|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنِيمَةَ الرَّبِّ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ؟ [4] حسب اليهود أن الترنم في أرض السبي أمر غير لائق، وأنه لأمر سخيف أن يطلب منهم من سبوهم هذا. فمن جهة كيف يسبحون الترانيم التي كانت تُقدم في المقدسات الإلهية في أرض دنسة، ومن جانب آخر كيف يفعلون هذا كأنهم قد نسوا وطنهم؟! لعل الله سمح لهم بهذا، لكي يتذكروا أنهم قد دنسوا الهيكل بإرادتهم حين كانوا في بلادهم، الآن ها هم في أرض مدنسة بالأوثان، جاءوا إليها مسُوقين بغير إرادتهم. إن الحاجة الحقيقية لا العودة إلى أورشليم الأرضية، بل عودة القلب إلى رب أورشليم القادر أن يقيم من قلوبهم مقدسًا يسكن فيه، ويملأه بفرح الروح. يقول القديس غريغوريوس النزينزي إنه يليق بنا أن نفكر في الله حتى أكثر من تنفسنا، وإن ننشغل به. غير أنه يلزمنا أن نعرف الوقت المناسب والحدود اللائقة لكل عمل. يسجل لنا القديس جيروم مشاعره وهو ملتزم بالخروج من روما إلى الشرق، وكأنه قد خرج من أرض الغربة مع أن الغرب وطنه، وانطلق إلى مدينته في الشرق. لقد شعر أنه كان من الصعب أن يسبح الله في أرض الغربة. * أكتب إليكِ في عجالة أيتها السيدة العزيزة أسيلا Asella، فإنني ذاهب لأبحر، وقد ابتلعني الحزن والدموع، إلا أنني أشكر الله أنه حسبني أهلًا لكراهية العالم (لي). صلي من أجلي، لكي أرى أورشليم مرة أخرى بعد بابل... كنت غبيًا حين أردت أن أسبح تسبحة الرب في أرضٍ غريبة، وأن أترك جبل سيناء وأطلب معونة مصر. لقد نسيت أن الإنجيل يحذرنا إذ من ينزل من أورشليم يسقط عليه اللصوص للحال ويُنهب ويُجرح ويُترك ليموت (لو 10: 30-35). القديس جيروم * "كيف نسبح تسبحة الرب في أرضٍ غريبة، نحن الذين ارتبطنا بالخطايا، وسقطنا من أورشليم إلى بابل؟ لا يستطيع أحد أن يسبح الرب إن كان غير أمينٍ، إذ يليق بالخاطئ أن يحزن على خطاياه، لا أن يسبح الرب. * أتريدون أن تذكروا الرب على الدوام؟ مارسوا أعمال اليمين (الأعمال المقدسة). "ليلتصق لساني بحنكي، إن لم أذكرك!" لأفقد القدرة على الكلام تمامًا، وقوة العمل، إن لم تكن ذكراك (يا الله) حاضرة في قلبي. القديس جيروم * على أي الأحوال يجدر بنا أن نسعى إلى انسحاق القلب الصادق، الذي يهدف نحو الفضيلة والاشتياق إلى ملكوت السماوات، ولا يكون هدفه مجرد تذكر الشر المميت. فالإنسان بالتأكيد يختنق من روائح البالوعات الخانقة طالما قبل الجلوس بجوارها أو يستنشق نتانتها. الأب بينوفيوس * لا يجوز لأي شخص وهو في الخطية (متهاونًا)... أن يشترك في الأسرار... فإن داود يقول في مزموره: "على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا... كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟" (مز 137: 2، 4) إن كان الجسد لازال يقاوم الذهن، ولا يخضع لإرشاد الروح القدس، فإنه لازال في أرض غريبة، لم يخضع لكفاح المزارع، لهذا لن يأتي بثمار المحبة والاحتمال والسلام... فإذا كانت التوبة غير عاملة فيك، فخير لك ألاَّ تتقدم للأسرار، لئلا تحتاج إلى توبة عن هذه التوبة غير العاملة، ولكنك محتاج إلى تلك الكلمات "انقضوا، انقضوا حتى