رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوعول والأيائل أَتَعْرِفُ وَقْتَ وَلاَدَةِ وُعُولِ الصُّخُورِ، أَوْ تُلاَحِظُ مَخَاضَ الأَيَائِلِ؟ [1]. أغلب البشرية لا تنشغل بالحيوانات المتوحشة التي تهيم على وجهها في الصحراء أو في الغابات، إنما ما يشغلها أعمالها الخاصة وحيواناتها من قطعان وخيول وكلاب وقطط الخ. لكن الله خالق الكل يهتم حتى بحيوانات البرية، بالحفاظ عليها وإنجابها وطعامها وشرابها وجحورها. ينشغل الرجل وزوجته عندما يدركان أن الزوجة قد صارت حاملاً أن يعرفا موعد الولادة، وأن يلاحظا المخاض. وغالبًا ما يرجعان إلى أطباء متخصصين لمتابعة الحمل حتى تتم الولادة. هكذا ولادة الطفل تكلف الإنسان الكثير من العناية والنفقة المادية والإعداد النفسي والمالي، فمن يهتم بالوعول والأيائل عندما تكون حاملاً؟ الله نفسه يرعاها ويهتم بها، أفلا يهتم بالإنسان مخلوقه المحبوب والعزيز عليه جدًا؟ يمكننا أن نقول على مثال الرسول بولس القائل: "ألعل الله تهمه الثيران؟" (1 كو 9: 9)، "ألعل الله تهمه ولادة الوعول ومخاض الأيائل؟" نعم إنه مشغول بالوعول والأيائل البشرية التي تعمل بروحه القدوس، وتجاهد حتى تلد نفوسًا للرب. تضرب بأرجلها رؤوس الحيات لتقتلها، ويضع كل منها رأسه على الآخر ويعمل الكل معًا من أجل ربح كل نفس لملكوت الله. عندئذ يترنم المعلم الروحي مع الرسول بولس قائلاً: "وإن كان لكم ربوات المرشدين في المسيح، لكن ليس آباء كثيرون، لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1 كو 4: 15). " أطلب إليك لأجل ابني أُنسيمس الذي ولدته في قيودي" (غل 1: 10). يقدم لنا البابا غريغوريوس (الكبير) تفسيرًا رمزيًا لحبل الوعول والأيائل. v من عادة الأيائل (الإناث) أن يقتلن الحيات اللواتي يجدنهن، وتحاول الحيات أن تعض أقدامهن. يُقال إنه عند عبورهن الأنهار كل منهن تريح رأسها على الأيلة التي أمامها، فلا تشعر بثقل رأسها. لماذا سُئل أيوب بخصوص ولادة الوعول والأيائل إلا لأنها تشير إلى شخصية القادة الروحيين؟ فإنهم بالحق مثل الوعول التي تلد في الصخور، وذلك لأنه خلال تعاليم الآباء التي تدعى صخورًا يلدون نفوسًا بهدايتها... قيل بإرميا عن المعلمين الذين بإهمال يتركون الأولاد الذين وُلدوا لهم: "الإيلة أيضًا في الحقل وُلدت وتُركت" (إر 14: 5). إنهم مثل الأيائل يعيشون على تحطيم الخطايا، أي على الحيات الميتة، وبتحطيم خطاياهم يلتهبون بالأكثر شوقًا نحو ينبوع الحياة. لهذا يقول المرتل: "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله" (مز 42: 1). وكأنه يُقال لأيوب: أنت تعتقد أنك تعمل على مستوى عالٍ، وأنت لم تسبق فتعرف الزمن الذي فيه يُرسل السادة الروحيون إلى العالم ليلدوا أبناء بتعليم الآباء الأولين، وبجهادهم يجمعون لي النفوس الرابحة[1357]. البابا غريغوريوس (الكبير) أَتَحْسِبُ الشُّهُورَ الَّتِي تُكَمِّلُهَا، أَوْ تَعْلَمُ مِيعَادَ وَلاَدَتِهِنَّ؟ [2]. لا ينشغل الإنسان بحساب الشهور التي تكملها حيوانات البرية وهي حامل، ولا يهتم بموعد الولادة، وحتى إن انشغل فلا يعرف بدقة ميعاد الولادة. إن كان الإنسان يجهل هذه الأمور التي تحيط به على الأرض التي يسكنها، فهل يظن أنه قادر على إدراك ما في فكر الله وما في قلبه؟ هل يمكنه أن يدرك خطة الله من نحوه ومدى حبه له؟ يَبْرُكْنَ وَيَضَعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ. يَدْفَعْنَ أَوْجَاعَهُنَّ [3]. ولادة صغار حيوانات البرية شاقة، وليس من إنسانٍ يساعدها، ومع هذا تولد صغارها سالمة خلال عناية الله بها، فتنسى تعبها وأوجاعها. ولادة الأطفال، خاصة في البلاد المتقدمة، تأخذ جهدًا ضخمًا سواء على مستوى الدول أو الأسر أو الأفراد، كما تكلف العالم الكثير. أما ولادة حيوانات البرية فتكاد لا تكلف أحدًا شيئًا ما. فالحيوانات "يبكرن ويضعن أولادهن. يدفعن أوجاعهن". ليت المعلمين الروحيين يثقون في عمل الله العجيب الذي يعمل بهم ليلدوا أبناء له في الإنجيل خلال غنى نعمة الله المجانية! v عندما يفكر القديسون في تقدم سامعيهم، يصيرون في حالة حبل، كما في الرحم. فإنني أقدم شخصًا من بين كثيرين يشبه الأيائل، هو بولس، الذي ينطق كمن يزأر من شدة ألم مخاض الولادة. إنه يقول: "يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضًا إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل 4: 19). البابا غريغوريوس (الكبير) تَبْلُغُ أَوْلاَدُهُنَّ. تَرْبُو فِي الْبَرِّيَّةِ. تَخْرُجُ وَلاَ تَعُودُ إِلَيْهِنَّ [4]. سرعان ما تبلغ أولادهن أي يكبرون. فإن صغار حيوانات البرية أو أغلب الحيوانات بصفة عامة لا تحتاج إلى زمنٍ طويلٍ ولا إلى من يعلمها الرضاعة والمشي والحركة الخ. على عكس الإنسان، فإنه يحتاج إلى فترة تدريب طويلة ليتعلم المشي ويعتمد على نفسه. إنها عطية إلهية رائعة للحيوان كما للإنسان. فالحيوان لا يحتاج إلى من يعلمه، لأن والدته تعجز عن تدبير ذلك، أما الإنسان فيحتاج إلى من يعلمه وإلى فترة طويلة لكي وهو يتعلم المشي وطريقة الأكل الخ.، يتشرب من الأسرة الكثير من العادات، ويتمتع بثقافة جماعية، وينتفع بخبرة سابقيه! لقد وضع الله كل شيء بحكمة، سواء بالنسبة للحيوان أو الإنسان! "تخرج ولا تعود إليهن" إذ تخرج صغار الحيوانات بعد فترة وجيزة تبحث بنفسها عن طعامها، ولا تبقى عبئًا على الأمهات. أما بالنسبة للبشر فيبقى لسنوات تمتد إلى العشرات، تقوم الأسرة بإعالته حتى يتمم دراسته العملية أو تدريبه على مهنة معينة ويستقل عن والديه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|