الصليب ومجد الله
«الآنَ تمَجَّدَ ابنُ الإِنسَانِ وَتمَجَّدَ اللَّهُ فِيهِ»
( يوحنا 13: 31 )
انظر كيف تمجَّد الله في الصليب. هل الله عادل في حُكمه ضد الخطية؟ إن الصليب أعلن ذلك صريحًا. هل الله محبة كاملة من نحو الخاطئ المسكين؟ إن الصليب بيّن ذلك صريحًا. هل تَطَلَّبَ جلال الله أنه يقف ضد الخطية البغيضة؟ إن الصليب أوضحَ ذلك. ومع هذا فقد نجا الخاطئ الذي آمن. هل الله حق وقد قال إن الموت لا بد وأن يتبع الخطية، حتى لو قال الشيطان، ولا يزال يقول، غير هذا؟ أين نجد دليلاً على صدق الله بأن أُجرة الخطية موت؟ نقول: أين نجد دليلاً أوضَح من موت ابن الله كإنسان على الصليب؟ ومع هذا فقد حصَّل لنا، تبارك اسمه، بهذا الموت حياة، رغم قوة الموت والدينونة.
هل كانت خطايانا ضاغطة علينا، مُثقلة كواهلنا، فلم نستطع النظر إلى أعلى؟ إنها، وشكرًا لله، قد ذهبت إلى غير رجعة. أستطيع الآن كمؤمـن حقيقي أن أرى الله في النور بدون خوف. ليس له ما يتهمني به، إنه أثبَتَ محبته لي، وأنا أستطيع أن أتمتع بهذه المحبة. إنه في الوقت الذي أظهر فيه الإنسان عداوته لله في قتل ابنه الوحيد، أظهر الله محبته للإنسان في تسليمه هذا الابن المبارك ليرفع الخطية عينها، خطية قتل هذا الابن. أين نرى الطاعة الكاملة مثلما نراها على الصليب؟ مكتوب عنه «أَطَاعَ حَتى المَوتَ مَوتَ الصَّلِيبِ» ( في 2: 8 ). أين نرى محبة الله لنا أو تمجيده لابنه؟ أين نرى ذلك بصورة واضحة كما نراه في الصليب؟ لقد تمجَّد الابن بهذا العمل الجليل، كما تمجَّد الله في كل صفاته. لقد أُعلنت محبته وقداسته وحقه جميعًا.
وما نتيجة ذلك؟ إن قوة الموت ومخاوفه قد مضت بالنسبة للمؤمن. ليس أمامه إلا السماء. إن الخطايا التي كان يخشـى أن تَجلب عليه الدينونة قد مُحيت جميعها. إنه يوقن أن الله يُحبه؛ يُحبه لدرجة أنه لم يشفق على ابنه في سبيل أن يُمتعه بالخلاص المجيد. إنه يعلم أنه ليس لدى الله شكوى عليه لأن المسيح حمل خطاياه على الصليب جميعها. والله أمين وعادل حتى يغفر له خطاياه.
ولكن هل الشخص الذي يتمتع بهذا السلام الكامل مع إله المحبة يستهين بالخطية؟ إنها كلفت المسيح أن يموت. صحيح قد مُحيت الخطية، وقد تبرَّر المؤمن وصار له سلام كامل مع الله، ولكن كيف تم هذا؟ تم بعمل من شأنه أن يجعل الخطية أبشع الأشياء أمام نفسه. ومن شأنه أيضًا أن يربط قلبه بالمسيح مُخلِّصه، المسيح الذي رضي أن يتألم هكذا لكي يبعد عنه خطاياه إلى الأبد.