21 - 02 - 2023, 06:42 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
"فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟
فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ،
وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا " [7].
بقوله: "من الجولان في الأرض" يشير أنه لم يتعدَ حدوده، لأن "التنين العظيم طُرح إلى الأرض" (رؤ 12: 6). يرى كثير من آباء الكنيسة الأولين أن الأرض في الكتاب المقدس تشير إلى الإنسان الترابي الجسداني الذي لا ينشغل إلا بالأرضيات، هكذا يجول عدو الخير كما في مِلْكِهِ. بينما تشير السماء إلى الإنسان الروحي الذي ينشغل بالأبديات. فالشيطان لا يقدر أن يتسلل إلى قلب الإنسان الروحي، لكنه يجول بلا ضابط في قلب الإنسان الجسداني.
عدو الخير لا يعرف الخمول، فإنه لا يهدأ ليلًا ونهارًا عن الجولان في الأرض ليغوي أولاد الله على ترك مملكة النور والانشغال بالخطايا.
* "من الجولان في الأرض ومن التمشي فيها" [7]. ها أنتم ترون أن السماء متعذرة بالنسبة للشيطان الشرير. فإن قلتم: "حسنًا! السماء غير متاحة له، لكن العالم يرحب به. نعم فإن هذا لصالحكم، فإنه إن كنتم حتى وأنتم مع عدو يقظ هكذا لا تهتمون بإصلاح أنفسكم، فيا لكم من أناس خاملين...؟
أنصت إلى بولس وهو يقول: "اللذان أسلمتهما للشيطان، لكي يؤدبا حتى لا يجدفا" (1 تي 20:1).
أتريدون أن تسمعوا نصًا آخر؟ ألا ترون المُعذِبينَ الذين يرافقون المسئولين؟ هكذا يستخدم بولس الشياطين. أما النتائج الصالحة فهي ليست من عمل الشيطان، بل من حب الله للإنسان حيث يستخدم الشيطان لهذا الغرض.
* ماذا إذن أن يُقال للشيطان: "من أين جئت؟" إلا لكي يدين طرقه كما لو كانت غير معروفة. فنور الحق لا يعرف شيئًا عن الظلمة، هذه التي يوبخها، وعن طرق الشيطان التي يدينها كديانٍ. يليق أن يُسال عنها كما لو كانت مجهولة. ولهذا قيل لآدم وهو في خطيته بصوت خالقه: "آدم، أين أنت؟" (تك 9:3)، فإن القوة الإلهية لم تجهل الموضع الخفي الذي هرب إليه عبده عند عصيانه، لكنه رأى أن الساقط في خطيته مختفيًا عن عيني الحق تحت الخطية...
إنه يدين الشيطان، لذا فُحص طريقه، أما الملائكة المختارون فلا يحتاجون أن يُسألوا من أين جاءوا، إذ طرقهم معروفة لله. إنهم كمن يمثلون حركته، إذ هم خاضعون لإرادته وحدها، ولا يمكن أن يكونوا غير معروفين له.
* يجول إبليس في الأرض، إذ استخف بالسكنى في سلامٍ في أعالي السماء. وإذ هو كمن يُبلغ بأنه لم يَطِرْ بل مشى، يُظهر ثقل الخطية التي تجعله دائمًا في الأسفل...
يتحدث الله مع الملائكة حينما تُعلن لهم إرادته الداخلية كموضوع إدراكهم، وأما الملائكة فيتحدثون مع الرب متى كانوا بهذا يتأملون فيما هو فوقهم، ويقفون أمامه في دهشة. وهكذا يتحدث الله مع نفوس قديسيه بطريقة ما، وهم يتحدثون معه بطريقة أخرى... نراهم في الرؤيا: "صرخوا بصوتٍ عظيمٍ قائلين: حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض...؟وقيل لهم أن يستريحوا زمانًا يسيرًا" (رؤ 9:6-10).
يتحدث الله مع الشيطان بأربع طرق:فهو يشجب طرقه الظالمة، ويوبخه ببرّ قديسيه، ويسمح له أن يجرب براءتهم، وأحيانًا يوقفه عن أن يجربهم...
إنه يوبخه ببرّ مختاريه، إذ يقول: "هل جعلت قلبك على عبدي أيوب؟ لأنه ليس مثله في الأرض (كلها)". لقد سمح له أن يضع برّه موضع اختباره عندما قال له: "هوذا كل ما له في يدك" [12]. مرة أخرى منعه من أن يجربه عندما قال: "وإنما إليه لا تمد يدك" [12].
البابا غريغوريوس (الكبير)
|