رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التسبيح فى الكتاب المقدس التسبيح هو فرحة القديسين، ولغة الملائكة، وشبع المؤمنين.. وكنيستنا القبطية الأرثوذكسية هي أكثر كنائس العالم تمسكاً بعمل التسبيح.. إذ نقضي الساعات الطوال في تسبحة نصف الليل وباكر وعشية، ونزيدها مدائح في كيهك، استعداداً بالفرح بالمسيح الفادي، شهوة قديسي ومؤمني العهد الجديد. وتتسم تسابيحنا بسمة كتابية واضحة، تظهر جلياً في اقتباسنا المتكرر من أسفار العهدين وهذه مجرد أمثلة: الهوس الأول: (خروج 15). الهوس الثاني: (مزمور 135). الهوس الثالث: (من سفر دانيال). الهوس الرابع: (مزامير 148-149-150). الإبصاليات: اسم الخلاص الذي لربنا يسوع، من صلاة العشار (لو 13:18). الثيؤطوكيات: اقتباسات لا حصر لها من الكتاب المقدس عن سر التجسد الإلهي، وبخاصة من خيمة الاجتماع بالعهد القديم، التي كانت رمزاً لكنيسة العهد الجديد. النبوات والمزامير والأناجيل التي نقرأها في "البصخة المقدسة" وسفر الرؤيا في ليلة أبوغالمسيس بعد تسابيح الخلاص التي نقرأها من العهدين القديم والجديد. والتسبيح في الكنيسة هو الرئة التي نتنفس بها، وهو لغة الحب والفرح والإحساس بحضور الله، وهو أيضاً الخدمة الوحيدة التي سنعملها بالسماء بعد الانتقال من هذه الحياة الأرضية. هناك ستنتهي كل أنواع الخدم، وتبقى هذه الخدمة فقط؛ فلن يكون هناك خدمة وعظ أو تعليم أو كرازة، لن يكون هناك خدمة فقراء أو مرضى أو تعزية حزانى، لن يحتاجوا إلي خدمة افتقاد أو تدبير أو أي أمر آخر... سيكون العمل الوحيد هو أن نسبح الله على الدوام، وأن نسعد بهذا التسبيح الدائم. لذلك من اللائق أن نتدرب منذ الآن على التسبيح. وبالتسبيح، ليس فقط نتدرب على حياة السماء، بل أيضاً نتشارك مع السمائيين في حياتهم وعملهم، بل وصفاتهم أيضاً. فالتسبيح يطبع فينا صفات الملائكة كالجمال والتناغم والفرح والحب والوداعة والاتضاع. وإذا سألنا أنفسنا لماذا نسبح، فالإجابة ستكون العديد من الأسباب. أولهم أن الانسان عرف الآلات الموسيقية منذ قديم الأزل، حتى أن أحفاد قايين "يوبال": "كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار"، وتوبال: "كان ضارباً كل آلة من نحاس وحديد" (تك21:4). فاهتمام الإنسان الأول بالموسيقى في هذه العصور البدائية يؤكد أن آدم وحواء قد تسلما أهمية التسبيح وقيمته من الله والملائكة، ثم سلّما ذلك إلي أولادهما وأحفادهما من بعدهما. والتسبيح أيضاً هو أرقى أنواع الموسيقى، لأنه بينما هو يغذي النفس بالنغمات، إذ به يرفع الروح درجات نحو الله، الذي هو "مخوف بالتسبيح" (خر11:15).أما الجسد الضعيف فيكتسب قوة وخفة تجعله يسمو ويرتفع فوق الرغبات الأرضية وينفصل عنها، ليتحد شيئاً فشيئاً مع الأجناد السمائية منشداً بما يصرخون به. ولقد عبَرَت ألحان وتسابيح الكنيسة القبطية كل عصور الاضطهاد المختلفة وظلت صامدة خالدة. لذا، فالمستمع إليها سوف يدرك أن جميعها مستلهمة من مصدر واحد، ثابت على مدى الأجيال، وهذا المصدر والإلهام هو الروح القدس. وكما أن الخمر كلما تعتقت سنيناً طويلة، كلما صار تأثيرها أقوى وأعمق، هكذا الألحان والتسابيح القبطية، إذ أنها كلما تعتقت في صحن الكنيسة سنيناً، كلما صار لها سحر روحي وقدرة بالغة الأثر على مشاعر المسبح، فيشعر ببركة لا مثيل لها. وكما أنه لم يستطع أحد حتى الآن، رغم كل التقدم التكنولوجي والعلمي الحديث، أن يصنع خمراً جديدة لها نفس خواص وتأثير الخمر العتيق، كذلك لن يستطيع مؤلف - مهما كان علمه الموسيقي وموهبته الفذة- أن يصنع لحناً واحداً له نفس العمق والروحانية والقداسة التي للتسابيح القبطية الخالدة. الطقوس والتسابيح القبطية ليست موسيقى جامدة، بل عبادة حية متجددة، لأن الفاعل في هذه الموسيقى هو الروح القدس، الذي نطق في الأنبياء في العهد القديم، والذي يعمل في كنيسة العهد الجديد. وللتسبيح قصة جميلة نود أن نتتبع فصولها في أسفار الكتاب المقدس. تبدأ هذه القصة من انقطاع التسبيح، بسبب الخطية (في سفر التكوين)، وتنتهي بالتسبيح الدائم بغير انقطاع بسبب البر (في سفر الرؤيا).. مروراً بأحداث جمة في الأسفار المقدسة، تدل على تطور العلاقة بين الله والناس، ممثلة ومبرهنة في التسبيح، ودرجة الدالة بين الله والإنسان. حقاً قيل في إشعياء عن الإنسان: "هذا الشعب جبلته لنفسي. يحدث في تسبيحي"(إش21:43). |
25 - 10 - 2012, 06:37 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
كانت العلاقة بين الله وآدم مليئة بالدفء والحب والدالة.."وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها" (تك15:2). فجأة انقطعت هذه العلاقة الجميلة بين الله والإنسان، وصارت هناك قطيعة بسبب الخطية.. وبدلاً من الدالة والحب والفرح صار هناك خوف واختباء ورعب.. "وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة..فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة.. فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت" (تك 3: 8،10)... وبدلاً من البركة صارت هناك لعنة وعداوة (تك3: 14-19) وطرد آدم من وجه الرب (تك24:3) وتحولت علاقة الود والحب إلي خصومة وعداوة وحاجز متوسط بين السمائيين والأرضيين، وساد الرعب والموت. ولم يكن من الممكن أن يقترب الإنسان إلي الله بدون دم.. فعمل الله أول ذبيحة ليعلّم آدم أنه: "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب22:9). ونستدل على هذه الذبيحة من الآية القائلة: "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد ألبسهما" (تك21:3).. كان هذا الجلد هو جلد أول ذبيحة، ليعرف آدم أنه لن يستر عريه بدون الذبيحة. وكان كذلك في ذبائح ابني آدم..فقبل الله ذبيحة هابيل إذ كانت دموية، بينما رفض ذبيحة قايين إذ أنها نباتية بدون سفك دم.. "وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلي هابيل وقربانه، ولكن إلي قايين وقربانه لم ينظر" (تك 4:4،5). على الرغم من الدالة والحب بين الله والآباء.. فقد كانت الصلة الأساسية التي تربطهم بالله هي المذبح والذبيحة، علامة على الحاجة إلي الكفارة والفداء بدم المسيح.. وهذا ما نراه في سفر التكوين. نوح: "وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا" (تك20:8،21). أبرآم: "وظهر الرب لأبرام وقال: "لنسلك أعطي هذه الأرض" فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر له" (تك7:12). إسحاق: "فبنى هناك مذبحاً ودعا باسم الرب" (تك25:26). يعقوب: "وأقام هناك مذبحاً ودعاه إيل إله إسرائيل" (تك 20:33). كانت العلة التي أراد موسى النبي أن يُخرِج بها الشعب من مصر هي الذبيحة.."