منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23 - 03 - 2024, 01:52 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,281

الويل لي إن كنتُ لا أبشِّر




بولس الرسول أسقف كورنتوس وكاهنها




الويل لي إن كنتُ لا أبشِّر

كان الجدال مرَّة بين الرسول »ورعيَّته«: من يقوم بأود المرسلين، من يؤمِّن لهم معاشهم؟ قال: أما يحقُّ للمرسَل »أن يأكل ويشرب«؟ وفي مفهومنا اليوم: أن يؤمَّن للكاهن »البيت« الذي يقيم فيه و«المال« الذي يساعده على سدِّ حاجاته. ثمَّ هناك مرسلون يستصحبون »زوجاتهم«. في الأصل »امرأة أخت«. ويمكن أن يكون هناك أولاد. فبطرس الذي كان متزوِّجًا، أخذ زوجته معه. وكذا نقول عن »إخوة الرب«، يعقوب ويهوذا وسمعان ويوسي (مر 6: 3، أي أبناء مريم وكلاوبا، يو 19: 25). قالت الرسالة: »أما لنا حقّ مثل سائر الرسل وإخوة الربّ وبطرس أن نستصحب زوجة مؤمنة؟« (1 كو 9: 5).

هو أمر عاديّ أن تؤمِّن »الرعيَّة« حياة »راعيها« أو أقلَّه الكنيسة. فهناك مرسلون من أوروبّا وأميركا، رجل وزوجته وأولاده تُرسلهم الكنيسة المحلِّيَّة ليحملوا الإنجيل، وهي تعطيهم »الزاد« الضروريّ. ولنا مثَلٌ على ذلك في أعمال الرسل. أرسلت كنيسة أنطاكية برنابا وشاول (الذي سيصبح بولس). »وضعوا أيديهم عليهما وصرفوهما« (أع 13: 3). ولمّا عادا من الرسالة، قدَّما تقريرًا. قال سفر الأعمال: »فلمّا وصلا (بولس وبرنابا) إلى أنطاكية جمعا الكنيسة وأخبرا بكلِّ ما أجرى الله على أيديهما« (أع 14: 27).

أجل، الكاهن يسلِّم نفسه للكنيسة ومستقبله وإرادته، وهي تهتمُّ به. وهذا واضح جدٌّا في الرهبنات عندنا وفي سائر بلدان العالم: لا يُترَك الراهب (ولا الراهبة) حين يشيخ، بل يكون الاهتمام به حتّى مماته، بل بعد مماته، بما يُقدَّم عنه من الصلوات والقدّاسات. أسند بولس كلامه إلى الكتاب المقدَّس: »لا تكمَّ الثور وهو يدوس الحصاد« (تث 25: 4). وشرح الكلام: »فهل بالثيران يهتمُّ الله؟ أما قال ذلك بالفعل من أجلنا؟ نعم، من أجلنا كُتب ذلك ومعناه: على الذي يفلح الأرض والذي يدرس الحبوب أن يقوما بعملهما هذا على رجاء أن ينال كلٌّ منهما نصيبه منه« (1 كو 9: 10).

ويقدِّم الرسول البراهين المأخوذة من الحياة اليوميَّة: »من هو الذي يحارب والنفقة عليه؟ من هو الذي يغرس كرمًا ولا يأكل من ثمره؟ من هو الذي يرعى قطيعًا ولا يأكل من لبنه؟« (آ7). والجواب لا أحد. لكنَّ هذا يفترض أنَّ »الجندي« يحارب ولا يختبئ حين يأتي الخطر. وكذا نقول عن »الراعي« الذي يبذل نفسه عن أحبّائه. وإلاَّ كان مثل الأجير الذي يعمل لقاء أجرة، ويتعب بقدر الأجرة التي تُعطى له: وأظنُّ أنَّ الرعيَّة التي ترى راعيها مثل »الراعي الصالح«، تعرف كيف تهتمُّ به. زرع فيهم الخيرات الروحيَّة وهو يحصد »الخيرات المادِّيَّة« (آ11).

