رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيحيّة، إذًا، تعطي كرامةً كبيرة جدًّا للفقير. ولذلك، كلّ الفكر الدنيويّ الذي نتأثّر به، للأسف، من حين إلى آخر، يتكلّم عن العطاء من فوق، والذي يقول إنّنا أعطينا فلانًا ما نقدر عليه، الله يسمحلو، وكأنّنا مُحسِنون له. نعطيه بصدَقة. لا يوجد شيء اسمه صدَقة أو إحسان في المسيحيّة ولا في الإنجيل، لأنّ هذا يعني أنّك تعطي بدون إحساس، أي إنّك عندما تتصدّق أو تُحسن فلأنك نشعر بواجب لكن من دون محبّة مترهّفة تنبع من داخلك. العطاء في المسيحيّة هو عطاء بمحبّة، وإلاّ فليس له قيمة، لأنّك تعطي المسيح نفسه. لا يسعُك أن تُعطي المسيح وأنت جافّ. لا يعني لك شيئًا أن تعطي من دون أن تنظر إلى الشخص ومن دون أيّ اهتمام. للأسف لدينا أحيانًا في المسيحيّة خبرات ليست ناجحة مسيحيًّا. فهناك مجموعات أنشأت جمعيّة أو مؤسّسة خيريّة تعطي بكثير من الإخلاص وبكثير من الصدق، لكنّ الفقراء الذين ينتفعون من خدمتهم لا يحبّونهم بل يكرهونهم، لأنّهم يعطونهم من فوق. ولذلك ترون أحيانًا مَن يضعون هذا المثَل أو القول المأثور “اتّقِ شرّ مَن أحسنتَ إليه” على آرمات صغيرة في الدكاكين. لماذا؟ لأننا نُعطيهم مِن فوق. يعني: صحيح أنهم يأخذون العطيّة المادية التي هم في حاجة إليها ليشتروا دواءًا، أو ليأكلوا، أو ليُعلّموا أولادهم، ولكن العطيّة ليس فيها إحساس محبةٍ، وهي تُذِلُّهم، فيشعرون بالاحتقار وبأنهم مرذولون، فيحصل لديهم ردّ فعلٍ ضدّ الذي يُعطيهم، شعور بالكره. هذا ليس عطاءًا مسيحيًّا. فالمسيحي لا يقدر أن يقول “إتّقِ شرَّ مَن أَحسَنتَ إليه”، لأنّ مَن يُحسن إليه يُحبّه، وبالتالي سيُبادله ذاك الآخر المحبّة أيضًا. حديث للمطران سابا (إسبر)، مطران بُصرى حوران وجبل العرب والجولان |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|