رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خليك مكانك “خليك مكانك، دولتك لم يعُد لها مكان في الخريطة العالمية... لا يمكنك العودة إلى الأرض، أنت مضطر للبقاء في الفضاء”. كان هذا ملخص الرسالة التي استقبلها رائد الفضاء السوفيتي “سيرجي كريكاليف” الذي كان في مهمة خاصة في الفضاء لمدة ٥ أشهر على محطة “مير” الفضائية (أي “السلام” بالروسية) المملوكة للاتحاد السوفيتي أواخر عام ١٩٩١ والذي تفكك وقتها إلى عدة دول مختلفة. تحطمت كل أمال كريكاليف بمجرد سماعه لتلك الرسالة: كيف انهارت الدولة التي أنتمي إليها؟! مَن سيتمكن من تحمل مصاريف عودتي من الفضاء للأرض؟ هل فعلاً سينتهي بي المطاف تائهًا ومختفيًا في الفضاء؟ وهل تم التخلي عني بهذه السهولة بالرغم من كل الامكانيات التي امتلكها؟ يالها من نهاية تعيسة جدًا! مرت شهور على هذه الحال، وبسبب طول المدة - حوالي ١٠ أشهر بدلاً من ٥ أشهر - كان كريكاليف مهدَّد مع مرور كل يوم بمخاطر صحية مثل: ضمور العضلات، والتعرُّض للإشعاع، وارتفاع خطر الإصابة بالسرطانات، وضعف جهاز المناعة، واعتلال الدورة الدموية. حتى، تدخلت إحدى محطات الفضاء الألمانية وأسرعت بإنقاذ “سيرجي” بتكلفة ضخمة جدًا، قُدرت بحوالي ٢٤ مليون دولار. وعاد أخيرًا إلى الأرض في ٢٥ مارس ١٩٩٢. وعند الهبوط، بدا كرجل لا يقوى على الوقوف، وبالكاد يستطيع الخروج من الكبسولة الفضائية التي هبطت بالقرب من مدينة أركاليك الكازاخية. كان مظهره “شاحب ومتعرق كقطعة من العجين الرطب”، لكن كانت فرحته عارمة. وغطت كثير من وسائل الإعلام ذلك الحدث الهام عن عودة “ضحية الفضاء المنسي”. أحبائي، بمجرد قرأتي لتلك القصة الحقيقة، كنت أستَبِق السطور لمعرفة تفاصيل تعلُّق سيرجي كريكاليف في الفضاء، وكيف انتهي به المطاف. وأثناء قرأتي، خرجت ببعض الدروس التي أريد إن أشاركها معك قارئي العزيز: تغيُّر قلب الإنسان قبل سفر كريكاليف إلى الفضاء، كان يتلقى كل الدعم والتأييد المادي والمعنوي من المسؤولين في الاتحاد السوفيتي، لكن بمجرد التفكك، انشغل الكل في التقسيمات الجديدة وما الفائدة التي قد تعود عليهم، متجاهلين تمامًا وضع رائد الفضاء الذي كان يمثل بلادهم قبل عدة أيام! وفي الحقيقة، هذا ليس بالجديد على القلب البشري، فصاحبك اليوم قد يكون عدوك اللدود غدًا ولأبسط الأسباب. ولنا في الكتاب المقدس نماذج كثيرة على ذلك مثل: تغيَّرت معاملة لابان ليعقوب الذي خدمه لأكثر من ٢٠ سنة، فاضطر إلى الهروب بكل ما يملك من وجه لابان خاله «ونَظَرَ يَعْقُوبُ وجْهَ لاَبَانَ وإِذَا هُو لَيْسَ مَعَهُ كَأَمْسِ وأَولَ مِنْ أَمْسِ» (تكوين٣١: ٢). إخوة يوسف: إذ كان مُغتاظين منه بسبب أحلامه، وردائه الملون، ومحبة أبوهم يعقوب له، خططوا للتخلص منه! «فَلَمَّا رَأَى إِخْوتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ أَحَبَّهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ إِخْوتِهِ أَبْغَضُوهُ، ولَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلاَمٍ... فَحَسَدَهُ إِخْوتُهُ، وأَمَّا أَبُوهُ فَحَفِظَ الأَمْرَ... فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ مِنْ بَعِيدٍ، قَبْلَمَا اقْتَرَبَ إِلَيْهِمِ، احْتَالُوا لَهُ لِيُمِيتُوهُ» (تكوين٣٧: ٤، ١١، ١٨). شاول الملك، بعد إن كان داود هو عازف العود الخاص به لتهدئته، انقلب عليه تمامًا وظل يطارده في كل مكان محاولًا