الأساس منها" (مز 137: 7). يواسي داود هذه النفس البائسة قائلًا: "يا بنت بابل الشقيَّة!" حقًا إنَّها شقيَّة لأنها بنت بابل، حيث رفضت بنوَّتها لأورشليم أي السماء (وتمسَّكت بالخطيَّة بابل أرض السبي). ومع ذلك فإنَّه يدعو لها بالشفاء قائلًا: "طُوبَى لِمَنْ يُكافئك مكافأتك التِي جَازَيْتِنَا! طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ، ويدفنهم عند الصَّخْرَةَ!" (مز ١٣٧: ٩). أي يدفن أفكارها الفاسدة المضادة للمسيح. فقد قيل لموسى: "اخلع نعليك من رجليك" (خر ٣: ٥). فكم بالأولى يلزمنا نحن أن نخلع من أرجلنا الروحيَّة رباطات الجسد، وننظِّف خطواتنا من كل ارتباطات العالم؟! القديس أمبروسيوس * بالتأكيد لا، يا أصدقائي وإخوتي، فإني ما زلت أدعوكم "إخوة"، بالرغم أن شعوركم وموقفكم ليس أخويًا. بالتأكيد لا يمكن أن نَقبَل هذا الرأي، لا يجب أن نكون مثل الخيول العنيفة الجامحة التي تُلقي براكبها أرضًا، فنطرح العقل عنا، والتي تلفظ اللجام من فمها، ونفعل مثلها، فنلفظ التمييز والإفراز الذي يكبحنا ويتحكم فينا لفائدتنا، فنجمح بعيدًا عن مسارنا. لتكن مناقشاتنا في داخل حدودنا، ولا تحملنا إلى مصر أو تجرنا إلى أشور. لنحذر من أن "نرنم ترنيمة الرب في أرضٍ غريبة" (مز 137: 4). وأعني بهذا ألا نتناقش أمام أي نوع وكل نوع من السامعين، وثنيين أو مسيحيين، أصدقاء أو أعداء، متعاطفين أو عدائيين، فإن هؤلاء يراقبوننا ويتربصون بنا، ويتمنون أن تصبح شرارة أي اختلاف بيننا حريقًا، ويشعلون الحريق، ويحركون المراوح كي يزداد اشتعالًا، حتى يرتفع اللهب إلى عنان السماء، ودون أن ندري. فإنهم يرفعون اللهب إلى أعلى من الأتون المتقدة في بابل (دا 3: 20). وحيث أنه ليس لديهم قوة في تعليمهم، فإنهم يبحثون عنها في ضعفنا. ولهذا فإنهم مثل الذباب الذي يستقر على الجروح، يقفون على كوارثنا، أو بالأحرى على أخطائنا. علينا ألا نتغاضى عن أفعالنا أكثر من هذا، وعلينا ألا نهمل اللياقة في هذه الأمور. وإذا كنا لا نستطيع أن نحسم خلافاتنا ومنازعاتنا تمامًا وفورًا، فعلينا على الأقل أن نتفق على أن نتحدث بالحقائق الروحية بالاحترام الواجب، ونناقش الأمور المقدسة بطريقة مقدسة، ولا نذيع على أسماع المستهزئين ما لا يجب إذاعته. يجب ألا نكون أقل احترامًا وتبجيلًا من أولئك الذين يعبدون الشياطين، ويبجلون القصص والأشياء الخارجة عن اللياقة. إن هؤلاء مستعدون للتضحية بدمائهم قبل أن يفشوا كلمات معينة لغير المؤمنين بعقائدهم. ويجب أن ندرك أنه كما توجد معايير معينة للياقة والاحترام في الملبس والطعام والضحك والمظهر، فإن هذا ينطبق أيضًا على الكلام والصمت، خاصةً عندما نقدم تكريمًا خاصًا "للكلمة" (كلمة الله) عندما نستعمل هذا اللفظ كأحد ألقاب الله وصفاته. وحتى جدالنا يجب أن يكون محكومًا بقواعد. القديس غريغوريوس النزينزي * طالما الإنسان موجود في بابل لن يستطيع أن يخلص؛ حتى ولو تذكر أورشليم، فإنه سوف يئن ويتنهد، قائلًا: "كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟" (مز 137: 4). طالما نحن في بابل لن نستطيع أن نسبح الرب، لأن الآلات التي تستخدم في توصيل النغمات