شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
صموئيل الاول 26 - تفسير سفر صموئيل أول
آية (1):- ثم جاء الزيفيون إلى شاول إلى جبعة قائلين اليس داود مختفيا في تل حخيلة الذي مقابل القفر.
للمرة الثانية يغدر الزيفيون بداود. إذ كان مختفيًا عندهم. ومرة ثانية يغدر شاول بداود.
الآيات (2-25):- فقام شاول ونزل إلى برية زيف ومعه ثلاثة آلاف رجل منتخبي إسرائيل لكي يفتش على داود في برية زيف. ونزل شاول في تل حخيلة الذي مقابل القفر على الطريق وكان داود مقيما في البرية فلما راى أن شاول قد جاء وراءه إلى البرية. ارسل داود جواسيس وعلم باليقين أن شاول قد جاء. فقام داود وجاء إلى المكان الذي نزل فيه شاول ونظر داود المكان الذي اضطجع فيه شاول وابنير بن نير رئيس جيشه وكان شاول مضطجعا عند المتراس والشعب نزول حواليه. فاجاب داود وكلم اخيمالك الحثي وابيشاي ابن صروية اخا يواب قائلًا من ينزل معي إلى شاول إلى المحلة فقال ابيشاي أنا انزل معك. فجاء داود وابيشاي إلى الشعب ليلا وإذا بشاول مضطجع نائم عند المتراس ورمحه مركوز في الأرض عند راسه وابنير والشعب مضطجعون حواليه. فقال ابيشاي لداود قد حبس الله اليوم عدوك في يدك فدعني الآن اضربهبالرمح الرمح الى الأرض دفعة واحدة ولا اثني عليه. فقال داود لابيشاي لا تهلكه فمن الذي يمد يده إلى مسيح الرب ويتبرا. وقال داود حي هو الرب أن الرب سوف يضربه أو يأتي يومه فيموت أو ينزل إلى الحرب و يهلك. حاشا لي من قبل الرب أن امد يدي إلى مسيح الرب والان فخذ الرمح الذي عند راسه وكوز الماء وهلم. فاخذ داود الرمح وكوز الماء من عند راس شاول وذهبا و لم ير ولا علم ولا انتبه أحد لأنهم جميعا كانوا نياما لأن سبات الرب وقع عليهم. وعبر داود إلى العبر ووقف على راس الجبل عن بعد والمسافة بينهم كبيرة. ونادى داود الشعب وابنير بن نير قائلًا أما تجيب يا ابنير فاجاب ابنير وقال من أنت الذي ينادي الملك. فقال داود لابنير أما أنت رجل ومن مثلك في إسرائيل فلماذا لم تحرس سيدك الملك لانه قد جاء واحد من الشعب لكي يهلك الملك سيدك. ليس حسنا هذا الأمر الذي عملت حي هو الرب انكم أبناء الموت انتم لانكم لم تحافظوا على سيدكم على مسيح الرب فانظر الآن أين هو رمح الملك وكوز الماء الذي كان عند راسه. وعرف شاول صوت داود فقال اهذا هو صوتك يا ابني داود فقال داود أنه صوتي يا سيدي الملك. ثم قال لماذا سيدي يسعى وراء عبده لاني ماذا عملت واي شر بيدي. والان فليسمع سيدي الملك كلام عبده فان كان الرب قد اهاجك ضدي فليشتم تقدمة وأن كان بنو الناس فليكونوا ملعونين أمام الرب لأنهم قد طردوني اليوم من الانضمام إلى نصيب الرب قائلين اذهب اعبد آلهة اخرى. والان لا يسقط دمي إلى الأرض أمام وجه الرب لأن ملك إسرائيل قد خرج ليفتش على برغوث واحد كما يتبع الحجل في الجبال. فقال شاول قد اخطات ارجع يا ابني داود لاني لا اسيء اليك بعد من اجل أن نفسي كانت كريمة في عينيك اليوم هوذا قد حمقت وضللت كثيرا جدًا. فاجاب داود وقال هوذا رمح الملك فليعبر واحد من الغلمان ويأخذه. والرب يرد على كل واحد بره وامانته لانه قد دفعك الرب اليوم ليدي ولم اشا أن امد يدي إلى مسيح الرب. وهوذا كما كانت نفسك عظيمة اليوم في عيني كذلك لتعظم نفسي في عيني الرب فينقذني من كل ضيق. فقال شاول لداود مبارك أنت يا ابني داود فانك تفعل وتقدر ثم ذهب داود في طريقه ورجع شاول إلى مكانه.
