رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نصرته في الموقعة الثانية: 27 وَأُحْصِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَتَزَوَّدُوا وَسَارُوا لِلِقَائِهِمْ. فَنَزَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُقَابِلَهُمْ نَظِيرَ قَطِيعَيْنِ صَغِيرَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى، وَأَمَّا الأَرَامِيُّونَ فَمَلأُوا الأَرْضَ. 28 فَتَقَدَّمَ رَجُلُ اللهِ وَكَلَّمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الأَرَامِيِّينَ قَالُوا: إِنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا هُوَ إِلهُ جِبَال وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَوْدِيَةٍ، أَدْفَعُ كُلَّ هذَا الْجُمْهُورِ الْعَظِيمِ لِيَدِكَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». 29 فَنَزَلَ هؤُلاَءِ مُقَابِلَ أُولئِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اشْتَبَكَتِ الْحَرْبُ، فَضَرَبَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَرَامِيِّينَ مِئَةَ أَلْفِ رَاجِل فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. 30 وَهَرَبَ الْبَاقُونَ إِلَى أَفِيقَ، إِلَى الْمَدِينَةِ، وَسَقَطَ السُّورُ عَلَى السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُل الْبَاقِينَ. وَهَرَبَ بَنْهَدَدُ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ، مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ. 31 فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «إِنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا أَنَّ مُلُوكَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ هُمْ مُلُوكٌ حَلِيمُونَ، فَلْنَضَعْ مُسُوحًا عَلَى أَحْقَائِنَا وَحِبَالًا عَلَى رُؤُوسِنَا وَنَخْرُجُ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ لَعَلَّهُ يُحْيِي نَفْسَكَ». 32 فَشَدُّوا مُسُوحًا عَلَى أَحْقَائِهِمْ وَحِبَالًا عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَأَتَوْا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالُوا: «يَقُولُ عَبْدُكَ بَنْهَدَدُ: لِتَحْيَ نَفْسِي». فَقَالَ: «أَهُوَ حَيٌّ بَعْدُ؟ هُوَ أَخِي». 33 فَتَفَاءَلَ الرِّجَالُ وَأَسْرَعُوا وَلَجُّوا هَلْ هُوَ مِنْهُ. وَقَالُوا: «أَخُوكَ بَنْهَدَدُ». فَقَالَ: «ادْخُلُوا خُذُوهُ» فَخَرَجَ إِلَيْهِ بَنْهَدَدُ فَأَصْعَدَهُ إِلَى الْمَرْكَبَةِ. "فتقدَّم رجل الله وكلَّم ملك إسرائيل وقال: هكذا قال الرب: من أجل أن الآراميِّين قالوا إن الرب إنَّما هو إله جبال وليس هو إله أودية، ادفع كل هذا الجمهور العظيم ليدك، فتعلمون إنِّي أنا الرب" [28]. أرسل الله نبيًا غالبًا غير النبي الذي ظهر منذ عام، يعلن عن نصرة هذا الجيش الصغير نسبيًا. لقد جدَّف الآراميُّون على الله ظانين أنَّه يحدّ بمكانٍ ما، فأراد الله أن يظهر لهم قوَّته أنَّه حال في كل موضع. "فنزل هؤلاء مقابل أولئك سبعة أيَّام، وفي اليوم السابع اشتبكت الحرب، فضرب بنو إسرائيل من الآراميِّين مائة ألف رجلٍ في يومٍ واحدٍ. وهرب الباقون إلى أفيق إلى المدينة، وسقط السور على السبعة والعشرين ألف رجل الباقين، وهرب بنهدد ودخل المدينة من مخدعٍإلى مخدعٍ" [29-30]. بقي الجيشان سبعة أيَّام دون اشتباك ربَّما لكي يدبِّر كل جيش خطَّته على الطبيعة، أو ليرسل كل منهما جواسيس