الرب إله العبرانيين التقانا، فالآن نمضي سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا" (خر 18:3)، وكان خروجهم من مصر مرتبطاً بذبح خروف الفصح "مسوا العتبة العليا والقائمتين بالدم" (خر22:12). كانت العلاقة مع الله تدور حول الدم.. إشارة إلي الحاجة إلي سفك دم السيد المسيح، وأيضاً إعلاناً عن غضب السماء بسبب خطية الإنسان التي تستوجب الموت والدم. ولم يكن هناك مجال للتسبيح والترنيم.. كان خروج بني إسرائيل من مصر معجزة غير متوقعة، وما صاحب هذه المعجزة كانت أعاجيب عظيمة. فالضربات التي أصابت فرعون وشعبه فتح غلفة لسان الشعب فبدأوا يسبحون "حينئذ رنم موسى وبنو إسرائيل هذه التسبحة للرب وقالوا.." (خر15). وهذه هي التسبحة التي رتبتها كنيستنا بنفس نصها الكتابي في (الهوس الأول)، وهي أيضاً التسبحة التي يتغنى بها السمائيون: "وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله، وترنيمة الخروف" (رؤ 3:15). وقد كانت هذه التسبحة طفرة في العلاقة مع الله، ولكنها ارتبطت أيضاً بالمذبح والذبيحة. لقد سبحوا الله بهذه التسبحة مرة واحدة فقط، وكأن الله كان يفتح لهم نافذة ليطلوا منها على تسبيح العهد الجديد الذي هو تسبيح الخلاص. لم يكن الخلاص قد تم وقتها، وكانوا مازالوا ينتظرون مجيء السيد المسيح المزمع أن يفدي البشرية، لتحيا بعدئذ حياة التسبيح الدائم.. "فبنى موسى مذبحاً ودعا اسمه يهوه نسِّي" (خر15:17). عمل موسى خيمة الاجتماع حسب المثال الذي أظهره الله له على الجبل، وكان كل ما يدور داخل هذه الخيمة مرتبطاً بالذبائح فقط. وكان هناك أنواع من الذبائح اليومية (المحرقة، الخطية، الإثم، السلامة)، بالإضافة إلي الذبائح الموسمية (الفصح، يوم الكفارة العظيم). وكان تدشين المذبح وتطهير الشعب برش الدم (خر 5:24-8)كذلك كان كل شيء في خيمة الاجتماع مرتبط بالدم، إشارة إلي الحاجة بدم المسيح. لكن إلي جوار الدم والذبيحة كان هناك طفرة جديدة قدمها الله في العلاقة مع موسى وهي مذبح البخور: "وتصنع مذبحاً لإيقاد البخور. من خشب السنط تصنعه" (خر1:30). إنه مكان لا تقدم عليه ذبائح دموية، ومع ذلك يسمى "مذبح". فمذبح البخور هذا ينبئ بنوع جديد من الذبائح الغير دموية؛ فالبخور هو صلوات القديسين، كما جاء في سفر الرؤيا: "وجاء ملاك آخر ووقف عند المذبح، ومعه مبخرة من ذهب، وأعطى بخوراً كثيراً لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش. فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله" (رؤ 3:8،4). فمذبح البخور إذاً كان إشارة مبكرة إلي ذبيحة جديدة تقدمها البشرية هي: "ذبيحة التسبيح". وسنرى لاحقاً كيف دخلت هذه ذبيحة في العبادة. |
||||
25 - 10 - 2012, 06:38 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
أعد الله فتى صغيراً ليطور به نظام العبادة ويُدخِل به، إلي جانب الذبائح الدموية، ذبيحة أخرى سامية تعبر عن الحب والود بين الله والناس، وتشيع الفرح والتهليل بين صفوف العابدين، وتنبئ عن الصلح والسلام اللذان سيصيران بين السماء والأرض بعد إتمام الفداء بدم السيد المسيح. تلك الذبيحة الطاهرة هي "ذبيحة التسبيح": "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب 15:13)، وكان هذا الفتى الصغير هو داود "مُرنم إسرائيل الحلو" (2صم1:23)، الذي وصف بأنه: "كان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر" (1صم12:16). ذلك الفتى الذي استحقره جليات الفلسطيني، ومع ذلك فقد قيل عنه إنه "يحسن الضرب (بالموسيقي)، وهو جبار بأس ورجل حرب، وفصيح ورجل جميل، والرب معه" (1صم18:16). ونستطيع أن نقول أن داود هو أهم مرحلة مر بها التسبيح في الكتاب المقدس، وهو "عميد" المرنمين والمسبحين. وقد كان داود شاعراً فصيحاً يُجيد التعبير عن أحاسيسه في أشعار خلابة. وكان وهو يرعى أغنامه في البرية يستوحي من الطبيعة المحيطة به صوره الشعرية الجميلة، التي صاغها في المزامير والتي تتأمل في عمل الله وخليقته الحسنة. كانت السماء، الفلك، الشمس، القمر، البحار، الأنهار، الحيوانات والطيور كلها مصدر إلهام لذلك الشاعر الصغير الرقيق، مسوقاً من الروح القدس. "ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت. ملآنة الأرض من غناك. هذا البحر الكبير الواسع الأطراف. هناك دبابات بلا عدد. صغار حيوان مع كبار" (مز24:104،25). "إذا أرى سماواتك عمل أصابعك، القمر والنجوم التي كونتها" (مز3:8). "الغنم والبقر جميعاً، وبهائم البر أيضاً، وطيور السماء، وسمك البحر السالك في سبل المياه" (مز7:8،8). "السماوات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه. يوم إلي يوم يذيع كلاماً، وليل إلي ليل يبدي علماً." (مز1:19،2). "للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها. لأنه على البحار أسسها، وعلى الأنهار ثبتها" (مز1:24،2). "صوت الرب على المياه. إله المجد أرعد. الرب فوق المياه الكثيرة" (مز 3:29). "كما يشتاق الإيل إلي جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله"(مز1:42). "غمر ينادي غمراً عند صوت ميازيبك. كل تياراتك ولججك طمت عليّ" (مز7:42). "رفعت الأنهار يا رب، رفعت الأنهار صوتها. ترفع الأنهار عجيجها. من أصوات مياه كثيرة، من غمار أمواج البحر، الرب في العُلى أقدر" (مز3:93،4). والظروف المتباينة التي مر بها هذا الفتى الرقيق جبار البأس كانت مصدراً لإلهامه الشعري، واستطاع الروح القدس أن يستثمر هذه الظروف في صياغة مزامير خالدة، مناسبة لكل الأجيال. وهذه الظروف المتباينة نقصد بها المواقف التالية: "يا رب، ما أكثر مضايقي! كثيرون قائمون عليّ" (مز1:3). "يا بني البشر، حتى متى يكون مجدي عاراً؟ حتى متى تحبون الباطل وتبتغون الكذب؟" (مز2:4). "لأن أعدائي تقاولوا علين والذين يرصدون نفسي تآمروا معاً" (مز10:71). "يا رب، لا توبخني بغضبك، ولا تؤدبني بغيظك.. وأنت يا رب فحتى متى؟" (مز1:6،3). "يا رب، لماذا تقف بعيداً؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟" (مز1:10). "إلي متى يا رب تنساني كل النسيان؟ إلي متى تحجب وجهك عني؟" (مز1:13). "أحمد الرب بكل قلبي. أحدث بجميع عجائبك. أفرح وأبتهج بك. أرنم لاسمك أيها العلي" (مز1:9،2). "أحبك يا رب، يا قوتي. الرب صخرتي وحصني ومنقذي. إلهي صخرتي به أحتمي" (مز1:18،2). "الرب راعي فلا يعوزني شيء" (مز1:23). "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز8:34). "طوبى للذي غُفِر إثمه وسُترت خطيته. طوبى لرجل لا يَحسب له الرب خطية، ولا في روحه غش" (مز1:32،2). "أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قلت: أعترف للرب بذنبي، وأنت رفعت أثام خطيتي" (مز5:32). "ليست في جسدي صحة من جهة غضبك. ليست في عظامي سلامة من جهة خطيتي. لأن آثامي قد طمت فوق رأسي. كحمل ثقيل أثقل مما أحتمل" (مز3:38،4). "اغسلني كثيراً من إثمي، ومن خطيتي طهرني. لأني عارف بمعاصي، وخطيتي أمامي دائماً. إليك وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت" (مز 2:51-4). اُختير داود ليكون عازفاً أمام شاول الملك "وكان عندما جاء الروح من قبل الله على شاول أن داود أخذ العود وضرب بيده، فكان يرتاح شاول ويطيب ويذهب عنه الروح الرديء" (1صم23:16). وانتصر داود على جليات الذي عيَّر بني إسرائيل (1صم17: 50،51)ومر بظروف كثيرة في حياته، مذكورة في سفري صموئيل الأول والثاني، تخللها دائماً التسبيح والترنيم. وبتدبير إلهي أتيح لهذا الفتى الصغير الفرصة لأن يعمم محبة الناس للتسبيح، وينشر مزاميره ليترنم بها شعب الله، وذلك عندما صارت بيده مقاليد الأمور وأصبح ملكاً لكل إسرائيل (2صم5: 3،4). عندما استقرت المملكة في يد داود، فكر في استرداد تابوت عهد الرب، الذي كان قد استولى عليه الفلسطينيون أيام عالي الكاهن (1صم11:4). كان يمكن أن تكون رحلة عودة التابوت مصحوبة بحراسة عسكرية، لكنها كانت فرصة رائعة لداود الموسيقار صاحب المزامير أن يجعلها احتفالاً دينياً موسيقياً تكون فيه عودة التابوت مصحوبة بالتسابيح والمزامير والألحان. "وجمع داود أيضاً جميع المنتخبين في إسرائيل، ثلاثين ألفاً. وقام داود وذهب هو وجميع الشعب الذي معه من بعلة يهوذا، ليصعدوا من هناك تابوت الله... وداود وكل بيت إسرائيل يلعبون أمام الرب بكل أنواع الآلات من خشب السرو، بالعيدان وبالرباب وبالدفوف وبالجنوك وبالصنوج" (2صم1:6-5). كان هذا أول حفل موسيقي ديني ضخم يقوده ملك البلاد بنفسه، ولا شك أنه قد بُذل جهد كثير ووقت كبير في الإعداد لهذا الحفل الملكي المهيب. وكان كل الشعب يشارك في العزف والإنشاد والتهليل والفرح "فأصعد داود وجميع بيت إسرائيل تابوت الرب بالهتاف وبصوت البوق" (2صم15:6). وكان الحفل منظماً جداً به كل أنواع الآلات الموسيقية"وبصوت الأصوار والأبواق والصنوج، يصوتون بالرباب والعيدان" (1أخ 28:15)، وأنواع من المسبحين مقسمين على آلات (1أخ 15: 19-24). واستمر هذا الحفل طوال الطريق "وكان كلما خطا حاملوا تابوت الرب ست خطوات يذبح ثوراً وعجلاً معلوفاً. وكان داود يرقص بكل قوته أمام الرب. وكان داود متنطقاً بأفود من كتان" (2صم6: 13،14). إنها المرة الأولى في التاريخ المقدس التي يُعلَن فيها عن حضور الله من خلال الموسيقى والتسبيح فقيل عنه: "الجالس بين تسبيحات إسرائيل" (مز3:22). "وأدخلوا تابوت الله وأثبتوه في وسط الخيمة التي نصبها له داود، وقربوا محرقات وذبائح سلامة أمام الله" (1أخ 1:16). كان اللاويون قبل عهد داود الملك مسئولين عن حمل الخيمة أثناء تنقلها، ولكن بما أنها استقرت في عهده لم يعد هناك داع لهذا الترحال كما كان أيام موسى النبي، ولم تعد هناك وظيفة لهؤلاء "الحمالين" (1أخ 23: 25،26)، فاستحدث لهم داود وظيفة أخرى في الخيمة سوف تستمر إلي منتهى الأيام. هذه الوظيفة هي "خدمة ذبيحة التسبيح": "لأجل الوقوف كل صباح لحمد الرب وتسبيحه وكذلك في المساء" (1أخ 30:23)."