قتله! «فَاحْتَمى شَاولُ جِدًّا... فَكَانَ شَاولُ يُعَايِنُ دَاودَ مِنْ ذلِكَ الْيَومِ فَصَاعِدًا. فَأَشْرَعَ شَاولُ الرُّمْحَ وقَالَ: “أَضْرِبُ دَاودَ حَتَّى إِلَى الْحَائِطِ”. فَتَحَولَ دَاودُ مِنْ أَمَامِهِ مَرَّتَيْنِ. وكَانَ شَاولُ يَخَافُ دَاودَ لأَنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَهُ، وقَدْ فَارَقَ شَاولَ» (١صموئيل١٨: ٨، ٩، ١١، ١٢). صديقي، صديقتي... قد تعاني من غدر الأحباء، وخيانة الأقرباء، وهجر الأصدقاء، لكنني أريد أن ألفت نظرك إلى الرب يسوع، الخل الوفي الألزق من الأخ، الذي ليس فيه تغيير أو ظل دوران. تعويض بعد طول الزمان مما لا شك فيه أن سيرجي كريكاليف قد أمضى وقتًا عصيبًا من الوحدة، والخوف من المجهول، وعدم وضوح الرؤية للغد. قد تكون مرت عليه ذكريات كثيرة داخل كبسولته الفضائية، وهو يندب حظه فيها بسبب غدر الزمان والإنسان، حتى جاءت اللحظة المفترجة للخلاص من محنته بواسطة الألمان وإمكانياتهم على تحمل تكلفة عودته إلى الأرض سالمًا. أحبائي، قد يسمح لنا الرب أن نمر ببعض الأوقات العصيبة في حياتنا، قد نعاني من تجاهل الآخرين لنا، الشك، الخوف والقلق من الغد. لكن دعونا نثبت عيوننا على الرب يسوع واثقين فيه وفي إمكانياته غير المحدودة، حتمًا ستأتي النجاة بحسب حكمته وتوقيته الأنسب للتدخل لحل مشكلتنا فهو عنده للمشاكل “ألف حل”، وما خاب من ليسوع انتظر. «طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي، ومِنْ كُلِّ مَخَاوفِي أَنْقَذَنِي. نَظَرُوا إِلَيْهِ واسْتَنَارُوا، ووجُوهُهُمْ لَمْ تَخْجَلْ» (مزمور٣٤: ٤، ٥). الرب مصدر الأمان تأملت في تفاصيل تلك القصة، اندهشت من التناقضات ما بين ضجيج وانقسامات كثير على كوكبنا بالمقابل مع الهدوء التام في الفضاء. قد تتغير الأماكن والظروف، قد تقوم ممالك وتنهار دول ما بين ليلة وضُحاها، لكن يظل الرب يسوع هو “حجز الزاوية” الثابت غير المُتغير فـ«يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُو هُو أَمْسًا والْيَومَ وإِلَى الأَبَدِ» (عبرانيين١٣: ٨). قد تأتي أيام لا نعرف كيف نهرب من وجهة الضيق والأزمات، لكن دعونا نتذكر دائمًا أن «اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وقُوةٌ. عَونًا فِي الضِّيْقَاتِ وجِدَ شَدِيدًا» (مزمور٤٦: ١) «اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ ويَتَمَنَّعُ» (الأمثال١٨: ١٠)، حتى إذ وصل بك الحال أنك لا تعرف أين ستقضي ليلتك، تذكر وقتها أن «اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: «مَلْجَإِي وحِصْنِي. إِلهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ». لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ ومِنَ الْوبَإِ الْخَطِرِ. بِخَوافِيهِ يُظَلِّلُكَ، وتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ ومِجَنٌّ حَقُّهُ. لاَ تَخْشَى مِنْ خَوفِ اللَّيْلِ، ولاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ» (المزامير٩١: ١-٥). أركض إليك أيها الحبيب حين تري عيني سهام تطير فانت لي ترس وأنت لي عز وأنت سلاحي أسرع إليك |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خليك انت التغيير خليك انت الاختلاف |
خليك أقوى خليك جديد |
خليك ساترني خليك حاميني |
خليك الصديق الامين خليك تعويض ربنا |
يا صاحب المزود مكانك مش هنا مكانك جوه قلبي تملاه بالهنا |