العري والملبس في حياة المسيح
القس مرقس ميلاد
وما هو الحل يا أحبائي؟
† الحل كان في مجئ السيد المسيح حاكم ومالك لكي يصلح عري هؤلاء الحكام. يصلح عري نوح ومن على شاكلته. جاء السيد المسيح لكي يؤسس ملكوت الله ولكن ملكوت مبني على العدل. ملكوت المسيح وملك المسيح لم يسكر بسلطان العالم وهذه هي الصورة التي يشتهيها الله "هُوَذَا بِالْعَدْلِ يَمْلِكُ مَلِكٌ، وَرُؤَسَاءُ بِالْحَقِّ يَتَرَأَّسُونَ" (سفر إشعياء 32: 1). شهوة قلب الله أن يكون هناك حاكم عادل على الأرض.
† على مدار التاريخ كله لم يأتي حاكم عادل. ثم جاء السيد المسيح وتعرى ليملك.
المسيح تعرى ليملك ويعيد لنا سلطان الملك على أنفسنا: ح
† مع آدم: تعرى السيد المسيح ليستر عري آدم والبشرية من بعده الذين سلبهم الشيطان ثوب النعمة.
† مع نوح صاحب السلطان: تعرى السيد المسيح ليملك ويعيد لنا السلطان لنملك مرة أخرى على أنفسنا.
فعندما تبحث في فترة وجود السيد المسيح على الأرض يا أحبائي من أولها لآخرها تجده ملكًا:
† المسيح الملك في ميلاده: فعندما بشر الملاك أمنا العذراء قال لها:
"وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ" (إنجيل لوقا 1: 32، 33) أي أنه ملك.
كذلك رأينا السيد المسيح ملكًا في ميلاده في السؤال الذي كان يُسأل في كل أورشليم "أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ" (إنجيل متى 2: 2).
† المسيح الملك في تعاليمه: يقول لنا الكتاب "مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ»" (إنجيل متى 4: 17)، ملك يقوم بتأسيس ملكوته.
† المسيح ملك في دخوله أورشليم: "قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ" (إنجيل متى 21: 5)
† المسيح ملك على الصليب: "وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ" (إنجيل متى 27: 37)
ونلاحظ أنه في أول حياة السيد المسيح جاءه مجوس من المشرق (الشرق) يقولون "أين هو المولود ملك اليهود". وفي ختام حياته جاءوا من المغرب (الغرب/ روما) يقول الكتاب: "وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ»" (إنجيل متى 27: 37).
في ميلاده سجد له المجوس كملك وفي صلبه صرخ له اللص اليمين كملك "ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ»" (إنجيل لوقا 23: 42).
† فالمسيح جاء لكي يملك. وقد أثبت جند بيلاطس ذلك دون قصد ودون إدراك منهم وفيما يلي توضيح لذلك. الكتاب المقدس يقول:
" فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلًا مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!»" (إنجيل متى 27: 27-29) وهذه الآيات توضح:
بيلاطس عرى المسيح، وبذلك يكون المسيح قد تعرى عوض عري نوح الحاكم.
ثم وضع العسكر على رأسه إكليل شوك والإكليل لا يضعه إلا الملك، لكن كنوع من التهكم جعلوه من الشوك.
الملك يمسك صولجان والمسيح وضعوا قصبة في يمينه (عصا خشبية).
الملك يلبس أرجوان فوضعوا عليه رداء ارجواني.
الملك يُسجد له وهم كانوا يجثون أمامه كتمثيلية كأنه ملك.
وكانوا يقولون له السلام يا ملك اليهود.
المسيح قَبِلَ أن يتعرى كملك لنعود ونملك على ذواتنا:
لماذا قبل السيد المسيح أن يتعرى؟ قبل السيد المسيح أن يتعرى كملك لكي يعطي للإنسان سلطان أن يكون ملك على نفسه فلا ينخدع في لذاته وفي شهواته كما انخدع نوح، مثل أرشيف مارمرقس وغيره. ولكن يكون له سلطان ويحكم نفسه أو كما يقول الكتاب: "َمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً" (سفر الأمثال 16: 32).
الخلاصة:
إذًا آدم وحواء عراهما الشيطان، فتعرى المسيح لكي يكسو عرينا وضعفاتنا وخطايانا، ولكي ينقذنا من الفخاخ التي يعملها لنا الشيطان ونسقط فيها. هذه الفخاخ جلبناها لأنفسنا وتعرى المسيح ليملك لكي يعطينا إمكانية أن نملك زمام أنفسنا "وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 24).
المسيح تعرى ليعطيني هذا السلطان أن لا تقودني أهوائي وملذاتي وشهواتي ولكن أعطاني سلطان عليها. لذلك أحد القديسين يقول أنت ملك لك سلطان تقول لهذا الفكر يمشي فيمشي وتقول لهذا الفكر يأتي فيأتي. المسيح تعرى لكي يجعلنا ملوك وكهنة لله. ومعنى ملك أن تكون صاحب سلطان وتعرف كيف تكبح جماح نفسك.
إذًا مع آدم وحواء تعرى لكي يستر عرينا ومع نوح تعرى ليملك.