ولكنَّ بولس أراد أن يكون »حرٌّا«، مع أنَّ له »الحق« أن يطالب كما يطالب غيره. فقال: »ولكنَّنا ما استعملنا هذا الحقّ، بل احتملنا كلَّ شيء لئلاَّ نضع عقبة في طريق البشارة بالمسيح« (آ12). وواصل كلامه: »ولا أنا أكتب هذا لأطالب بشيء منها، فأنا أفضِّلُ أن أموت من أن يحرمني أحدٌ من هذا الفخر« (آ15).

لماذا أراد الرسول أن يكون حرٌّا من كلِّ هذه الأمور؟ لماذا رفض وهو خادم المذبح »أن يأخذ نصيبه من الذبائح«؟ (لا 6: 9-19). لماذا رفض وهو خادم البشارة أن »ينال رزقه من البشارة«، مع أنَّ الربَّ قال: »إنَّ العامل يستحقُّ أجرته« (لو 10: 7)؟ لكي يتكرَّس بكلِّيَّته للبشارة. قال: »البشارة ضرورة فُرضَتْ عليّ، والويلُ لي إن كنتُ لا أبشِّر« (1 كو 9: 16). أجل، بولس هو تعيس إن لم يحمل الإنجيل. ويعتبر أنَّ حياته فاشلة إذا كان ينسى خدمة الكلمة التي هي مهمَّة مثل خدمة القربان. نحن نقوم بعمل فنطلب أجرة، أمّا بولس فيقلب المعادلة: »أجرتي هي أن أبشِّر مجّانًا وأتنازل عن حقّي في خدمة البشارة« (آ18).

كم مرَّة يكون المال عائقًا في طريق الإنجيل، فتصبح شهادتنا عقيمة، والنور الذي فينا يُضحي ظلامًا (مت 6: 23). أذكر مرَّة زرتُ كاهنًا، وأوَّل شيء قال لي: يجب أن أؤمِّن كذا مليونًا لكي أؤمِّن التعليم الجامعيّ لأولادي في أحسن جامعات البلاد. ومرَّة أخرى سمعتُ كاهنًا يقول: الرعيَّة تخدم الكاهن قبل أن يخدمها. وأحد الكهنة مضى إلى المهجر لكي يؤمِّن المستقبل لأسرته. وإذ لم يجد المستقبل الذي يريد، عاد إلى لبنان. كم نهتمّ بما نأكل وبما نشرب وبما نلبس! أمّا المسيح فقال لنا: »هذا يطلبه الوثنيّون. أمّا أنتم فأبوكم السماويّ يعرف أنَّكم تحتاجون إلى هذا كلِّه. فاطلبوا أوَّلاً ملكوت الله وبرَّه والباقي يُزاد لكم. لا يهمُّكم أمرُ الغد، فالغد يهتمُّ بنفسه. ويكفي كلَّ يوم شرُّه« (مت 6: 32-34).

