* ليست كل الدموع تنبع من مشاعر متشابهة، أو عن فضيلة واحدة.
ا. البكاء المتسبب عن وخزات خطايانا التي تنخس قلوبنا كما قيل: "تعبت في تنهُّدي. أعوّم في كل ليلة سريري، وبدموعي أذوّب فراشي" (مز 6:6)، وأيضًا: "اسكبي الدموع كنهر نهارًا وليلًا. لا تعطي ذاتكِ راحةً. لا تكفَّ حدقةُ عينكِ" (مرا 18:2)، هذه الدموع تصدر بطريقة معينة.
ب. بطريقة أخرى تأتي الدموع الصادرة عن التأمل في الأمور الصالحة، والاشتياق إلى المجد المُقْبِل، إذ تتدفق دموع غزيرة نابعة عن فرح لا يُمكن كتمانه وتهليل بلا حدود. فإذ تتعطش أنفسنا إلى الله الحي القدير تقول: "متى أجيء وأتراءَى قدام الله. صارت لي دموعي خبزًا نهارًا وليلًا" (مز 2:42-3)، معلنة ذلك ببكاء يومي ونحيب قائلة: "ويل لي، فإن غربتي قد طالت" (مز 5:120).
ج. بطريق ثالث تتدفق الدموع، لا عن إحساس بالخطية المهلكة، إنما بسبب الخوف من الجحيم، وتذكر يوم الدينونة المرهب، وذلك مثل رعب النبي القائل: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرر قدامك حي" (مز 2:143).
د. يوجد أيضًا نوع آخر من الدموع، لا ينسكب بسبب معرفة الإنسان لنفسه، إنما بسبب قسوة الآخرين وخطاياهم، فصموئيل كان يبكي لأجل شاول. وجاء في الإنجيل عن الرب أنه بكى من أجل مدينة أورشليم، كما فعل إرميا في الأيام السابقة. إذ يقول الأخير: "يا ليت رأسي ماء، وعينيَّ ينبوع دموع، فأبكي نهارًا وليلًا قَتلَى بنت شعبي" (إر 1:9).
هـ. بالتأكيد الدموع المذكورة في المزمور المائة واثنين "إني قد أكلتُ الرماد مثل الخبز، ومزجتُ شرابي بدموعٍ" (مز 9:102)، صادرة عن مشاعر تختلف عن تلك التي وردت في المزمور السادس الخاصة بالإنسان التائب، فهي ناشئة عن متاعب هذه الحياة وضيقتها وخسائرها، التي تضغط على الأبرار العائشين في العالم .
الأب إسحق