رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا يفعل الله مع هذا التمساح المتكبر الذي يظن أنه خالق النهر لحساب ذاته؟! يقول: "أجعل خزائم في فكيكَ، وألزق سمك أنهارك بحرشفك، وأُطلعك من وسط أنهارك، وكل سمك أنهارك ملصق بحرشفك. وأترك في البرية أنت وجميع سمك أنهارك. على وجه الحقل تسقط فلا تجمع ولا تُلمّ. بذلتك طعامًا لوحوش البرية ولطيور السماء" [4-5]. إذ ظن بكبرياء قلبه أن ما فيه من قوة ورخاء إنما هو صنعة يديه، لهذا يحرمه من هذه النعم، ويطرده من وسط أنهاره، ليموت كما تموت السمكة خارج المياه. وإذ ظن أن كل شيء إنما خلق لخدمة ذاته، يعمل الكل لخدمته لحسابه، لهذا يُلقى في البرية، يموت وليس من يسأل عنه ولا من يدفنه، يصير فريسة لوحوش البرية وطعامًا لطيور السماء! وإذ جمع حوله الكثيرين يحتمون به أو يحاربون معه يصيرون كالسمك الملتصق بحراشيفه، سواء كانوا أممًا أو قوادًا، أو مركبات أو جيشًا، ينالون نفس مصيره. هكذا يفقده الكبرياء خيراته وكرامته بل وحياته، ويذل حتى الملتصقين به المتكلين عليه. وقد قيل إن فرعون هذا خرج ليُحارب أهل القيروان الذين طردوا صديقه أريكيوس Aricius ملك ليبيا، ويرده إلى ملكه، لكن المصريين ثاروا عليه في غيبته فلم يعد هو ولا قواده إلى مملكته وألقى في البرية معهم. هذا هو عمل الكبرياء في حياة واحد ينتسب إلى أكبر طغمة سمائية (إبليس) الذي فقد بكبريائه السماء ليسقط إلى الهاوية، وعوض الصداقة الإلهية دخل في العداوة مع الله، وعوض المجد السماوي دخل إلى الذل الدائم، تحطم وحطم معه كثيرين من ملائكته وأيضًا من البشريين! بذات الداء، سقط أبوانا الأولان من الفردوس وحُرما من الوجود الدائم في الحضرة الإلهية وورَّثا نسليهما كل تعب وشقاء! لقد طُردنا من نهر الحياة، وألقينا في برية هذه الحياة لنموت روحيًا ونصير غنيمة لكل وحوش البرية (شيطان الظلم والقسوة) وطيور السماء (شيطان الكبرياء). عاد ليشبه فرعون مصر بعكاز قصب لبيت إسرائيل [6]، فهو كالعصا لكنها من القصب (البوص) إذ يتكئ عليها الإنسان تنكسر، أما المتكئ عليها فيتمزق كتفه ويضعف. عوض أن تسنده تحطم طاقاته، كقول إشعياء النبي: "فإن مصر تعين باطلًا وعبثًا لذلك دعوتها رهب الجلوس" (إش 30: 7) لقد شجع فرعون مصر صدقيا الملك ليثور ضد بابل ويخون العهد ويحنث بالقسم، فضاع حزقيا وتحطمت أورشليم وكل مدن يهوذا وانهزم فرعون. ومما يُلاحظ هنا أن تأديب فرعون والسمك الملتصق بحراشيفه كان بتركهم يموتون في البرية لتأكلهم وحوش البرية وطيور السماء، هذه أبشع ميته يكرهها المصريون الذين كانوا يخافون على الجثمان، وبنوا السراديب لحفظها حتى متى عادت الروح تلبس جسمها مرة أخرى. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حزقيال النبي | مرثاة على فرعون مصر |
حزقيال النبي | ختم نبواته عن فرعون مصر |
حزقيال النبي |فرعون التمساح الكبير |
حزقيال النبي | ترك النبي فرعون مصر في النهاية |
حزقيال النبي | نبوات ضد فرعون مصر |