وجعل(داود) أمام تابوت الرب من اللاويين خداماً، ولأجل التذكير والشكر وتسبيح الرب إله إسرائيل: آساف الرأس..بآلات رباب وعيدان. وكان آساف يصوت بالصنوج. وبنايا ويحزيئيل الكاهنان بالأبواق دائماً أمام تابوت عهد الله" (1أخ16: 4-6). كانت هذه أول مرة في التاريخ تدخل خدمة التسبيح في العبادة المقدسة الرسمية داخل خيمة الاجتماع ويكون لها خدام متخصصون ومكرسون لهذا العمل المقدس(1أخ 16: 7،37) (1أخ6: 31،32) كان عدد المسبحين ضخماً جداً حتى أنهم صاروا فرقاً.. فمن مجموع عدد رجال سبط لاوي من ابن ثلاثين سنة فما فوق، البالغ عددهم ثمانية وثلاثين ألفاً، كان هناك "أربعة آلاف مسبحون للرب بالآلات التي عملت للتسبيح" (1أخ 5:23). صار لهؤلاء المنتخبين لخدمة التسبيح حظوة ومكانة، وحُسبوا كأنبياء..حتى أنهم كانوا يُلقبون بكلمة "المتنبئ" أو "الرائي": "آساف المتنبئ بين يدي الملك" (1أخ2:25). وهكذا تأسست في عهد داود النبي والملك خدمة منظمة للتسبيح لها قواعد وأصول ونظم وتقسيمات وفرق متخصصة. وكان الملك بنفسه يتولى الاهتمام بهذه الخدمة المقدسة. كان الله قد أعد النبي داود وملأه من الروح القدس والحكمة لكي بواسطته يدخل نظام التسبيح في صميم العبادة الإلهية. بعد أن مات داود، اختار الله للمملكة أكثر أبنائه شاعرية وعاطفية وحكمة خلفاً له وهو سليمان الذي "تكلم بثلاثة آلاف مثل، وكانت نشائده ألفاً وخمساً" (1مل32:4)، ولعل الله كان يقصد أن يؤصل ويعمق نظام التسبيح في كنيسة العهد القديم، لذلك اختار سليمان خلفاً لداود أبيه. كانت من أهم وأوائل أعمال الملك الجديد سليمان أنه بنى هيكلاً مقدساً للرب (1مل1:6)، وكان حفل تدشين الهيكل حفلاً ضخماً رائعاً أهم ما يميزه الموسيقى والألحان المقدسة: "واللاويون المغنون أجمعون: آساف وهيمان ويدوثون وبنوهم وإخوتهم، لابسين كتاناً، بالصنوج والرباب والعيدان(كانوا) واقفين شرقي المذبح، ومعهم من الكهنة مئة وعشرون ينفخون في الأبواق. وكان لما صوَّت المبوقون والمغنون كواحد، صوتاً واحداً، لتسبيح الرب وحمده، ورفعوا صوتاً بالأبواق والصنوج وآلات الغناء والتسبيح للرب: "لأنه صالح لأن إلي الأبد رحمته." أن البيت، بيت الرب، امتلأ سحاباً. ولم يستطع الكهنة أن يقفوا للخدمة بسبب السحاب، لأن مجد الرب ملأ بيت الله" (2أخ5: 12-14). وسبح سليمان وصلّى بمزمور جميل من تأليفه ذُكر في (2أخ6)في أثناء تدشين الهيكل المقدس. بعد التدشين نظم سليمان العبادة المقدسة في الهيكل..فكانت الذبائح تقام "حسب وصية موسى" (2أخ13:8)، أما التسبيح فكان حسب طقس داود الملك "وأوقف حسب قضاء (تنظيم)داود أبيه فرق الكهنة على خدمتهم واللاويين على حراساتهم، للتسبيح والخدمة أمام الكهنة، عمل كل يوم بيومه... لأنه هكذا هي وصية داود رجل الله. ولم يحيدوا عن وصية الملك على الكهنة واللاويين في كل أمر" (2أخ8: 14-15). لم يكن التسبيح في أيام داود وسليمان الملكين عشوائياً، بل كان له نظام وترتيب وباهتمام الملكين بنفسيهما. وكان هذا التنظيم يتميز بالآتي: كلمة "أوقف" (1أخ17:15)التي قيلت عن اختيار مجموعة من الناس للتسبيح تُعني أنهم تعينوا في هذه الوظيفة وتم تكريسهم لها، ثم تجهيزهم وإعدادهم للقيام بهذه المهمة. وكلمة "أفرز" (1أخ1:25) تعني أنهم اُختيروا وتخصصوا لهذا العمل وهذه الخدمة. كان هناك تدريب للمغنيين والعازفين، وكان المدربون على مستوى عال من الروحانية والمهارة الفنية الموسيقية. وقد استخدم الكتاب المقدس عبارة "تحت يد (فلان)"للتعبير عن هذا التدريب "تحت يد آساف المتنبئ بين يدي الملك...تحت يد أبيهم يدوثون المتنبئ بالعود...كل هؤلاء تحت يد أبيهم...لخدمة بيت الله، تحت يد الملك وآساف ويدوثون وهيمان. وكان عددهم مع إخوتهم المتعلمين الغناء للرب، كل الخبيرين مئتين وثمانية وثمانين...المعلم مع التلميذ" (1أخ25: 2-8) "وكننيا رئيس اللاويين على الحمل مرشداً في الحمل لأنه كان خبيراً" (1أخ22:15)، "وكننيا رئيس الحمل مع المغنيين" (1أخ27:15). لقد اُختير "كننيا"رئيساً للفناء لأنه كان خبيراً، ومعلماً للفرق الموسيقية. كان هناك ثلاثة رجال أساسيين "هيمان بن يوئيل.. وآساف بن برخيا..وإيثان بن قوشيا" (1أخ17:15)، وكان معهم آخرون "ومعهم إخوتهم الثواني (درجة ثانية) زكريا و..." (1أخ18:15)، وكانت هذه الدرجات تتحدد حسب مهاراتهم في الغناء والعزف. لقد اختارهم داود الملك من اللاويين وحددهم بالاسم، وكانت مواهبهم الفنية هي التي أفسحت لهم الطريق (1أخ16: 37-42)... "وهؤلاء هم الذين أقامهم داود على يد الغناء في بيت الرب بعدما استقر التابوت. وكانوا يخدمون أمام مسكن خيمة الاجتماع بالغناء إلي أن بنى سليمان بيت الرب في أورشليم، فقاموا على خدمتهم حسب ترتيبهم" (1أخ6: 31-32). لقد تكررت كلمة "خبير" (1أخ22:15)، وكلمة"ماهر".. "ومن اللاويين كل ماهر بآلات الغناء" (2أخ12:34)، وكلمة "ماهر"تعني هؤلاء المتدربين الذين كانوا خبراء ولهم المقدرة على الفهم والإدراك وممارسة خدمة الرب بكفاءة. لم يكن هناك موضع للجهل أو لنقص المهارة للخدمة فيما يخص الله. داود نفسه عزف حسناً وبمهارة أمام شاول الملك (1صم23:16). |
||||
25 - 10 - 2012, 06:39 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
بعد أن "اضطجع سليمان مع آبائه فدفنوه في مدينة داود أبيه. وملك رحبعام ابنه عوضاً عنه" (2أخ31:9) انقسمت المملكة بسبب سوء تصرف رحبعام، وصارت المملكة مملكتين (يهوذا وإسرائيل)، وفي الغالب كانت مملكة يهوذا أكثر تديناً من مملكة إسرائيل، "وكانت حرب بين رحبعام (ملك يهوذا)، ويربعام (ملك إسرائيل)كل أيام حياته" (1مل6:15). وانصرف الملك والجيش والناس إلي الحرب، ولم يعد أحد ينتبه إلي هؤلاء المرنمين والموسيقيين الموهوبين ليرعاهم..فبدأت خدمة التسبيح في الانحدار والانحطاط. وحافظ سبطا يهوذا وبنيامين بالكاد على خدمة الذبائح فقط، في مقابل انسياق كل باقي أسباط إسرائيل وراء الأوثان. هذا ما عير به "أبيا" ملك يهوذا شعب إسرائيل المنحرفين وراء يربعام الملك عابدين الأوثان قائلاً: "وأنتم جمهور كثير ومعكم عجول ذهب قد عملها يربعام لكم آلهة. أما طردتم كهنة الرب بني هارون واللاويين، وعملتم لأنفسكم كهنة كشعوب الأراضي (الأمم)..للذين ليسوا آلهة؟ وأما نحن فالرب هو إلهنا، ولم نتركه والكهنة الخادمون الرب هم بنو هارون واللاويون في العمل، ويوقدون للرب محرقات كل صباح ومساء" (2أخ13: 8-11). في هذا الكلام ذكر "أبيا" خدمات الهيكل التي نظمها موسى، ولم يتطرق إلي ذكر فرق التسبيح التي نظمها داود، ومن بعده سليمان. ومن ذلك يبدو أن هذه الفرق كانت قد ضعفت أو توقفت..