قداسة البابا تواضروس الثاني
المريمات بالرغم من أن السؤال شغلْهن وكانت هناك صعوبةٌ قدامهن، لكن -في الحقيقة- كان عندهن اجتهادٌ، وكان عندهن جهاد. ماذا فعلن؟ أعددن الحنوطَ وابتدأن يحضِّرن أنفسَهن وابتدأن يَخْرُجْن ويمشين في الفجر مبكرًا (مرقس 16: 1) لكي يذهبن ويضعن هذه الحنوط على جسدِ المسيحِ الذي ماتَ على عودِ الصليب. لكن كان عندهن شاغلٌ: من يرفعُ الحجر؟ هذا السؤال لم يجعلهن يتعطلن. بل حفَّزَهن ليكون عندهن جهادٌ، وعندهن نشاطٌ، وعندهن أملٌ، وعندهن إيمانٌ قويٌ أن هناك أشياء ستحدث. القديس بولس الرسول يقول لنا أيةً جميلةً إذ يقول: “غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الِاجْتِهَادِ حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ” (رومية 12: 11).
وفي سفر الأمثال في العهد القديم يقول: “الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَيْدًا” (أمثال 12: 27)، فهذا يعني لو أنك أحضرتَ صنارةً ووضعتها هكذا من غير أن تستعدَ لها جيدًا، سوف لا تمسك ولا سمكة [واحدة]. في العهد القديم يأتي أمامَنا موقفُ نحميا وهو في الأسْرِ أو السبي. فقد أتت لنحميا أخبار أن بلادَه أسوارُها مهدومةٌ وأبوابُها محروقة بالنار. وبعد أن أخذ إذنَ الملكِ، ابتدأ يرجع لمدينتِه التي هي أورشليم ويحاول أن يبني وليس لديه أيُ إمكانيات، فبدأ يقولُ للساكنينَ على محيطِ السور أن يبني كلُ واحدٍ جزءً من السورِ الذي يقعُ أمامَ بيتِه (نحميا 3: 28). وابتدأوا يعملون كذلك. وقال لهم شعارًا قويًا إذ قال: “إِنَّ إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي” (نحميا 2: 20). يعني أن هذا النجاح نأخذه من ربنا، ونحن سنقوم ونعمل. رغم أن السورَ كان أمامه مهدومًا والأبواب محروقةَ بالنار. ربما كان نفس هذا الموقف أيضًا مع العذارى الحكيمات (متى 25: 1–13)، فقد اجتهدن وحضَّرن الزيتَ وحضَّرن المصابيحَ وانتظرن المسيحَ. سهرن، رغم أنهن لم يكنَّ يعرفن متى سيأتي المسيحُ العريس.