* أما ثيابهم وأحذيتهم وأبدانهم فقد فقدت ضعفها الطبيعي. فثيابهم وأحذيتهم لم تبل بعامل الزمن، وأرجلهم لم تتورم رغم كثرة السير. ولم يذكر قط أن بينهم كان أطباء أو دواء أو أي شيء من هذا القبيل. وهكذا قد انتُزِعَ كل ضعفٍ من بينهم. فقد قيل: "فأخرجهم بفضة وذهب، ولم يكن في أسباطهم عاثر (هزيل)" (مز 105: 37)... أشعة الشمس في حرارتها لم تضربهم، لأن السحابة كانت تظللهم، وتحيط بهم كمأوى مُتَحَرِّك يحمي أجساد الشعب كله. ولم يحتاجوا إلى مشعل يبدد ظلام الليل، بل كان لهم عمود النار كمصدر إضاءة لا يُنطَق به يقوم بعمليْن: الإضاءة مع توجيههم في طريق رحلتهم... قائدًا هؤلاء الضيوف الذين بلا عدد في وسط البرية بدقة أفضل من أي مُرشِدٍ بَشَرِي. ولم يرحلوا فقط على البرّ بل وفي البحر كما لو كان أرضًا يابسة... فقد قاموا بتجربة جريئة تخالف قوانين الطبيعة. إذ وطئوا البحر الثائر، سائرين فيه كما على صخرٍ يابسٍ صلبٍ. فإذ وضعوا أقدامهم فيه، صارت مادته كالأرض اليابسة... وإذ وصل إليه الأعداء عاد إلى ما كانت عليه طبيعته، فصارت للأولين مركبة وللأعداء قبرًا... فقام البحر الذي لا يفهم بدور مُحْكَم كأعقل وأذكى إنسان، قام بدور حارس مرة، وبدور منتقم مرة أخرى، مُعْلِنًا هذا العمل المتناقض في يوم واحد.
القديس يوحنا الذهبي الفم