لا شكَّ في أنَّ الكثيرين يبتسمون أمام هذا الكلام. فالذي يتكلَّم هكذا لا يعرف ماذا يقول ولا يحمل المسؤوليّات التي نحمل. لا شكّ، مع أنَّ المزمور قال: »إن لم يبنِ الربُّ البيت فعبثًا يتعب البنّاؤون. وإن لم يحرس الربُّ المدينة، فعبثًا يتعب الحارس. عبثًا لكم أن تبكِّروا في القيام وتتأخَّروا في النيام. فإنَّه يعطي في ذلك الوقت أحبّاءه لذّة النوم« (مز 127: 1-2). مثل هذا الموقف المتجرِّد يفترض الإيمان العميق الذي يُبعد عنّا الخوف. وإذ نحن نتذكَّر الخوري يوحنّا ماري فيانّاي، خوري آرس، بعد مئة وخمسين سنة على وفاته، نتساءل: لماذا رعايانا تموت؟ لماذا يتركنا المؤمنون ويمضون بعد أن خسروا كلَّ ثقة بنا؟ طلبوا خبزًا، فما وجدوا من يطعمهم، كما قال سفر المراثي. كما المسيح قال لتلاميذه الذين أرادوا أن يتهرَّبوا: »أعطوهم أنتم ليأكلوا« (مر 6: 37). في معنى أوَّل هو الخبز الفاني، كما قال الربُّ لليهود (يو 6: 27). وفي معنى ثانٍ، وهو الأهمّ، هو »القوت الباقي للحياة الأبديَّة«. وما يلفت انتباهنا في معجزة تكثير الأرغفة، هو أنَّ يسوع رأى الشعب الجائع، ومع ذلك ما بدأ فأطعمهم، بل أخبرنا الإنجيل: »فلمّا نزل يسوع من القارب رأى جمعًا كبيرًا، فأشفق عليهم، لأنَّهم كانوا مثل خرافٍ لا راعي لها، وأخذ يعلِّمهم أشياء كثيرة« (مر 6: 34)، أعطاهم خبز الكلمة.

والرسول هو من يعطي مثل هذا الخبز، كما طلب اليهود من يسوع (يو 6: 34)، لأنَّ من يأكل من هذا الخبز لا يجوع أبدًا (آ35). فإذا جاع المؤمنون مضوا إلى حيث يجدون الطعام. دُعيتُ مرَّة إلى بيت رجل من إحدى الشيع. تحدَّثت معه فأقنعته سريعًا. فدعا »الشيخ« الذي يعلِّمه، فمضى واقتنع الذين كانوا يلجون ذلك البيت أنَّهم يضيِّعون كنيستهم. عند ذاك سألته: أنت غنيّ ولا تحتاج إلى مال، فلماذا تبعتَ هذه الشيعة؟ وكان جوابه: أنا سريانيّ أرثوذكسيّ. لم أسمع مرَّة شرحًا للإنجيل في كنيستي، فمضيت إلى حيث أجدُ خبز الكلمة. وأنا مرتاح جدٌّا.

أين هي البشارة في رعايانا؟ ما هو مستوى العظات التي نقدِّمها للمؤمنين؟ هل هناك لقاءات حول الإنجيل؟ والأخويّات هل نطعِّمها بكلام الله، أم نتركها تكرِّر الفرض الذي لا غذاء فيه البتَّة، لأنَّ لا وجود لكلام الله. نبدِّل المزامير التي يحملها الكتاب، نكرِّر مزامير القدّيس بوناونتورا التي نتلوها كلَّها في سرعة فائقة، ولا نختار منها كلَّ مرَّة »مزمورًا«. ومرّات عديدة نرى الكهنة يهربون حين يكون الموضوع كلام الله. أو هم يعتبرون أنَّهم يعرفون، أو هم يجدون نفوسهم غرباء. اكتفوا بما درسوا في الجامعة، وذاب ما درسوه كما الثلج في زمن الصيف. قال النبيّ هوشع: »مثل سحابة الصبح، أو كالندى الذي يتبخَّر ما أن تطلع الشمس« (هو 13: 3). ونطرح سؤالاً على أنفسنا: هل نستطيع أن ندافع عن إيماننا بالحجَّة؟ بل نستعمل العنف ونُسكت محاورنا. فيمضي إلى من هو »مستعدٌّ للردِّ على كلِّ من يطلب منه دليلاً على الرجاء الذي فيه« (1 بط 3: 15). وكيف يكون كلامنا مع الذين ليسوا من رأينا؟ »بوداعة واحترام« (آ16). ولكن إذا كانت معرفتنا ضعيفة نغطّي جهلنا بالصوت العالي الذي يغطّي عجزنا.