أي أن أسباط مملكة إسرائيل (الشمالية) انساقت إلي الأوثان، وتركت عبادة الله الحي.. ومملكة يهوذا (الجنوبية) أيضاً قد انشغلت، وتركت عنها خدمة التسبيح. فقد كانت البلاد في حالة فوضى وانشغالات كثيرة "وفي تلك الأزمان لم يكن أمان للخارج ولا للداخل، لأن اضطرابات كثيرة كانت على سكان الأراضي" (2أخ5:15). لم يدم هذا الأمر كثيرا، بل كانت ذبيحة التسبيح تتأرجح في قوتها بحسب زمان الملك الذي يملك وظروف المملكة..فإن كان الملك باراً تقياً والمملكة في حالة سلام كان التسبيح يأخذ مكانته في الاهتمام والاعتبار، وإذا كان الملك شريراً معوجاً والمملكة في حالة حرب وفوضى كان يضعف الاهتمام بالتسبيح، ويتفرق المسبحون والعازفون، ويتوقف التسبيح من هيكل الرب أو يضعف مستواه الروحي والفني. بعد هذا العهد الفقير في التسبيح، توالت عدة نهضات روحية متعاقبة. وكانت من أهم علامات النهضة الروحية التي يقوم بها أي ملك يملك على يهوذا، أو (إسرائيل) أن يعيد إلي الهيكل بهاءه، بتنظيم خدمة التسبيح. في عهد آسا الملك وبَّخ النبي "عزريا بن عوبيد" الشعب، فتنبهوا ونزعوا الرجاسات من كل أرض يهوذا وبنيامين، وعادوا إلي الرب "ودخلوا في عهد أن يطلبوا الرب إله آبائهم بكل قلوبهم وكل أنفسهم" (2أخ12:15). كانت علامة هذا العهد أنهم "حلفوا للرب بصوت عظيم وهتاف وبأبواق وقرون. وفرح كل يهوذا.." (2أخ15: 14-15). كذلك كانت عودة هتاف التسبيح، هي العلامة المميزة لعودة الروح إلي الشعب، بعد عصور من التمزق والتمرد وعبادة الأوثان والحروب العنيفة. في عهد "يهوشافاط" الملك تعرضت الدولة لهجوم من الأعداء.. فرجعوا إلي الرب، وكان أحد الـمُسبِّحين هو الذي قاد الشعب للتوبة وهو "يحزئيل بن زكريا...من بني آساف، كان عليه روح الرب في وسط الجماعة" (2أخ14:20). وكانت عودتهم للرب مرتبطة بالتسبيح "فخَرَّ يهوشافاط لوجهه على الأرض، وكل يهوذا وسكان أورشليم سقطوا أمام الرب سجوداً للرب. فقام اللاويون من بني القهاتيين ومن بني القورحيين ليسبحوا الرب إله إسرائيل بصوت عظيم جداً" (2أخ20: 18-19). في الغد وقف يهوشافاط لتحفيز الشعب على العودة للرب، و"أقام مغنين للرب ومسبحين في زينة مقدسة...وقائلين: "احمدوا الرب لأن إلي الأبد رحمته". ولما ابتدأوا في الغناء والتسبيح جعل الرب أكمنة على بنى عمون وموآب وجبل ساعير الآتين على يهوذا، فانكسروا" (2أخ20: 21-22).فكان الفضل في نصرتهم يرجع إلي التسبيح. وعاد الشعب من الحرب "ليرجعوا إلي أورشليم بفرح، لأن الرب فرحهم على أعدائهم. ودخلوا أورشليم بالرباب والعيدان والأبواق إلي بيت الرب" (2أخ20: 27-28). وانتصرت إسرائيل على الأعداء وعادوا يسبحون الله بحسب ترتيب داود وسليمان. حدثت نكسات أخرى في حياة الشعب وسادت الشرور والآثام، وتراجعت الروحانية والحب والتسبيح حتى قام كاهن عظيم هو "يهوياداع". رد يهوياداع الشعب إلي الله، وخلع "عثليا" الملكة الشريرة، وملَّك يوآش بن أخزيا. وكان تجليس الملك في حفل ديني مهيب أعاد إلي الأذهان مجد الهيكل القديم أيام داود وسليمان: "وإذا الملك واقف على منبره في المدخل، والرؤساء والأبواق عند الملك، وكل شعب الأرض يفرحون وينفخون بالأبواق، والمغنون بآلات الغناء، والمعلمون التسبيح" (2أخ13:23). وبعد حفل التجليس هذا الذي أحيا مجد التسبيح في الهيكل.."قطع يهوياداع عهداً بينه وبين كل الشعب وبين الملك أن يكونوا شعباً للرب" (2أخ16:23). لقد كان من علامات هذه النهضة الروحية أن "جعل يهوياداع مناظرين على بيت الرب عن يد الكهنة اللاويين الذين قسمهم داود على بيت الرب، لأجل إصعاد محرقات للرب، كما هو مكتوب في شريعة موسى، بالفرح والغناء حسب أمر داود" (2أخ18:23).لقد كان التسبيح هو المقياس الذي يقيس درجة الحرارة الروحية لشعب الله. والنظام الذي أرساه داود النبي كان هو المعيار والمرجع عند إعادة أي ترتيب لخدمة الهيكل. قام في يهوذا ملك عظيم تقي هو "حزقيا" الذي قيل عنه إنه "عمل المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل داود أبوه" (2أخ2:29).هذا الملك القديس اجتهد أن ينهض بالشعب روحياً "فتح أبواب بيت الرب ورممها" (2أخ3:29)، ونبه الكهنة واللاويين إلي التوبة (2أخ29: 4-11). ثم "أوقف اللاويين في بيت الرب بصنوج ورباب وعيدان حسب أمر داود وجاد رائي الملك وناثان النبي، لأن من قبل الرب الوصية عن يد أنبيائه. فوقف اللاويون بآلات داود، والكهنة بالأبواق. وأمر حزقيا بإصعاد المحرقة على المذبح. وعند ابتداء المحرقة ابتدأ نشيد الرب والأبواق بواسطة آلات داود ملك إسرائيل. وكان كل الجماعة يسجدون والمغنون يغنون والمبوقون يبوقون. الجميع، إلي أن انتهت المحرقة" (2أخ29: 25-28). كانت أيام حزقيا أياماً روحية عاد فيها الشعب إلي الرب(2أخ29: 30،35،36) اهتم يوشيا الملك بخدمة التسبيح "وكان الرجال يعملون العمل بأمانة، وعليهم وكلاء...ومن اللاويين كل ماهر بآلات الغناء" (2أخ12:34)، "والمغنون بنو آساف كانوا في مقامهم حسب أمر داود وآساف وهيمان ويدوثون رائي الملك" (2أخ15:35).لذلك فعند موته "كان جميع المغنين والمغنيات يندبون يوشيا في مراثيهم" (2أخ25:35). |
||||
25 - 10 - 2012, 06:40 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
قبل السبي كانت مملكة إسرائيل واحدة في عهد ثلاثة ملوك: شاول، داود، سليمان. وانقسمت المملكة إلي اثنين في عهد رحبعام. وكما ذكرنا فإن مملكة الجنوب (يهوذا) توالى عليها بعض الملوك الصالحين وشهدت عدة نهضات روحية، أما مملكة الشمال (إسرائيل) فدخلتها العبادات الغريبة والشر، ولم يكن لهم حظ أو نصيب في ذبيحة التسبيح مقارنة بمملكة يهوذا بأورشليم. وبسبب شرور مملكة إسرائيل سلمهم الله إلي السبي بدءاً من سنة 722 ق.م. وانهزمت المملكة عدة مرات (2مل29:15)، (1أخ26:5)، (2مل6:17). وبهذا انتهت مملكة إسرائيل وتشتتت. ولكن كي نتتبع رحلة التسبيح، علينا أن نتتبع مملكة يهوذا وما حدث لها (دا1:1-7)، (2مل24: 1-4)، (2مل24: 12-16)، (2مل25: 8-12).لقد دمرت أورشليم وانتهت مملكة يهوذا أيضاً وأصابها العار. "على أنهار بابل هناك جلسنا، بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون. على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا. لأنه هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين: "رنموا لنا من ترنيمات صهيون". كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟ إن نسيتك يا أورشليم، تنسى يميني! ليلتصق لساني بحنكي" (مز137: 1-6) كانت تسابيح أورشليم شهيرة جداً حتى أن الأعداء البابليين كانوا قد سمعوا عن مجد وبهاء هذا التسبيح، فطلبوا من الشعب المسبي بتهكم أن يرتلوا لهم هذه التسابيح، لكن لم تعد هناك حتى الرغبة في التسبيح. لم تكن تسابيح الرب مجرد أغاني يتمتع بها الغرباء في حفلات صاخبة –كما كانوا يفعلون- لكنها كانت ذبيحة حب وفرح يُغنى بها في حضور إله إسرائيل. لقد أتت نبوة أيوب: "صار عودي للنوح ومزماري لصوت الباكين" (أي31:30)وتحولت تسابيح الشعب مراثيا، وحق لهم أن يرددوا هذه المزامير بدلاً من مزامير الفرح: مز74، مز79، مز85. " هل إلي الدهر تسخط علينا؟ هل تطيل غضبك إلي دور فدور؟ ألا تعود أنت فتحيينا، فيفرح بك شعبك؟" (مز85: 5-8) لكن الله الحنون لم يترك شعبه إلي الانقضاء، بل أرسل لهم مخلصين ليخلصوهم من السبي، وعادوا إلي أورشليم ليعمروها بالمباني وأيضاً بالتسبيح. وهذا ما تنبأ عمه إشعياء النبي وقال: "في ذلك اليوم يغنَّى بهذه الأغنية في أرض يهوذا: لنا مدينة قوية. يجعل الخلاص أسواراً ومترسة" (إش 1:26). "ويكون في ذلك اليوم أنه يضرب ببوق عظيم، فيأتي التائهون في أرض أشور، والمنفيون في أرض مصر، ويسجدون للرب في الجبل المقدس في أورشليم" (إش13:27). "ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلي صهيون بترنم" (إش10:35). "هذا الشعب جبلته لنفسي. يحدث بتسبيحي" (إش21:43). "اخرجوا من بابل، اهربوا من أرض الكلدانيين. بصوت الترنم أخبروا. نادوا بهذا" (إش20:48). كانت عودة الشعب إلي أرضه المقدسة سبباً في عودة الروح إليه، وبدأ الناس يعودون إلي عبادته المقدسة. وكانت أبرز علامات النهضة الروحية التي صاحبت العودة من السبي عودة ذبيحة التسبيح إلي مكانتها ومجدها اللائقين بها. وكانت هناك عدة علامات أظهرت الاهتمام بخدمة التسبيح: 1- في الإحصاء الذي أجراه كل من زربابل وعزرا ونحميا للعائدين من السبي، كان هناك اهتمام خاص بأعداد المسبحين، وقد أسماهم السفران عزرا ونحميا بـ"المغنين".. "المغنون بنو آساف مئة وثمانية وعشرون" (عز41:2)، "ولهم من المغنين والمغنيات مئتان" (عز65:2). مجرد ذكر هذه الفئة ضمن تعداد الشعب وضمن فئات الناس، يُوحي بأن لهم كياناً مستقلاً واهتماماً خاصاً، وأن القادة كانوا ملتفتين إليهم باعتبارهم ضروريين لعودة الروح إلي الشعب. 2- كان وجود فرق التسبيح جزءً أساسياً في احتفالات تدشين الهيكل والسور "ولما أسس البانون هيكل الرب، أقاموا الكهنة بملابسهم بأبواق، واللاويين بني آساف بالصنوج، لتسبيح الرب على ترتيب داود ملك إسرائيل. وغنوا بالتسبيح والحمد للرب، لأنه صالح لأن إلي الأبد رحمته على إسرائيل. وكل الشعب هتفوا هتافاً عظيماً بالتسبيح للرب" (عز3: 10-11). "وعند تدشين سور أورشليم طلبوا اللاويين من جميع أماكنهم ليأتوا بهم إلي أورشليم، لكي يدشنوا بفرح وبحمد وغناء بالصنوج والرباب والعيدان" (نح27:12). لقد كانت فرحتهم ببناء الهيكل وبناء السور فرحة روحية مقدسة، لذلك كان يصاحبها التسبيح. 3- إعفاء فرق التسبيح من الضرائب ومنحهم مرتبات مجزية كمثل أيام داود وسليمان "ونعلمكم أن جميع الكهنة واللاويين والمغنيين والبوابين والنثينيم وخدام بيت الله هذا، لا يؤذن أن يُلقى عليهم جزية أو خراج أو خفارة" (عز24:7). "لأن وصية الملك من جهتهم كانت أن للمرنمين فريضة أمر كل يوم فيوم" (نح23:11).هذا الأمر لم يكن موجوداً قبل نحميا، مما جعله يخاصم الولاة، لأنهم لم يقوموا بإعطاء أنصبة اللاويين والمغنين (نح13: 10-11). 4- اشتراك كل الشعب في التسبيح "فقال كل الجماعة: آمين. وسبحوا الرب. وعمل الشعب حسب هذا الكلام" (نح13:5)، ولم يعد الأمر مقصوراً على اللاويين والمسبحين فقط، بل قد اشترك كل الشعب في تسبيح الرب الإله. 5- إنشاء تسابيح عظيمة جديدة على غرار مزامير داود، تمتلئ بشرح التاريخ المقدس، وحمد الله على صنيعه مع شعبه (نح9: 5-38)، وهكذا تجدد عطاء الروح القدس على فم الأنبياء والآباء، بسبب عودة التوبة إلي القلوب، وعودة الفرح والإحساس بحضور الله في حياتهم. 6- لم تُـهمل وظيفة التسبيح عند توزيع الوظائف على اللاويين..كانت كل فرقة من اللاويين لها وظيفة، وكان المسبحون لهم أيضاً دور في تنظيم العبادة المقدسة، كمثل أيام داود وسليمان "واللاويون: يشوع و... الذي على التحميد هو وأخوته" (نح8:12).إنها صورة لما حدث أيام داود النبي عندما رتب العبادة في الهيكل، وصارت كل فرقة من اللاويين مسئولة عن جزء من الخدمة. 7- أدخل نحميا تطويراً جديداً على خدمة التسبيح، مازالت كنيستنا القبطية تعمل به، وهو نظام الخورسين اللذين يتبادلان التسبيح (ربع بحري وربع قبلي).. "وأقمت فرقتين عظيمتين من الحمّادين" (نح31:12) "والفرقة الثانية من الحمّادين وكبت مقابلهم، وأنا وراءها" (نح38:12) "فوقف الفرقتان من الحمّادين في بيت الله، وأنا ونصف الولاة معي" (نح40:12) هذا النظام في التسبيح يُسمى (Antiphon) أي نظام المرابعة... 8- الالتزام بنظام داود وسليمان في العبادة بالتسبيح.. "على ترتيب داود ملك إسرائيل" (عز10:3) "بآلات غناء داود رجل الله" (نح36:12) "حسب وصية داود وسليمان ابنه" (نح45:12) وقد رأينا سابقاً أن التسبيح بلغ أوج مجده في عهدي داود وسليمان المباركين. لذلك صار ترتيبهما مرجعاً لكل العصور. وقد التزم نحميا بذلك ليعيد المجد إلي إسرائيل. وتحققت نبوات الأنبياء وعاد التسبيح إلي هيكل الرب بعد السبي: "صوت الطرب وصوت الفرح، صوت العريس وصوت العروس، صوت القائلين: احمدوا رب الجنود لأن الرب صالح، لأن إلي الأبد رحمته. صوت الذين يأتون بذبيحة الشكر إلي بيت الرب، لأني أردُّ سبي الأرض كالأول، يقول الرب" (إر11:33). "لأجعل لنائحي صهيون، لأعطيهم جمالاً عوضاً عن الرماد، ودهن فرح عوضاً عن النوح، ورداء تسبيح عوضاً عن الروح اليائسة، فيدعون أشجار البر، غَرسَ الرب للتمجيد" (إش3:61). بعد العودة من السبي واستقرار أمور شعب الله نسبياً، وبناءً على تنظيم عزرا ونحميا لخدمة الهيكل والتسبيح، عادت للهيكل أمجاده القديمة. ومع مرور الوقت استقرت التنظيمات الخاصة بالعبادة داخل الهيكل، وصار لها ترتيب مستقر استمر حتى مجيء ابن الله بالجسد، حيث شارك فيها بالتسبيح ربنا يسوع مع تلاميذه القديسين. وقد كانت المزامير وتسابيح الأنبياء تشكّل المادة الأساسية لكل العبادة بالتسبيح في الهيكل بأورشليم..فعلى مدار الأسبوع كانت هناك تسابيح مخصصة لكل يوم، وكذلك كانت هناك تسابيح مرتبة للأعياد والمواسم الدينية. |
||||
25 - 10 - 2012, 06:41 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
لقد سبحت الملائكة عند ميلاد السيد المسيح"وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو2: 13-14) إلي جانب تسابيح حنة بنت فنوئيل وسمعان الشيخ التي سنستعرضها لاحقاً. ونستطيع أن نتوقع أن ربنا يسوع المسيح نفسه قد اشترك في ترنيم المزامير داخل الهيكل، وفي المجامع أيام السبت حسب الترتيب المتبع وقتها. هذا الأمر بدأ منذ طفولة الرب يسوع "وكان أبواه يذهبان كل سنة إلي أورشليم في عيد الفصح" (لو41:2)، واستمر بعد ذلك.. وهذا يتضح من بقائه في الهيكل في سن 12 سنة "وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل، جالساً في وسط المعلمين، يَسمعهم ويسألهم" (لو46:2).ويتضح أيضاً من مواظبة السيد المسيح على المجمع في أيام السبوت"وجاء إلي الناصرة حيث كان قد تربَّى. ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ" (لو16:4). لقد كان الرب يسوع مُشاركاً في كل العبادة، لأنه بتجسده كان لابد له أن يُـمارس كل ما يختص بنا كإنسان كامل. وقد شرح الرب يسوع ذلك في قوله ليوحنا المعمدان: "لأنه هكذا يليق بنا أن نُكَمل كل بر" (مت15:3). وقد شارك أيضاً تلاميذ الرب يسوع في خدمة التسبيح بالهيكل. وهذا واضح في التسبيح الذي قدَّمه تلاميذه الأطهار عند دخوله أورشليم "ولما قرب عند منحدر جبل الزيتون، ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم، لأجل جميع القوات التي نظروا" (لو37:19). وكذلك في ليلة آلام السيد المسيح حيث قيل: "ثم سبحوا وخرجوا إلي جبل الزيتون" (مت30:26). بعد قيامة السيد المسيح استمر الآباء الرسل في الذهاب إلي الهيكل للصلاة كما ذكر بسفر أعمال الرسل. ومع أن الذبائح الدموية قد انتهت فاعليتها لأنها كانت مجرد رمز للفداء وبطلت بالصليب، لكنهم كانوا يجتمعون في الهيكل وخاصة في رواق سليمان (أع11:3)، (أع12:5)، وهو نفس المكان الذي كان يتواجد فيه الرب يسوع (يو23:10). بالطبع كان الرسل يواظبون على الصلاة والتسبيح والمزامير في الهيكل"وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله" (لو53:24)، وكان حضورهم أيضاً مرتبطاً بمواعيد الصلاة في الهيكل فمثلاً قيل "وصعد بطرس ويوحنا معاً إلي الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة" (أع1:3)، وقد ورد أيضاً ذكر الساعة الثالثة في (أع15:2)، والسادسة