رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس أغريغوريوس الثاؤلوغوس بطريرك القسطنطينية (النزينزى، بالناطق بالإلهيات) * نشأته:- كان أبوه أسقف نزينز واسمه اغريغوريوس أيضًا، وأمه "نون Nonne”، وهما قديسان تكرمهما الكنيسة. الستدرت أمه بركات السماء لأسرتها بحسناتها الكثيرة. ولم تحل محبتها للفقراء دون القيام بواجبات البر نحو أولادها، فعرفت كيف تحافظ على أموالهم وأيضا تزيدها بتدبيرها الحكيم. وكانت التداريب التقوية تستغرق جزاء كبيرا من وقتها، ولكنها كانت شديدة الحرص على القيام بواجباتها. وكان أغريغوريوس زوجها يتبع الخزعبلات الوثنية منذ طفولته. وصار المستشار الأول لمدينة نزينز، وكان يقوم بواجبات وظيفته بأمانة، وكانت له كل الفضائل الأدبية التي يمكن أن يتصف بها شرفاء هذا العالم، ولم يكن ينقصه سوى أن يكون مسيحيا. وكانت "نون" Nonne تلجأ إلى الدموع والصلوات إلى الله لكي تفوز بتحوله، واستجيب الدعاء أخيرا. فأنكر زوجها الديانة الوثنية، واعتمد في "نزينز" Nazianze حوالي سنة 325. وحرص على الحفاظ على نعمة المعمودية، فاستحق بعد ذلك أن يعتلى كرسى "نزينز" الأسقفي، وحكمها حوالي خمسة وأربعين سنة. ثم تنيح وعمره تسعين سنة. ونقرأ في مؤلفات إنه تفصيل فضائله، لاسيما حماسه وتواضعه. وأنجب قبل أن يصير أسقفًا ثلاثة أطفال: ابنة تدعى "جورجونى" Gorgonie، وابنين هما اغريغوريوس و"سيزير" Cesaire. ولقب القديس اغريغوريوس بالناطق بالإلهيات بسبب معرفته العميقة بالدين، وقد ولد سنة 329(1) في قرية "أزينز" Azianze في منطقة "نزينز" Nazianze بالقرب من مدينة قيصرية في كبادوكية (تركيا حاليا). وقد ربته كما ربت إخوته أمه التقية "نون" بنفسها في التقوى وعلمتهم قراءة الكتب المقدسة. ويعد اغريغوريوس ثمرة صلوات أمه، ولذلك كرسوه للرب منذ ولادته. وكان يتجاوب تجاوبا كاملا مع العناية التي يبذلها والداه لتدريبه في الفضيلة. وكانت معرفة الله هدفه الرئيسي من وراء الدراسة. وحتى ينمو أكثر فأكثر في المعرفة، عود نفسه المواظبة على قراءة الكتب التقوية. وقد رأى في شبابه حلما عجيبا رواه لنا بهذه الصورة. قال: "بدا لي إني أرى امرأتين ذات جمال نادر، إحداهما تمثل البتولية، والأخرى ضبط النفس، وكانتا تلاطفانى كابن لهما وتدعواني إلى إتباعهما. قالتا لي: تعال معنا وسوف نرفعك إلى نور الثالوث الأقدس الأزلي". ومنذ ذلك الحين صارت رغبة اغريغوريوس شديدة في حياة التبتل. ونعرف من مؤلفاته انه كان على الأخص يميل إلى هذه الحالة المقدسة. فوصف امتيازها ومزاياها وصفا مطولا. وهو يتكلم بحماس شديد عن الالتزام بالحفاظ على نذر البتولية، ويدعو الحنث بهذا النذر موتا، وانتهكات للقديسات، وغدرا. ذهابه إلى أثينا: ولما أكمل تعليمه بالقدر الممكن في مسقط رأسه، ذهب إلى قيصرية فلسطين، وذهب أخوه "سيزير" Ceasiro إلى الإسكندرية. وكانت في قيصرية المدرسة الشهيرة التي أسسها أوريجانوس، ومكتبة تلميذه القديس الشهيد "بامفيل" Pamphile الشهيرة. ومن فلسطين ذهب إلى الإسكندرية لزيارة أخيه "سيزير"، وقضى بعض الوقت معه، وبعد ذلك أبحر إلى أثينا التي كانت