لم يصدر أمر لكائن ما أن يُصمم الكتاب. لم يكن هنالك مشـروع مُعَدٌّ لمَن قاموا بكتابته لتنفيذه. إن الكيفية التدريجية التي بها نما الكتاب عبر الأجيال، إنما هي معجزة الزمن، شيئًا فشيئًا، جزءًا فجزءًا، قرنًا بعد قرن، برز إلى الوجود في أجزاء مستقلة غير متصلة ( عب 1: 1 )، وقام بكتابته أُناس مُتباينون. دون أن يكون هناك هدف واضح أمامهم، أو تدبير سابق أو تصميم مركز، فقد كتب أحدهم جزءًا في فلسطين، وكتب آخر جزءًا ثانيًا في إيطاليا، وآخر في اليونان. كتب بعضهم قبل أو بعد البعض الآخر بمئات من السنين. وكُتب أول جزء منه قبل مولد كاتب الجزء الأخير بمئات عديدة من السنين. والآن خُذ أي كتاب آخر، ثم تأمل في كيفية ظهوره. إنك لا بد واجدٌ أن إنسانًا اعتزم تأليف كتاب، فاقتضـى الأمر منه تنسيق أفكاره وحشد مواد الكتاب ثم الشـروع في كتابته أو إملائه على آخر، ويَلي ذلك طبعه أو نسخه إلى أن يكمل إعداده.