ظن بعض الدارسين أن قصة هذا الإصحاح مكررة مع إصحاح (24) ولكن الفروق:
إصحاح (24)
إصحاح (26)
1- الأحداث عند مغادرة عين جدي
الأحداث عند تل حخيلة
2- داود قطع جبة شاول
داود يأخذ رمحه وكوزه
3- هنا داود يخرج وراء شاول ويكلمه
هنا داود يكلم أبنير والشعب ثم الملك من على جبل آخر
4- في هذه المرة كانت الحادثة نهارًا
هذه الحاثة كانت ليلًا
5- بعد هذه الحادثة هرب داود مسرعًا
بعد هذه الحادثة التجأ للفلسطينيين
وربما القصة متشابهة مع الأخرى لكن الشر دائمًا متشابه وأعمال الله دائمًا في عنايته متشابهة. وفي آية (4) داود لم يصدق أن شاول خرج وراءهُ ثانية بعد أن سبق ووعده وأرسل جواسيس لكي يتأكد أن هذا حدث فعلًا. وفي آية (5) المتراس: حاجز من الحجارة أو التراب أو الخشب يختفي وراءه الجنود عند الحرب للحماية ولكن الكلمة الأصلية يمكن ترجمتها دائرة من العربات فهو أقام العربات كمتاريس ونام وسطها. ومن عناية الله غلب النعاس الجميع، هم إتكلوا على قوتهم البشرية لكنهم غلبوا حتى من طبيعتهم فلم يقدروا أن يسهروا فواضح أن يد الله في الأمر. أبيشاى:- هو ابن صروية أخت داود من الأم وليست من الأب. إذ يبدو أن امرأة يسى كانت قبل زواجها منه امرأة لناحاش ملك عمون (2صم25:17) وقد ولدت له صروية وأبيجايل ثم أخذها يسى فولدت له داود إخوته. وناحاش قد يكون ملك عمون أو اسمه هكذا وفي (8) قد حبس الله اليوم عدوك في يدك= لقد أدرك أبيشاى أن هذا النوم ليس طبيعيًا بل هو من الله ليعطى فرصة لداود. وأبيشاى فهم أن الفرصة هي أن يقتل داود شاول لكن داود فهمها أنها فرصة أخرى ليهزم شيطان الكراهية بمحبته وتواضعه. وحقًا فالرب يعطى لأحبائه نومًا وسلامًا أمّا أعداء الله فلهم نوم الغفلة. وفي آية (13) داود يقف بعيدًا إذ هو لا يأتمن شاول ولا رجاله. وكلّم أبنير ليوبخه لكن في أدب وكأنه يقول لهُ أما يكفيك نوما؟! وفي (14) من أنت الذي ينادى الملك= أي كيف تتجاسر وتوقظ الملك. وفي آية (15) أما أنت رجل= هذه فيها تأنيب لأبنير ومعناه أنت رجل جبّار بأس فكيف تتهاون في حراسة سيدك. وفي آية(19) إن كان الرب قد أهاجك ضدى فليشتم تقدمة = أي لو كنت قد أخطأت ورأى الله أن يعاقبنى بأن يسلمنى ليدك فأنا أقبل أن أقدم نفسي ذبيحة. أو أن كان الله يوافق أن يسلمنى ليدك حتى تفرح أنت فأنا أوافق أن أكون الذبيحة التي يرضاها الله حتى يشتم في طاعتى رائحة سرور.وإن كان بنو الناس.... طردونى اليوم من الانضمام .. أذهب أعبد آلهة أخرى= هنا يكشف عن مرارة نفسه بسبب حرمانه من الأشتراك في الصلاة والتسبيح مع شعبه فهو هارب نتيجة مؤامرة من الناس. أو أنه نتيجة ما يحدث فهو مضطر أن يترك إسرائيل ويهرب ثانية إلى أىٍ من الشعوب الوثنية. وكأن هؤلاء الناس يطلبون منه أن يترك إلهه ووطنه ويذهب لوطن آخر ليعبد آلهة غريبة. وفي (20) لا يسقط دمى إلى الأرض= فهو يؤمن بعدالة الله وأن دَمَهُ لو سفكَ ظلمًا لصرخ مثل دم هابيل وسينتقم الله من القاتل. الحجل= الحجل يُطارده العرب بأن يطاردوه حتى لا يستقر على الأرض فيتعب من الطيران ويحط على الأرض منهكًا فيصطادونه بهراوة. أي أن شاول أتعب داود بمطاردته [والحجل طائر لا قيمة كبيرة لهُ وهذا من تواضع داود كقوله برغوث]. إرجع يا ابني داود: هنا شاول يرده لمركزه لكن داود لم يَعُدْ يثق فيه. لقد تصاغر شاول في عيني نفسه إذ رأى عفو داود المتكرر عنهُ. الرب يرد على كل واحد بره: هنا داود لا يريد أجرًا من شاول عن محبته وتسامحه وعفوه بل ترك الحكم والمكافأة للرب.