رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثل اللحم والقدر: قبل أن يعلن النبي عن مفارقة الرب للمدينة كلها أشار إلى الخمسة والعشرين من رؤساء الشعب الذين يقدمون مشورة رديئة تناقض ما أعلنه إرميا النبي. هؤلاء أكدوا أن المدينة في أمان، فأشاروا بالثورة ضد نبوخذنصَّر مستعينين بفرعون مصر (إر 28: 16) وأن ينقضوا القسم الذي تعهد به الملك مع الكلدانيين (2 مل 26: 13). دللوا على مشورتهم بقولهم "ما هو قريبُ بناء البيوت هي القدر ونحن اللحم" [3]، وهي عبارة غامضة لكنها تظهر في الترجمة السبعينية بأن المدينة في أمان بدليل استقرار الحال وبناء بيوت منذ وقت قريب. وكأنهم يخطّئون مشورة إرميا النبي الذي أعلن عن ضرورة قبول التأديب الإلهي من خلال السبي البابلي، فالذين سُبوا في المرحلة الأولى حرموا من أرضهم وهيكلهم أما الباقون في المدينة فإنهم في أمان يقيمون البيوت علامة استقرارهم. يرى البعض أن حزقيال النبي مثل إرميا قد عرف أن السبي يدوم سبعين عامًا، وانهم سيستقرون هناك ويبنون بيوتًا ويتأهبون للإقامة في أرض غريبة، لكن كثيرين ثاروا على هذا الأمر، إذ ظنوا أن الله لا بُد أن يتدخل ويردهم سريعًا إلى وطنهم. وقد قام أنبياء كذبة يشجعونهم في توقعهم هذا. فكما كانوا في أيام ما قبل السبي يطمئنون ضمائر الناس بأن الله لن يسمح بخراب مدينته وهيكله، هاهم بعد السبي يحملون روح الكذب مؤكدين لهم العودة السريعة. كانوا يرددون القول: "هي القدر ونحن اللحم" [3]. إن كنا لحمًا فأورشليم هي القدر الذي يحفظنا ويحمينا من هجمات الكلدانيين. لكن روح الرب كشف لحزقيال خطأ هذه المشورة معلنًا أن الذين في داخل القدر أي أورشليم ليسوا اللحم بل القتلى الذين سفك دمهم لا بسبب الكلدانيين بل بسبب المشورة الرديئة. فلو أنهم قبلوا مشورة رميا وتفاهموا مع الكلدانيين لما سفك دم هؤلاء، لهذا يؤكد الرب: "هذه لا تكون لكم قدرًا ولا أنتم تكونون اللحم في وسطها" [11]. وكأنه يقول إنها لا تكون مصدر حماية لكم مادمت أنا نفسي ضدكم "في تخم إسرائيل أقضي عليكم"[11]. إن كانت المدينة هي مدينتي فتحتمون فيها، فأنا نفسي ضدكم لأنكم لم تسلكوا في فرائضي ولا تعملون أحكامي، أحكم عليكم في تخم إسرائيل، في داخل المدينة، وليس لكم ملجأ أو حماية! هكذا إن كان الله قد أوضح سر مفارقته بيته ألا وهو انحراف المتعبدين على أعلى مستوى قيادي في العبادة، فإنه يفارق أيضًا المدينة كلها لأن قادتها رفضوا المشورة الإلهية وتركوا الوصية! إن كان الهيكل يشير إلى النفس، والمدينة تشير إلى الجسد الذي يحتضن النفس داخله، فإنه ليس شيء يحطم النفس (الهيكل) مثل العبادة الشكلية، ولا ما يهلك الجسد مثل مشورة الأردياء ورفض المشورة الإلهية. يلاحظ أنه لكي يفضح النبي المشورة الرديئة أكد أن روح الرب حل عليه [4] هذا الذي يعرف حتى الأفكار الخفية. إن كان هؤلاء الرجال تسلموا العمل القيادي لكن كان ينقصهم روح الرب الذي بحق يقدم المشورة الصالحة، أما حزقيال فيحمل الروح الإلهي الذي يقدر أن يقود. وكما يقول القديس كيرلس الأورشليمي: [انظروا كيف أن الروح القدس يفرز ويدعو ويرسل بسلطان] [هو روح حيّ يهب الحكمة في الكلام متحدثًا وواعظًا بنفسه] كما يقول: [يجب أن نفهم الكلمتين "حل عليّ" بطريقة حسنة تعني أنه حلّ عليه بالمحبة، كما وقع يعقوب على عنق يوسف حين وجده، وكما جاء في الأناجيل عن الأب المحب حين رأى ابنه الراجع من ضلاله تحنن عليه وركض ووقع على عنقه وقبله (لو 15: 20)]. هذا هو الروح الإلهي الذي حلّ على النبي ليعطيه روح القيادة والحكمة والمشورة الصالحة وذلك من أجل محبته لله ودعوته للناس كي يتمتعوا بهذا الحب عينه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هناك قرابة بين مثل صديق نصف الليل (لو11: 5) ومثل قاضى الظلم هنا |
القضاء والقدر |
الحرية والقدر |
بين النصيب والقدر |
ما بين النصيب والقدر |