الأصحاح الثامن عشر تفسير سفر الخروج
الإصحاح الثامن عشر
آية (1): "فسمع يثرون كاهن مديان حمو موسى كل ما صنع الله إلى موسى وإلى إسرائيل شعبه أن الرب اخرج إسرائيل من مصر."
لا يعقل أن يكون يثرون عابدًا للوثن وإلا لما ارتبط به موسى. بل يظهر من خلال الأحداث أن يثرون كان محبًا للرب مؤمنًا به، وهو غالبًا كان ينتمي لعصر الآباء فهو من نسل إبراهيم. وكان كاهنًا يقدم ذبائح لله ومن نسله جاء الركابيين والقينيين (1أي55:2 + أر35 + 1صم6:15) وقد ضمهم الشعب لمحبتهم ليثرون. سمع يثرون= هناك احتمال قوي أنه سمع من صفورة ابنته حينما ذهبت لتزوره إن كانت صفورة قد ذهبت مع موسى إلى مصر. وبعد العبور ذهبت لتخبر أباها بكم صنع الرب معهم.
آية (3،4): "فاخذ يثرون حمو موسى صفورة امرأة موسى بعد صرفها. وابنيها اللذين اسم أحدهما جرشوم لأنه قال كنت نزيلًا في ارض غريبة."
جرشوم= غريب واليعازر= الله عون (غالبًا هو الذي ختن في البرية).
آية (7): "فخرج موسى لاستقبال حميه وسجد وقبله وسأل كل واحد صاحبه عن سلامته ثم دخلا إلى الخيمة."
نرى عظم اتضاع موسى في أنه يسجد لحميه بعد أن أعطاه الله كل هذا المجد.
الآيات (8-12): "فقص موسى على حميه كل ما صنع الرب بفرعون والمصريين من اجل إسرائيل وكل المشقة التي أصابتهم في الطريق فخلصهم الرب. ففرح يثرون بجميع الخير الذي صنعه إلى إسرائيل الرب الذي أنقذه من أيدي المصريين. وقال يثرون مبارك الرب الذي أنقذكم من أيدي المصريين ومن يد فرعون الذي أنقذ الشعب من تحت أيدي المصريين. الآن علمت أن الرب اعظم من جميع الآلهة لأنه في الشيء الذي بغوا به كان عليهم. فأخذ يثرون حمو موسى محرقة وذبائح لله وجاء هرون وجميع شيوخ إسرائيل ليأكلوا طعامًا مع حمي موسى أمام الله."
هذا اللقاء إمتاز بأنه كان في الرب، لم يخرج عن تمجيد اسمه. ونرى هنا محبة يثرون للرب. وأنه يقدم له ذبيحة ككاهن. والأكل من الذبيحة يعتبر تعبد لله ومحبة مشتركة بينهم. وغالبًا فالكل أكل من المن. ومن الذي أكل موسى وزوجته وابنيه (ممثلين عن اليهود) ويثرون (ممثلًا عن الأمم) هي الكنيسة المتحدة. والكل يأكل من المن ومن الذبيحة فالمسيح هو للجميع. ولاحظ قوله أكلوا أمام الله ، فالقديسين حينما يفعلون أي شيء يشعرون أنهم يفعلونه أمام الله أما الخاطئ فيهرب من الله (آدم وقايين).
الآيات (13-27): "وحدث في الغد أن موسى جلس ليقضي للشعب فوقف الشعب عند موسى من الصباح إلى المساء. فلما رأى حمو موسى كل ما هو صانع للشعب قال ما هذا الأمر الذي أنت صانع للشعب ما بالك جالسًا وحدك وجميع الشعب واقف عندك من الصباح إلى المساء. فقال موسى لحميه أن الشعب يأتي إلىّ ليسال الله. إذا كان لهم دعوى يأتون إلىّ فاقضي بين الرجل وصاحبه واعرفهم فرائض الله وشرائعه. فقال حمو موسى له ليس جيدا الأمر الذي أنت صانع. انك تكل أنت وهذا الشعب الذي معك جميعا لأن الأمر اعظم منك لا تستطيع أن تصنعه وحدك. الآن اسمع لصوتي فأنصحك فليكن الله معك كن أنت للشعب أمام الله وقدم أنت الدعاوى إلى الله. وعلمهم الفرائض والشرائع وعرفهم الطريق الذي يسلكونه والعمل الذي يعملونه. وأنت تنظر من جميع الشعب ذوي قدرة خائفين الله أمناء مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات. فيقضون للشعب كل حين ويكون أن كل الدعاوى الكبيرة يجيئون بها إليك كل الدعاوى الصغيرة يقضون هم فيها وخفف عن نفسك فهم يحملون معك. أن فعلت هذا الأمر وأوصاك الله تستطيع القيام وكل هذا الشعب أيضًا يأتي إلى مكانه بالسلام. فسمع موسى لصوت حميه وفعل كل ما قال. واختار موسى ذوي قدرة من جميع إسرائيل وجعلهم رؤوسًا على الشعب رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات. فكانوا يقضون للشعب كل حين الدعاوى العسرة يجيئون بها إلى موسى وكل الدعاوى الصغيرة يقضون هم فيها. ثم صرف موسى حماه فمضى إلى أرضه."
رأى يثرون موسى يتحمل كل المسئولية وحده فسأله عن السبب في أنه يقضي للشعب وحده وكان تبرير موسى [1] أن الشعب يريد هذا فهم يريدون أن موسى شخصيًا يحكم لهم [2] أن موسى ينتهز فرصة القضاء ليشرح الشريعة للشعب ويعظه بكلمة الله (15،16) ولكن يثرون لم يقتنع بذلك وأعطاه مشورة بتعيين مساعدين له. ولم يعترض موسى ويقول كيف تشير علىّ وأنا أتلقى أوامري من الله وقد صنعت هذه الإنجازات الضخمة، كيف تشير علىّ وأنا أتكلم مع الله وأنت لا تفهم هذا، بل في منتهى التواضع استجاب موسى لحميه. وفي آية (23) كل هذا الشعب يأتي لمكانه بالسلام= قد تعنى أنه بعد فض المنازعات يذهب كل واحد لمنزله بالسلام إذ حُلَّتْ مشكلته، لأن وجود قاضي واحد يُعوِّق القضاء وتستمر المنازعات فترة طويلة وتزداد المشاكل. وقد تعني العبارة أن يمر وقت البرية بسلام وتصلوا إلى كنعان بسلام دون مشاكل ولا يتعبونك كما يتعبونك الآن.