للرب، معلقة دون استخدام، لذلك يقول النبي: "على أنهار بابل هناك جلسنا، بكينا أيضًا عندما تذكرنا صهيون، على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا (قيثاراتنا)". طوال وجودنا في بابل، تظل قيثاراتنا معلقة على الصفصاف؛ لكن إذا جئنا إلى أورشليم حيث "رؤية السلام"، فإن القيثارات التي كانت قبلًا معلقة بلا استخدام، ترجع مرة أخرى إلى أيادينا ونظل نعزف عليها بلا توقف مسبحين الله. كما قلنا في البداية، إن النفس دائمًا موجودة في المكان الذي يحمل اسمها؛ كما أن نفس الخاطئ توجد في بابل، فإن نفس البار توجد في اليهودية. مع ذلك فإنها (نفس البار) توجد أيضًا في أماكن مختلفة داخل اليهودية نفسها، بحسب حياتها ودرجة إيمانها: قد تكون موجودة في "دان" التي يِشْغل أطراف اليهودية، أو في مواقع أفضِل من دان، أو في وسط اليهودية، أو في الأراضي المجاورة لأورشليم، أما النفس الأكثر سعادة فتكون في وسط مدينة أورشليم. من جهة أخرى، الإنسان الخاطئ الذي ارتكب أفظع أنواع الجرائم يكون في بابل، بينما الذي ارتكب خطايا أقل يكون في مصر. العلامة أوريجينوس * انظروا إلي تعظيم المادة، التي تحتقروها! ماذا يمكن أن يكون أحقر من شعر الماعز الملون؟ أليس الأزرق والبنفسجي والأحمر كلّها مجرّد ألوان؟ انظروا إلى عمل صنعة الإنسان يصبح كاروبين! ألم تكن خيمة الاجتماع صورة في كل شيءٍ؟ "وانظر فاصنعها على مثالها الذي أظهر لك في الجبل" (خر 25: 40)، ومع ذلك وقف كل الشعب حولها وتعبدوا! ألم يوضع الكاروبان حيث يستطيع كل الشعب أن يراهما؟ ألم ينظر الشعب إلى تابوت العهد، والمنارة، والمائدة، والقسط الذهبي، وعصا هارون، وسقطوا في تعبد؟ أنا لا أعبد المادة، أنا أعبد خالق المادة، الذي أصبح مادة من أجلي، آخذًا مسكنه في المادة، ومتمّما خلاصي من خلال المادة. "والكلمة صار جسدًا، وحل بيننا". إنّه واضح لكل إنسان أن الجسد مادة، إنها مخلوقة. أنا احيي المادة، وأقترب منها باحترام، وأعبد هذا الذي جاء خلاصي عن طريقه. أكرمها، ليس مثل الله، ولكن لأنّها ممتلئة من النعمة والقوّة الإلهيّة. لو كنتم ترفضون الصور بسبب الناموس، فلماذا لا تحفظون السبت، وتمارسون الختان، لأن الناموس يطلب هذه الأشياء. يجب أن تراعوا الناموس، ولا تحتفلوا بعبور المسيح من أورشليم. ولكن يجب أن تفهموا إنّكم لو حفظتم الناموس، فالمسيح لن يفيدكم في شيء (غل 5: 2). لقد حان الوقت لك أن تتزوّج زوجة أخيك وتقيم نسلًا له (تث 25: 5)، وأن لا ترنموا للرب في أرض غريبة (مز 7 13: 4) ولكن كفانا من ذلك! "قد تبطّلتم عن المسيح أيّها الذين تتبرّرون بالناموس، وسقطتم من النعمة" (غل 5: 4). القدّيس يوحنا الدمشقي * كيف لا نكون سوى حيات، ونحن لا نطيع الله، بل نعيش في العصيان الذي دخل إلينا بواسطة الحية؟ وأنا لا أستطيع أن أعرف كيف أبكي وأنوح على شقاوتنا هذه كما يليق، ولا أعرف كيف أصرخ بصوتٍ عالٍ باكيًا أمام الله الذي يستطيع وحده أن ينزع مني الخطأ المزروع فيَّ. "كيف أرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟" (مز 137: 4) القديس مقاريوس الكبير |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|