كانوا يقولون: »عالم مثل كاهن ماروني«. ونقول هذا الكلام عن كلِّ كاهن، لأنَّ عليه أن يكون »معلِّمًا« في خطِّ المعلِّم الأوحد يسوع المسيح. كان الكاهن وحده يجيد القراءة والكتابة، فيأتي الجميع إليه. وماذا نقول عن الذين حملوا العلم إلى أوروبّا من السمعانيّ إلى الصهيونيّ إلى الدويهيّ إلى الحصرونيّ... إلى ميشال الحايك ويواكيم مبارك والمونسنيور ميخائيل الفغالي والمونسنيور جوزف الفغالي والمطران بطرس ديب الذي كتب ما كتب في »قاموس اللاهوت الكاثوليكي« الفرنسيّ، ومثله المطران اغناطيوس زياده، والأب ميشال بريدي وغيرهم وغيرهم. أين نحن من أشخاص مثل المطران يوسف الدبس الذي ارتفعت كتبه فامتدَّت فوق رأسه؟

غذاء الكاهن في رعايانا كان الكتاب المقدَّس يقرأه كلَّ يوم، ويقوله للمؤمنين بكلِّ بساطة. إلى أن جاءت الكتب التقويَّة التي فرضت نفسها لأنَّها آتية من الغرب. أذكر في بداية حياتي الكهنوتيَّة ذاك الكاهن الشيخ يقرأ بعض العظات التي عرفها الكبار منّا. وما زال غيرها يترجم، فقيل بسبب كثرة الكتب »التقويَّة«، ضاع الكتاب الكتاب، الكتاب المقدَّس. وكيف نعظه؟ نقرأه في الفصحى، ونعيده في اللغة العامِّيَّة وكأنَّ الناس لم يفهموه. أو نقول بعض الأمور الأخلاقيَّة التافهة، هذا إذا كنّا لا نتكلَّم عن الأشخاص ونبخِّرهم فيكون لنا من هذا التبخير أكثر من فائدة.

كم نحن بعيدون عن بولس الرسول! قال لنا في الرسالة إلى العبرانيّين: »كلام الله سيف ذو حدَّين، يَنفذ إلى الأعماق« (عب 4: 12). فإذا كان ما نقوله كلامًا بشريٌّا، فماذا يفيد؟ الجميع يعرفون مثلنا وأكثر. أتى اليونانيّون وقالوا لأندراوس وفيلبُّس: »نريد أن نرى يسوع« (يو 12: 21). أرونا وجهه، أسمعونا صوته، أعطونا كلامه. جاء كلام بولس قاسيًا: »نحن لا نتاجر مثل كثير من الناس بكلام الله« (2 كو 2: 17). ويمكن أن نقول: لا نشوِّه، لا نحرِّف. وقال في 1 كو 4: 2: »لا نسلك طريق المكر، ولا نزوِّر كلام الله، بل نُظهر الحقّ...«. لن أتحدَّث هنا عن شروح ضعيفة للإنجيل، أو خاطئة لأنَّنا نطلب أنفسنا، لا المسيح ربَّنا. وكم يفرح المؤمنون حين يسمعون كلمة الله، ولاسيَّما في وقت الحزن، فيجدون العزاء الحقيقيّ والشجاعة. وفي قدّاس الأحد، يكون لهم الزاد طوال الأسبوع. شكرًا لك يا ربّ على مثل هؤلاء الكهنة الذين يبشِّرون!
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إن كنتَ مزمارًا، إن كنتَ قيثارة، لماذا أنت صامت لا تُمَجِّد الله
أربع صفات ضرورية لكل مبشِّر بالإنجيل:
سفر حزقيال 19: 7 و الرياض على النيل على حافة النيل و كل مزرعة على النيل تيبس
ماذا كنتَ ستفعل لو كنتَ واقفا عند الصليب
ارتداء النحل في الصين .. مسابقة عجيبة يتمتع أصحابها بلسعات النحل !!


الساعة الآن 12:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024