منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 03 - 2023, 01:11 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

في ظلام حالتي…تتحدى ظُلمتي







في ظلام حالتي…تتحدى ظُلمتي





لعلّي سأستيقظ يوماً فارغاً من كلّ شعور و إحساس بعد مضي أيام لا تعدّ و لا تحصى كنت حينها أسكب كلّ ما في داخلي وسط سكون غرفتي. و لا أعلم عندها هل سيكون الأمر محبباً أم مخيفاً ؟! لكن ما أعلمه أنّي اختبرت في هذه الأيام أكثر اللّحظات المؤلمة التي مرّت عليّ و بنفس الوقت كان فيها من الراحة كمن يلقي حقيبته السفرية بعد مشوار طويل . أذكر وقتها كم كنت أرغب بوجود شخص أستطيع أن ألقي نفسي بين ذراعيه بعد أن أكون قد استنزفت كلياً و بات جسدي غير قادر على استشعار نسمات الحياة من حوله . و فعلاً كانت عيناي تجوب أرجاء الغرفة باحثًا عن ذلك الشخص و كأنّه سينزل هديةً من السماء التي سمعت صراخ قلبي . كنت أتأمّل ساكناً بعض الوقت قبل أنّ أملّ انتظار قدوم أحدهم و أكوّر نفسي بين ذراعيّ و أحضنها بكل رقّة و هدوء مانحاً إياها ذاك الحضن المنتظر . نقمت في كل مرّة بعدها على هذه الحياة و على صانع الحياة. كأن الغضب هو آخر شعور تتكلّل به مشاعري المتفجرة. تمضي لحظات قليلة و يعود جسدي ليستجمع قواه رويداً رويداً . لكن في داخلي مازالت نفسي محطمة و لا ترغب الوقوف من جديد . إنها ترغب بالصراخ مرّة أخرى و كسر حاجز الصمت بضجيج الألم و النواح لعلّها بذلك تلفظ أنفاسها الأخيرة و ترتاح من هشاشتها المستديمة . لم يكن سهلاً عليّ أن أتابع حياتي فوراً بعد حدوث مثل هذه الانتفاضة وبعد هذا الاستنزاف المدمي . وربما ليس بالأمر الغريب ما يحدث ، فإني و لدقائق معدودة أتصل مع أعماق نفسي و أعطيها الحرية بأن تتنفس و تطلق العنان لمثل هذه المشاعر السامية و النبيلة فكيف لا أسقط بعدها خائر القوّة .

وأذكر جيداً كم بحثت عنك يا يسوع، كم ناجيتك في كلّ مرّة . أين كنت وسط كل ما أمرّ به؟ أين كنت وسط هذا الألم و وسط هذه الحيرة؟ لما لم تمدّ يديك و تنتشلني من فوضى مشاعري و أفكاري كما خيّل لي؟ لما لم تكسر بحضورك مرير انتظاري وتضيء ظلمة غرفتي؟
أنت من مشيت على الماء وأسكتّ بسلطانك الطبيعة الثائرة، لِما لم تأتي و تُسكت أنين قلب ابنك؟ و يخطر لي في كلّ مرّة هل فعلاً أنا ابنك و أنت أبي؟ أم أنه مجرد اصطلاح لوصف علاقتنا، لكنك دعوتنا أبناء لك و نحن ندعوك أبًا لنا. هل نعيش هذا حقًا؟ هل أعيش أنا هذا حقًا؟ لماذا إذًا لا أختبره في حياتي؟ أو بالحري في أحلك ظُلمات طريقي؟ كل هذه التساؤلات و أكثر كانت تتهافت على رأسي و لها وقع الحجارة في جعلي مُنهكاً و مُغمى عليه لا أقوى على الدفاع أو المحاججة. إلى متى سأبقى على هذه الحال؟ و هل سأبصر نوراً في نهاية هذا النفق ؟ وكل ما أسمعه هو سكوتك الثقيل و صمتك الذي كاد يقتل رجائي.

