|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما أحبّ مساكنك
لا نجد في هذا المزمور صعوداً إلى أورشليم كما في مز 122. بل دخولاً إلى الهيكل. ويسمعنا المرتّل صوت الصلاة والطلب (آ 9). أنكون في نهاية ليتورجية الحجّاج؟ الشخص المذكور هو ملك. والشعب يصلّي من أجله لكي يستجيب الله طلبته. هناك أشخاص يتحرّكون. وقد يكونون جاؤوا إلى أورشليم فعُدّوا سعداء لأنهم يقيمون في بيت الربّ. عبّر ضيفُ الله عن حنينه الذي لم يعد يصبر، عن حنينه إلى اللقاء بالله. هناك يجد معنى حياته وقوّة تتيح له أن يتابع مسيرته وهو واثق بعون الله. بعد ذلك نكون أمام طقوس الاستقبال. يهتف الملك: يا ربنا القدير استمع صلاتي. فيأتيه الجواب: الربّ الاله شمس وترس، الربّ يمنح النعمة والمجد. في القسم الأول (آ 3- 8) من المزمور، عبّر الملك عن رغبته بأن يدخل إلى ديار الربّ. أحسّ بجوع وعطش إلى الله، إله الأحياء، الذي يعطي الحياة. هو يتوق إلى مذابح الربّ كالعصفور الباحث عن عشّ. ويحدّد المصلّي موضوع طلبه: تكمن سعادته القصوى بأن يقيم لدى الربّ، بأن يُنشد مدائحه إلى الأبد. هنا يستقي الانسان القوّة الضروريّة لكي يحيا حياته. ويسير مرفوع الرأس في الطريق الملوكيّة. كل شيء يبدو فرحاً وسلاماً على طريق الله هذه. والوديان الجافّة تصبح واحات خضراء. وحضور إله العهد في صهيون يكفي لكي ينفح مؤمنيه بعزم جديد. ويعبّر الملك عن رغبته في صلاة تنتظر جواباً. وجّه الملك صلاته إلى ربّ الأكوان، وساندته صلاة شعبه الذي اعتبر ملكه ترساً يحميه ويؤمّن للبلاد العدالة والحياة. ويتدخل الملك فيعلن أنه اختار الربّ وترك الالهة الكاذبة، كما قطع كل علاقة مع عالم الاشرار. فنال الملك وعداً من النعمة والمجد. سيكون الرب شمساً له وترساَّ يحميه شرط أن يسلك الملك في سلامة القلب ويتّكل على الربّ. هذا كان نشيد الحجاج الصاعدين في عيد المظال إلى أورشليم ليؤمّوا ديارك يجتمعون في مكان معيّن، وينطلقون معاً ووجهتهم تلّة صهيون والهيكل مركز حضورك يسيرون معاً فيتذكّرون أول مسيرة لهم إلى أرضك، إلى أرض الميعاد يسيرون معاً، فيتذكّرون رجوعهم إلى أرضهم بعد حياة المنفى والشقاء يسيرون فيتذكرون مسيرة الحياة، والحياة طريق طويل يوصل إليك يا ربّ. طريقنا طريقك يا ربّ، أنت يا رفيق دربنا أنت لا تسير أمامنا فقط، بل تسير معنا وإن كنا لا نعرف وجهك وننتبه إلى حضورك فنحن إليك ذاهبون، وإلى بيتك متوجّهون، وبرفقتك صاعدون. الباب ضيّق، ولكن يصبح واسعاً معك، الطريق صاعدة، ولكنها تصبح سهلة معك الطريق طويلة، ولكنك أنت تقصر المسافات بحضورك، بحديثك، بنعمتك ومحبتك معك تصبح مسيرتنا مسيرة العنفوان والظفر، وإن كان لها وجه الذلّ والهزيمة برفقتك نعبّر عن فرحنا بالنشيد، مهما ملأ العالم قلبنا حزناً وكآبة. نحن نحجّ إلى ديارك لنتقرّب إليك ونستعد لنتقبّل بركاتك وأولها المطر المبكر مطرك يقلب وادي الجفاف ينابيع ماء وجنائن غناء نحن ننطلق إلى أورشليم فيمتلىء قلبنا رجاء بأورشليم جديدة، أورشليم التي تحوي ملء السعادة للذين أحبّوا مساكنك نحن نسير مع كل المؤمنين وننشد: ما أحب مساكنك يا ربّ الأكوان. بعد طريق طويل، نصل إلى هيكلك ونهتف: ما أحب مساكنك فيجيبنا الكهنة باسمك: هنيئاً للذين وجّهوا قلوبهم إلى الربّ وندخل فنرفع صلاتنا، فنسمع صوت الكهنة: الربّ لا يمنع خيره عن السالكين بالاستقامة