إذا, فليس في الوجود حقيقة أظهر من الموت و لا أهم منه إلا الحياة ذاتها, و الموت طريقها. و لكن, هل يمكن أن نتقبل الموت في أحبائنا دون أن نتألم ؟ إن من يقول ذلك فهو يتجاهل الحقيقة أو يتجاهلها, و كل من يدعو إلى ذلك فهو إنما يحاول إن يجرد الإنسان من عواطفه و مشاعره. و ها أنا بكتابتي إليك, اعمل على توضيح قيمة الموت و تعظيمه, لان في ذلك تلامسا شديدا مع الحق. كذلك فأنى لا أريد أن أستصغر قيمة الألم, بل على النقيض أود لو أظهره و أستوضحه, لان في ذلك تلامسا أشد مع الحق, إذ أن الألم لازمة من لوازم العنصر الإنساني بل انه كلما ارتقت مشاعر الإنسان و ازداد نبله, ازدادت قابليته و استشعاره لنواحي الألم العديدة .
ابونا متي المسكين