رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"يا إله آبائي، ويا رب الرحمة، يا صانع كل شيء بكلمتك. [1] يوجه سليمان في بداية حكمه وجهه نحو الله ليطلب منه التمتع بالحكمة. يقصد بالآباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب، ولعله كان في ذهنه أيضًا نوح وموسى النبي ويشوع بن نون وبعض القضاة وداود الملك وغيرهم. جميعهم قادة عظماء، لكل منهم شخصيته المتمايزة، لكن كل واحدٍ يكمل الآخرين، فالله هو القائد الأعظم للقادة. يدعو القادة آباء، وينسب الله نفسه للآباء: "إله الآباء". فالقيادة في ذهن سليمان الحكيم ليست إلاَّ أبوة وحنوُا وترفقًا بالغير، فيصير الكل بالنسبة له كمن في موضع الأبناء. يمارس القيادة لا من موقع السلطة حيث الأوامر والنواهي، وإنما من موقع الأبوة! إن كان خالق السماء والأرض يقدم نفسه لخليقته كإله للآباء، كم بالأكثر يليق بالقادة المدنيين والدينيين أن يفتحوا قلوبهم للآخرين بنوعٍ من الأبوةٍ. القيادة ليست مجرَّد مركز كنسي أو إدارة لأعمال معيَّنة أو مجرَّد طقوس وواجبات تنفَّذ كيفما كان، لكنَّها أولًا وقبل كل شيء هي أبوَّة، ينال الخادم هبة من الرب الذي دعاه. والله في تقديمه الأبوَّة لأولاده الخدَّام، يقدِّم لهم جوهرها وعمادها - الحب - الذي بدونه لا يمكن أن نتذوَّق حقيقة الأبوَّة أو نشعر بوجودها. إنه يدرِّب أولاده أيضًا وينمِّيهم في مدرسة الحب منذ الطفولة، لكي يكونوا مشابهين لله، فلا يكونوا آباء جافِّين، يغيظون أولادهم ويهلكونهم. لهذا نقول أن المدرسة الوحيدة التي يتخرَّج منها خدَّام الله الحقيقيُّون في العهد القديم والجديد - والتي لا تزال وستبقى هكذا حتى يتخرَّج فيها رجال الله الأمناء - هي مدرسة الحب المسيحي. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|