رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا، وَخُدَّامَهُ نَارًا مُلْتَهِبَةً [4]. يليق بنا أن نعمل تحت قيادة الله، الذي يقيم منا أشبه بملائكة، نتسم بسرعة الحركة كالرياح، لأننا نعمل بنعمته الفائقة. ونحمل روح القوة، فنصير بالحق خدامه الملتهبين نارًا مقدسة. لم يذكر الكتاب المقدس أن للسمائيين أي نوعٍ من الأجساد، بل قيل عنهم بوجه عام: "الصانع ملائكته أرواحًا، وخدامه لهيب نار" (عب 7:1؛ مز4:104). الملائكة أرواح (حب 7:1، 14؛ رؤ 14:16). يميل رأي آباء الكنيسة إلى القول بأن الملائكة أجسام روحانية، فهم إن قورنوا بالبشر يُحسَبون أرواحًا، لأنهم بلا جسد مادي ملموس مثل البشر، ولا يحتاجون أن يأكلوا أو يشربوا أو يستريحوا أو يتزوجوا الخ. وإن قورنوا بالله "الروح" فيُحسبون أجسادًا روحانية. قرَّر مجمع نيقية Nicea عام 784 م. أن للملائكة أجساد أثيرية أو نورانية، غير أن مجمع اللاتيران عام 1215 م. قرر أن الملائكة بلا أجساد نهائيًا، ومع هذا فإن بعض اللاهوتيين الكاثوليك والأرمن واللوثريين والمصلحين ينسبون للملائكة أجسامًا نقية . يرى القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس أن الملائكة أرواح بلا أجسام. يرد القديس كيرلس الكبير على ديؤدور وثيؤدور، قائلًا: [الملائكة هم أرواح ومن السماء، وليسوا أجسامًا. بما أنهم ليسوا مُجَسَّمين، فقد ظهروا ويظهرون للكاملين بأشباه مختلفة جسمية متخيلة. ظهروا لإليشع شبه مركبة وخيل، ولبلعام كرجلٍ مستلٍ سيفه، ولجدعون كرجلٍ ممسكٍ بعصا، ولدانيال كرجل يلبس ثياب الكرامة ومتمنطق بزنارٍ من ذهب الأوفير وجسمه أبيض اللون، ووجهه كمنظر البرق، وعيناه كمصابيح النار، وذراعاه كالنحاس اللامع، وصوت كلامه كقواتٍ كثيرة. وكان الملائكة يطيرون إلى القبر الإلهي وهم متمنطقون بثيابٍ بيضاءٍ .] "خدامه نار ملتهبة"، هذه هي طبيعة السمائيين الذين يخدمون السماوي، النار الآكلة. فإنهم إذ يلتقون بنا يلهبون حياتنا بالشوق نحو الخالق، خلال عمل نعمته الفائقة، فيحترق ما فينا من خشب أو عشب أو قش، بينما يتلألأ ما فينا من ذهب أو فضة أو حجارة كريمة. هذه هي النار الإلهية العاملة في السمائيين، كما تعمل بنعمته في المؤمنين. أما بخصوص النار المتواصلة، فقد قيل عن الله نفسه إنه نار آكلة (عب 12: 29)، خدامه أيضًا لهيب نار (مز 4:104). فبظهور المركبة الإلهية خلال نار متواصلة يُعلِن عن حضرة الله النار المتقدة، الذي يحرق الأشواك الخانقة للنفس، وفي نفس الوقت يهبها استنارة داخلية لتضيء كالبرق، فيكون لها "لمعان ومن وسطها كمنظر النحاس اللامع من وسط النار". نزل الرب علي جبل سيناء كنار آكلة، كان يتحدث مع موسى والجبل يُدَخِّن "وصعد دخانه كدخان أتون، وارتجف كل الجبل جدًا" (خر18:19). يقول المرتل عن الله: "قدامه تذهب نار" (مز 3:79)، إذ هو نفسه نار آكلة، وخدامه حوله ويتقدمونه كنارٍ ملتهبةٍ (مز 4:104) يحرقون من كان خشبًا أو عشبًا أو قشًا، كما ينقون من كان ذهبًا أو فضة أو حجارة كريمة. * ما لم يبشر الخادم بنارٍ، فانه لا