رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صلاة عن الجماعة يربط المرتل نفسه بالشعب، فإن كان يطلب من الرب أن يتعهده بخلاصه، فإنه لا يفرح ما لم يفرح الشعب، لأنهم موضوع اعتزازه وفخره. مَنْ يَتَكَلَّمُ بِجَبَرُوتِ الرَّبِّ؟ مَنْ يُخْبِرُ بِكُلِّ تَسَابِيحِهِ؟ [2] عجز الإنسان عن الحديث عن عجائب الرب والتَرَنُّم بكل تسابيحه، إما بسبب شعوره بخطاياه، كما جاء في المزامير: "وللشرير قال الله: ما لك تُحَدِّث بفرائضي، وتحمل عهدي على فمك" (مز 50: 16)، أو شعوره بعجزه عن التعبير عن أعمال الله خاصة معه شخصيًا، فمهما تكلم أو سبَّح يعجز عن التعبير عن معاملات الله العجيبة معه كما مع الشعب. (راجع سيراخ 43: 28-31). * "من يقدر أن يُخبِر بأعمال الرب القديرة؟!" لا يستحق أحد أن يخبر بأعمال الآب العظيمة سوى الابن، ولا يقدر أحد أن يُعَبِّر عن قدرة الآب ذاك الذي هو نفسه القدير. ذاك الذي هو كلي القدرة، الذي في حضن الآب، قادر أن يُخبر ويُعْلِن عن الأعمال القدير للكلي القدرة. "أو من يخبر بكل تسابيحه؟" قبل أن ينشر ربنا تسابيح الآب في الإنجيل كانت تسابيح الآب غير مسموعة في العالم. بالمفهوم الروحي، كل ما هو كُتِبَ في الشريعة القديمة يُمكِن أن يُفهَم عن الآب. القديس جيروم * من يخبر عن أعمال الرب القديرة؟ (مز 2:106) من الموت صرنا خالدين، هل فهمتم النصرة، والطريق التي بلغتها؟ تعلَّموا كيف اُقتنيت هذه الغلبة بدون تعب وعرق. لم تتلطخ أسلحتنا بالدماء، ولا وقفنا في خط المعركة، ولا جُرحنا، ولا رأينا المعركة لكننا اقتنينا المعركة. الجهاد هو مسيحنا، وإكليل النصرة هو لنا. ما دامت النصرة هي لنا، إذن يليق بنا كجنودٍ أن نرتل اليوم بأصوات مفرحة بتسابيح الغلبة. لنُسَبِّح سيدنا قائلين: "قد أُبتلع الموت إلى غلبة. أين غلبتك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟" (1 كو 54:15-55) . * "من يعلن عن أعمال الرب القديرة؟ ويخبر بكل تسابيحه؟" أي راعٍ يقوت قطيعه بأعضائه؟ ولماذا أقول راعيًا؟ فإنه توجد أمهات كثيرات بعد الآم مخاض الولادة يرسلن أطفالهن إلى نسوة أخريات يقمن بإرضاعهم أما هو فلم يفعل ذلك، بل يقوتنا بدمه، ويُخَلِّصنا بكل وسيلة بنفسه. القديس يوحنا الذهبي الفم * الابن المساوي للآب في الجوهر صار مثلي!كان يسير على الأرض، ويختلط بالبشر، ويصنع عجائبه بينهم، واهبًا خيرات هذا الدهر والدهر الآتي. وما قدَّمه على الأرض، إنما كان لتأكيد ما سيهبه في الدهر الآتي. وهكذا حقق الابن ما سبق * إعلانه: "من يتكلم بجبروت الرب؟! من يخبر بكل تسابيحه؟!" (مز 106: 2) القديس يوحنا الذهبي الفم طُوبَى لِلْحَافِظِينَ الْحَقَّ، وَلِلصَّانِعِ الْبِرَّ فِي كُلِّ حِينٍ [3]. من الذي يستطيع أن يتكلم بأعمال الرب الجبارة ويخبر بكل تسابيحه إلا ذاك الذي يَقْبل رب يسوع برًّا له، فتعلن أعمال الله وعجائبه في حياته، ويصير هو نفسه شهادة حق لأعمال الله وعجائبه. حِفْظ الحق الإلهي وصُنْع البرّ أمرٌ واحد متكامل، أما التحوُّل من صيغة الجمع إلى المفرد، فكثيرا ما يتكرر خاصة في