*عندما ترى إنسانًا يائسًا بسبب ضيق، وينطق بكلمات صعبة، لا تحسب أن الضيق هو السبب، إنما ضعف المتكلم هو السبب. إنه لأمر طبيعي بالنسبة للضيق أن يجلب أثرًا مضادًا: الاهتمام وندامة الفكر والسلوك اليقظ وعمق التقوى. لهذا قال أيضًا بولس: "الضيق ينشئ صبرًا، والصبر تزكية" (رو 5: 3).
فإن كان اليهود قد تذمروا، فالتذمر ليس بسبب الضيق، بل بسبب غباوتهم.
فعندما اجتاز القديسون تجربة ما، صاروا في أكثر روعة، وصارت مفاهيمهم أكثر ثباتًا. لذلك قال المرتل نفسه: "خير لي أنك أذللتني، لكي أتعلم فرائضك" (راجع مز 119: 71). وقال بولس: "ولئلا ارتفع بفرط الإعلانات ُأعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني، فقال لي: تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرورٍ لكي تحلّ عليّ قوة المسيح. لذلك ُأسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوي" (2 كو 12: 7-10).
ألا ترونه كيف يستيقظ بالأكثر في التجارب، ملتجًأ في الله، إلى درجة عظيمة، فيلتصق به باتقادٍ عظيم، حتى عندما يدخل في أعماق المتاعب نفسها. هذا في الواقع ما يعنيه بقوله: "عندما أعيت روحي فيّ"، وبهذا يظهر بالأكثر مملوء غيرة؟
القديس يوحنا الذهبي الفم