يُلْهِبُ من يكرز لهم. القديس أغسطينوس * "وخدامه لهيب نار". هذا يشير إلى نقاوتهم وإلى حقيقية أنهم لا يخضعون للخطية. يوجد تفسير آخر: إن كان إنسان مؤمنًا كمثال، فإن ملاكًا صالحًا يُرسَل إليه، ملاك من نور. إن كان خاطئًا يُرسَل إليه ملاك غضب متوهج يعذبه. * هذه هي النار التي اضطرمت في قلوب التلاميذ، فألزمتهم بالقول: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا، إذ كان يكلمنا في الطريق، ويوضح لنا الكتب!" (لو 24: 32) القديس جيروم * لا يتحدث عن أحدهم (الملائكة) كابن. "الجاعل ملائكته رياحًا، وخدامه لهيب نار" (مز 104: 4). أما بالنسبة للابن، فيتحدث بما يليق به، ويقول أمورًا كثيرة عنه في الأنبياء. * "لأنه قد عيَّن ملائكته حولك، ليحفظوك في كل طرقك" (مز 91: 11)... فإن البار يحتاج إلى معونة ملائكة الله، حتى لا تطرحه الشياطين، ولا يخترق قلبه "سهم يطير في الظلام" . * يعلن كاتب "الراعي" (هرماس)، قائلًا إن ملاكيْن (واحد صالح والآخر شرير) يلازمان كل إنسانٍ؛ وكلما جاءت أفكار صالحة إلى عقولنا يُقال إنه يُقَدِّمها الملاك الصالح، وإن جاءت أفكار عكسية قيل إنها من تأثير الشرير . * "لأن كل واحدٍ يتأثر بملاكيْن، واحد للبرّ والآخر للدنس. فإن وُجِدَتْ أفكار صالحة في قلوبنا، ما من شك أن ملاك الرب يتحدث إلينا، ولكن أن أتتْ على قلوبنا أفكار شريرة، فإن ملاك الشر هو الذي يخاطبنا! * توجد ملائكة قد وُضِعَ لهم أن يتولوا الأعمال المقدسة، وهم الذين يُعَلِّمون فهم النور الأبدي، ومعرفة أسرار الله وعِلْم الإلهيات . * كان للرسل ملائكة تسندهم في إتمام خدمتهم الكرازية وفي تكميل عملهم الإنجيلي . * إن كان من بين الناس من نالوا كرامة الخدمة كإنجيليين، وإن كان يسوع المسيح نفسه قد جاء بالأخبار الصالحة السارة، وكرز بالإنجيل للمساكين، فإنه بكل تأكيد لن يستثنى خدامه الذين هم ملائكته الرياح وخدامه النار الملتهبة (مز 4:104) من أن يكونوا هم أيضًا مُبَشِّرين. لذلك جاء الملاك إلى الرعاة، ومعه "مجد الرب الذي أضاء حولهم"، وقال لهم: "لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون لجميع الشعوب. إنه وُلِدَ لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو 10:2-11). وفي وقت لم يكن بين الناس معرفة بسرّ الإنجيل، هؤلاء الذين هم أعظم من الناس الساكنين في السماوات، جيش الله، قد سبَّحوا الرب قائلين: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة". وإذ سبحوه عادوا إلى السماء، تاركين إيّانا لنتأمل كيف أن الفرح الذي جاء به ميلاد المسيح هو مجد لله في الأعالي. لقد تنازلوا إلى الأرض، ثم عادوا إلى موضع راحتهم، ليُمجدوا الله في الأعالي بيسوع المسيح. يتعجب الملائكة أيضًا للسلام الذي يحل بميلاد المسيح على الأرض مهد الحروب، والتي إليها يسقط إبليس كوكب الصبح من السماء، ليدخل في حربٍ مع يسوع ثم يندحر منها . * عندما تَثْبُتُ في اتحاد مع المؤمنين باسمه، لابد أيضًا أن تَعْبُرَ إلي السموات، مجتازًا إلي ما وراء الأرض ومجاهلها، بل إلي ما فوق