منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 10 - 2012, 07:04 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رحلة الالام .... كاراس المُحرَّقيّ

الإ علان الرهيب

ورغم قصد يهوذا الشرير لم يهمله المسيح، بل نبّهه مرات، فعندما جلس الرب على المائدة ليأكل الفصح مع التلاميذ، طرح خبر موته هناك على المائدة، فقال بنبرات المحبة المتناهية والحزن الشديد " الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ وَاحِداًمِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي "، فدخل الألم قلوب التلاميذ وأرعبهم وبدأوا ينظرون بعضهم لبعض ويستفسرون الواحد تِِلو الآخر " هَلْ أَنَا هُوَ يَا رَبُّ ؟ ".

تُرى من يسقط من عدد التلاميذ ويفسد حسن التلمذة؟ من ذا الذي يترك صحبة الشمس المضيئة ويسير فى الطريق المملوءة غيوماً وظلاماً؟ من هو الخروف الذي حّول نفسه وصار ذئباً، وبدأ يعض راعى الخراف الصالح الأمين؟ كل هذا ويهوذا صامت ولا يريد أن يكشف عن نفسه، بل يلف نفسه بعباءة ثقيلة من الخِداع والرياء!

ويعود الرب ويُحدد ما يعنيه بأكثر توضيح " الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي "، ثم يعلن الويل على ذلك الإنسان الذي سوف يرتكب هذه الجريمة الشنعاء، فقد كان خيراً له لو لم يولد (مت25:20،26).

وتزداد حيرة التلاميذ! وينظر بطرس إلى التلميذ الذى كان يسوع يُحِبّه، إلى يوحنا الحبيب الذى كان يتكئ على صدر المسيح وقت العشاء، ويُشير له أن يتقدم إليه ليسأل عمن يتكلم، فيتقدم التلميذ البسيط المملوء حُبّاً، ويقع على صدر ابن الله ليسأله: " يَا سَيِّدُ مَنْ هُوَ؟ " فيُمزّق الرب آخر جزء من القناع الذى كان يخفي وجه الخائن ويقول: " هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ " (يو26:13).

كان من الممكن أن يعدل يهوذا عن شره، بعد سماع تلك الكلمات ويستشفع سيده فيغفر له، ولكنَّه بكل وقاحة ومكر يسأل: " هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟ " متجاهلاً ما درسه، ومتناسيّاً أنَّه أمام العين التي لا تنام، أمَّا المسيح فلم يوبّخه ولم يقل له: ماذا تقول يا عبد الفضة يا عميل الشيطان؟ ألم تعلم إنّي أراك وأنت تتقدم إلى رؤساء الكهنة وتساومهم على تسليمي؟ ألم أسمعك وأنا غائب وأنت تقول لهم ماذا تعطوني وأنا أسلمه إليكم.. وإنَّما أجابه ببساطة ووداعة قلب: " أَنْتَ قُلْتَ " (مت25:26)، وفى تلك اللحظة تغلّبت على يهوذا إرادته الشريرة، وانتهى يوم خلاصه، وابتعدت عنه ملائكة السلامة فى حزن شديد، وقد دخله الشيطان بانتصار عظيم.

أخيراً قال له يسوع: " مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ " (يو27:13)، وبهذا القول أراده أن يعرف أنّه عالم بكل نواياه السيئة، لكنَّ الأحد عشر لم يفهموا هذا القول " لأَنَّ قَوْماً إِذْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَعَ يَهُوذَا ظَنُّوا أَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعِيدِ أَوْ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئاً لِلْفُقَرَاءِ " (يو13: 29).

فخرج يهوذا وعلى وجهه تتراقص أشباح الموت متهللة، وتنبعث من عينيه نظرات موجعة تتكلم عن مستقبل مر، ومن صدره تخرج ظلمة حالكة، وأفعمت رائحة أنفاسه الهواء بالخيانة، ومنذ تلك اللحظة أصبحت غرفة حياته خالية إلاَّ من التراب، صفحة خالية من القيم، ترسم عليها الرياح خطوطاً تمحوها الرياح وتتلاعب بها العواصف!

خرج اللص وكان وقت خروجه ليلاً، ليلاً فى الخارج وليلاً فى داخله، وأصـبح هذا المخلوق التعـس بجملته أداة طيّعة تحت يد شيطان الظلمة، مهيأ لارتكاب أبشع جريمة عرفتها البشرية، خرج ليعود، ولكن هذه المرّة معه جمع من المجرمين يحملون السلاح لكي يقبضوا على يسوع.

إنَّ كل الإنجيليين يصفون حادثة الصلب بساعة الظلمة، إلاَّ واحداً وهو القديس يوحنَّا الحبيب، فهو يرى ساعة الصلب، هى أسمى درجات الإشراق فى الظلمة الحالكة، أما الساعة المظلمة فى نظره فهى خيانة يهوذا لسيده، ولهذا قال: " فَذَاكَ لَمَّا أَخَذَ اللُّقْمَةَ خَرَجَ لِلْوَقْتِ وَكَانَ لَيْلاً " (يو27:13ـ30)، فالقديس يوحنَّا لم يذكر الظلمة عند الصلب، وذلك لأنَّ آلام المسيح هى الجانب الجوهرى للنور.


  رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
خلى بالك من ابديتك وكلام يبكت من انبا كاراس † عظات الانبا كاراس
رحلة الالام
وابتدأت رحلة الالام
رحلة الصوم الكبير ( اسبوع استعداد ، 40 يوم صامها بابا يسوع ، اسبوع الالام )
كتاب رحلة الآلام للراهب كاراس المحرقي


الساعة الآن 10:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025