سفر المزامير، إذ لا يفصل المؤمن نفسه عن الجماعة، تارة يتحدث عن خبرته الشخصية، وأخرى عن خبرته الجماعية، فالشركة مع الله تقوم على المستوييْن معًا دون انفصال بينهما. أما القول "في كل حين" أو "دائمًا"، فهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا بالاختفاء في المسيح الذي وحده بلا خطية، يسترنا بنفسه ويصير لنا برًّا وفداءً. يرى العلامة أوريجينوس أن الفضيلة هي المسيح، فمن يقتني المسيح فيه، إنما يقتني الفضيلة، ويحمل فيه سمات السيد المسيح. ويرى القديس جيروم أن البرّ هو السيد المسيح، فيليق بنا لكي نكون أبرارًا على الدوام، أو في كل حين أن نقتني المسيح الذي صار لنا برّا، كما يقول الرسول، وأن يتشكل المسيح فينا، فنصير كمن يحمل المسيح في أعماقنا، أي تصير النفس أُمًا وأبًا للبر الذي يتشكل فيها. * إنه يُسَبِّح ذلك الذي يعمل فينا أن نريد وأن نعمل مسرته (في 2: 13). * يُدعون مطوبين أولئك الذين يحفظون الحكم (الحق) في الإيمان، ويمارسون البرّ بالعمل. القديس أغسطينوس * "طوبى للحافظين الحق، وللصانع البرّ في كل حين". يحق لداود أن ينطق بهذه الصلاة. فهو نفسه أطاع وصايا الرب، وصنع ما هو حق. لكن لأنه لم يطع ولا صنع برّ في كل حين سقط. لهذا ماذا يقول؟ "طوبى للحافظين الحق، ولصانع البرّ في كل حين"، لكن كن عالمًا أنه لكي تكون مُطَوَّبًا تصنع الحق في كل حين. فإنه ماذا ينفع الإنسان إن عاش لمدة عشرين عامًا في عفةٍ، وبعد ذلك سقط؟ هذه هي رسالة كلمات الأنبياء التالية: "الفضيلة التي يمارسها إنسان لا تنقذه في اليوم الذي فيه يخطئ، والشر الذي يفعله إنسان لا يعثر في يوم رجوعه عن شره" (راجع حز 33: 12). فلا يكون البار واثقًا (في ذاته) ولا الخاطئ يائسًا من خلاصه، فكل منهما يجب أن يخاف ويرجو. "الصانع البرّ في كل حين". ربنا هو البرّ... طوبى لذاك الذي يصنع البرّ، أي الذي يلد المسيح. كيف نلد المسيح أو البرّ؟ إن كنا نعيش بالبرّ، نحبل به فينا، ويُولد منا، فنكون أمًا للبرّ. طوبى لذاك الذي هو أب وأم للبرّ. القديس جيروم * الذين يحفظون الوصايا التي أمر بها الله مع أحكامه، ويداومون على عمل البرّ، هؤلاء يقدرون أن يتكلموا ويخبروا بأعمال قدرته وتماجيده، فطوباهم. الأب أنسيمُس الأورشليمي * ليكن لكل إنسان تابوت عهد يحتفظ فيه بلوحي الشريعة حتى "يلهج في ناموس الله نهارًا وليلًا" (مز 2:1)، وليصبح فكره كتابوت العهد ومكتبة تضم كتب الله، لأن الأنبياء طوَّبوا الذين يحفظون وصاياه" في ذاكرتهم (مز 106: 3). ليحفظ الإنسان أيضًا في داخل قلبه قسط المن إشارة إلى جمال وعذوبة فَهْم كلمة الله، وليحفظ أيضًا عصا هرون إشارة إلى التعليم الكهنوتي وقد أزهرت بتأديب مستقيم (العصا للتأديب والتهذيب) . العلامة أوريجينوس اذْكُرْنِي يَا رَبُّ بِرِضَا شَعْبِكَ. تَعَهَّدْنِي بِخَلاَصِك [4]. يكشف هذا القول والعبارة التالية عن شهوة قلب رجال الله في العهد القديم، حيث يطلب كل مؤمنٍ أن يتمتع شخصيًا، لكن ليس في عزلةٍ عن شعب الله أو كنيسته. إنه يشتهي رؤية يوم الخلاص على الصليب، فيدعو هذا