"ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون" [26].
إذ قدم السيد المسيح جسده ودمه مبذولين عن خلاص الآخرين، ذبيحة حب فريدة، سبح مع تلاميذه ربما بتسابيح الفصح المفرحة، معلنًا أن العلية قد امتلأت فرحًا وحمدًا لله. أقول إن عليتنا الداخلية تمتلئ بالفرح الإلهي وبالتسابيح الفائقة إن قبلت في داخلها مسيحها المصلوب، وإن حملت سماته فيها. بمعنى آخر كلما قدم حياته الداخلية مبذولة بالحب من أجل الآخرين في المسيح يسوع، امتلأت حياته تسبيحًا لا بالفم واللسان فحسب، وإنما تتحول كل أعضاء جسده وأحاسيسه وأعماق نفسه إلى قيثارة في يدي الروح القدس، ينشد عليها ربنا يسوع نفسه تسابيح فصحه وصليبه، يتقبلها الآب سيمفونية سماوية مبهجة. وعلى العكس كلما تقوقع الإنسان حول ذاته يطلب ما لنفسه. مهما حفظ من تسابيح ونطق بترانيم يملأ الضيق نفسه ويحطم اليأس رجاءه.
الآن إذ قدم السيد جسده ودمه المبذولين لتلاميذه ليحملوا حياته المبذولة فيهم ويسلكوا حاملين صليبه، وهبهم أن يسبحوا بفرحه ويبتهجوا بخلاصه، ثم انطلق بهم "إلى جبل الزيتون".