حنيئذ نهتف مع المؤمنين: هنيئاً لنا نحن المتّكلين عليك، الساعين إلى حماك. ما أحب مساكنك أيها الربّ القدير تشتاق، بل تتوق نفسي إلى ديار الربّ قلبي وجسمي يرنّمان للاله الحي العصفور يجد له بيتاً، واليمامة عشاً تضع فيه أفراخها عند مذابحك يا ربنا القدير، يا ملكي وإلهي. هنيئاً للمقيمين في بيتك، فهم على الدوام يهلّلون لك. نحبّ يا ربّ مسكنك وهيكلك المقدّس نحبّ أن نقيم حيث تقيم، أن نسكن في ديارك، أن نقف بحضرتك هذا كل موضوع توقنا واشتياقنا، وبعد هذا لا نريد شيئاً. أذوب إليك كالحبيب البعيد عن حبيبه، وأتمنّى ساعة اللقاء وأتلهّف إليها وأحسد العصفور الذي يستطيع أن يعشّش في زاوية من زوايا الهيكل فيأمن الخطر وأتمنّى أن أكون يمامة قرب مذبحك، فيكون لي السلام والطمأنينة واتطلع إلى تلك الساعة التي أستطيع فيها أن أعبّر عن فرحي بوجودي معك. أريد أن يكون قلبي وجسمي، ونفسي وروحي، ترنيماً لك يا ربّ أنا لا أرضى أن يكون مقامي في الهيكل مقاماً عابراً بل أريد أن أبقى هنا على الدوام، أهلّل لك وأسبّحك على الدوام وأصلي لأجل من كرّس ذاته لك ليقدم لك ذبيحة شعبك، وأتطلّع إلى من يخبر المؤمنين بعظائمك، أتطلّع إلى من ينشد لك المزامير ويرفع إليك المدائح. أفهمنا يا ربّ أن أهم شيء، هو توجيه قلبنا إليك، وتجديد حياتنا معك أفهمنا يا ربّ عظمة حياتنا وسموّ ندائك ولا تسمح أن تكون عطاياك لهلاكنا، بعد أن جعلتها لخلاصنا وخلاص العالم أعطيتنا وزنة أو وزنتين أو خمسة، وتطلب منا وزنة أو ورنتين أو خمسة علمنا هذه المتاجرة السامية ولا تسمح أن نطمر وزنتنا في الارض فنستحقّ لقب العبد البطّال. هنيئاً للذين عزّتهم بك، وبقلوبهم يتوجّهون إليك يعبرون في وادي الجفاف فيجعلونه عيون ماء بل بركا يغطيها المطر ينطلقون من قمّة إلى قمّة إلى أن يروا إله الآلهة في صهيون. نحن نهنّىء القائمين دوماً في بيتك يسبّحونك ويهلّلون لك وهم يهنّئونا لشجاعتنا بعد أن سرنا في هذه الطريق الطويلة ويتشجّعون أمام حماسنا الذي ما خاف الصعوبات والمخاطر. تجرّأ المؤمنون فعبروا وادي الجفاف حيث لا طعام ولا شراب، ولكنك كنت معهم لتحوّل وادي الجفاف إلى عيون ماء بل تحوّله إلى برك ومواضع تجمّعت فيها المياه. تجرّأ المؤمنون فصعدوا الجبل بعد الجبل ونزلوا الوادي بعد الوادي ولكن لما أطلّ عليهم جبل صهيون والهيكل مركز حضورك كانت فرحتهم عظيمة. تجرّأ المؤمنون فقطعوا المسافات ولكن عندما رأوا وجهك يا إله الالهة، يا إلهاً عظيماً، نسوا كل شيء. هذا ما حدث لتلميذي عماوس: عرفاك عند كسر الخبز فنسيا التعب والجوع والحزن هذا ما حدث لإيليا الذي أطعمته قوتاً فسار بفعل ذلك الطعام أربعين يوماً وأربعين ليلة سار إلى أن وصل إلى مركز اللقاء معك في حوريب وهذا ما يحدث لنا نحن الذاهبين إلى العيد، نحن المفتدين بجسدك، السامعين لكلمتك، المملوءين بحضورك. حيث يكون كنزنا، هناك يكون قلبنا، فأنت كنزنا يا ربّ وكنوز العالم كلّها عدم أمامك من أجلك، من أجل محبتك نضحّي بكل ما لنا، من أجلك نضحّي بكل ما نحبّ، بكل من نحبّ نريد أن نعبّر عن حبّنا لك، أنت يا من أحببتنا أولاً احببتنا وجعلت نفسك كفّارة عنا نريد أن نعطيك ما لنا، وإن يكن كل ما لنا عطية منك ولكن هل نستطيع أن نكون أكرم منك أيها الكرم المطلق فأنت تحسب حساب كأس ماء بارد نعطيه لأحد إخوتك وتلاميذك. أيها الربّ القدير استمع صلاتي، وأصغِ يا اله يعقوب يا الله، يا ترسنا، تطلّع، والتفت إلى وجه (الملك) مسيحك يوم واحد في ديارك خير من ألف في أي مكان أختار الوقوف على عتبة بيت إلهي على السكن في بيت الاشرار. وأصلّي يا ربّ، أصلّي من أجل شعبي، ثم من أجل حاجاتي الخاصة وأرفع توسلي إليك بقلب خاشع ونفس واثقة أقف على عتبة بيتك باتضاع، ولا أجسر أن أدخل قبل أن تسمع لي أتذكّر خطاياي، ولكنني أتذكّر آبائي الأبرار ولهذا أتجاسر وأطلب، وأنت تستجيب لي أقلّه من أجلهم. وأعبّر عن فرحتي. فيوم واحد في ديارك أفضل من ألف في أي مكان آخر لا سبيل للمقابلة بين وقت نقضيه معك، ووقت نقضيه بعيداً عنك الوقوف على عتبة بيتك، أفضل من السكن داخل بيوت الاشرار فحضورك بركة أنت الذي جعلت الارض فردوساً انت الذي جعلت الصحراء القاحلة جنّة غناء فحضورك قوّة وحماية. أنت ترس لنا في الشدّة وعضد في الضيق باركنا فيحلّ الامان في أرضنا. أمامنا طريق الخير وطريق الشر، في أي طريق نسير؟ أمامنا بيت الربّ وبيت النفاق، إلى أي بيت ندخل؟ أمامنا وصايا الله ووصايا البشر هل نأخد بوصاي البشر كالكتبة والفريسيين أم نأخذ بوصايا الله كالرسل الذين فضّلوا أن يطيعوا الله لا البشر. نختار السكن معك، ويكفينا يوم واحد لنحسّ بالسعادة نوجّه قلوبنا إليك، نوجّه دروبنا نحوك يا من أنت الطريق الحق ونعيش بحسب وصاياك وتعاليمك أنت يا من قلت لنا: تعلّموا مني فنحن إلى من نذهب وعندك كلام الحياة الأبدية؟ الربّ الاله شمس وترس، وهو يعطي النعمة والمجد لا يمنع الخير عن الذين يسلكون طريقهم في سلامة القلب يا ربنّا القدير، هنيئاً للإنسان المتّكل عليك. انت يا ربّ ترس، أنت تحمي خائفيك حميتهم في الماضي، وتحميهم اليوم وغداً، لأنك الإله الأمين أنت يا رب شمس، أنت تنير مؤمنيك، وتنشر الدفء عليهم أنت أيها الربّ الإله تعطينا نعمك وتمجدنا بالمجد الذي لك منذ إنشاء العالم فشكراً لك وحمداً لاسمك. أنت نور لنا إذا أحببنا أن نسير على نورك أما إذا فضّلنا الظلمة على النور بسبب أفعالنا السيئة، فيا لشقائنا وتعاستنا أنت نور لنا إن سلكنا طريقك وحفظنا وصاياك ولكن النور يصبح ظلاماً إذا رفضنا أن نضع ثقتنا فيك فيا ويلنا إذا اتكلنا على غيرك. بعض المرات نريد أن نخاصمك، أن نثور عليك بعض المرات نترك اليأس يدخل قلوبنا، نرفض، نتمرّد ولكنك يا الله ترفض المتكبرّين، وترفع المتواضعين السالكين بسلامة القلب علّمنا على مثالك أن نكون ودعاء ومتواضعي القلب فنجد الراحة لنفوسنا. أنت تدعونا إليك، إلى جبلك المقدس، وها نحن صاعدون نحن عارفون أن معك سيكون لنا السرور والفرح وتبتعد عنا الحسرة والحزن نحن شاعرون بحضورك خاصة عندما نأتي إليك كل يوم نسمع كلامك، نتغذّى بجسدك ودمك ونعود إلى بيتنا نحمل معنا غذاء الدرب وقوّة الطريق حينئذ تصبح لنا الصعوبة أمراً سهلاً والقحط بركة ماء والجفاف ينابيع وعيوناً هذه الأرض التي نسمّيها وادي الدموع تصبح مدخلاً إلى السماء هناك لا حزن ولا بكاء، بل فرح دائم معك يا رب تجلّيت فرأيناك وما زلت معنا على طرقات الحياة اليوم وكل أيام حياتنا وفي ساعة موتنا |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أحبّ يسوع الزانيَّة ولم يدنْها بل سامحها وكما أحبّ بطرس عندما أنكره |
أحبّ ثمّ أحبّ ثم أحبّ كلّ ما استطعت ذلك |
ما احلى مساكنك يا رب |
ما احلى مساكنك |
ما أحبّ مساكنك المزمور الرابع والثمانون |