العمل مسرة الله بشعبه، وتعهده بخلاصه، وفرح للكل كما لكل مؤمنٍ، وخير للمختارين. إنه فيض عجيب من حب الله العملي نحو البشرية. إن كان المرتل يشتهي أن يكون مطوّبًا بحفظه للحق الإنجيلي وصنعه للبرَّ، فهذا لن يتحقق إلا بانضمامه إلى شعب الله، موضوع سروره، وذلك بافتقاد أو تعهد المخلص له. هذه الصرخة "اذكرني" قدَّمها اللص اليمين التائب، فتمتع بأبواب الفردوس المفتوحة. وهي لا تقوم على استحقاق شخصي، ولا على افتخار الإنسان بعمل ما، وإنما بالارتماء في أحضان المخلص والالتجاء إلى مراحمه العجيبة. إنه يطلب من المخلص أن يذكرهن بكونه مشتاقًا أن يكون عضوًا في شعب الله المحبوب وموضع مسرة المخلص. يرى القديس جيروم أن المرتل وقد وُلِدَ في ظل الناموس بين الشعب القديم اشتهى أن يتمتع بما يناله الشعب الجديد، حين يأتي الرب المخلص ويقيم شعبًا من العالم كله، يكون موضع رضا الرب ومسرته. "تعهدني بخلاصك"، أي افتقدني بابنك الوحيد مُخَلِّص العالم. * "تعهدني بخلاصك". هذا هو المُخَلِّص نفسه، الذي منه تُغفَر الخطايا، وتُشفَى النفوس، فتستطيع أن تحفظ الحكم (الحق) وتُمارِس البرّ... "تعهدنا بخلاصك"، أي بمسيحك. القديس أغسطينوس * كأن هذا القول من قبل الأنبياء والصديقين الذين قبل المسيح، فإنهم يتضرعون إلى الله (الآب) لكي يؤهلهم لمشاهدة تدبير تجسد ابنه الذي يُدعَى مسرة (رضا)، كما قالت الملائكة عند ميلاده: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة. وأيضًا صوت الآب الذي قال عنه: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. هذه المسرة (الرضا) يُقال عنها "تعهد" (أو افتقدني)، فقد قيل: "افتقدنا المشرق من العلا". ويقال عنها "خلاصًا"، إذ قيل "يبصر كل أحدٍ خلاص الله". الأب أنسيمُس الأورشليمي لأَرَى خَيْرَ مُخْتَارِيكَ. لأَفْرَحَ بِفَرَحِ أُمَّتِكَ. لأَفْتَخِرَ مَعَ مِيرَاثِكَ [5]. إذا يطلب المرتل من الله أن يفتقده بخلاصه، يسأله أن يضمه إلى كنيسته المحبوبة جدًا لديه، فيصير مختارًا، يحق له رؤية الخير أو الصلاح، أي التَمَتُّع به، وفرح الجماعة المقدسة، ونوال هبة الميراث الأبدي. بمعنى آخر يسأله أن يحسبه أحد مختاريه، فينعم عليه بالصلاح، ويتمتع بالعضوية الكنيسة المتهللة، والاعتزاز بالميراث المُعَد له في السماء! يرى القديس جيروم أن المختارين هنا يعني بهما المرتل الرسل، والذين وإن كانوا يأتون بعده، لكنهم يسبقوه في الروح. وكما أن إبراهيم رأى يومه ففرح (يو 8: 56)، فليسمح الله له أن يفرح معه بميراث الرب. * "لأرى سعادة مختاريك، وأفرح ببهجة شعبك"، أي افتقدنا بهذا السبب بخلاصك...! جاءت كلمة "سعادة" هنا في بعض النسخ "عذوبة" أو "حلاوة"... فإن الرب يعطي النظر للعميان، لا عن استحقاقهم، وإنما من أجل السعادة التي يهبها لمختاريه. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 106 | هذا المزمور اعتراف عن خطايا الجماعة |
مزمور 22 - أُخبْر باسمك إخوتي، في وسط الجماعة أسبحك |
أهمية الارشاد في صلاة الجماعة (متى 18: 19) |
صلاة من مزمور 26 |
صلاة من مزمور 27 |