رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تهيئة الطريق للرب: 3 صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: «أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلًا لإِلَهِنَا. 4 كُلُّ وَطَاءٍ يَرْتَفِعُ، وَكُلُّ جَبَل وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَيَصِيرُ الْمُعْوَجُّ مُسْتَقِيمًا، وَالْعَرَاقِيبُ سَهْلًا. 5 فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ». 6 صَوْتُ قَائِل: «نَادِ». فَقَالَ: «بِمَاذَا أُنَادِي؟» «كُلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ جَمَالِهِ كَزَهْرِ الْحَقْلِ. 7 يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ، لأَنَّ نَفْخَةَ الرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيْهِ. حَقًّا الشَّعْبُ عُشْبٌ! 8 يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». لعل إشعياء النبي قد سمع صوتًا سمائيًا يدعو السمائيين لتهيئة موكب العودة من السبي إلى أورشليم، فقد سبق فرأى حزقيال النبي مجد الرب يفارق المدينة (حز 11: 22- 25)، والآن ها هو يعود الموكب مع عودة المسبيين، وكأنه موكب ملوكي إذ يتقدمه الله نفسه محرر أولاده! أما الموكب الأعظم فهو تهيئة الطريق لدخول المسيا المخلص إلى حياة البشرية، الذي تحقق بواسطة القديس يوحنا المعمدان -ملاك الرب- بالحديث عن التوبة وإعلان الحاجة إلى المخلص (مر 1: 3؛ مت 3: 3؛ لو 3: 4-6؛ يو 1: 22). كان القديس يوحنا هو الصوت الذي يدوي في البرية ليُهيئ الطريق للكلمة الإلهي، معلنًا أن كل نفس متعجرفة ومتعالية تنحدر إلى أسفل [4] وكل قلب معوج يصير مستقيمًا، وكل العقبات تزول لأن مجد الرب يعلن خلال المسيا المخلص، ويراه كل بشر معًا: من اليهود والأمم. لذا يقول النبي: "صوتُ صارخٍ في البرية: أعدُّوا طريق الرب، قوِّموا في القفر سبيلًا لإِلهنا. كل وطاءٍ يرتفع، وكل جبلٍ وأكمةٍ ينخفض، ويصير المعوَجُّ مستقيمًا والعراقيب سهلًا؛ فيُعلن مجد الرب ويراه كلُّ بشرٍ معًا، لأن فم الرب تكلم" [3-5]. دُعي يوحنا "صوتًا" بينما دعي المسيح "الكلمة"، وشتان ما بين الصوت والكلمة، إذ يقول الآباء أن الصوت هو الذي يُسمع بالأذن أما الكلمة فهي التي يدركها العقل، هكذا جاء يوحنا شاهدًا للمسيح الكلمة الإلهي: * ربما يفسر هذا كيف فقد زكريا صوته عند ميلاد "الصوت" الذي يُشير نحو كلمة الله، ولم يُشفَ من هذا إلاَّ بعد ولادة "الصوت" السابق للكلمة. يجب أن يُدرك الصوت بالأذن فيتقبل الذهن الكلمة الذي يُشير نحوه "الصوت". يوحنا يُشير نحو المسيح، لأن الحديث (الكلمة) يُعلن بواسطة الصوت. العلامة أوريجانوس الأب غريغوريوس الكبير القديس كيرلس الكبير * ليتك تسير في الطريق الملوكي، لا تنحرف عنه يمينًا ولا يسارًا، إنما يقودك الروح خلال الباب الضيق، عندئذ تنجح كل أمورك عند استجوابك هناك في المسيح يسوع ربنا. القديس غريغوريوس النزينزي بهذا المعنى يقول القديس أمبروسيوس: [قبل أن يُقيم ابن الله أعضاء الكنيسة بدأ عمله في خادمه يوحنا، لهذا وأخطر القديس لوقا (لو 3: 2) كلمة الله حالًا على يوحنا بن زكريا في البرية... تحقق هذا في البرية الموحشة، لأن بني المستوحشة أكثر من التي لها أولاد (إش 54: 1)، وقد قيل لها: "افرحي أيتها العاقر التي لم تلد" (إش 54: 1)... إذ لم تكن بعد قد زُرعت