رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَة،ِ فَمَاذَا تَدْرِي؟ [8] أَطْوَلُ مِنَ الأَرْضِ طُولُهُ وَأَعْرَضُ مِنَ الْبَحْرِ [9]. إن كنا لا نستطيع أن نقيس علو السماوات ولا أعماق الهاوية ولا طول الأرض ولا عرض البحار، فكيف نقيس خالق هذه جميعها؟ يقول المرتل: "عجيبة هذه المعرفة، فوقي ارتفعت لا أستطيعها" (مز 139: 6)، "أحكامك لجة عظيمة" (مز 36: 6). نرفع عيوننا إلى فوق نحو السماء، فنرى الله عاليًا أعلى منها. عندئذ تشتهي نفوسنا التحرر من عبودية محبة العالم، بعمل روح الله القدوس، الذي يطير بنا كما بجناحي حمامة. نتطلع إلى أعماق الهاوية، فنرى الرب في حبه يحطم متاريسها، وينطلق بنا إلى الأحضان الإلهية. نجول في الأرض المتسعة، فنجدها ضيقة للغاية أمام اتساع قلب الله لنا، حيث يضم كل البشرية من آدم إلى آخر الدهور، بحبٍ لا حدود له. ننظر إلى المحيطات فنستخف بها أمام لجة محبة الله الفائقة. * "هو أعلى من السماء، فماذا عساك أن تفعل؟ أعمق من الهاوية، فماذا تدري؟ أطول من الأرض، وأعرض من البحر" [8-9]. يلزم أن يُفهم ذلك بمعنى روحي. إذا فُهم أي شيء خاص به بطريقة جسدية لهو أمر شرير. الآن هو أعلى من السماء، إذ يسمو فوق كل الأشياء بعدم إمكانية إدراك طبيعته الروحية. هو أعمق من الهاوية لكونه بسموه يعيننا نحن الذين في أسفل. إنه أطول من الأرض بكونه يتجاوز قياس الخليقة باستمرار أبديته لانهائيًا. هو أعرض من البحر، بكونه ضابط أمواج الأمور الزمنية، إذ يُحجمها، منجزًا إياها بقوته. البابا غريغوريوس (الكبير) وهو نفسه يكون هاوية عندما ينبطح مرتبطًا بالسفليات، مرتبكًا بالتجارب. ويكون "أرضًا" عندما يكثر من الأعمال الصالحة خلال خصوبة الرجاء الثابت. ويكون بحرًا عندما يضطرب بقلقٍ في بعض الظروف ويرتبك بنسمة ضعفه. الله أعلى من السماء بكوننا نخضع لقدرة سلطانه، حتى عندما نسمو فوق أنفسنا. إنه أعمق من الهاوية بكونه يدين الذهن البشري ذاته متطلعًا إليه وسط التجارب. إنه أطول من الأرض بثمار حياتنا التي يهبنا إياها في النهاية. رجاؤنا ذاته في الزمن الحاضر لا يدرك شيئًا. إنه أعرض من البحر حيث أن الذهن البشري إذ يتلاطم هنا وهناك يلقي بأهواء كثيرة تخص الأمور العتيدة. وضع المرتل قلبه في العلا، ومع هذا فقد شعر أنه لم يبلغ إلى الله بعد، فيقول: "عجيبة جدًا هي معرفتك لي، إنها قديرة، لا أستطيع بلوغها" (مز 139: 6). عرف بولس ذاك الذي هو أعمق من الهاوية عندما فحص قلبه، لكنه كان يرهب دينونة الله الأكثر فحصًا. قال: "فإني لست أعرف شيئًا عن ذاتي، لكنني لست بذلك مبررًا؛ ولكن الذي يحكم فيَّ هو الرب" (راجع 1 كو 4: 4). البابا غريغوريوس (الكبير) |
06 - 03 - 2023, 12:44 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
سراج مضئ | الفرح المسيحى
|
رد: أيوب | وَأَعْرَضُ مِنَ الْبَحْرِ
موضوع رائع والمميز
ننتظر جديدك المميز |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|