السماوات أيضًا وما يخصها، لأن الرب يسوع قد اختزن لنا في الله - كما في كنزٍ - آيات وعجائب أعظم بكثير مما ورد ذكره. ولا يمكن أن نستوعبها ونحن في طبيعةٍ ترتبط بالجسد، بل لابد أن نترك كل ما للجسد. وإني مقتنع أن الله قد ادَّخر لنا في نفسه أشياء تفوق روعتها كل ما رأته العيون كالشمس والقمر والكواكب، بل أكثر وأبهى مما اطلع عليه الملائكة القديسون الذين صنعهم الله أرواحًا ونارًا ملتهبة (مز 4:104؛ عب7:1). وسوف يكشف لنا عن هذه العجائب عندما تخلص الخليقة من عبودية العدو إلي حرية مجد أولاد الله (رو 21:8) . العلامة أوريجينوس * هو الله نفسه صانع الملائكة وبارئهم ومُخرِجهم من العدم إلى الوجود، وقد خلقهم على صورته الخاصة، طبيعة لا جسمية، على مثال ريح ما ونارٍ لا مادية. كما يقول داود الإلهي: "الصانع ملائكته رياحًا وخدامه لهيب نار" (مز 104: 4). وقد صمَّم الله فيهم الخفَّة والتوقد والحرارة وسرعة النفاذ والحدة في تلبية أوامره وخدمته والتسامي بذواتهم ونفوذهم من كل فكرٍ ماديٍ. الأب يوحنا الدمشقي * بقول النبي أرواح عن الملائكة، لأنهم غير منظورين بأعين جسدية، ولسرعتهم في قضاء أوامر الله. وقوله نار، لأنهم أقوياء مثل النار... أيضًا الرسل هم ملائكة، لأنهم أخبروا العالم بالعهد الجديد. وهم أرواح لأنهم روحيون، ونار تلتهب، لأنهم أخذوا نعمة الروح القدس التي حلَّت عليهم شبه نار وأحرقوا عدم الإيمان وأضاءوا العالم. الأب أنسيمُس الأورشليمي * هذه النار الإلهية أشعلتْ عظام الأنبياء، كما قال إرميا: "كان في قلبي كنارٍ محرقة محصورة في عظامي، فمللت من الإمساك، ولم أستطع" (إر 20: 9) . القديس أمبروسيوس * قوات السماء ليسوا مقدسين بطبيعتهم، لأنه لو كان الأمر هكذا لما اختلفوا عن الروح القدس. لكنهم مقدسون نسبيًا كامتياز لهم من التقديس بالروح القدس. فالحديد المُحَمَّى بالنار نراه كما لو كان نارًا، إلا أنه شيء والنار شيء آخر. هكذا الحال مع القوات السمائية يبدو جوهرهم كأنه ريح في العلا أو نار غير مادية . القديس باسيليوس الكبير * أول كل شيء قَبلَ الله تقدمة هابيل بسبب نقاوة قلبه، ورُفضتْ تقدمة قايين (تك4: 4). كيف نعرف أن تقدمة هابيل قُبلتْ، بينما رُفضتْ تقدمة قايين؟ وكيف شعر هابيل بقبول تقدمته؟ وكيف تأكَّد قايين من رفض تقدمته؟ سأحاول قدر استطاعتي شرح ذلك. أنت تعلم يا عزيزي أن علامة التقدمة المقبولة من الله هو نزول نار من السماء وحرق التقدمة. عندما قدَّم هابيل وقايين تقدماتهما معًا، نزلت النار الحيَّة التي تخدم أمام الله (مز 104: 4) والتهمت ذبيحة هابيل النقيَّة، بينما لم تمس ذبيحة قايين غير النقيَّة. وهكذا عرف هابيل قبول تقدمته، وقايين رفْض تقدمته. لقد عُرفتْ ثمار قلب قايين بعد ذلك حين اُختبِر، ووُجِدَ أن قلبه مملوء غشًا، حين قتل شقيقه، وهكذا فما حبل به في فكره ولدته يداه. ولكن نقاوة قلب هابيل كانت أساس صلاته . القديس أفراهاط الحكيم الفارسي * يبقى لنا أن نقارن بولس بالملائكة. لنترك الأرض ونصعد إلى أبواب السماء. لا يقل أحد إن كلماتنا تحمل جسارة فائقة إن كان الكتاب المقدس يدعو يوحنا ملاكًا وأيضًا الكهنة، فلماذا تتعجب حين نقول إن بولس يستحق أن يُدعَى هكذا لتفوقه في هذه الفضائل؟! ما هو سبب عظمة الملائكة؟ طاعتهم لله، هذا ما أعجب داود فيهم: "أقوياء في الفضيلة، يطيعون كلمته" (مز 20:102). لكن طاعة بولس لا تُقاَرن حتى بالكثير من الكائنات غير المتجسدين. ما يجعلهم مباركين هو طاعتهم لوصية الله ورفضهم التام لعصيانه. هذا ما فعله بولس بإخلاص تامٍ. لقد تمم كلمة الله ووصاياه أيضًا. ليس فقط وصاياه، بل ما هو أكثر، كما أفصح قائلًا: "إذ وأنا أُبَشِّر أجعل إنجيل المسيح بلا نفقة" (1 كو 18:9). ماذا يرى النبي في الملائكة ما يستحق الإعجاب؟ "الصانع ملائكته رياحًا، وخدامه نارًا ملتهبة" (مز 4:103). هذا أيضا نراه في بولس، كنارٍ وريحٍ عبْر الأرض طولًا وعرضًا في ترحاله... هذا ما يجعل الأمر مميزًا بالأكثر، بينما كان بولس على الأرض في الجسد الفاني أظهر مثل هذه الشجاعة وهزم القوات غير المنظورة. كم نُحسَب في لومٍ إذًا إن لم نجاهد متمثلين بمثل هذا الإنسان على وجه الخصوص الذي اجتمعتْ فيه كل الصفات الجليلة في إنسانٍ واحدٍ. لنفكر مليًا في هذه الاعتبارات، فنكون بلا لومٍ. لنجاهد لكي تكون لنا مثل غيرته، فنشاركه ذات البركات بنعمة ربنا يسوع المسيح ومحبته الحانية، الذي له المجد والقوة، الآن وكل أوان، آمين . * "الصانع ملائكته أروحًا، وخدامه لهيب نار" (مز 104: 4). فبولس يُقَدِّم لكم المشهد عينه. فهو كالروح والنار، يطوف الأرض كلها ويُطَهِّرها، حين لم يكن بعد قد اقتنى السماء، وفي ذلك أعجب العجب، من كونه وهو لا يزال حيًا في هذا العالم ولابسًا جسدًا مائتًا، قد ماثل القوات المُجرَدة عن الجسد . القديس يوحنا الذهبي الفم * إله الكل الذي خلق ملائكته (أرواحًا) هو روح، "وخدامه لهيب نار". لهذا عند الرحيل من مصر أمر الجموع عَدَم لمْس الجبل حيث كان الله يُسَلِّمهم الناموس، لأنهم لم يكونوا قد اتسموا بهذه السمة. لكنه دعا موسى الطوباوي ليتسلمه، إذا كان متقدًا بالروح، وكان ذا نعمة لا تُطفَأ، قائلًا: "يقترب موسى وحده" (خر 24: 2). وقد دخل السحابة أيضًا. وحينما كان الجبل يدخن لم ينله أذى، بل بالحري نزل مُطهرًا من خلال كلمات الرب التي هي "فضة مصفاة في الأرض" (مز 12: 6)... * عندما رغب بولس الطوباوي ألاَّ تبرد نعمة الروح المعطاة لنا، حذرنا قائلًا: "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19)، حتى نبقى شركاء مع المسيح. ذلك إن تمسكنا حتى النهاية بالروح الذي أخذناه، إذ قال: "لا تطفئوا..." ليس من أجل أن الروح موضوع تحت سلطان الإنسان أو أنه يحتمل آلامًا منه، بل لأن الإنسان غير الشاكر يرغب في إطفاء الروح علانية، ويصير كالأشرار الذين يضايقون الروح بأعمال غير مقدسة... فإذ هم بلا فهم، مخادعين، ومحبين للخطية، وما زالوا سائرين في الظلام، فإنه ليس لهم ذلك النور الذي يضيء لكل إنسان آت إلى العالم (يو 1: 9). لقد أَمسكت نار كهذه بإرميا النبي عندما كانت الكلمة فيه كنارٍ، قائلًا إنه لا