في (أع9:10)، والتاسعة في (أع3:10). ولقد قيل عن جماعة المؤمنين "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة" (أع46:2)، وكان الآباء الرسل يعيشون بروح نسكية مع الجيل المسيحي الأول"وكانوا يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات" (أع42:2)، "مسبحين الله، ولهم نعمة لدى جميع الشعب" (أع47:2). كانت حياتهم كلها تسابيح وشكر وصلاة حتى في أقصى الظروف، وكانت تسابيحهم اقتباسات من المزامير "فلما سمعوا، رفعوا بنفس واحدة صوتاً إلي الله وقالوا: أيها السيد، أنت هو الإله الصانع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها" (أع24:4)، "ولما صلوا تزعزع المكان الذين كانوا مجتمعين فيه، وامتلأ الجميع من الروح القدس" (أع31:4). وعندما كان بطرس في السجن صلت الكنيسة بلجاجة من أجله (أع5:12)، وكذلك كان بولس وسيلا في السجن يسبحان "ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله، والمسجونون يسمعونهما" (أع25:16). كانت معظم هذه التسابيح تقام في هيكل أورشليم، ثم يقيمون الإفخارستيا في البيوت، بدلاً - طبعاً- من الإشتراك في الذبائح الدموية بالهيكل، حيث حَلْ هنا المرموز إليه بدلاً من الرمز "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزاً، خاطبهم بولس وهو مزمع أن يمضي في الغد، وأطال الكلام إلي نصف الليل" (أع7:20). ومع انتشار الآباء الرسل في العالم ليكرزوا بإنجيل المسيح، حملوا معهم هذا الكنـز العظيم الذي للتسبيح حتى تتعلم كل الشعوب تسبيح الله وتمجيده. التسبيح في الكنيسة هو أعظم كنـز ورثته المسيحية عن العبادة بهيكل أورشليم، حتى أنه كانت هناك وصية أساسية يُقدمها الرسل لأبنائهم المؤمنين أن يسبحوا بالمزامير والتسابيح والأغاني الروحية.. "مُكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح، لله والآب" (أف5: 19-20). "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، وأنتم بكل حكمة مُعلمون ومنذرون بعضكم بعضاً، بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، بنعمة، مترنمين في قلوبكم للرب" (كو16:3). كانت المزامير هي المادة الأساسية للصلاة في كل الاجتماعات الليتورجية في الكنيسة الأولى"فما هو إذاً أيها الإخوة؟ متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور" (1كو26:14)، وكانت أيضاً المزامير هي وسيلة العزاء في الضيقات، وأيضاً وسيلة للتعبير عن الفرح في أوقات الفرج "أعلى أحد بينكم مشقات؟ فليصل. أمسرور أحد؟ فليرتل" (يع13:5). ومع أن التسبيح في الكنيسة المسيحية هو استمرار للتسبيح بالمزامير في العهد القديم، إلا أن هذا التسبيح كان قد اكتسب روحاً جديدة بسبب التجسد والخلاص. وهذا ما تنبأت عنه المزامير نفسها: "غنوا له أغنية جديدة. أحسنوا العزف بهتاف" (مز3:33). "رنموا للرب ترنيمة جديدة. رنمي للرب يا كل الأرض" (مز1:96). إنها دعوة لكل الأرض، وليس لليهود فقط.. الأمر الذي تحقق بدخول الأمم إلي الإيمان، فصار لهم نصيب في تسبيح الرب.. والخلاص هو الباعث الأول للتسبيح "الجديد" في كنيسة العهد الجديد.. "غنوا للرب أغنية جديدة، تسبيحه من أقصى الأرض. أيها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها" (إش10:42). "رنموا للرب ترنيمة جديدة، لأنه صنع عجائب. خلصته يمينه وذراع قدسه" (مز1:98). "وجعل في فمي ترنيمة جديدة، تسبيحة لإلهنا. كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب" (مز3:40). "يا الله، أرنم لك ترنيمة جديدة. برباب ذات عشرة أوتار أرنم لك" (مز9:144). "هللويا. غنوا للرب ترنيمة جديدة، تسبيحته في جماعة الأتقياء" (مز1:149). طوبى لنا نحن الشعب المسيحي لأننا تذوقنا خلاص الله، وصار لنا فرح وابتهاج بخلاصه، وأُعطينا الحق أن نسبح الله من أجل خلاصه العجيب، وتحققت فينا نبوءة المزمور: "وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل" (مز3:22). ولا يقتصر التسبيح على فترة وجودنا على الأرض، ولكن الدارس لسفر الرؤيا سيكتشف لسعادته أن تسبيحنا هنا على الأرض ما هو إلا تدريب على حياة التسبيح الدائم الحقيقي في السماء. |
||||
25 - 10 - 2012, 06:41 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
إن ما يمُيز حياة السماء هو التسبيح الدائم، والفرح غير المنقطع، وهذا ما يُعلنه القديس يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا.. حيث يصف السماء وصفاً دقيقاً يشمل صفوف وأنواع السمائيين، وملابسهم، وطريقة سجودهم أو جلوسهم، وبالطبع التسابيح التي يتلونها، والبخور المتصاعد من مجامرهم. ما أجمل المنظر السمائي البهي الذي يشترك فيه الأربعة والعشرون شيخاً مع الأربعة حيوانات غير المتجسدة في تسبيح الجالس على العرش بالثلاثة تقديسات. "وللوقت صرت في الروح، و إذا عرش موضوع في السماء، وعلى العرش جالس...وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً. ورأيت على العروش أربعة و عشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض، وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب...وفي وسط العرش وحول العرش أربعة حيوانات مملوَّة عيوناً من قدام ومن وراء... لكل واحد منها ستة أجنحة حولها، ومن داخل مملوَّة عيوناً، و لا تزال نهاراً و ليلاً قائلة: "قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء، الذي كان والكائن والذي يأتي". وحينما تعطي الحيوانات مجداً وكرامةً وشكراً للجالس على العرش، الحي إلي أبد الآبدين، يخر الأربعة و العشرون شيخاً قدام الجالس على العرش، ويسجدون للحي إلي أبد الآبدين، ويطرحون أكاليلهم أمام العرش قائلين: أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة، لأنك أنت خلقت كل الأشياء، وهي بإرادتك كائنة وخُلِقَت" (رؤ4: 2-11). إن أبهى ما في السماء هو الجالس على العرش في الوسط.. إنه ربنا يسوع المسيح الذي يجب له التسبيح. إن مجرد وجوده وظهوره وحضوره هو تسبيح وفرح لا ينقطع، ومجد وكرامة لا يُعبَّر عنها، وهذا ما جعل هذه الطغمات السمائية تلهج بالتسبيح بهذه الطريقة البديعة. إن النفس التي تنفتح على رؤية المسيح لابد أن ينطق لسانها وقلبها بالتسبيح. ولأن المسيح حاضر دائماً في كنيسته، ومُستعلن بكل بهائه (عمانوئيل إلهنا في وسطنا الآن بمجد أبيه والروح القدس) لذلك تحيا الكنيسة على الأرض في حياة التسبيح الدائم.. "أُخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الكنيسة أسبحك" (عب12:2)، "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب15:13). وها هو منظر سمائي آخر يصف جمال التسبيح: "ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح...ولما أخذ السفر خرت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخاً أمام الخروف، ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوّة بخوراً هي صلوات القديسين. وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين: "مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه، لأنك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة، وجعلتنا لإلهنا ملوكاً وكهنةً فسنملك على الأرض". ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ، وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف، قائلين بصوت عظيم: "مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة و المجد والبركة!". وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض، وما على البحر، كل ما فيها، سمعتها قائلة: "للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد و السلطان إلي أبد الآبدين". وكانت الحيوانات الأربعة تقول: "آمين" والشيوخ الأربعة والعشرون خروا وسجدوا للحي إلي أبد الآبدين" (رؤ5: 6-14). ما أجمل هذا المنظر.. إنه سجود وقيثارات وبخور وترنيم، ثم خوارس تتبادل التسبيح، ومخلوقات سمائية تردد "آمين"..