|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وأَتى النَّاصِرَةَ حَيثُ نَشَأَ، ودخَلَ الـمَجْمَعَ يَومَ السَّبتِ على عادَتِه، وقامَ لِيَقرأ. تشير عبارة "أَتى النَّاصِرَةَ" إلى مجيء يسوع إلى الناصرة وحده دون أن يصنع معجزة، وقد جار اليهود عليه وأرادوا قتله. وهذا المجيء يختلف عن مجيئه الذي ورد في إنجيلي متى ومرقس، إذ قام به مع تلاميذه وصنع بعض المعجزات (متى 13: 45-58، مرقس 6: 1 -6) ولم يقم اليهود هنا على يسوع لقتله. أما عبارة "النَّاصِرَةَ" اسم عبري נְצֶרֶת (معناه القضيب) فتشير إلى مدينة في الجليل (مرقس 1: 9)، القائمة على جبل مرتفع (لوقا 4: 29)، والتي تبعد مسافة 23كم إلى الغرب من بحيرة طبريا، و138 كم إلى الشمال من القدس. ولم تكن الناصرة ذات أهمية في الأزمنة القديمة، لذلك لم يردْ لها أي ذكر في العهد القديم. وهي أول ما ذكرت في الإنجيل. وكانت حتى ذلك الحين مُحتقرة (يوحنا 1: 46). وقد ذكرها العهد الجديد 29 مرة. فقد كانت مسقط رأس يوسف ومريم (لوقا 2: 39). وفيها ظهر الملاك لمريم ليُبشِّرها بأنها ستكون أم المسيح (لوقا 1: 26). والي الناصرة عادت مريم مع خطيِّبها يوسف من مصر (متى 2: 23). وفيها نشأ يسوع وترعرع (لوقا 4: 16) وكان بسوع ينمو فيها بالحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس (لوقا 2: 52). وعُرف أنه " ابن النجار" (متى 13: 55)، وكانت الناصرة تُعتبر وطنه (متى 13: 54) أي المدينة التي تقيم فيها عائلته وحيث قضى الثلاثين السنة الأولى من حياته (لوقا 3: 23). ولذلك لُقِّب "يسوع الناصري"، نسبة إليها (متى 21: 11) ولُقِّب تلاميذه أيضا بالناصريين. وكانت الناصرة بالنسبة إلى لوقا الإنجيلي المحطة الأولى ليسوع وموضع برنامجه، ولكنه ما أنَّ بدأ رسالته فيها حتى رفضه أهلها مرتين (لوقا 4: 28-31) لأنهم توقفوا عند الوجه البشري ليسوع ولم يستطيعوا أن يروا فيه حامل كلمة الملكوت والمسيح المنتظر. وكان رفضهم إعلانا مُسبقا لما سيعمله الشعب اليهودي. أمَّا عبارة " الـمَجْمَعَ" فتشير إلى مكان اجتماع اليهود الديني، في مدن فلسطين وفي الجاليات اليهودية في ذلك الزمان. وفي المجمع كانوا يحتفلون بالسبت بقراءة الشريعة والأنبياء، تتبعها عظة، وكان يجوز لكل يهودي يُلقي الكلام، وكان رئيس المجمع يعهد هذه المُهمَّة إلى المتضلِّعين من الكتب المقدسة كما حدث مع بولس الرسول وبرنابا " وبَعدَ التِّلاوةِ لِلشَريعَةِ والأَنبِياء، أَرسَلَ إِلَيهما رُؤَساءُ المَجمعَ يَقولون: أَيُّها الأَخَوان، إِذا كانَ عِندَكما كَلامُ وَعظٍ لِلشَّعب، فقولاه " (أعمال الرسل 13: 15). أمَّا عبارة " السَّبتِ " كلمة عبرانية הַשַּׁבָּת (معناها راحة) فتشير إلى اليوم الذي يترك فيه الإنسان أشغاله المادية حتى يستريح، وذلك تذكاراً لليوم السابع من الخليقة " بارَكَ اللهُ اليَومَ السَّابِعَ وقَدَّسَه، لأَنَّه فيه اَستَراحَ مِن كُلِّ عَمَلِه الَّذي عَمِلَه خالِقًا " (التكوين 2: 3). ولم يُجرد المسيح يوم السبت من قيمته كيوم للعبادة، فقد ذهب دوماً إلى المجامع للصلاة في يوم السبت، ولكنه كان يعمل المعجزات في يوم السبت، لأنه رب السبت (مرقس 2: 28). وكان يريد أن يكون يوم السبت يوم خدمة وعمل الرحمة. وتبعاً لذلك قدَّس المسيحيون الأولون يوم السبت، ولكن اليوم الأول من الأسبوع أي (الأحد) حلّ تدريجياً محل اليوم السابع، حيث كان المسيحيون الأولون يجتمعون فيه للصلاة، إذ جعلت قيامة ربنا قيمة خاصة ليوم الأحد، اليوم الأول من الأسبوع. أمَّا عبارة " على عادَتِه " فتشير إلى إلقاء الضوءٍ على حياة يسوع الخاصة السابقة، إذ كان يسوع مُعتاد من صغره أن يحضر المجمع للعبادة والتعليم، فكان مواظباً على واجباته الدينية من تلاوة علنية للنصوص الشريعة أو الأنبياء، تليها العظة والترنيم بالمزامير. ويُعتبر يسوع قدوة لنا في حضور الاحتفالات الدينية كل أسبوع. فهل قداس الأحد هو جزء من حياتنا؟ أمَّا عبارة "قامَ لِيَقرأ " فتشير إلى العادة المُتبعة أن يقف المعلم أثناء قراءة الأسفار من الكتاب المقدس احتراما للكتاب المقدّس الذي هو كلمة الربّ. وتكرِّم أنّ الكنيسة الكتب المقدّسة دائماً كما كانت تُكرّم جسد الربّ (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة، 103). ولهذا السبب نحن نقرأ من الكتب المقدّسة كلّما اجتمعنا في الكنيسة للاحتفال بالذبيحة الإلهيّة. وعندما نستمع إلى قراءة وشرح هذه القراءات هل نسأل نفوسنا، "ماذا يقول الربّ لنا؟ وهل نقرأ كلّ يوم الكتاب المقدس كي نغذِّي فكرنا ونرتقي بها أكثر من أيّ شيء آخر؟ يعلق القدّيس غريغوريوس "إنّ الكتاب المقدّس هو رسالة الحبّ الّتي يرسلها الربّ إلى شعبه نستطيع فيها فهم قلب الربّ". لذلك يقول العلامة ايرونيموس "أمَّا الجهل بالكتاب المقدّس فهو جهل بالمسيح". الأب لويس حزبون - فلسطين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|