سهولة استئناسه
عرفنا من مستهل المقال الأول أن الحمام هو من أول الطيور التي استطاع الإنسان أن يستأنسها، إذ أنه حلو العشرة، ودود، مسالم، يثق في صاحبه، طالما وجد فيه الأمان والسلام. فلا غرابة أن نقرأ عن نوح أنه مد يده لتقف الحمامة عليها، ومن ثم يُدخلها إلى الفلك.
ونحن كأولاد الله، ألا تأنس وتهدأ نفوسنا أمام إلهنا وسيدنا؟ ألا نجد فيه وحده كل الأمان والسلام والسكينة؟ لقد قال أحدهم قولته الشهيرة: "يا الله أنت خلقتنا لذاتك، ونفوسنا لا تجد عزاها وشبعها إلا فيك". وهذا حق ويقين، فما من مؤمن حقيقي إلا واختبر صلاح الله، واجدًا فيه كل الراحة والطمان. مهما تبدَّلت الظروف أو تغيَّرت.
وإني أتخيل الحمامة عندما أرسلها نوح، ولم تجد مقرًا لرجلها، وإذ تعبت كثيرًا في البحث عن موضع لها، عادت إلى الفلك، وكم كانت يد نوح الممتدة لها الظاهرة من الكوة، تحمل لها الكثير من التشجيع والتعزية، ففي كل ما يُحيط بها لم تجد ما تقف عليه لتلتقط أنفاسها وتستريح، سوى هذه اليد الأمينة والوفية، المرفوعة إليها؟! إنها وجدت أخيرًا مقرًا لرجلها، وكان ذلك المقر ليس سوى يد نوح نفسه!!