لاكتشاف إمكانيَّات الجيش الآخر. بدأت المعركة وكانت المفاجأة أن قتل الإسرائيليُّون مائة ألفٍ من الجند، وهرب الباقي إلى مدينة أفيق المحصَّنة، لكن زلزالًا ربَّما حدث فسقطت أسوار المدينة ومات 27 ألفًا. وصارت أفيق مدينة بلا حصون. انطلق بنهدد إلى المدينة يهرب من حجرة إلى حجرة. سقطت أفيق في يد الإسرائيليِّين، ولم يكن لبنهدد أي مجال للهروب. أشار عليه عبيده أن يلبس معهم المسوح. ويضعوا حبالًا حول أعناقهم كمن يسلِّمونها لآخاب إن أراد فليشنقهم بها. أو يقودهم بها مربوطين كأسرى حرب. خضوع كامل للملك، مع إظهار توبة عما سبق. "فقال له عبيده: أنَّنا قد سمعنا أن ملوك بيت إسرائيل هم ملوك حليمون، فلنضع مسوحًا على أحقائنا وحبالًا على رؤوسنا، ونخرج إلى ملك إسرائيل، لعلَّه يحيي نفسك. فشدُّوا مسوحًا على أحقائهم، وحبالًا على رؤوسهم، وأتوا إلى ملك إسرائيل وقالوا: يقول عبدك بنهدد لتحيي نفسي. فقال: أهو حيّ بعد؟ هو أخي" [31-32]. كل ما اشتهاه بنهدد أن يعيش تحت أيَّة شروط. يبدو أنَّه كان يشتهي أن يعيش ولو كعبدٍ أسيرٍ خارج بلده كل أيَّام حياته. في تجديفه على الله كان متشامخًا يذل الملك ورجاله وشعبه، ولم يكتفِ بأن يستولي على فضَّة وذهب الدولة ونساء الملك وبنيه. الآن يشتهي أن يحيا ولو فقيرًا في مذلَّةٍ وعارٍ. بعد أن كان يقسم ويهدَّد، الآن ينسحق ويتوسَّل راجيًا أن يبقيه عدوُّه حيًا. وكما جاء في أيوب (أي 11: 40-13) أن الله يتمجَّد عندما يتطلَّع إلى المتشامخين وينزلهم ويدفنهم معًا في التراب. جاء موقف آخاب عجيبًا، أولًا عصى الوصيَّة الإلهيَّة التي وجَّهها إليه رجل الله وهي ألاَّ يبقى بنهدد حيًا، فهو مجدِّف متشامخ وعنيد ومملوء طمعًا. فهل انخدع آخاب بما فعله بنهدد وعبيده الذين تقدَّموا إليه في مذلَّة؟ أم أنَّه أراد أن يكسب ودّ الملك لكي يسنده ضدّ أشور الذي بدأ نجمها يلمع في ميدان السياسة؟ أو لعلَّ آخاب وجد ما يشبع نفسه أنَّه بعد المذلَّة الشديدة والخوف صار الأمر بين يديه فيظهر نوعًا من الشهامة والكرم؟ على كل الأحوال تجاهل آخاب الوصيَّة المقدَّمة إليه من قبل الله ليسلك بفكره البشري المجرَّد. ما هو موقف آخاب؟ لم يعاقبه بكلمة واحدة على تجديفه على الله، ولم يشر إليه بأن النصرة التي نالها هي لمجد الرب، والدمار الذي لحق ببنهدد كان بسبب تجديفه على الرب، إذ لم يشغله الرب في أمرٍ ما، ولم يشر إليه قط. كان يليق بآخاب أن يتَّعظ بمثلٍ سابق أمامه وهو شاول الملك الذي ترك أجاج حيًا (1 صم 15: 9) مخالفًا قول الرب له. وكان يلزمه أن يلتقي برجل الله الذي أنبأه بالنصرة وأكَّد له أنَّها من قبل الله. يسأله فيما يفعله، ويطلب مشورة الله. أقام عهدًا مع بنهدد ولم يقم عهدًا مع الله. أقامه ليس عن كرمٍ وشهامةٍ، بل عن تعويض لضعفه وفي غباوة وعدم معرفة.لم يطلب آخاب تعويضًا عن الخسائر التي لحقت به منذ بدأ بنهدد يهدَّد ويحاصر السامرة ويحارب، لكن بنهدد أغراه بأنَّه سيسلِّمه المدن التي استولى والده عليها من عمري والد آخاب، وأن يسمح لليهود بإقامة حيّ خاص بهم في دمشق يعيشون فيه ويمارسون تجارتهم وعبادتهم وقضاءهم. لقد حمل آخاب مظهرًا براقًا من العفو واللطف والرحمة والسخاء، لكن الله يجازي لا بالمظهر بل بالقلب والنيَّة الداخليَّة والنقاوة الصادقة. "فتفاءل الرجال وأسرعوا ولجّوا هل هو منه، وقالوا أخوك بنهدد. فقال: ادخلوا خذوه، فخرج إليه بنهدد، فأصعدهإلى المركبة" [33]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|