رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تحالف شرير فَهُوَذَا أَعْدَاؤُكَ يَعِجُّونَ، وَمُبْغِضُوكَ قَدْ رَفَعُوا الرَّأْسَ [2]. لا يهدأ الأعداء، بل يعجُّون، أي يجتمعون معًا في حالة اضطرابٍ وهياجٍ. إنهم كذئاب جائعة تود أن تلتهم شعب الله كقطيع غنمٍ. يرفع العدو رأسه في تشامخ ضد الله نفسه، كمن قد انتصر عليه. يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن ما ورد هنا هو نبوة لما سيحدث بعد ذلك عندما يسمح كورش ملك فارس ببناء الهيكل والمدينة، حيث تهيج الأمم عليهم، لكن الله أعطى نعمة لزرُبابل للتغلب عليهم. يتسم المقاومون لكنيسة الله بالآتي: أولًا: يصرخون في ضجيج عال،ٍ لكن كما بلغة غير مفهومة، لأنهم غير متعقلين. إنهم يحملون العداوة بلا سببٍ حقيقيٍ. ثانيًا: متشامخون، يرفعون رؤوسهم على الرب نفسه، كما على مؤمنيه، بينما يقول الرب: "تعلموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). أما الإنسان المتشامخ فيتبع ذاك القائل: "أصعد إلى السماوات، أرفع كرسي فوق كواكب الله، وأجلس على جبل الاجتماع في الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ" (إش 14: 13-14). ثالثًا: يدبرون مؤامرات بخبثٍ ومكرٍ، ضد أولئك الذين هم تحت حماية الله. يريدون استئصال كنيسة الله تمامًا ومحو اسمها. يلاحظ القديس أغسطينوس أن المرتل لم يقل: "رفعوا الرؤوس"، إنما "رفعوا الرأس"، كأن الأعداء قد بلغوا إلى هذه النقطة حيث يتجمع الكل حول رأسٍ واحدٍ. هذا الرأس الذي قيل عنه: "المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعى إلهًا أو معبودًا" (2 تس 2: 4). فإن كان هذا المزمور هو صرخة تخرج من قلب الكنيسة كلها، فإنها تصرخ عند مجيء ضد المسيح الذي في تشامخه "يجلس في هيكل الله كإله، مظهرًا نفسه أنه إله" (2 تس 2: 4). يجتمع كل الأشرار تحت لواء ضد المسيح لمقاومة الكنيسة في كل الأرض. تطلب الكنيسة من إلهها ألاّ يصمت، فقد بلغت الضيقة أشدها، وظن ضد المسيح أنه ليس من إله يقدر أن يقف أمامه. * هوذا أعداؤك يعجون (في شغبٍ). الآن يتكلم الهراطقة، بينما يحتفظ الكنسيون بسلامهم. هم يصنعون هياجًا، ونحن نسكت. هم يجدفون، ونحن لا نغضب... حسنًا يقول: "يعجون"، ولكن ما يقدمونه هو مجرد ضوضاء وارتباك وتمزيق. "ومبغضوك قد رفعوا الرأس". جموع الهراطقة عدد ضخم، وأما عدد الذين يؤمنون بك فقليلون. * ينطقون بكلمات، بتأكيد كمن يشجبونني. لكن ما أسمعه ليس بصوت نهائيًا إنما هو ضجيج . القديس جيروم عَلَى شَعْبِكَ مَكَرُوا مُؤَامَرَةً، وَتَشَاوَرُوا عَلَى أَحْمِيَائِكَ [3]. يُجمع أعداء الرب على محاربة المؤمنين، ويلجأون إلى الخداع والخبث لتدبير مؤامرات ضدهم. لهذا يطلب المؤمنون من الله أن يحفظهم ويحميهم. يعلق القديس أغسطينوس على كلمة "يعجُّون" أو "تَشَاوَرُوا" أييعطون صوتًا، أي ضجيجًا أكثر منه حديثًا أو حوارًا. فالأعداء يقاومون الكنيسة بروح العنف والضجيج ووضع مؤامرات دون تعقلٍ أو فهمٍ أو حوارٍ. * على شعبك فكروا مؤامرة". يقولون إنهم يودون أن يفتنوا كنيستك. "تشاوروا على قديسيك"، يومًا فيومًا لا يفكرون في شيءٍ سوى كيف يعثرون رجال الكنيسة الذين لك ويسقطونهم في شرك. القديس جيروم قَالُوا: هَلُمَّ نُبِدْهُمْ مِنْ بَيْنِ الشُّعُوبِ، وَلاَ يُذْكَرُ اسْمُ إِسْرَائِيلَ بَعْدُ [4]. إن كان إسرائيل هنا يشير إلى الكنيسة بكونها إسرائيل الجديد، فإن العدو وهو عاجز عن إبادتها من العالم يعلن عما في قلبه "لا يُذكر اسم إسرائيل بعد" (مز 83: 4). هذا ما سيحدث عندما يستشهد النبيان في آخر الأيام، إذ قيل: "ويشمت بهما الساكنون على الأرض، ويتهللون ويرسلون هدايا بعضهم لبعض" (رؤ 11: 10). لن يطلب العدو أقل من أن يبيدوا شعب الله تمامًا ولا يعود لهم ذكر بعد. * "يقولون: هلم نحطم أمتهم"... كما أن هيرودس وبيلاطس - كمثالٍ - اللذين كانا عدوين صارا في سلامٍ معًا لاضطهاد المسيح، وصارا أكثر رعبًا في صداقتهما عما كانا عليه في عداوتهما، هكذا الهراطقة مختلفون فيما بينهم في شرورهم، يتحالفون معًا لممارسة شرٍ أعظم. القديس جيروم لأَنَّهُمْ تَآمَرُوا بِالْقَلْبِ مَعًا. عَلَيْكَ تَعَاهَدُوا عَهْدًا [5]. يتحالف الأعداء معًا حتى يصيروا كمن لهم قلب واحد، وغاية واحدة، هي إبادة شعب الله. كما فعلت كل القيادات ضد السيد المسيح. يرى القديس أغسطينوس أن الأشرار المقاومين لكنيسة الله يقيمون فيما بينهم عهدًا ليكونوا أكثر قوة، يحملون روح الوحدة في الشر. * "تآمروا بذهنٍ واحدٍ معًا". يا لنا من خلائق تعيسة، شعب الله غير السعيد، إذ لا يمكننا أن نتحد معًا حسنًا كما يتحالف صانعو الشر في الشر. * "عليك تعاهدوا عهدًا". لقد تكلمت معنا خلال الأنبياء؛ وهؤلاء خلال ماني ومرقيون وآريوس وفالنتينوس. القديس جيروم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|