يمكن أن يحتمل هذه النار (إر 20: 9)... وجاء سيِّدنا يسوع المسيح المحب للإنسان لكي يلقي بهذه النار على الأرض، قائلًا: "ماذا أريد لو اضطرمت؟" (لو 12: 49). لقد رغب الرب - كما شهد حزقيال (حز 18: 23، 32) - توبة الإنسان أكثر من موته، حتى ينتزع الشر عن الإنسان تمامًا، عندئذ يمكن للنفوس التي تَنَقَّتْ أن تأتي بثمر. فتثمر البذور التي بذرها (الرب) البعض بثلاثين والبعض بستين والآخر بمائة. وكمثال، أولئك الذين مع كليوباس (لو 24: 32) مع أنهم كانوا ضعفاء في بداية الأمر بسبب نقص معلوماتهم، لكنهم أصبحوا بعد ذلك ملتهبين بكلمات المخلص، وأظهروا ثمار معرفته. وبولس الطوباوي أيضًا عندما أمسك بهذه النار لم ينسبها إلى دمٍ ولحمٍ، ولكن كمُخْتَبرٍ للنعمة أصبح كارزًا بالكلمة (المسيح) . البابا أثناسيوس الرسولي * في كهفٍ حجريٍ في القبر الجديد الذي لنيقوديموس وضعوا ابن هذه الطوباوية. وأيضا هذه الطاهرة أم ابن الله وضعوها في قبر في كهفٍ من الحجر. كل جموع الرسل اجتمعوا، ووقفوا بجوارها بينما في الواقع سيدهم هو الذي وضعها معهم في القبر. طغمات وأفواج وفرق من أبناء النور وحشد من الكائنات الملتهبة نارًا (مز 104: 4)، السيرافيم الناريون بأجنحتهم المغطاة باللهيب، الكاروبيم الذين يحملون العرش تحركوا جميعًا ليُسَبِّحوا أوصنا. أتباع جبرائيل، الجمع المتوهج نارًا يتحركون بطرق متنوعة بطبيعتهم. أتباع ميخائيل الذين ينزلون باحتفالٍ وبفرحٍ ويسبحون "هليلويا" من أجل هذا اليوم. امتلأت السماء والهواء من تسبيح السماويين الذين أتوا ونزلوا إلى موضع الأرض. امتلأ الجو برائحة بخور عطرة وطاهرة من مباخر الملائكة الذين نزلوا. القديس مار يعقوب السروجي * لم تكن الوصية لمجرد أن يعيش الإنسان تلك الحياة الطبيعية التي قدَّمها له الله، بل لكي يحيا الفضيلة، أي في علاقة مع الله ووصيته. لذلك فقد وهبه أن يعيش عندما شكَّله في نفس حية؛ وأوصاه أن يعيش في حياة الفضيلة عندما أمره بطاعة الوصية. هكذا يظهر أن الله لم يخلق الإنسان لكي يموت... إنما الإنسان هو الذي جبل الموت لنفسه، ليس عن ضعفٍ أو جهلٍ لئلاَّ يُلام الخالق. فالذي خدع الإنسان كان من قَبل ملاكًا، ولكن الإنسان - ضحية تلك الغواية - كان حُرًا، له السيادة على نفسه، بكونه على صورة الله ومثاله، فكان أقوى بكثير من أي ملاك، كذلك بكونه نفخة من فم الله كان أعظم من الكيان الروحي الذي للملائكة، إذ يقول: "الصانع ملائكته رياحًا (أرواحًا)، وخدامه نارًا ملتهبة" (مز 104: 4). فلو كان الإنسان أضعف من الملائكة في السلطان وأقل منهم، ما كان قد جعل كل شيءٍ خاضعًا له، الأمر الذي لم يعطهِ للملائكة. وما كان يضع عليه عبء الوصية، لو لم يكن الإنسان قادرًا على احتمالها بدرجة عظيمة، وما كان يهدد بعقوبة الموت لمخلوقٍ يعرف الله أن لا ذنب له بسبب عجزه. بالاختصار، لو أن الله خلقه ضعيفًا ما كان قد أعطاه حريةً واستقلالًا لإرادته، بل بالأحرى كان قد نزع عنه حقل هذه المواهب. العلامة ترتليان |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|