رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جبل الجبال: يتطلَّع ميخا النبي إلى ملء الزمان حيث يتجسَّد الله الكلمة ليُقيم من البشريَّة ليس جبلًا شامخًا كجبل حوريب حيث تسلَّم موسى النبي الشريعة، وإنَّما جبل الجبال الذي تبلغ قمَّته السماء عينها. فقد جاء السماوي ليُقيم من الساقطين كنيسة مجيدة شاهقة العلوّ، تحمل جنسيّة عريسها السماوي. كتب طفل أمريكي معتزّ بجنسيَّته خطابًا وجَّهه لله، قال فيه: أنا أمريكي، فماذا عنك؟". إنَّه السماوي الذي يدعو كل مؤمنٍ أن يتحد معه ليحمل جنسيَّته، فيترنَّم الكل مع الرسول بولس: "أجلسنا معه في السماويَّات. وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ. [1] ما ورد في العبارات [1-3] يكاد يكون مطابقًا لما ورد في سفر إشعياء (إش 2: 2-4). ولما كان الاثنان معاصرين لبعضهما، غير أن إشعياء أكبر سنًا من ميخا، لذا يرى البعض أن الأخير اقتبس ذلك من الأول. وإن كان بعض الدارسين يرون أن الاثنين اقتبسا من مصدر ثالث بإرشاد روح الله القدوس. تعبير "في آخر الأيام" عادة ما يستخدمه الأنبياء للإرشاد إلى العصر المسياني (هو 3: 5). * (إشعياء النبي 2: 2) يتنبأ عن ظهور مجيد وواسع عن تقوى كل المحيطين: إبادة الأصنام، مع تمتع بيت الرب بِسمة المسكونية اللائقة به. فإنه يقصد بالجبال والتلال ليس فقط إزالة الأخطاء التي ملكت على الجميع بعد ظهور مخلصنا إذ انفضح كذب الأوثان، بل وأعلن عن جمال الحق، وهكذا نرى النبوة تتحقق. أضف إلى هذا القول: "في آخر الأيام" يعني بها القول: "الأيام التي تلي ظهور الرب". ثيؤدورث أسقف قورش يرى كثير من آباء الكنيسة أن هذا الجبل المجيد يُشير إلى كنيسة العهد الجديد، منهم القديس كيرلس الكبير والقديس يوحنا الذهبي الفم ويوسابيوس القيصري . * قال بولس نفس الشيء: "جاء ملء الزمان (غل 4: 4)، وفي موضع آخر: "لتدبير ملء الأزمنة" (إش 2: 2). إنه يُشير إلى الكنيسة ورسوخ تعاليمها كالجبل... الأمر العجيب عن الكنيسة ليس أنها منتصرة وإنما الطريقة التي بها صارت هكذا. هي مُطاردة ومُضطهدة، ومُمزقة بألف طريق، ومع ذلك ليس فقط لا تنقص، بل صارت عظيمة، وباحتمالها الآلام تحطم أولئك الذين يحاولون أن يصبوا عليها الضربات. هذا هو عمل اللؤلؤة التي تُضرب بالحديد، إنها تستنزف قوة ضاربيها... فإذ يصورها النبي بالجبل، إنما يعني بهذا قوة الكنيسة وثباتها وسموها وصمودها... "وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ". لاحظوا هنا كيف أن النبي ليس فقط أعلن عن الدعوة الموجهة إلى الأمم، بل وأيضًا إلى اشتياقهم للتجاوب مع الدعوة. لم يقل "سيُدفعون" وإنما "يأتون". القديس يوحنا الذهبي الفم أليست كل البشرية، القطيع الواحد، لله؟ أليس الله نفسه هو رب كل الشعوب وراعيها؟ العلامة ترتليان ترتفع الكنيسة إلى رأس الجبال، أي تبلغ إلى أعالي السماء، حيث تحمل الطبيعة السماوية بإتحادها بالرأس السماوي. وتسمو فوق التلال، حيث تعبر فوق كل معايير أرضية وأفكار بشرية، تسمو فوق كل الفلسفات البشرية والثقافات والفنون، فهي ليست من صنع بشرٍ، بل من عمل يدي القدير نفسه. "تجري إليه شعوب": هذا لا ينطبق على الهيكل اليهودي، الذي كان مغلقًا في وجه الأمم، أما الكنيسة فمنذ بدئ انطلاقها دعا السيد تلاميذه أن يذهبوا ويعلموا الأمم (مت 28: 19). يرى بعض الآباء أن جبل بيت الرب هو السيد المسيح الذي يكون ثابتًا في رأس الجبال، أي فوق كل الأنبياء. هذا الجبل هو الصخرة التي تتأسس عليها كنيسة العهد الجديد. * قدم ميخا النبي المسيح تحت رمز جبل عظيم، متحدثًا هكذا: "ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب..." (مي 4: 2-3). القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|