تعتبر دائما مركز المعارف والآداب. لم يكن الوقت مناسبًا، فقد هبت عاصفة استمرت عشرين يوما. وفي لحظة ما امتلأت السفينة بالماء: حينئذ دعا البحارة والربان ولم يكونوا عند ذاك يعترفون بأي إله، دعوا جميعا الرب يسوع المسيح بصوت عال، فنجت السفينة. ولكن الماء العذب كان قد نفذ، إذ أن الأوعية التي كانوا يحتفظون فيها بالماء العذب كانت قد سقطت في البحر على أثر هزة عنيفة أثناء العاصفة. ثم تقابلوا مع سفينة تجارية فينيقية، وكان ركابها ذوى مروءة وشجاعة فأعطوهم ماء عذبا. ولكن العاصفة لم تهدأ، وفقد البحارة كل أمل. والشيء الذي كان يحزن اغريغوريوس أكثر من كل شيء، هو أنه لم يكن قد اعتمد بعد. وكان ألمه عظيما لدرجة أن البحارة أنفسهم كانوا يشفقون عليه. وكان يصلى إلى الله بدموع قائلا أنه يكرس من جديد حياته كلها، إذ خلصه من هذا الخطر. واستجاب الله صلاته وهدأت العاصفة. بل أكثر من ذلك حدث أن كل الذين كانوا معه في نفس السفينة آمنوا بالمسيح ووصلوا بسلام إلى اثينا. إن القديس اغريغوريوس يتكلم عن هذه المدينة بحماس. ففي ذلك الحين كان هناك المعلمون الممتازون، ومن ضمنهم الخطيب "أنا طوليوس" Anatolius الذي جعله الإمبراطور قنسطننس حاكما، و"ديوفنط" Diophante الشهير مخترع علم الجبر، و"بروهيريزويوس" Proheresius أستاذ البلاغة الذي كان الإمبراطور قنسطنس قد استدعاه إلى بلاد الغال (فرنسا)، وعندما ر بروما ثانية، أعجبوا به درجة أن مجلس الشيوخ أقام له تمثالا كتبت عليه هذه العبارة:"من روما ملكة العالم إلى ملك البلاغة". صداقته مع القديس باسيليوس: وازدادت سعادة اغريغوريوس كثيرًا بوصول صديقه باسيليوس. كان قد سبق تعارفهما، ولكن صداقتهما غدت حينئذ صداقة حميمة. فأقاما معا وكانا يتناولان طعامهما على مائدة مشتركة، وكانا لا يعاشران من زملائهما إلا أطهرهم وأهداهم. ويبدو أنهما ما كانا يعرفان سوى شارعين فقط من شوارع المدينة: الشارع المؤدى إلى الكنيسة والمعلمين الذين يعلمون الإيمان، والشارع الذي يؤدى إلى المدارس العامة والمعلمين الذين يعلمون العلوم البشرية. وكانا يتركان للآخرين الشوارع التي يذهب الناس عن طريقها إلى المسارح والملاهي العالمية. كان اهتمامهما كله مركزا في تقديس الروح، وكان طموحهما الوحيد هو أن يصبحا مسيحيين حقيقيين. وكانا يجعلان في ذلك كل مجدهما. كانت حياتهما صارمة جدا، وما كانا يأخذان من المال الذي ترسله لهما عائلتهما سوى القدر الضروري لشراء احتياجاتهما التي لا يمكن الاستغناء عنها، وكان الباقي يوزع على الفقراء. فكانا هادئ النفس/ ولم يكن الحسد ليسبب لهما اضطرابًا: الخير الذي يحدث للواحد كان يسبب فرحا وسعادة للآخر. وكان الواحد يحث الآخر على فعل الخير. وفي غيرة مقدسة كانا يجتهدان في التفوق الواحد على الآخر في ممارسة الصوم والصلاة والتداريب التقوية المختلفة. كانا رائدين من جهة التقوى، كانا أيضا أولين في العلوم والآداب. وأثارت تلك المعرفة الكثيرة وتلك الفضائل الإعجاب لدرجة أنه حيثما كان الناس يتكلمون عن أثينا وعن معلميها الماهرين، كانوا يذكرون الصديقين العجيبين باسيليوس واغريغوريوس، اغريغوريوس