلم مستنداً إلى كتاب اللّه ، وأنه يتكلم ، وهو مؤمن بما يقول ، وأن يبدو من تصرفه ما يؤكد ذلك . (3) الخادم المثال : ولا يشترط أن تأتى المثالية وليدة السن المتأخرة ، لقد كان المطلوب من تيموثاوس أن يكون قدوة رغم حداثة سنه ، ولقد كان عندما كتب له الرسول فى الخامسة والثلاثين من عمره على ما يرجح البعض . (4)الخادم القارئ : وهى نقطة بالغة الأهمية إذ يحرض الرسول بولس تلميذه على الدرس المتواصل ، ولعل كلمات ألكسندر هوايت فى هذا الصدد هى خير ما يقال : «إن هذه الكلمات لوجاءت فى هذه الأيام من خادم خبير إلى خادم مبتدئ ، فربما كانت تجئ على هذا المثال : واظب على الدراسة واحرص عليها على الدوام ولا تجلس دون أن يكون فى يدك كتاب أو قلم ، ولا تقرأ الكتب التافهة أو المؤذية أو غير البانية فليس لك الوقت أو المال لتفعل ذلك .. لا تقرأ شيئاً إن لم يكن الأفضل فى نوعه ، سواء كان فى الأدب أو الدين أو أى شئ آخر .. كن كملتون فى شبابه النبيل» ... ولكن القراءة فى أيام تيموثاوس كانت تعنى شيئاً أكثر من ذلك .. فقد كانت تعنى الوعظ التفسيرى، أو المحاضرة.. وقد كان الاباء الأقدمون يقرأون الكتاب ليفسروه وليحاضروا فيه كما فعل الذهبى الفم وأغسطينوس . وكما كان كلفن يفعل على منبره الخشبى فى جنيف ! » . (5)الخادم الموعود : وقد لاحظ بولس أنه وهو يتحدث إلى ابنه الشاب تيموثاوس مذكراً اياه بهذه الواجبات ، أن هناك أعظم وعد ينتظره وهو وعد يشمل الحياة الحاضرة والعتيدة ، فإذا كانت الرياضة الجسدية نافعة لقليل فإن التقوى لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة ، ومن يمتلكها يمتلك النجاح فى العالم الحاضر والأبدية أيضاً !! .. فإذا تحولنا من الخادم إلى الكنيسة ، فهناك عمود الحق وقاعدته ، وهى المكان الذى ينبغى أن يعد فيه المؤمنون أجمل إعداد وأكمله ، والمطلوب من تيموثاوس أن يجعل من الكنيسة معهداً للكتاب المقدس أو مدرسة لاهوت ، ولعل من الطريف أن نتذكر هنا أن سيدة سألت دكتور أيرنسيد قائلة له : « هل تستطيع أن تخبرنى أين يوجد فى الكتاب ما يحتم تعليم الخدام فى معاهد للكتاب المقدس أو مدارس لاهوت ، وقال أيرنسيد : يا سيدتى أنا لا أعرف بالضبط المكان ولكن أعلم أنه لابد أن يكون فى المكان التالى للآية التى تلزم بالذهاب إلى المدارس العامة ، إن كانت هناك مثل هذه الآية ، ثم تذكر أيرنسيد بعد ذلك أن ما قاله الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس هو بمثابة فتح لمدارس لاهوت: «وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً!!..» وهنا يفرق الرسول - كما يقول بروفسور بلامر - بين الأحاديث والتعاليم الخاصة التى ولا شك علمها لتيموثاوس ، وبين التعاليم العامة التى علمها له على مسمع من الجميع ، والتعليم التى يعنيها الرسول ههنا هى التعاليم العقائدية والوعظية التى تحدث بها بولس، والتى تتناول مناقشة للأمور والأوضاع الخاصة،... والرسول يعلم بأن هذه التعاليم ينبغى أن تتداول من جيل إلى جيل ، ويلزم أن يتوفر أمران فيمن يتداولونها ، وهما الأمانة والكفاءة ، وكل طالب لاهوت يريد أن يقدم خدمة ناجحة، لا يمكن أن يقدمها مالم يكن أميناً فى حياته الروحية وكفؤا فى استعداده الذهنى ومقدرته العلمية،... والخدمة لا ينبغى أن يسعى إليها أو يكلف بها من لم تتوفر له هاتان الخلتان!!.. فاذا أضفنا إلى الخادم والكنيسة، الكتاب الذى ينبغى أن يكون مرتبطاً بالخادم ، نتذكر كيف تعلم تيموثاوس الكتاب وهو طفل على أيدى جدته وأمه ، وكيف استمع إليه على فم بولس ، ... والكتاب لابد أن ينسخ فى قصة حياتنا ونحن نرضع من ثدى أمهاتنا ... قال أحد الشيوخ القديسين: إن أجل ذكريات الطفولة وأبعدها أثراً فى حياتى ، الذكريات التى بقيت معى ، هى اللحظات التى كانت أمى تقرأ فيها لنا أجزاء من الكتاب المقدس كل صباح وكل مساء ... وقال أحدهم : - وقد كان من عادة الآباء اليهود أن يعلموا أولادهم الشريعة فى الخامسة من العمر ، إن كل الآباء المسيحيين هم الكهنة الذين عينتهم عناية اللّه لبيوتهم ومن واجبهم أن يضرعوا إلى اللّه من أجل أولادهم وعندما نأخذ الكتاب المقدس بالإيمان فهو قادر أن يهدى ويحكم للخلاص الذى فى المسيح يسوع وإذا كنا - من الصغر - نقرأ كتباً كثيرة ، فإن أول واجب هو أن نقرأ كتاب اللّه لأنه يختلف عن كل كتاب آخر !! .. ) . وقد ذكر أحدهم أن ما يميز الكتاب المقدس عن الكتب الأخرى ، ويربط الستة والستين سفراً فى كتاب واحد ، هو الوحى والإعلان ، إذ أنه كتاب موحى به من اللّه ، ومعلن للناس . وأحسن شهادة عن الوحى موجودة فى كلمات اللّه نفسها، ولذا قال هوش تايلور : إن الكتاب حين يدرس ، ويحب ، ويطاع ، ويوثق به ، لا يمكن أن يخدع أو يضلل أو يفشل ، والكتاب ينفعنا فى كل ظرف إذ أنه ينير الجاهل ، ويوبخ الشرير ، ويصحح طريق من يريد السلوك فى البر ، ... إنه يجعل إنسان اللّه متأهبا لكل عمل صالح !! .. عندما سئل دكور جاك - وهو من أساتذة اكسفورد - كيف يمكن أن نعلم الدين ؟ ... أجاب : نحن نعلم الدين فى كل وقت ، إذ نعلمه فى الحساب بالتنظيم ، وفى اللغة بالدقة .. وفى التاريخ بتعليم الإنسانية ، وفى الجغرافيا باتساع الذهن ، وفى الفلك بالتأمل ... نحن نعلم الناس أن يبنوا كنيسة المسيح .. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|