والعجيب هنا أن الطغمات الملائكية يقولون للابن الوحيد: "لأنك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك" (رؤ9:5).. ومعروف طبعاً أن الابن اشترانا نحن البشر بدمه ولم يشترِ الملائكة.. فلماذا إذاً يقولون له هذا التعبير؟ إنهم حقاً "يسبحون تسبحة الغلبة والخلاص الذي لنا"بحسب تعبير القديس "غريغوريوس اللاهوتي" في القداس الإلهي. فكما نشاركهم في تسبيحهم قائلين: "قدوس..قدوس..قدوس"يشاركونا هم أيضاً في تسبيحنا قائلين: "ذبحت واشتريتنا".إنها شركة التسبيح، وكم هي جميلة..لأنها تدخلنا في علاقة حب واتحاد مع السمائيين. إن الأبدية السعيدة هي مكافأة الأبرار، وانتصار العدل على الأشرار. وهذا أيضاً موضوع تسبحة السمائيين.. "فحدثت أصوات عظيمة في السماء قائلة: قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه، فسيملك إلي أبد الآبدين. والأربعة والعشرون شيخاً الجالسون أمام الله على عروشهم، خروا على وجوههم وسجدوا لله قائلين: نشكرك أيها الرب الإله القادر على كل شيء، الكائن والذي كان والذي يأتي، لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت. وغضبت الأمم، فأتى غضبك وزمان الأموات ليدانوا، ولتُعطَى الأجرة لعبيدك الأنبياء والقديسين والخائفين اسمك، الصغار والكبار، وليهلك الذين كانوا يُهلكون الأرض" (رؤ11: 15-18). في هذا المنظر الجميل هناك أصوات عظيمة تليق بتسبيح الإله العظيم وحده، وهناك كلمات تسبيح تعبر عن سيادة الله، ومملكته التي لن تزول، وهناك أيضاً الخوارس التي (ترابع) التسبيح بطريقة المردات أو المرابعة. والأعظم أيضاً في هذا التسبيح أن الملائكة متهللة لهزيمة الشيطان، وسقوطه هو ومملكته، وطرحه في بحيرة النار والكبريت. لذلك صارت هذه الهزيمة المنكرة موضوع تسبيحهم، وبرهان شركتهم مع البشر القديسين الذين غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم.. "وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً في السماء: الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه، لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا، الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً. وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم، ولم يحبوا حياتهم حتى الموت. من أجل هذا، افرحي أيتها السماوات و الساكنون فيها. ويل لساكني الأرض والبحر، لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم! عالماً أن له زماناً قليلاً" (رؤ12: 10-12). وهذه التسبحة تشبه الهوس الأول الذي فيه نسبح الله على نجاة شعبه، وهلاك فرعون في البحر الأحمر. إن التسبيح في السماء يُعبّر عن الصفاء والنقاوة التي سنتمتع بها مع السمائيين، بعد أن طرح الله الشيطان المشتكي علينا في بحيرة النار، وخلّص الكون من شره وفساده وسلطانه المزعوم. "ثم نظرت وإذا خروف واقف على جبل صهيون، ومعه مئة وأربعة وأربعون ألفا، لهم اسم أبيه مكتوباً على جباههم. وسمعت صوتاً من السماء كصوت مياه كثيرة وكصوت رعد عظيم. وسمعت صوتاً كصوت ضاربين بالقيثارة يضربون بقيثاراتهم، وهم يترنمون كترنيمة جديدة أمام العرش وأمام الأربعة الحيوانات والشيوخ. ولم يستطع أحد أن يتعلم الترنيمة إلا المئة والأربعة والأربعون ألفاً الذين اشتروا من الأرض. هؤلاء هم الذين لم يتنجسوا مع النساء لأنهم أطهار. هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب. هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله و للخروف. وفي أفواههم لم يوجد غش، لأنهم بلا عيب قدام عرش الله" (رؤ14: 1-5). لقد انفتح المجال للبشر (المائة والأربعة والأربعون ألفاً - وهو رقم رمزي يدل على المؤمنين المتمتعين بالحياة الأبدية) أن يشتركوا مع صفوف السمائيين في تسابيحهم، ويتعلموا ترنيمهم، ويتبعوا الخروف حيثما ذهب. إنها تسبحة خالدة، تلك التي ترنم بها موسى مع شعبه عند خروجهم من أرض مصر، وسجلت في سفر الخروج (الإصحاح 15). والآن نحن نسبح بها الله في الهوس الأول؛ من أجل أعماله العظيمة في خلاصنا. وسوف نستمر نسبحها في السماء مع كل الغالبين، لأنه بالحقيقة أنقذنا من سلطان إبليس.. فعندما ذُبح المسيح من أجلنا (مثل خروف فصح) عبر بنا من ظلمة الخطية إلي النور، ومن عبودية إبليس إلي حرية مجد أولاد الله.. "ورأيت كبحر من زجاج مختلط بنار، والغالبين على الوحش وصورته وعلى سمته وعدد اسمه، واقفين على البحر الزجاجي، معهم قيثارات الله، وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله، وترنيمة الخروف قائلين: عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء! عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين! مَنْ لا يخافك يا رب ويمجد اسمك؟ لأنك وحدك قدوس، لأن جميع الأمم سيأتون ويسجدون أمامك، لأن أحكامك قد أُظهرت"(رؤ15: 2-4). الحرية التي نتمتع بها بالحقيقة في السماء سوف تجعلنا ننطق بالتسبيح قائلين هللويا. إنها كلمة تحمل معاني عميقة، فنحن نتهلل لإلهنا وبه، ونحمده ونفرح به من خلالها، لأنه بالحقيقة إلهنا القوي المحب الرحوم على أبنائه. "وبعد هذا سمعت صوتاً عظيماً من جمع كثير في السماء قائلاً: هللويا! الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا، لأن أحكامه حق وعادلة، إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها، وانتقم لدم عبيده من يدها. وقالوا ثانية: هللويا! ودخانها يصعد إلى أبد الآبدين. وخر الأربعة والعشرون شيخاً والأربعة الحيوانات وسجدوا لله الجالس على العرش قائلين: آمين! هللويا!. وخرج من العرش صوت قائلاً: سبحوا لإلهنا يا جميع عبيده، الخائفيه، الصغار والكبار!. وسمعت كصوت جمع كثير، وكصوت مياه كثيرة، وكصوت رعود شديدة قائلة: هللويا! فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء. لنفرح ونتهلل ونعطيه المجد! لأن عرس الخروف قد جاء، وامرأته هيأت نفسها. وأعطيت أن تلبس بزاً نقياً بهياً، لأن البز هو تبررات القديسين" (رؤ19: 1-8). هذه هي حياة السماء وجمال تسبيحها. أما الأشرار الذين حرموا أنفسهم من تسبيح الله في حياتهم، وكانوا بدلاً من ذلك يغنون بأغاني الشيطان، ونعيم الدنيا وموسيقى الشر، فسيتم فيهم قول الكتاب: "بقدر ما مجدت نفسها وتنعمت، بقدر ذلك أعطوها عذاباً وحزناً" (رؤ7:18). "وصوت الضاربين بالقيثارة والمغنين والمزمرين والنافخين بالبوق، لن يسمع فيك فيما بعد...نور سراج لن يضيء فيك في ما بعد. وصوت عريس وعروس لن يسمع فيك في ما بعد. لأن تجارك كانوا عظماء الأرض. إذ بسحرك ضلت جميع الأمم. وفيها وجد دم أنبياء وقديسين، وجميع من قتل على الأرض" (رؤ18: 22-24). فطوبى لمن يمتلئ فمه بالتسبيح، ولسانه بالنغم الروحاني، وقلبه بسكنى المسيح...حقاً سيكون له نصيب وميراث مع خوارس السماء في هذا التسبيح الأبدي. لذلك نرى في سفر الرؤيا البشر الغالبين يشاركون أيضاً في هذا التسبيح السمائي الجميل: "بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير لم يستطع احد أن يعده، من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة، واقفون أمام العرش وأمام الخروف، متسربلين بثياب بيض وفي أيديهم سعف النخل، وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف. وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش، والشيوخ والحيوانات الأربعة، وخروا أمام العرش على وجوههم وسجدوا لله قائلين: آمين! البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقدرة والقوة لإلهنا إلي أبد الآبدين. آمين!" (رؤ7: 9-12). طوبى لهؤلاء الغالبين لأنهم يقفون أمام عرش الله ويخدمونه بالتسبيح في هيكله المقدس نهاراً وليلاً. |