وباسيليوس. وقد أضافا إلى هذه المعارف الثمينة، معرفة ضرورية أخرى، هي معرفة الناس. وجاء الإمبراطور يوليان إلى أثينا سنة 355، وتعرف عليه القديسان باسيليوس واغريغوريوس هناك، لأنهما درسا معه لبعض الوقت الكتب المقدسة والآداب. وبالرغم من تنكره، وبعده عن الناس كانوا يستشفون من منظره، اضطرابه النفسي. وتوقع القديس اغريغوريوس في تلك الظروف سوءا وصرح بأن الإمبراطورية كانت تغذى وحشا في أحشائها، وكان يبنى تشاؤمه هذا على شيء عجيب مبهم يلاحظه الناس على ذلك الأمير. فكانت مشية يوليان مزعزعة، يهز أكتافه، ويحرك رأسه، وكانت عيناه تائهتين وقلقتين، يتكلم ويضحك كثيرا، وكان لسانه السريع لا يقوى دائما على متابعة أفكاره، فكان حديثه في بعض الأحيان متقطعا، وصوته مترددا، وكثيرا ما كان يسأل أسئلة ويرد ردودا لا معنى لها أو تنقصها الصحة. مغادرته أثينا: وأخيرًا حضرت اللحظة المؤلمة. فقد عزم القديسان اغريغوريوس وباسيليوس أن يغادرا أثينا بعد الدراسة ويفترقا. وتأثرت كل المدينة. كان المعلمون والتلاميذ يحيطون بالصديقين ويستحلفونهما أن يبقيا في المدينة. وشرح باسيليوس أسباب رجوعه إلى وطنه في بيان جعلهم يدعونه يذهب بالرغم منهم، ولكنهم استبقوا اغريغوريوس وألزموه قبول وظيفة أستاذ البلاغة. ولم يكن ذلك لوقت طويل، لأنه بعد قليل إنسحب في غير ضجيج لكي يذهب إلى صديقه في كبادوكية. ووصل القسطنطينية في نفس الوقت الذي وصل فيه أخوه الطبيب إلى الإسكندرية. وكانت شهرة "سيزير" أخيه حينئذ عظيمة جدًا، حتى أن مستشارى القسطنطينية عرضوا عليه لكي يستبقوه في تلك المدينة وكفلوا له مرتبا كبيرا وزيجة ممتازة ووظيفة عضو في مجلس الشيوخ. وبناء على طلبهم أعطاه الإمبراطور قنسطنس خطابات تخول له أن يكون من مواطني المدينة، وعينه طبيبه الأول. ومع ذلك استطاع اغريغوريوس أن يقنع أخاه بأن يرجع معه إلى مسقط رأسيهما ويكرس فنه له. أما اغريغوريوس، فقد أراد أشخاص كثيرون أن يقنعوه بالمعيشة في القسطنطينية. كانوا يقولون له يمنك أن تنضم إلى هيئة المحامين أو تدرس البلاغة، وسوف تكون لك بذلك فرصة لإظهار مواهبك، فتتقدم سريعًا في العالم. ولكن لم تستطيع هذه الأحاديث أن تبهر القديس، وكان رده. انه ينظر إلى أبعد من ذلك، وأن هدفه ألا يعيش سوى لله. عماد القديس وتجديد حياته: وكان أول ما فعله عند وصوله إلى نزينز أن يتقبل سر العماد من يد والده ومنذ ذلك الحين كرس نفسه كلية لخدمة الله. وقد قال: "لقد أعطيت كل ما لي إلى الذي أخذته منه، وقد أتخته وحده نصيبا لي، وكرست له كل أموالى ومجدي وصحتي ولساني ومواهبي. وكل الثمر الذي نلته من هذه المميزات يكمن في غبطتي باحتقار كل هذه الأشياء من أجل محبة الرب يسوع المسيح". |
13 - 05 - 2013, 09:47 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: القديس أغريغوريوس الثاؤلوغوس بطريرك القسطنطينية
شكراً مارى ربنا يباركك
|
|||
14 - 05 - 2013, 11:41 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أغريغوريوس الثاؤلوغوس بطريرك القسطنطينية
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|