رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
– لننظر ماذا يقول العهد الجديد في التقليد أو التقاليد. لنبدأ بمثال موضح من الترجمة الإنكليزية “الترجمة العالمية الجديدة” NIV للعهد الجديد وهي من أكثر الترجمات المستعملة لدى البروتستانت (وهي من أشهر الترجمات الإنكليزية بعد ترجمة King James) حيث نجد عشرة أماكن عن “التقليد” وهي: متى15: 2، 3، 6؛ مرقس7: 3، 5، 8، 9، 13؛ وغلاطية1: 14 وكولوسي2: 8. في كل حالة من هذه الحالات يُقدَّم التقليد على أنه شيء سلبي ويعاكس الحقيقة الإلهية. الأمر نفسه حاصلٌ تماماً في ترجمة فان دايك البروتستانتية العربية المشهورة. مثلاً في مرقس7: 8: “لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس”. على ضوء هذا ليس من المستغرب أن نجد أن البروتستانت يجدون صعوبة في إيجاد أي شيء إيجابي يمكن أن يقولوه في التقليد. لكنهم يجهلون أو يتجاهلون صعوبة أنه بالإضافة إلى النصوص السابقة توجد ثلاثة نصوص أخرى في العهد الجديد (تغفلها الترجمات البروتستانتية) تذكر التقليد على أنه شيء إيجابي. وبالحري فإن هذه النصوص الثلاثة تأمرنا أن نحفظ التقاليد الشفوية التي استلمناها من الرسل. البروتستانت يجهلون هذه الآيات، جزئياً لأنهم يعيرون انتباهاً كبيراً للآيات الأخرى، وجزئياً لأنهم يستعملون ترجمات بروتستانتية تحرّف الآيات التي تعاكس التعاليم البروتستانتية كما سنُظهر في هذا المثال الموضح. لو عدنا إلى العهد الجديد اليوناني، لوجدنا أن كلمة التقليد اليونانية paradosis وتأتي 13 مرة في العهد الجديد وليس 10 مرات! ومن اللافت للنظر أن ترجمة NIV تترجم كلمة paradosis اليونانية بكلمة “تقليد” في كل مرة إلا في ثلاث آيات هي: 2تسالونيكي2: 15، 2تسالونيكي3: 6 و1كورنثوس11: 2. فالمثال الأول هنا جاء في النص العربي (ترجمة فان دايك البروتستانتية) والنص الإنكليزي (الترجمة العالمية الجديدة): “فاثبتوا إذاً أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلّمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا”. بينما في النص اليوناني لم ترد كلمة “تعاليم” بل كلمة “تقاليد paradosis” وهذا ما نجده في ترجمة King James الإنكليزية المشهورة أيضاً. فتصير الآية: “فاثبتوا أيها الأخوة وتمسكوا بالتقاليد التي تعلّمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا”. كلمة “تقاليد paradosis” اليونانية هنا مشتقة من فعل paradidomi اليوناني الذي يعني “يسلّم أو ينقل أو يتناقل”. من السهل لأي إنسان عارف باللغة اليونانية معرفة عادية أن يدرك أنه يوجد تحريف في الترجمة لتغيير المعنى ولإبعاد أي معنى إيجابي في ذهن القارئ مرتبط بكلمة “تقليد” أو “تقاليد”. فالمترجمون البروتستانت هنا حرّفوا النص اليوناني لكي يطابق عقائدهم ولم يغيّروا من عقائدهم لتتوافق من النص الإلهي المكتوب. من الواضح أن الترجمة العالمية الجديدة NIV قد حرصت على إبقاء كلمة “تقليد” أو “تقاليد” في النص الإنكليزي في كل مرة تأتي هذه الكلمة بالمعنى السلبي، ولكنها تحرص في الوقت نفسه على استبدال الكلمة اليونانية نفسها paradosis بكلمة أخرى غير “تقليد” أو “تقاليد” بل بكلمة قريبة منها مثل “تعليم” أو “تعاليم” في كل مرة تأتي هذه الكلمة اليونانية بالمعنى الإيجاب. لو كان الكتاب المقدس فعلاً يفسّر نفسه بنفسه وكافٍ بحد ذاته فلماذا يلجأ البروتستانت إلى تحريف بعض النصوص الإنجيلية في ترجماتهم لتوافق هواهم ولاهوتهم؟ أو هل يفهم البروتستانت تعليم القديس بولس عن السلطة بصورة أفضل منه؟ هذا المثال هنا عن كلمة “تقليد” وترجمتها تعطينا نقطة مهمة جداً: لا بدّ لكل إنسان يقترب من الأسفار أو من الكتاب المقدس أن يقترب ضمن تقليد معين، وكل ترجمة للكتاب المقدس لا تتم إلا ضمن تقليد معيّن وتعكس جوانب هذا التقليد. فتوجد ترجمة بروتستانتية وأخرى كاثوليكية وأخرى أرثوذكسية وهكذا. أيضاً، كل تفسير للكتاب المقدس يُقدَّم ضمن إطار أو تقليد معيّن ويختلف هذا التفسير عن غيره بحسب خلفية التقليد الذي ينطلق منه هذا التفسير. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|