||||
25 - 10 - 2012, 06:42 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
إن حياة السيدة العذراء مريم هي تسبيح في حد ذاتها..صمتها واتضاعها، طهارتها ونقاوتها، احتمالها وخضوعها. إن العذراء نفسها تسبحة في حد ذاتها. وعندما فتحت السيدة العذراء فاها المبارك المملوء نعمة، كانت الكلمات الخارجة من فمهل هي تسابيح غنية وعميقة تدل على روحها النسكية الأصيلة، وتدل أيضاً على شبعها بكلام الله. فتسبحتها الواردة في إنجيل مُعلمنا لوقا البشير تتشابه كثيراً مع تسبحة القديسة حَنَّة أم صموئيل، والتي وردت في (1صم2: 1-10). وفي ملء الاتضاع تَفهم العذراء القديسة أن ما نالته من نعمة هو من إحسانات القدير ورحمته. نحن نقول عنها إنها تستحق كل كرامة، وهي تقول عن نفسها إن ما نالته من كرامة كان إحساناً ورحمة من القدير "لأن القديرصنع بي عظائم، واسمهقدوس، ورحمته إلي جيل الأجيالللذين يتقونه" (لو1: 49-50).وانطلقت القديسة العذراء مريم تسبح الله على صنيعه المجيد مع شعبه: "صنع قوة بذراعه. شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين. عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة، كما كلم آباءنا. لإبراهيم ونسله إلي الأبد" (لو1: 51-55). القديسة مريم نطقت بهذه التسبحة الجميلة المذكورة في (لو1: 46-55)منذ بدء الحمل الإلهي وبعد أن رأت خلاص الرب المزمع أن يتم منها..وفي تسبحتها تعلن لنا افتقاد الرب لشعبه عن طريق ابنها الحبيب وإتمام مواعيد الرب للأنبياء. زكريا الكاهن سبح الله وباركه بعد ولادة يوحنا المعمدان الذي جاء يعد الطريق أمام الله. وبمجرد أن رأى زكريا ابنه يوحنا تنبأ عن الخلاص الآتي... لقد استؤمن زكريا على نعمة النبوة، فصارت تسابيحه نبوات ونبواته تسابيح "مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه وأقام لنا خلاصاً في بيت داود فتاه...وأنت أيها الصبي نبي العلي تدعى لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طرقه. لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم. بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا. المشرق من العلاء ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام" (لو1: 68-79). سمعان الشيخ هو أحد الذين عُهد إليهم بعمل الترجمة السبعينية للكتاب المقدس... وإذ كان متحيراً من قول إشعياء النبي "ها العذراء تحبل وتلد ابناً..." (إش14:7)وأراد تغيير لفظ "العذراء" واستبداله بلفظ "الفتاة". فأُوحي إليه بالروح القدس أنه لن يرى الموت حتى يرى تحقيق نبوة إشعياء النبي بعينيه...وبقي سمعان الكاهن حياً حتى تجسد الرب وحملته العذراء مع يوسف النجار إلي الهيكل وحين رأى سمعان الشيخ الطفل الإلهي، انفتحت عقدة لسانه و"أخذه على ذراعيه وبارك الله" (لو28:2)، وهذا هو جوهر عمل التسبيح في الكنيسة: أن نرى الله، ونبصر خلاصه في تدبير حياتنا، فتنفك عقدة اللسان وننطلق نسبحه ونبارك عظمته ونمجد أعماله فينا...لقد قال هذا الشيخ الوقور: "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك، الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم، ومجداً لشعبك إسرائيل" (لو2: 29-32). ثم توجه سمعان الشيخ بالحديث والتسبيح إلي القديسة العذراء مريم "وقال لمريم أمه: ها إن هذا قد وُضع لسقوك وقيام كثيرين في إسرائيل، ولعلامة تُقاوم. وأنتِ أيضاً يجوز في نفسك سيف، لتُعلن أفكار من قلوب كثيرة" (لو2: 34-35).لقد عرف بالروح ما سوف يحدث، وأن الرب يسوع سيكون سبباً في سقوط للرافضين وقيام للمؤمنين في إسرائيل. ليست هذه كل التسابيح والصلوات بالكتاب المقدس، وإنما هناك العديد من تسابيح القديسين في الكتاب المقدس بعهديه تقرأها الكنيسة في ليلة سبت الفرح "الأبوغالمسيس" ومنها: تسبحة موسى النبي بعد الخروج من مصر (الهوس الأول) خر15 تسبحة موسى النبي الثانية تث32: 1-43 صلاة حنة أم صموئيل 1مل2: 1-11 صلاة حبقوق النبي حب3: 2-19 صلاة يونان النبي يون2: 2-10 صلاة حزقيا الملك إش 38: 10-30 صلاة داود النبي 1أخ29: 10-13 صلاة الملك سليمان 1مل8: 22-30 صلاة عزاريا في سفر تتمة دانيال بالأسفار المحذوفة تسبحة الثلاث فتية داخل أتون النار (الهوس الثالث) في سفر دانيال تسبحة إشعياء النبي إش 25 تسبحة أخرى لإشعياء النبي إش 26 تسبحة الملائكة لو2: 13-14 يوجد عدد كبير من الآيات والمواقف التي تتحدث عن التسبيح وتحثنا على تسبيح الله بقلب طاهر مُستخدمين المزامير والتسابيح والأغاني الروحية: "مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف19:5). "وأنتم بكل حكمة مُعلمون ومنذرون بعضكم بعضاً، بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، بنعمة، مترنمين في قلوبكم للرب" (كو16:3). "فما هو إذاً أيها الإخوة؟ متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور" (1كو26:14). "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر" (كو2:4). "أعلى أحد بينكم مشقات؟ فليصل. أمسرور أحد؟ فليرتل" (يع13:5). "ونحو نصف الليل كان بولي وسيلا يصليان ويسبحان الله، والمسجونون يسمعونهما" (أع25:16). قيل أيضاً عن السيد المسيح أنه قد رتل (مزامير الهلّيل) مع تلاميذه في ليلة العشاء السري (وهي مزامير 112-118) ، وعبرت الأناجيل عن هذه التسابيح بالعبارة "ثم سبحوا وخرجوا إلي جبل الزيتون" (مت30:26) ، (مر26:14). قيل عن الآباء الرسل: "وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله" (لو53:24). "وصعد بطرس ويوحنا معاً إلي الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة" (أع1:3). وكل الجماعة المسيحية الأولى قيل عنها: "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة... مسبحين الله" (أع2: 46،47) |
||||
25 - 10 - 2012, 06:43 AM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
التسبيح هو روح الكنيسة القبطية، وتولي له الكنيسة اهتماماً كبيراً في طقوسها ومناسباتها ويوجد عدة كتب تسبح منها الكنيسة في المناسبات أهمها: + كتاب الإبصلمودية المقدسة: وهو الكتاب المستخدم في التسبحة اليومية على مدار السنة، وكلمة إبصلمودية هي كلمة يونانية من الفعل (إبصالو) أي (يرتل). + الإبصلمودية الكيهكية التي تحتوي على تسابيح تناسب الاحتفال بتجسد الله الكلمة، وميلاده من العذراء مريم. + كتاب للإبصاليات.. وهي ترانيم للأعياد وللقديسين للاستخدام في أعيادهم. لذلك ولأهمية التسبيح، كل من يشترك في العبادة داخل الكنيسة بالتسبيح والصلاة ينبغي أن يعتبر نفسه مكاناً لحلول الله وإعلان مشيئته بالروح القدس الذي يحل على الإنسان الواقف مصلياً ومسبحاً "سأسكن فيهم وأسير بينهم" (2كو16:6) فمادام الأمر كذلك، ونؤمن أن المسيح يحل بيننا حسب وعده، فمفروض على المصلي أو المسبح أن يحفظ الاتضاع وبالأكثر أن تكون عبادته وتسبيحه ولحنه وكل خدمته بروح التوبة، لأن الله يدعو الكل، حتى الفقير والبائس "ليسبحا اسمك" (مز21:74) "يا خائفي الرب سبحوه. مجدوه يا معشر ذرية يعقوب. واخشوه يا زرع إسرائيل جميعاً. لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين ولم يحجب وجهه عنه بل عند صراخه إليه استمع" (مز22: 23،24) "طوبى للساكنين في بيتك أبداً يسبحونك" (مز4:84). "لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون" (مز65:1). "هللويا. سبحوا الله في قدسه. سبحوه في فلك قوته" (مز150:1). |
||||
25 - 10 - 2012, 07:09 AM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التسبيح فى الكتاب المقدس
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|