رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بولس الرسول وخبرة الطريق إلى دمشق كان شابٌّ ماضيًا من أورشليم إلى دمشق يرافقه عددٌ من الرفاق، ومعهم رسائل إلى مجامع دمشق فيعتقلون الرجال والنساء الذين يجدونهم هناك على مذهب الربّ، بحسب »الطريق« التي خطَّها يسوع وما زالت تنتشر دون أن يستطيع أحد أن يوقفها. ولكن حصل ما أوقف هذه »الفرقة« مع رئيس »ينفث صدره تهديدًا وتقتيلاً لتلاميذ الرب« (أع 9: 1). نور من السماء في قلب الظهيرة. صوت كالرعد يتكلَّم ويعلن: »صعبٌ عليك أن تقاوم«، أن »ترفس المناخس« فتُشبه الجوادَ الذي يرفض أن يقوده فارسُه (آ5). من أرسل النور من السماء؟ ذاك الذي حُسب ميتًا. ومن نادى بالصوت العالي: شاول، شاول؟ هو الربُّ يسوع الذي أدرك هذا المقاتلَ قبل أن يدركه، الذي صرعَ ذاك الذي أراد أن يصرع »القائم من الموت« من خلال أشخاص أشعلوا النار في قلب المجتمع اليهوديّ، بعد أن حسب الذين صلبوا يسوع أنَّهم في سلام. قال الربُّ: »جئتُ لألقي نارًا على الأرض، وكم أتمنّى أن تكون اشتعلت« (لو 12: 49). أجل اشتعلت ولا يستطيع أحدٌ أن يطفئها. حسبَ أعضاءُ المجلس اليهوديّ أنَّهم يستطيعون أن يُسكتوا صوت يسوع بمجرَّد أن يمنعوا الرسل »أن ينطقوا أو يعلِّموا« (أع 4: 18). اعتبر هذا المجلس أنَّ مشروع يسوع مشروع بشريّ، ولكنَّ معلِّمهم الكبير غملائيل أفهمهم أنَّهم لا يستطيعون أن يزيلوه »لئلاَّ يصيروا أعداء الله« (أع 5: 39). أمّا هذا الشابّ المنطلق إلى دمشق فاعتبر أنَّه أزال »المسيحيَّة« من أورشليم والجوار، وها هو يمضي لمحاربتها في دمشق. فناداه الربُّ يسوع باسمه العبرانيّ: شاول، شاول. فسقط هذا الشابُّ الذي خُلق ليكون قائدًا إلى الأرض، راكعًا، ساجدًا، فينتظر الأوامر ممَّن غلبه وأوقعه أرضًا. قالوا له: يسوع مات لأنَّه خالفَ الشريعة ودعا نفسه إلهًا. قالت الشريعة، فلا مجال للجدال. فهي لا تُخطئ. ولمّا رأى هذا الشاب القبر مفتوحًا ولا جثَّة فيه، سأل فأجيب: »جاء تلاميذه في الليل وسرقوه« (مت 28: 13). ولهذا نحن نلاحقهم على كذبهم. غير أنَّ شاول يسمع صوتًا آخر، بل صوتين. الأوَّل من التلاميذ: يسوع الذي »صلبتموه وقتلتموه«، أقامه الله وحطَّم قيود الموت« (أع 2: 23-24). ولكن من هم هؤلاء »الأمِّيّون« الذين يتحدَّون الشريعة ورؤساء الكهنة؟ هل يستحقّون أن نهتمَّ لما يقولون؟ في الحالات العاديَّة، لا. أمّا هنا، فهناك صوت ثانٍ يسمعه شاول وهو يتهرَّب منه لأنَّه »يزعجه« في يقيناته الماضية. صوتٌ في الداخل مثل مياه تتسرَّب وتتسرَّب ولا نعرف متى تنفجر. »حياتي هي الشريعة« يمكن أن يكون شاول، ذاك الذي هو عبرانيّ ابن عبرانيّ. وفي الشريعة فرّيسيّ، متمسِّك بكلِّ التقاليد (فل 3: 5). قال عن نفسه: »في التقوى حسب الشريعة، أنا بلا لوم« (آ6). فهل هناك أمرٌ آخر غير الشريعة؟ بلى. هناك صوت يسمعه: »قيل لكم... أمّا أنا فأقول لكم« (مت 5: 21). وأضاف: »إن لم يزد برُّكم على برِّ الكتبة والفرّيسيّين، لن تدخلوا ملكوت السماوات« (آ20). صراع في داخل القلب بين يسوع »الحي« كما يقول تلاميذه، ويسوع »الميت« كما يقول الكهنة باسم الشريعة. لهذا كان شاول قاسيًا في اضطهاده وكأنَّه يريد أن »يغلب« المسيح من خلال المؤمنين. وهذا ما نفهمه من الرؤيا على طريق دمشق. لم يقل يسوع: لماذا تضطهد المؤمنين؟ بل قال: »شاول، لماذا تضطهدني«، أنا يسوع (أع 9: 4). فهمَ هذا الشابُّ وهو ساجد أرضًا أنَّ هذا الصوت الداخليّ الذي سمعه مرارًا هو صوت »يسوع الذي يضطهده«. إذًا، يسوع حيّ وليس ميتًا، كما قيل له. فهل يقبل شاول أن يبدِّل حياته؟ أمّا الآن، فهذا القائد يحتاج إلى من يقوده، لأنَّه »لا يبصر شيئًا« (آ8) قيل عنه: »قادوه بيده إلى دمشق«. صار أعمى، مكفوف البصر. أين هو الاندفاع والعنفوان؟ زال كلُّ شيء. وهذا الأسد صار حملاً وديعًا وسوف يقوده يسوع شيئًا فشيئًا. هذا الشجاع صار »المرتعب، الخائف«. وسأل: »يا ربّ، ماذا تريد أن أفعل؟« (آ6) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|