وسط الشعوب الغريبة... ولم يكن بعد قد جاء ذاك الذي قال: "أما أنا فزيتونة مخصبة في بيت الله" (مز 52: 8)، ولم يكن قد وهب الكرام السماوي للأغصان ثمرًا (يو 15: 1). إذن فقد رّن الصوت لكي تنتج البرية ثمارًا]. * ليُعد طريق الرب في قلبنا، فإن قلب الإنسان عظيم ومتسع، كما لو كان هو العالم. أنظر إلى عظمته لا في كمّ جسدي، بل في قوة الذهن التي تعطيه إمكانية احتضان معرفة عظيمةً جدًا للحق. إذن فليعد طريق الرب في قلبكم خلال حياة لائقة وبأعمال صالحة وكاملة، فيحفظ هذا الطريق حياتكم باستقامة، وتدخل كلمات الرب إليكم بلا عائق. العلامة أوريجانوس عندما قال الإنجيلي "الكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14)، لم يقصد أن كلمة الله أخذ جسدًا دون نفس بشرية كما ادعى أبو لليناريوس، الأمر الذي دَعَى البابا أثناسيوس الرسولي أن يكتب ضد صديقه أبو لليناريوس كتابًا يفند فيه آراءه. سمع النبي إشعياء صوتًا سماويًا آخر يؤكد أن كل جسد (إنسان) هو كعشب الأرض (مز 90: 5؛ 103: 15)، "أما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد" [8]. من يلتصق بتراب الأرض أو بمحبة الزمنيات يصير عشبًا زائلًا، ومن يلتصق بالسيد المسيح "كلمة الله" يقوم معه ليحيا في مجده أبديًا. هذا هو الطريق الذي هيأه الكتاب المقدس لقبول المخلص: التزامنا بالشركة مع ذاك الذي يحولنا من عشب الأرض الزائل إلى الشركة معه والثبوت فيه أبديًا في أمجاده. وكما يقول القديس أغسطينوس: [إن اشتاق إنسان ما إلى الراحة الحقيقية والسعادة الحقة يلزمه أن يرفع رجاءه فوق الأمور المائتة الزائلة ويثبتها في كلمة الرب حتى إذ يلتصق بها تبقى إلى الأبد ويبقى هو معها أبديًا]. يعلق العلامة أوريجانوس على القول بأن "كل جسد عشب" قائلًا: [بأن السيد المسيح أمر الجموع أن تجلس على العشب (مت 14: 21) لكي يشبعهم، بمعنى أنه إذا ما أخضع الإنسان جسده (الجلوس على العشب) ووضع كل الأمور الزمنية تحت قيادة النفس ليكون بكليته سالكًا بالروح القدس عندئذ يتمتع ببركات السيد المسيح وينعم بالشبع الحقيقي. أننا لا نستطيع أن نلتقي بمسيحنا ولا أن نتقبل عطاياه الإلهية خلال التلاميذ أي الكنيسة مادُمنا نعيش حسب الجسد. إذن فلنُخضع الجسد لنفوسنا بالروح القدس ولنتكئ على العشب ليكون الجسد خادمًا مطيعًا يعمل في انسجام مع النفس دون مقاومة لها، عندئذ ننعم بالروحيات. فيما يلي بعض تعليقات الآباء على عبارة "كل جسد عشب وكل جماله كزهر الحقل، يبس العشب ذبل الزهر، لأن نفخة الرب هبت عليه" [6-7]. أنظر فإن ما تلتصق به نفسك إنما تلتصق به أبديًا. إن التصقت بالعشب وبزهر العشب إنما تربط نفسك بالعشب الذي يذبل والزهر الذي يسقط، وسيبيد الله هذه في النهاية. * إذ يعرف الله تكويننا بكونه أبًا، إننا لسنا إلاَّ تراب لا يمكن أن نزدهر إلاَّ إلى حين، لذلك أرسل إلينا كلمته، كلمته هذا يبقى إلى الأبد. جعله أخًا للعشب الذي لا يدوم. لا تعجب فقد صرت شريكًا له في أبديته، فقد شاركك أولًا في العشب. * هكذا فعل موسى برأس العجل [(خر 32: 20) أحرقه بالنار]، فإن رأس العجل يمثل سرًا عظيمًا، بكونه يمثل جسد الأشرار، لأنه يأكل عشبًا ويطلب الزمنيات، فان كل جسد عشب... القديس أغسطينوس القديس يوحنا الذهبي الفم القديس يوحنا الذهبي الفم القديس إيريناؤس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|