ومن بين كل تلك التساؤلات ينبس واحدٌ في النهاية دائماً ..هل فعلا إلهك هو هذا الإله الذي تتحدث عنه طوال الوقت ؟ هل هو موجود حقاً ؟ هل هو الإله القادر على كل شيء ؟ أم أن نفسك كانت بحاجة لتنسج مثل هذه الصورة و تجعل منها عباءةً تستر بها عريها الفاضح، وأنه في الحقيقة لا وجود لإلهك الذي تؤمن به ؟! لكانت هذه الفكرة تحديداً أن تتسبب بموتي. وأقول الحقيقة أني لا أملك أدنى معرفة كيف بقيت بعدها متمسكا بك و كلي خوف من أن تنزلق يداي الضعيفتان و تفلت حبل نجاتك الممدود لي فأتوه للأبد بعاصفة أفكاري.

ثم كأمرأة ماخض مُقبلة على إنجاب مولودها الأول غير قادرة على تمييز لهفتها لاستقباله خلال ألمها الحاضر ، سمعتُ بكاء ذاك المولود المُنتظر و شعرتُ بأمّه تطرد وجعها و ألمها من رؤوس أصابعها كخيوط دخان رمادية تتلاشى في سقف الغرفة بينما حواسها كلها محدقة بوجه طفلها الجميل، هكذا كان حضورك وسط معاناتي . لا أجد من الكلمات ما يكفي لوصف ذلك ، كان كمن يشق بحد سيفه الحجال الداكن الموضوع عنوة على خلايا دماغي لتبصر من بعدها جمال وجهك يا سيد . و تلاشى كل شيء . كيف؟ لا أعلم . لقد تناثرت كل الحشرات التي كانت مُتكدسة فوق عفن الماضي و عادت نفسي لتستنشق الهواء من جديد و هي تبكي بكاءً مختلفاً هذه المرة كأنها ذاك الطفل المولود جديداً . باتت ترى الحياة بعيون مختلفة ، ترى الجمال الذي فيها و في كل الخليقة من حولها ، ولكن نعم بشكل مختلف . كأنّما الجمال ممزوجاً بالحكمة و قليلاً من الحيرة و رشة من الألم ليغدو مُنكّهًا بالنهاية بطعم الايمان و الرجاء اللذين بدونهما لا يُمكنك تذوق الحياة. وقد سمعتُ صوتك كهدير مياه كثيرة يروي ظمأ قلبي و ينبت فيّ فكراً جديداً مازال في أوّل نموّه . كأنما تُرك لي أمانة رعايته و استمرار بقائه.

أيقنت مع الأيام مدى الضعف الذي أنا عليه و الذي كاد يسحبني في دوامة تيهاني ، بينما على الضفة المقابلة كنتَ تقف طوال الوقت ممسكاً بذاك الحبل بيمين قدرتك ، مترقباً خطواتي ، تهدي الثابت منها ، و تعكز بعصاك تعثري الكثير و سقوطي المتواصل . كنت ساهراً معي على الدوام ، تظللني بأجنحة سماوية . موجود طوال الوقت معي وبداخلي و أنا مشغول بالبحث عنك خارجاً بين صفحات الأيام .أيقنت مدى استهتاري بفخاخ العدو حينها و بسهامه الملتهبة و مدى شقاوة انساني القديم . لكن في النهاية وحتى عندما لا أملك القوة على التفكير بشكل سليم سأظل ذاكراً هذه الحقيقة الواضحة و الجليّة، بأنه لا يوجد شيء فوق كلمتك وسلطانك . إنه لسرّ عجيب يتركني مدهوشاً كل يوم بحكمة الله و عمله و كيف يحيك ببراعة خيوط الزمان و المكان و يحليها بزخرفات من المحبة و العناية الإلهية لكل شخص دون استثناء. أنت تُمطر خيراً على الأبرار و الأشرار. عجيبة هي أعمالك. تُحدث عن صلاحك إلى الأبد. شكراً أن محبتك تسيل دماً كل يوم لتُطهر و تُقدس نفوسنا المتعلقة بك و تشهد على عملك و تدابير حكمتك .

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
ياأبي أنت ملجأي
عندما تتجدد الأشياء بداخلك تتجدد نظرتك للحياة
حالتى معك
هل يرضيك حالتى هذه
على رأي خالتي


الساعة الآن 04:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024